لدى الغالبية الساحقة من المسلمين فى العالم شعوران متناقضان على أشد ما يكون التناقض . يمثل هذا التناقض بين الشعورين – أو الموقفين أو الحالتين النفسيتين – أزمة سلوكية محيرة عند عدد كبير جدا منهم .
هناك اولا ذلك الشعور السائد بالأفضلية المطلقة والتفوق والمكانة الرفيعة عند الله … تلك المكانة التى لا يضاهيها مكانة أخرى لأى بشر آخرين فالدين عند الله بنص القرآن هو الإسلام والمسلمون خير أمة أخرجت للناس والدول التى لا يكون للإسلام فيها حكم أو غلبة أو أغلبية هى ديار كفر وغير المسلمين فى الدولة الإسلامية هم أهل ذمة أى لهم الامان والعهد والكفالة ولكن ليس لهم حكم أو ولاية . بل إن الغرب الذى اخترع كل تلك المخترعات إنما لأن الله سخره للمسلمين لكى يتفرغ المسلمون للعبادة والتكليفات التى لا يعى الغرب عنها شيئا .
على هذا النحو ومنذ قرون طويلة يسود شعور عام بتفوق المسلمين على باقى العالم واستحقاقهم “للأستاذية” عليه .
وما هو الشعور الثانى المناقض تماما ؟؟
هو الشعور القوى بالتخلف عن عالم لا يتوقف لحظة عن الابداع والترقى والمنافسة …. عالم يأخذ منه المسلمون تقريبا كل شىء …. الاختراعات والسلاح والخبراء والمنح والقروض ونظم الحكم والقضاء والتعليم والصحافة والهبات التى لا ترد ….. عالم يحكم عليه المسلمون بالكفر والضلال فى الوقت الذى يقفون بالآلاف على أبواب سفاراته لمنحهم تأشيرة دخول إليه ….. عالم صار فيه المسلمون “تلاميذ” فى كل شىء فالتلميذ يتلقى العلم من أستاذه ويقف فى الطابور ويطيع التعليمات ثم يقوم بأداء الفروض والواجبات فى المنزل .
بين ذلك الموقفين اللذين هما على طرفى نقيض عمت الحيرة وثارت التساؤلات …. وجائت كلمة “لماذا ؟” على رأس أسئلة كثيرة جدا توجه للشيوخ كل يوم فى كل مكان .
فى ضوء هذه الفجوة الكبيرة يمكن تفسير العنف والاعتدائات الدامية التى يقوم بها بعض الشباب المهاجرين من مختلف الدول الإسلامية إلى الغرب ….. كالمدافع فى كرة القدم الذى عندما يفشل فى إيقاف المهاجم الخصم يضطر إلى عرقلته أو جذبه من قميصه وليكن ما يكون .
مابين الإعجاب الشديد بالنفس وتحقير الآخر وبين الإعجاب الشديد بالآخر وتحقير النفس لا يجد مسلمون كثيرون جدا إجابة على أسئلتهم .
ألعلى قلت كلاما فارغا ….. ؟
ربما .
أنطون رمسيس