صباح ابراهيم
السيد الرئيس محمد مرسي المحترم
تحية وسلاما وبعد
بعد ان قال الشعب المصري كلمته يوم امس ، ونقلتك الديمقراطية وصناديق الاقتراع الى كرسي الرئاسة ونصبك الناخبون رئيسا لجمهورية مصر العربية ، فلابد ان نقدم لك النصح والمشورة قبل ان تستلم الحكم رسميا وتحلف اليمين الدستورية .
السيد الرئيس
مصر وشعبها أمانة في عنقك ، فانت مطالب بتحقيق العدالة والحرية والمساواة بين كل ابناء شعبك المصري ، فلا تفرق بين اسود وابيض ولا تميز مسلما على مسيحي ولا أخواني على ليبرالي ولا رجلا على امراءة ، لابد ان يكون ابناء مصر عندك كأسنان المشط .
أنت مطالب ايها الرئيس ان تقيم دولة العدل والقانون ، دولة المواطنة وليس دولة دينية او إمارة اسلامية ، فلا تنسى انك جئت بنصف اصوات من شارك بالانتخابات والنصف الثاني لم يخترك رئيسا ، ولا يؤيد سياستك او خلفيتك الحزبية الاخوانية او مشروع نهضتك ، الشعب المصري ينتظر منك ان تقيم لهم دولة حضارية حديثة تواكب التقدم في العالم ، لا دولة دينية تحكم بشريعة لا تتماشى مع القرن الحادي والعشرين وزمن ارتياد الفضاء والانترنيت والالكترون . فشعبك لم ينتخبك رئيسا لتحكم عليه بالرجم و الجلد او قطع اليد اوالعنق ، وتفرض عليه بأسم الله والدين شرائع القرون المظلمة التي كانت سائدة في زمنها، بل انتخبك الشعبُ لتأخذه الى التقدم والعلم ورفع المستوى المعاشي للفقير والعامل والفلاح والقضاء على البطالة ، وتحويل مصر الى بلد زراعي صناعي وتقوية الاقتصاد وزيادة الواردات وتقليل التضخم وزيادة الاسعار ورفع مستوى الجنيه المصري مقابل العملات الاجنبية .
السيد الرئيس
انت مطالب بعدم التفرقة والتمييز بين مواطنيك ، بين سلفي او اخواني و ليبرالي مستقل ، او بين رجل وأمراءة . انت مطالب بإقامة دولة القانون والعدل ، يقف فيها الاقباط المسيحيون والمسلمون والبهائيون والشيعة المصريون بنفس المرتبة ودون تمييز ويحصلون فيها على نفس الحقوق والامتيازات وعليهم نفس الواجبات لأنهم كلهم أبناء مصر .
السيد الرئيس
لقد اختارك الشعب بأكثرية الاصوات الانتخابية ، وحققتْ لك الديمقراطية الحديثة وصناديق الاقتراع – وليس مجلس شورى السقيفة – الفوز بكرسي الرئاسة فكن عند حسن من انتخبوك ومن لم ينتخبوك من شعبك المصري ، فلست بخيرهم كما اعترفت بخطابك ، فإن احسنتَ اعانكَ الشعب وإن اساتَ وافسدتَ فسيحاسبك ويقوّم سياستك وان طغيتَ وتجبرتَ فسيخلعك كما خلع سلفك . فالشعبُ عرف كيف يحاسب الطغاة ولن يخاف بعد اليوم بعد ان عبد طريقك بدم شهداءه .
عليك مناصرة الضعيف وانصاف المظلوم واعانة الفقير والمعدم والارملة واليتيم .
السيد الرئيس
اعلم انك تنتمي لأمة عريقة الحضارة ، عمرها سبعة الاف عام وشامخة الى هذا اليوم ، وحضارتها الفرعونية تدرّس في كل جامعات العالم ، فحافظ عليها ولاتعيدها الى زمن البداوة والتخلف وحكم القبيلة والعشيرة ، ولا تتعكز على شريعة القرون المظلمة بحجة انها شرائع السماء ، فلكل زمان ومكان احكامه وشرائعه ، فما صح في زمن غابر لايصح اليوم ولاتنس حقوق الانسان التي اقرتها المواثيق الدولية .
السيد الرئيس محمد مرسي
لقد ذقتَ مرارة الظلم وتقييد الحريات وخبرتَ قساوة سجون الدكتاتورية السابقة أنت وزملائك واخوانك المسلمون ، والان تعرف جيدا طعم الحرية ومذاقها الحلو وتعي معنى العدالة والمساواة والديمقراطية ، فلا تبخل بها على ابناء شعبك بعد ان مسكتَ صولجان الحكم في يمينك ، فلا تحارب الذين يخالفوك الرأي ولا تكتم افواه من يعارضوا سياستك فلست معصوما عن الخطأ ، فلكل حكومة عادلة احزاب معارضة تكشف اخطائها وتقوّم سياستها لخدمة الصالح العام ، فلا تعتقد انك الزعيم الاوحد والحاكم المطلق للبلاد والعباد . فنواب الشعب سيراقبون أداء حكومتك وسيعترضون على اخطاءها ، فكن أمينا على حسن الاداء وتقويم الاعوجاج ومحاسبة الفاسدين وأعلم ان حكم التاريخ والشعب قاس جدا وليكن مصير سلفك عبرة لك ، فالشعب يُمهل ولا يُهمل ، يصبر ولا يسامح فالرئيس السابق حسني مبارك حكمَ ثلاثين عاما حكما فرديا ديكتاتوريا وتحت حماية قانون الطوارئ وظلم المباحث وتعذيب المعتقلين في السجون ومراكز الشرطة ، ولكن الشعب المصري ثار عليه وكسر سجونه ومعتقلاته حيث كنتَ انت اول من خرج منها بعد الثورة حرا طليقا ورفعك انصارك من سجن التعاسة الى كرسي الرئاسة .
السيد الرئيس
انت الان رئيسا لكل المصريين ، فاعلم ان الشعب ليس كله من الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ، فالملايين من شعبك قلقة من نهجكم وسياستكم ، والثلاثة عشر مليون مصري الذين صوتوا لك لا يمثلون كل شعب مصر الذين يقربون من التسعين مليونا من البشر ، وهؤلاء لايؤيدون قيام دولة دينية تحكمها بالشريعة الاسلامية ، وقلقهم مشروع وهم يتسائلون هل انت من سيحكم مصر ام مرشد الاخوان المسلمين الذي يقف خلفك وتقول له سمعا وطاعة ؟ هل أنت من سيحكم مصر ام قيادة الاخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة وبنفس نهجها ومشاريعها ؟ فالشعب انتخب شخصك رئيسا وليس حزبك وجماعة الاخوان ليكون حاكما له ، الشعب يتسائل بمشروعية هل استقالتك من جماعة الاخوان المسلمين والحزب هي حقيقة ام شكلية ؟
هل ستحكم مصر بشعار جماعة الاخوان ذات السيفين المتقاطعين رمزا للدم والقتل الاسلامي أم ستغير الشعار الى (قلمين وكتابا) رمزا للتقدم والحضارة والعلم ؟
السيد الرئيس
لا يغرنك المنصب والجاه ، القصور والرفاه ، الحرس والتحيات ، وركوب افخم السيارات والطائرات ، ولاتنسى انك جئت من الاحياء الشعبية وعشت حياة المواطن البسيط وشعرت بالامهم وامنياتهم ، فتذكر اخوانك وابناء شعبك ، من سواحل البحر المتوسط الى حدود السودان فكن خادما لهم لا زعيما متجبرا عليهم .
السيد الرئيس
ليكن لك وزراء ومستشارون اكفاء مقتدرون ، لا اصدقاء ومقربون جهلاء متزلفون .
اعلم ايها الرئيس ان مصر وشعبها أمانة بعنقك ، لتكن يديك مفتوحة لكل الشعب وقلبك ينبض بحب مصر بكل ابنائها ، واعلم ان الشعب والتاريخ لا يرحم الطغاة بل يقدس العظماء الثقاة ، فكن رئيسا أمينا لكل المصريين لتكسب رضا الله والشعب.
اتمنى لك التوفيق في عملك وخدمتك، واهنئك بمنصبك رئيسا لجمهورية مصر العربية .
مواطن غير مصري
25/06/2012