روزانا بومنصف
تضفي المقاربة التي تعتمدها ايران منذ فترة في رفع الصوت على ألسنة مستشارين للقادة الايرانيين او القادة العسكريين حول سيطرتها على عواصم عربية من بينها بيروت حيث الامتداد الايراني معلن ومثبت عبر “حزب الله” الذي قيل انه “معجزة الثورة الايرانية” بعداً جديدا على الواقع الداخلي. اذ ان هذه المقاربة، في ظل اصرار الحزب على التمسك بالعماد ميشال عون مرشحاً وحيداً للرئاسة الاولى تحت طائل استمرار الفراغ لسنوات وليس لاشهر فقط، كما قال احد ابرز مسؤوليه، تجعل من المستحيل ان يخضع خصوم ايران للترهيب وتالياً القبول بهذا الخيار لان القبول لن يكون في ظل هذه المعطيات او هذا الاطار سوى بمثابة استسلام كامل لهذا المنطق وتسليم بواقع السيطرة الايرانية على بيروت بغض النظر عن الاعتبارات الشخصية التي تحوط بتمسك عون بما يعتبره حقه في الوصول الى الرئاسة. فالمواقف الايرانية التي تزايدت على هذا الصعيد، وان كانت لاهداف داخلية تبرر استنزاف ايران مالياً واقتصادياً، فهي استفزت حتى حلفاء لايران وأحرجتهم في العراق فاضطروا الى الادلاء بمواقف ترفض المزاعم الايرانية كما دفعت افرقاء 14 آذار في لبنان الى رفض هذه المزاعم ايضاً. اذ انه بعد هذه المواقف، فإن المرونة التي اعتمدها البعض ازاء وصول العماد عون قد لا تتقدم تحت طائل اتهامه بالموافقة والتسليم بالهيمنة الايرانية. وكذلك قد يكون صعباً حتى على دول غربية ربما رأت في وقت من الاوقات او لا تزال ان انتخاب عون لا يجب ان يكون خياراً مستبعداً كلياً، السعي الى اقناع خصومه بالموافقة على انتخابه تحت وطأة ان تكون في موقع من يوافق او يوقع على تسليم لبنان الى ايران وسيطرتها عليه على غرار تسليم الولايات المتحدة بالنفوذ السوري بعد اتفاق الطائف والذي ادى الى اطاحة سوريا العماد عون من قصر بعبدا ثمناً لذلك. فعند هذا الحد يصعب فصل الاعتبار الخارجي عن الاعتبار الداخلي وقد يساهم في تعقيده اكثر وليس في تسهيله. ولا يغيب هذا المعطى عن أذهان القادة الايرانيين، لكن بعض المصادر يقول ان هناك امالاً كبيرة لدى البعض بأن تسلم الولايات المتحدة بنفوذ ايران في لبنان بعد الاتفاق على الملف النووي كجزء من صفقة يحفظ من ضمنها “حزب الله” امن اسرائيل في الجنوب اللبناني كما في الجولان السوري ويكون ضامنا لهذا الامن، ووجود الحزب مع الحرس الثوري الايراني في القنيطرة هو جزء من محاولة السيطرة على هذه الورقة، كما في زمن النظام السوري ايام الرئيسين الاسد الاب والابن. والاستناد الى هذا المنطق وفق هؤلاء يعززه تسليم الولايات المتحدة لايران في طهران بما ذلك تحرير المناطق السنية التي هي تحت سيطرة تنظيم الدولة الاسلامية ولو على حساب احتمالات تفجير فصول جديدة من الفتنة السنية الشيعية في العراق وتفخيخ قدرة ما سمي حكومة شاملة في العراق برئاسة حيدر العبادي لتصحيح الأمور مع السنة بعد الخراب الذي تسبب به نوري المالكي. وتسليم الولايات المتحدة بواقع النفوذ الايراني في لبنان هو الذي سيكفل اقناع الدول العربية القبول بذلك وفرض هذا الاقتناع على افرقاء الداخل من معارضي انتخاب مرشح الحزب اياً يكن وفق ما يعتقد هؤلاء.
هذه الاعتبارات باسلوب تبسيطي كفيلة وحدها بتحفيز خصوم الحزب على رفض “الانهزام” كما اعلنت قوى 14 آذار في ذكراها العاشرة، فيما يبتعد هؤلاء عن سجالات داخلية يستفزها مضمون بعض الاحاديث التي ادلى بها عون اخيراً. وقد رأى فيها سياسيون حياديون استعادة لمنطق اميل لحود في الحكم حين رغب في احالة البعض من خصومه على القضاء. لكن احداً لم يعلق على مضمون هذه الاحاديث تجنباً لتوتير الوضع الداخلي وعدم الحاجة الى ذلك ما دامت المواقف الايرانية وحدها تغني عن ذلك.
يشبه السفير السابق في واشنطن الدكتور رياض طباره مجموعة الافرقاء المتحكمين باللعبة السياسية في لبنان راهناً بوضع مجلس الامن حيث لكل دولة من الدول الخمس الأعضاء الدائمين في المجلس قدرة على تعطيل اي موقف يصدر عن المجلس عبر الفيتو الذي يتمتع به كل من هؤلاء في حين ان اي موقف قوي وحازم غير مرجح من دون اجماع الاعضاء وذلك بغض النظر عن استمرار فاعلية الامم المتحدة ككل و عدم فاعليتها. ولذلك قد يعتبر من يستخدم الفيتو للتعطيل مرارا وتكرارا كما هي حال روسيا في الاعوام الاخيرة حين عطلت قرارات تتصل بالنظام السوري من اجل حمايته بمثابة من يتحكم بمجلس الامن في حين ان اي دولة من الدول الخمس الدائمة العضوية تتمتع بهذه القدرة. وينسحب ذلك على الوضع الداخلي في لبنان من حيث ان إجماع الافرقاء وفق ما تكرس اكثر فاكثر في الحكومة الحالية التي تقوم بمهمات رئيس الجمهورية هو الذي يسمح باتخاذ قرارات ايا تكن في حين ان كل فريق بات يتمتع بقدرة التعطيل ايضاً. ففريق 8 آذار بقيادة “حزب الله” يعطل جلسات انتخاب رئيس جديد للجمهورية فلا يؤمن النصاب الذي يسمح باتمام العملية الانتخابية متسبباً بالفراغ في سدة الرئاسة الاولى للشهر العاشر على التوالي. لكن الفريق الآخر يعطل في المقابل وصول مرشح الحزب مفضلاً الفراغ على انتخاب هذا الاخير، ما يجعل قدرات الافرقاء السياسيين متوازنة الى حد بعيد، اقله حتى الآن.
خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟
٢: بالحقيقة الإيرانيين اليوم في موقف لا يحسدون عليه ، فلقد أغرقوا أنفسهم في ثلاث مستنقعات سورية والعراق وغدا اليمن ، وكل من يقول أنهم سيخرجوا منها سالمين فهو واهم ؟
٢: يردون إستغلال وجود أوباما لإنهاء ملفهم النووي وإستلام ملياراتهم قبل بزوغ فجر الجمهوريين من جديد ، حيث سيقلبون الطاولة على الإيرانيين وبطريقة لا تخطر على بال أحد لأن من يصبر ينال ومن يضحك أخيرا يضحك كثيرا ، سلام ؟