رسالة إلى المسيحيين وإلى المسلمين

حين تطفو جراحنا على السطح, لا نجد لها ماسحا إلا يسوع, وحين تغور جراحنا إلى داخلنا وتحفرُ في أعماقنا لا نجد ممرضا jesusmandezeلها إلا الله, الله ويسوع وجهان لعملة واحدة, فيسوع يحبنا أينما ذهبنا ومهما كانت ديانتنا, يسوع نجده مع المحتاج ومع المتعثر بهذه الحياة, ولا أستطيع أن أحصي لكم عطاياه لي, والله أيضا يحبنا جميعا ويرعانا حق الرعاية, لا تنزعجوا من كلماتي, لا تتأففوا من أوجاعي الكثيرة, أنا إنسان يبكي لأتفه سبب ولا يمكن أن أضحك بسهولة, مثل المسيح الذي لم يراه أحدٌ يضحك ورآه الكثيرون يبكي..

أنا كلي جراح, وهذا العالم المحيط بي يؤلمني صبح مساء, هذا العالم يتقلب على جراحي ويفتح فيها ليلا ونهارا, والناس أيضا لا يرحموني من العذاب الذي أتعذبه كل يوم وفي كل الأوقات, ولا أستطيع أن أمر أو أن أمضي من جواركم دون أن أبثكم أحزاني وأشجاني..وجدتُ نفسي في وسط هذا العالم المملئ بخطايا البشر وبخطايا الشيطان, كلنا ضحية لمؤامرة خطيرة جدا , هذه المؤامرة أو نظرية المؤامرة, مرة يقودها الشيطان ومرة يقودها الفقهاء في الاقتصاد ومرة يقودها السياسيون, وكلهم يحترفون فن الأذية فينا وليس لنا من منقذ إلا الله ويسوع, لماذا نختلف على المسميات؟ لماذا نختلف على المصطلح, المهم أن نعرف بأن هنالك إله يحبنا جميعا ويكفر عن ذنوبنا جميعا, لقد مللت من إدانة غيري من الناس ومن إدانة الناس لي, وبدل الإدانة تعالوا لنعطي بعضنا الحنان, تعالوا لنرعى الأيتام, تعالوا لنمنح الفقراء يوم عمل مجاني توزع أمواله على كل فقراء العالم, تعالوا لنريح بعضنا من الأحمال الثقيلة, تعالوا لتحملوا عني بعضا من أحمالي المتعبة, وأنا بدوري سأحمل عنكم أحمالكم في أقرب وقت ممكن, تعالوا لنحب بعضنا بدل أن نهدد بعضنا ونقتل بعضنا ونشوه سمعة بعضنا.

أنا في هذا العالم المجنون جدا أجدني قد فقدت السيطرة على نفسي لكثرة ما تؤثر بي أحزان الناس وأوجاعها, لا أستطيع السيطرة على أعصابي ولا على دموعي, التلفزيون بالنسبة لي مؤلم جدا والصحافة بالنسبة لي مؤلمة جدا, لأنني لا أسمع ولا أرى ولا أقرئ إلا عن الجرائم والقتال والتفجيرات الانتحارية, وهذا كله بالنسبة لي مؤلم جدا وأريد حلا أو علاجا يشفيني من كثرة هذه الآلام, والمتسولون بالشوارع يؤلمونني جدا والمشردون بالشوارع يؤلمونني جدا ولا أجد أحدا يفرح قلبي برسالة جميلة أو بزهرة يانعة, هذا قتل وذاك زنا وذاك فجر, كل هذا وتطلبون مني أن أمسك أعصابي, أنا لا أنكر أنني منذ أسبوعين كدت أن أصاب بإنهيار عصبي لولا الحبوب المنومة التي أنقذتني, شاهدت يسوع في أحلامي وأسعدني وجوده معي, وشاهدت محمدا في أحلامي وأفرحني وجوده معي, أقسم لكم أن هذا الكلام ليس إنشائيا بل هو حقيقة مؤكدة.

أنا أريد أن أقول لكم بدل أن تسبوا وتلعنوا وتشتموا وتذبحوا وتقتلوا, تعالوا بدلا عن هذا الفعل المشين لنزرع جميعنا شجرة في عيد الميلاد وفي عيد الأضحى وفي عيد الفطر السعيد, تعالوا لنتقاسم الأوجاع في رأس السنة الهجرية, تعالوا لنمسك بأعصابنا بدل أن نتهور جراء فعل شيطاني, أنا لست مرتدا, أنا إنسان يحب الجميع وأينما وجدت إنسانا خيرا يبكي ويتألم كما تألم المسيح تجدوني أرقص معه من شدة الحزن, أحيانا أهز رأسي بعنفٍ شديد حين أقرئ عن سيرة المسيح, وأحيانا ألملم بعض جراحاتي حين أقرئ القرآن الكريم, أنا أحبكم جميعا سواء أكنتم مسيحيون أم كنتم مسلمون, أنا لا أملك لنفسي نفعا أو ضرا, أنا أريد أن تتقاسموا معي كل آلامي وكل جراحاتي, وأريدكم أن تشعروا بمحبتي الصادقة للمسيح وبمحبتي الأخرى لمحمد عليه الصلاة وأتم التسليم, أنا لا أعادي أحدا ولا توجد عندي أي نية للقتل أو لإرهاب الناس, حين أذهب لأشتري لأولادي دجاجة أشيح بوجهي عن منظر السكين وهي تحز برأسها , لا أستطيع أن أتحمل منظر الدم, لا استطيع أن أشاهد منظر القتل, مرة من ذات المرات حرمت على نفسي كل دم فلم آكل لمدة سنتين من حياتي لا سمكا ولا دجاجا ولا لحما حتى تدهورت صحتي نهائيا, أنا لست مشتت الأفكار, أنا بسيط جدا وضعيف لا أجرؤ على القتل ولا على احتمال منظر القتل, وشاهدت في زماني رجلا بقر بطن أخته بالسكين أمامي وأقسم لكم بأنني بقيت أكثر من سنة كاملة وأنا كل يوم أنزف من دموعي عليها,أحيانا أشعر بأن بيني وبينكم خطوة واحدة لأكون مسيحكم المنتظر, أو مخلصكم من العذاب, ولكن أعود لأصحو ثانية على نفسي وأنا غير قادر على تخليص نفسي من عذاباي فكيف سأخلص الناس إذا كنت عاجزا عن تخليص نفسي؟.

يسكن في داخلي حب المسيح ويكثر هذا الحب كلما شعرت بجراحاتي وهي تتفتح كأزهار أيلول, ليس لأيلول جراحا مثل جراحاتي وأزاهيرا مثل أزاهيري وإكليلا مثل إكليلي ولكني على الأقل أشعر أن بداخلي فصلا من الربيع ينمو ويزدهر ويموت في كل يوم, أنا لا ألعن أحدا ولا أسب أحدا ولا أحب أن أمدح أحدا على حساب أحد, حياتي كلها شقاء في شقاء وتعب في تعب ولم أعرف الراحة منذ ولدتني أمي, شعاري هو حب الناس أينما كانوا ومهما فعلوا بي.

تعالوا وتعرفوا معي على شخصية المسيح, أنا عرفته عن طريق المعرفة النورانية الاشراقية, عرفتُ بأن يسوع يحبنا جميعا مهما كانت ديانتنا مختلفة عن ديانة المسيحيين, ولو عرفتم مقدار حب يسوع لكم ولي لبعتم أوطانكم وتبعتموه, ولهجرتم مساكنكم وزوجاتكم وخليلاتكم لو عرفتم كم يتألم المسيح لآلامكم على الأرض لبعتم كل ما لديكم من جواهر وأشياء ثمينة, أنتم أعزة على قلب يسوع, أنتم محط أنظاره أينما كنتم, وتعالوا لننظر إلى الله عز وجل من ثقب الباب-مثل(كافكا)- أو من أي نافذة أخرى, فلو نظرتم غليه نظرة حقيقية لعرفتم أن الله أيضا يحبكم حبا عظيما, يسوع والله يعطوننا الفرح ويمدوننا بالسعادة الأبدية, رغم أننا لا نستحقها لأننا لا نخلص إخلاصا حقيقيا للذي أخلص إلينا,المسيح والله هما وجهان لعملة واحدة, انظروا إلى أنفسكم وإلى الذي تفعلونه ببعضكم, لو نظرتم إلى أنفسكم نظرة حقيقية لعرفتم أنكم جميعا لا تستحقون أبدا محبة يسوع ومحبة الله ولكن رغم كل ما تفعلونه ببعضكم البعض إلا أنه يعطيكم, ورغم أنكم تترصدون لقتل بعضكم البعض ورغم أن كل واحد منكم يرى بأن غيره لا يستحق المحبة ورغم هذا وفوق هذا كله تكيدون لبعض إلا أن الله ويسوع يحبونكم حبا كبيرا, يعطونكم الأمل والسعادة والصحة والعافية والقناعة, حتى المجرمين منكم يمنحهم يسوع محبته, وحتى المعتدين منكم يمنحهم الله من بركاته, الله لا يمطر على هذه الأرض من أجل أعمالنا, فأعمالنا جميعها لا تستحق أن نُعطى عليها أي شيء, أعمالنا كبشر كلها مخزية جدا, أعمالنا لا نستحق من أجلها الحياة, ولكن الله ويسوع وحدهما من يرحمنا ويمنحنا السعادة.

لست تائها ولا مترددا بأعمالي وبأقوالي, ولكن حين أكتب عن يسوع يعتقد البعض منكم أنني أعادي محمدا صلى الله عليه وسلم وهذا اعتقاد خاطئ 100%, وحين أكتب عن محمد الشيء الجميل يعتقد الغالبية أنني ضد المسيحية, المسيحية حق ونور والله حق ونور والإسلام على مدى الزمن سيطر عليه السياسيون ولوثوه بكثرة اجتهاداتهم, أنا لا أمنح نفسي عبورا إلى عالم المسيح من دون جواز سفر, ولا أمنح لنفسي الدخول في الإسلام بدون شهادة ميلاد, هذا العالم الكبير يسيطر عليّ بكل ما فيه من أحزانٍ ومن مواجع كثيرة, وأشعر دائما بأن كل ألم يتألم الإنسان منه ما هو إلا جزء من حياتي, أنا أتألم لأي منظر مؤلم ولا أحد يستطيع أن يوقف نزيفي الداخلي إلا بلمسة من يسوع أو بآية من القرآن الكريم.

كفانا يا أيها الناس ضحكا ولعبا وقتلا وغدرا, كفانا يا أيها الناس عداء لبعضنا وكرها لبعضنا, تعالوا لنمسح الجراح عن قلوب بعضنا البعض من غير أن نسأل بعضنا ما هو دينك ومن هو نبيك وهل أنت مسلم أم مسيحي أم يهودي أم بوذي؟؟؟؟, تعالوا لنعطي بعضنا الدواء الذي يشفي دون أن ننتظر أجرا على ما نفعله, يسوع أعطاكم بالمجان فلماذا لا تعطوا بالمجان !!, أنا لست عنصريا ولا إقليميا ولا فئويا, أنا فقير جدا وبحاجة إلى الله وبحاجة إلى يسوع, أنا على هذه الأرض أحن وأتألم جدا لأي منظر محزن, وأقسم لكم بأن دمعتي تنزل من عيني إذا ما سمعت خبرا محزنا, اليوم بالذات بكيت جدا حين رأيت طفلة في الشارع تبكي وتصرخ ولا أحد يسألها ماذا تفعلين, فاقتربت منها وسألتها: وين أمك؟ فقالت: ماما بالجنه, ففهمت بأنها يتيمة , ولم أتمالك نفسي وبكيت عليها حتى انحدر الدمع من عيوني على خدي وشاهدني كل من كان معي, منهم من قال عني إنسان عاطفي ومنهم من قال عني مجنون,ومنهم من قال مكتئب وحزين, أنا حزين على هذا العالم المحزن والمبكي, وأنا لا أرى إلا رحمة الله فوق رؤوسنا جميعا والتي لولاها ما شربنا الماء ولا أكلنا الخبز.

اتركوني أختبر هذا العالم من حولي, دعوا الأحزان والآلام تفتت بعظمي وبأعصابي كلها, دعوني أقابل الله وأنا متعب من كثرة الأحمال, دعوني أُقلّب هذا العالم وكل ما فيه من جراح, دعوني أمتص الأحزان وأشربها صبحا ومساء, دعوني أتوجع على مواجعكم وأتألم من آلامكم أكثر من آلامي, دعوني يا ناس أختبر الله ويسوع في آن واحد, دعوني أن أكون صديقا لكم ومحبا لكم مهما كانت دياناتكم.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.