ثابت حبيب العاني
منذ الأيام الأولى لانتصار الثورة، توجهت القوى القومية نحو الإطاحة بعبد الكريم قاسم وحكومة ثورة 14 تموز منذ الأيام الأولى تحت ذريعة ديكتاتورية عبد الكريم قاسم و”قاسم” العراق وبزعم عدائه للوحدة العربية. وقد أعلن عن هذا الرأي كبار الضباط القوميين مثل عبد السلام عارف ورفعت الحاج سري وناظم الطبقجلي. ولكن سير الأحداث اللاحقة، وشاهد على ذلك انقلاب 8 شباط عام 1963، برهن على إن هذا الإدعاء كان بعيداً كل البعد عن الحقيقة. فالانتهاكات التي ارتكبها التيار القومي المتطرف قبل ردة شباط وبعدها والمجازر والتنكيل الذي تفننوا به، قد تجاوزت كل أفعال الديكتاتوريين وسفاكي الدماء. لقد انتهج ادعياء القومية سياسة تمزيق وشرذمة النسيج العراقي وتفتيت الجبهة الوطنية التي تكونت قبل ثورة 14 تموز، والتي لعبت دوراً مهماً في استنهاض الشعب العراقي ومهدت الطريق لانتصار الثورة. كما ركزت هذه القوى كل عسفها وتنكيلها ضد القوى التقدمية الديمقراطية، وخاصة ضد الحزب الشيوعي. فقد اتهموا الحزب الشيوعي بشتى أنواع التهم المفبركة، واعتبروه كياناً طارئاً على المجتمع العراقي، وتنكروا لماضيه وتضحياته وشهدائه وتناسوا أن السجون العراقية في صبيحة يوم 14 تموز لم تكن تضم بين جدرانها سوى الشيوعيين وبينهم بعض قادة الحزب وكوادره الذين قضوا في السجون قرابة 10 سنوات، إضافة إلى المئات من أعضاء وعضوات الحزب. فلم يوجد في داخل السجون عشية الثورة ولا قومي واحد. لقد كان من المفروض بهؤلاء الضباط وهذه القوى القومية، إن كان لديها الحد الأدنى من الحرص على البلاد ومستقبلها، أن تسعى إلى تعزيز الجبهة الداخلية وتعمل على إشاعة الاستقرار والعمل على إطلاق الحريات الديمقراطية للشعب. وهي أهداف ناضل الحزب الشيوعي من اجلها وقدم التضحيات الغالية. وعلى الرغم من استبعاد الحزب الشيوعي العراقي من المشاركة في سلطة 14 تموز خلافاً لكل التوقعات، إلاّ أن الحزب عمل على تعزيز دور جبهة الاتحاد الوطني ومطالبة الاحزاب بعقد اجتماع لقيادة الجبهة من أجل دراسة مستقبل الثورة وآفاقها وتطوراتها. ومع الاسف ان الاحزاب المساهمة في الجبهة اهملت الدعوة، كما أشرت سابقاً. ووجد التيار القومي أن الفرصة غدت سانحة للإطاحة بالحكم الوطني عبر تشكيل جبهة تضم البعثيين والقوميين إلى جانب ممثلي الاقطاع والرجعيين والعملاء وبدعم خارجي تحت شعار “يا اعداء الشيوعية اتحدوا”. وهذا ما اثبته انقلابهم الاسود الدامي في 8 شباط، والذي وصفه سكرتير حزب البعث آنذاك صالح السعدي بأنهم جاءوا بقطار أمريكي.
لقد أُزهقت في هذه الردة والكارثة الوطنية أرواح أنبل أبناء الشعب العراقي وأكثرهم طاقة وخبرة وشعوراً بالمسؤولية تجاه الشعب والوطن. إن نظرة على قائمة أسماء ضحايا الانقلاب والمعتقلين لكافية للتأكيد على صحة ما أقول. ولقد تحمل الشيوعيون العسكريون قسطهم الكبير من ضريبة الهزيمة أمام الانقلابيين الانتقاميين الفاشست. وقد صدق الشهيد جلال الأوقاتي عندما قال: “إن كريم سوف يدمرنا ويدمر نفسه. لقد كان الشهيد جلال الأوقاتي بمثابة هدف ساعة الصفر بالنسبة للانقلابيين. فجرت تصفيته عند خروجه من بيته في كرادة مريم صبيحة يوم 8 شباط الأسود 1963 في الساعة الثامنة والثلث، وهو ما اعتبر من قبل هؤلاء الفاشست أنهم بذلك قد حققوا الانتصار. وهذا ما أورده صالح حسين الجبوري في كتابه “ثورة شباط 1963” في الصفحة 147 حيث يقول: “وهناك مجموعة اخرى كلفت باعتقال جلال الاوقاتي، قائد القوة الجوية، ومن قياديي الحزب الشيوعي، واذا مانع بذلك فقتله. وفي ساعة الصفر، قامت المفرزة المكلفة بذلك بعمل دورية حول داره في كرادة مريم. وبعد خروجه من داره الكائنة في كرادة مريم، وفي احد الشوارع الفرعية القريبة من داره حوصر من قبل مجموعة مما أدى الامر الى ترك سيارته، فقامت المجموعة المنفذة بفتح النار عليه وقتله في الحال. وبهذا استطاع الحزب (حزب البعث) ان يتخلص من احد اقطاب السلطة المهيمنين، والذي لو قدر له البقاء لكان له تأثيراً كبيراً في تغيير موازين القوى لصالح سلطة عبد الكريم قاسم”. إن هذه الاعترافات تربط بين مخطط المتآمرين وتصفية الشهيد جلال الاوقاتي. لقد تشكلت زمرة التنفيذ من ماهر الجعفري
وغسان عبد القادر وعدنان داوود القيسي واكرم الاسود ورجب الحمداني، حسب ما جاء في اعترافات غسان عبد القادر في 24/1/1985. وبدأت التصفيات الجسدية بالنسبة للعسكريين منذ الساعات الأولى. وشملت الزعيم الركن داود الجنابي والعقيد حسين خضر الدوري والمقدم الركن ماجد محمد أمين والرئيس فاضل البياتي والرئيس عمر فاروق والمقدم ابراهيم والعقيد الركن طه الشيخ أحمد والعقيد وصفي طاهر والملازم الأول نوري مجيد والمقدم كاظم عبد الكريم والرئيس الطيار الركن طه الشيخ أحمد والرئيس المهندس هشام اسماعيل صفوت والرئيس الطيار منعم شنون والرئيس الأول خزعل علي السعدي والرئيس نوري نادر والرئيس حسون الزهيري والمئات من الضباط والجنود وضباط الصف، إلى جانب آلاف المدنيين من الشيوعيين والديمقراطيين والتقدميين والوطنيين الذين لا يسع المجال لذكر اسمائهم جميعاً، ولا أملك صور لكثير منهم وعذراً لذلك. إن المنظر البشع الذي بثّه تلفزيون بغداد للشهداء عبد الكريم قاسم وطه الشيخ احمد وفاضل المهداوي والملازم كنعان حداد بعد اعدامهم، يدل على مدى وحشية الانقلابيين وهمجيتهم، وسوف لايغفر التاريخ لهم على هذه الجرائم.
ولا بد لي أن أورد في هذا الإطار مقتطفاً من رسالة الشهيد سلام عادل التي وجهها إلى لجان المناطق والمحليات قبل اعتقاله بأيام تقييماً للانقلاب الفاشي حين قال: “ان الدكتاتورية السوداء الجديدة لم تأتي للقضاء على الدكتاتورية الفردية كما تزعم، ولم تأت من أجل تحقيق الوحدة والحرية والاشتراكية والعدالة الاجتماعية. ان طبيعة الدكتاتورية السوداء الجديدة لايمكن سترها بغربال من الديماغوغية والتهويش. إنها
ذات طبيعة رجعية قومية يمينية شوفينية عنصرية طائفية، وطبيعتها هذه تخدم بالدرجة الأولى الاستعمار والرجعية والاقطاع. إنها تمثل حركة ردة سوداء للنكوص عن بقايا مكتسبات ثورة 14 تموز. إنها تحمل راية مهادنة الأستعمار الامريكي والانكليزي وشركاتهما النفطية. إنها تحمل راية تخريب البقية الباقية من النزر اليسير من حريات الشعب ومنظماته ونقاباته وجمعياته المهنية والثقافية والاجتماعية. إنها تحمل راية تخريب المقاييس الوطنية وتشويه أهداف الحركة الشعبية وحرفها لصالح الاستعمار والاقطاع. إنها تحمل راية معاداة الشيوعية والديمقراطية والوطنية، راية ميثاق بغداد وغلاة دعاة الاستعمار والعدوان والحرب وفرض ابشع اساليب الحكم البوليسية الفاشية على البلاد. إنها تحمل راية تدمير جيشنا الوطني جيش 14 تموز وتصفية عناصره الوطنية الأشد اخلاصاً للشعب والوطن. إنها سلطة معادية للقوميات والاقليات التي يتألف منها شعبنا، سلطة تحمل راية العداء القومي والطائفي ضد الشعب الكردي وضد الاقليات القومية والدينية والطائفية، انها تحمل راية معاداة العمال والفلاحين والمثقفين ومعاداة الثقافة والعلم”. وجاء في الرسالة أيضاً: “ولا يحتاج الى برهان جديد بأنه من المستحيل فرض حكم غادر على الشعب بالحديد والنار وباساليب
الاعتقال والتشريد والقتل الجماعي. إن الشعب لا يمكن افناؤه او فل ارادته. إن المغمورون والخونة الذين يحاولون حكم الشعب رغم ارادته، هم الذين كان مصيرهم على الدوام الفناء والدمار. وسيجد الفاشست الانقلابيون الجدد المنعزلون كلياً عن الشعب مثل هذا المصير بصورة عاجلة وسريعة بشكل استثنائي”.
لقد ارتكب الانقلابيون جرائم لا توصف وفاقت جرائم هولاكو وهتلر. لقد كتب البعثي السابق حسن العلوي الذي ساهم في انقلاب شباط الاسود، وبعد عشرين عاماً من تلك الاحداث الدامية وفي صحوة ضمير، لأن يد حسن العلوي كانت ايضاً ملطخة يدماء بدماء الوطنيين، في كتابه “عبد الكريم رؤيا بعد العشرين” ما يلي في صفحة 71: “إن حكومة 14 رمضان تدرك جيداً وهي تعرف المقاتل كما تعرف الوصولي والانتهازي، ولهذا فقد خططت لاغتيال جلال الاوقاتي، قائد القوة الجوية، وترك الحاكم العسكري العام حياً، وقررت اعدام عبد الجبار وهبي (ابو سعيد) كاتب العمود اللامع في جريدة “اتحاد الشعب” يوم كان بعيداً عن حكومة قاسم واطلقت سراح عبد الرزاق البارح الكاتب القاسمي الذي ارتبط اسمه بمقالات نارية كتبها ضد البعثيين والشيوعيين. وأُعدم نقيب المحامين الذي لا يجيد استعمال السلاح على سطح منزله، بعد أن حولوا سطح منزله الى ساحة قتال، (يقصد الشهيد المحامي توفيق منير)، بينما أُطلق سراح قائد الفرقة الأولى المعروف بموالاته لقاسم بكل نجومه وسيوفه وتيجانه”.
وأعقبت هذه الجريمة جرائم بشعة لا يمكن للانسان تصورها، ومن بينها جريمة حدثت يوم 4/7/1963 اثر انتفاضة معسكر الرشيد بقيادة الشهيد حسن سريع. فقد كان أكثر من مائة وخمسين من الضباط الشوعيين يقبعون في سجن رقم واحد في معسكر الرشيد. وبعد فشل محاولة مجموعة حسن سريع، تم نقل السجناء فوراً وبشكل سري إلى محطة السكك الحديدية، وأودعوا في عربات حديدية مقفلة لكي يتم نقلهم إلى مدينة السماوة، ومنها إلى سجن نقرة السلمان الصحراوي. ولم يعرف أحد ماذا تحمل هذه العربات. وقد عرف سائق القطار الشهم عبد العباس المفرجي بالحمولة عند الوصول إلى مدينة الحلة اثر تعالي صراخ السجناء. وقام بزيادة سرعة القطار من أجل الوصول بشكل مبكر إلى مدينة
السماوة كي يتم انقاذ السجناء. ولولا هذا الاجراء الشجاع، لأصبح مصير كل هؤلاء الابطال في خبر كان. وعند وصول القطار الى محطة السماوة في يوم 5 تموز عام 1963، تجمهر اهالي السماوة، حاملين الماء والطعام والدواء متحدين جلاوزة الحرس القومي. وقاموا بنقل الضابط يحيى قادر الصفار إلى مستشفى السماوة حيث فارق هناك الحياة بسبب الاختناق. ولولا مبادرة العقيد الطبيب الرفيق رافد اديب صبحي بابان، الذي كان من ضمن ركاب القطار، لما نجا أحد من الركاب ولحلت الكارثة. فقد طلب الدكتور رافد من الركاب خلط الملح مع الماء وقام المعتقلون بتناوله. وفُقد في هذا الحادث الشهيد الرئيس نوري الونة. والغريب أن يشير هاني الفكيكي في مذكراته إلى هذا الحادث ويقول أنه كان المبادر إلى إرسال هؤلاء السجناء إلى نقرة السلمان من أجل إنقاذهم!!!. هذه جرائم البعث، ومن لف لفهم من القوميين شركائهم في جريمة 14 شباط الاسود الدموي. ومن الجرائم البشعة الاخرى هي جريمة اعدام 25 شيوعياً عسكرياً من الضباط وضباط الصف والجنود وبدون محاكمة في معسكر سعد من قبل العقيد الركن نصيف جاسم السامرائي. واصبح هذا الضابط معاون رئيس أركان الجيش في عهد عبد السلام عارف.
في يوم 8/2/1963، كنت في الصف الثاني في المدرسة الحزبية في موسكو. فتحت الراديو لكي استمع كعادتي إلى اذاعة بغداد. فسمعت البيان الأول لانقلاب 8 شباط. فاتصلت تلفونياً بالرفاق وأخبرتهم عن حدوث انقلاب في بغداد. وعلى الفور دُعينا الى اجتماع. وللتاريخ اقول إن عامر عبد الله أشار إلى أن القضية خطيرة، ويجب علينا ان نتحرك لفضح الانقلاب، لأن رفاقنا الآن في خطر. لقد بادر الاتحاد السوفييتي إلى شن حملة واسعة لفضح الانقلاب في الاعلام مما ترك أثراً كبيراً سواء في داخل الاتحاد السوفييتي أو خارجه. وحذت جميع الأحزاب والقوى التقدمية حذو الاتحاد السوفياتي والأحزاب الشيوعية والتقدمية باستثناء الحزب الشيوعي الصيني وحزب العمل الألباني والأحزاب التي تسير على نهجهم. وأتذكر إننا في أحد الايام قمنا بسفرة نهرية خارج موسكو، وكنا جالسين حول مائدة وعلت وجوهنا إمارات الحزن الشديد على الوطن المستباح وضحايا رفاقنا وشهدائنا، وبكينا بكاءاً مراً. واذا باحد العمال الروس الذي يعمل في احدى المعامل الكبيرة، يتقدم إلينا ويسألنا، ما بكم ومن أين انتم؟ فأجبناه إننا عراقيين وهذي مصيبتنا. فقال إنني أعرف بما أصابكم….. وبدأ هو الآخر بالبكاء وقال لقد طلبت التطوع ورفضوا، وبعدها قدمت راتبي تبرعاً للمناضلين العراقيين، فرفضوا هذا ايضاً!!!. أرجوكم ان تأتوا معي وتأخذوا راتبي تبرعاً. وأجهش بالبكاء، وقمنا جميعاً الى تهدئته وعزفنا نحن عن البكاء، ولكن بدون جدوى. هكذا كان شعور الشعب السوفييتي وكان دورهم متميزاً .
…………………………
انهيار وضعف البعض وآثارهما على الحزب
لا يشير هاني الفكيكي في
مذكراته إلى الصمود والبطولات التي اجترحها آلاف الشيوعين في اقبية تعذيب الانقلابيين. فهو يركز فقط على ابراز مواقف ضعف أقلية من قادة الحزب وكوادره ممن غلب عليهم الرعب، وظهروا على شاشة التلفزيون معلنين ندمهم وإدانتهم للحزب وسياسته، ومنهم عدنان جلمران وشريف الشيخ وعصام القاضي وعبد القادر اسماعيل وسلطان ملا علي عضو اللجنة العسكرية الذي اعترف علي حسين الرشيد. وهنا لابد من الإشارة
إلى أنه من غير الممكن سلفاً المراهنة على صمود المناضلين مئة بالمئة وهم يرزحون تحت سوط أشرس الجلادين، وخاصة عندما يتعرض أي بلد إلى اعصار وحشي كالذي حدث في ردة 8 شباط 1963. فقد كانت مجزرة شباط أشدها وحشية في تعذيب الوطنيين والشيوعيين وأكثرها قسوة إذا ما
قورنت بكل سجلات الاستبداد والديكتاتورية والتجبر سواء في بلادنا أم في العالم.
إن موقف الحزب من قضية الاعترافات تاريخياً وبشكل عام، ومنذ قيادة الرفيق فهد، هو أن تتخذ القيادة اجراءات بأبعاد أي رفيق اذا ما برز لديه اي ضعف في أثناء تعرضه للاعتقال. وهذا ما جرى بعد اعتقال الرفيق فهد والضربة التي حدثت في سنة 1948 التي يتحمل مسؤوليتها مالك سيف. فقد أدى ذلك إلى أن تصبح بعض العناصر خارج صفوف الحزب مثل جاسم الطعان ومالك سيف وآخرين.
وفي ردة شباط عام 1963، لم تكن الضربة التي وجهت للحزب نتيجة لتسلل أو إندساس في الحزب على الإطلاق. فقد كانت هذه الضربة الأكبر والأكثر خراباً ضد الحزب نتيجة لإنهيار أحد قادة الحزب وهو هادي هاشم عضو المكتب السياسي. فقد قام هادي هاشم بتقديم معلومات خطيرة أدت إلى مجازر راح ضحيتها خيرة قادة الحزب وكوادره. فقد زوّد هادي هاشم الانقلابيين بمعلومات عن أكثر البيوت الحزبية أهمية، وفي المقمة منها بيت سلام عادل، حيث تم اعتقاله مع ستار مهدي مرشح اللجنة المركزية، وهو رفيق من الحلة كان يقيم سلام عادل يقيم في بيته واستشهد هو الآخر. كما اعتقلت معهما زوجة ستار مهدي والطفل علي نجل سلام عادل، الذي أُخرج بإعجوبة من قصر النهاية إذ لم يعرف الجلادون بأنه ابن سلام عادل. كما اعترف هادي هاشم ايضاً على بيت جمال الحيدري وبيت عبد الرحيم شريف ونافع يونس وجورج تلو وابو العيس، وهي بيوت حزبية لم تكن معروفة للانقلابيين حتى يوم 19 شباط 1963، ناهيك أنها لم تكن معروفة إلاّ لعدد محدد من الكادر الحزبي ومنهم هادي هاشم. وهكذا تم اعتقال العديد من قادة الحزب في وقت واحد، بعد الاعترافات التي أدلى بها هادي هاشم في نفس اليوم الذي اعتقل فيه. لقد كان هادي هاشم منهاراً فكرياً وسياسياً ومعنوياً. وكنت قد سمعت نقلاً عن حمدي أيوب، الذي كان يقيم مع هادي هاشم، أنه خرج للبحث عن بيت في يوم 12 أو 13 شباط وتم اعتقاله. وقاوم حمدي أيوب لمدة اسبوع أو اقل، وبعد ذلك انهار ودل الانقلابيين على بيت هادي هاشم. وانهار هادي هاشم في أول لقائه مع جلاوزة البعث.
إن البيت الوحيد الذي سلم من مداهمة الأنقلابيين هو بيت “الوالدة” والدة الشهيد عواد الصفار. فقد كان هذا البيت هو الوحيد الذي لم يكن يعرف هادي هاشم عنوانه. وظل هذا البيت خلال أعموام العمل السري اللاحقة قائماً ليستضيف نشطاء العمل السري من رفاق الحزب. وكان يقيم في هذا اليبيت الرفيق كاظم الصفار وهو من بين الذين نجوا من قبضة الانقلابيين وظل مقيماً في هذا البيت الحزبي. وكان يقيم في البيت أيضاً الرفيق رضا رادمنش، سكرتير اللجنة المركزية لحزب توده إبران. وسلِم رادمنش من الاعتقال واستطاع الخروج من العراق. وفي لقاء لنا بالرفيق رادمنش في الخارح، روى لنا كيف كان الرفاق يعتنون به بعد الانقلاب. ولم يكن بمستطاعه الخروج من العراق في الأيام الأولى من الانقلاب بسبب اغلاق المطار. ولكن ما أن فتح المطار، حتى تسنى له السفر على الفور خشية اعتقاله في أية لحظة.
إن الإنهيار السريع والمفاجىء لهادي هاشم أثار التساؤل والاستغراب والدهشة. ولربما يمكن تفسير هذا الانهيار في جانب منه إلى عدم جديته في الفترة الأخيرة من حياته السياسية، وتحديداً عندما كان يتلقى الدراسة في المدرسة الحزبية. فعندما وصلنا إلى المدرسة دهشنا لكونه لا يجيد اللغة الروسية وهو في الصف الثالث والأخير في الدورة الدراسية. فقد كان لا يحضر المحاضرات رغم أنه كان عضواً في المكتب السياسي. وفي لقائي مع الشهيد سلام عادل في موسكو، طرحت عليه هذه القضية، وقلت أن هذه إهانة للحزب، فكيف لا يقدم عضو في المكتب السياسي امتحانات ولا يواظب على الدراسة بشكل جدي والحزب يحتاج إلى كوادر متعلمة ومثقفة. لقد بقي هادي هاشم يعيش على بطولات سابقة وعلى مقاومته في السجون وابداعه في حفر الأنفاق وهروبه من السجن عام 1949 وفي 1954. ولكن في موسكو بدا لنا هذا الشخص إنساناً آخراً. فقد كان لا يعمل بجدية من أجل تنفيذ المهمة التي من أجلها أرسله الحزب إلى المدرسة، بقدر ما يهتم بأمور فرعية لا علاقة لها بالمهمة الأساسية. لقد كان من المفروض عند رجوع هادي هاشم إلى العراق أن تتم محاسبته على القصور في دراسته. ولكن تمت مكافأته وأصبح عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية.
لقد كان من الضروري بعد عودة الرفاق إلى بغداد في عام 1962 أن يتم تقييم لأداء الرفاق من أعضاء اللجنة المركزية وابعاد العناصر الخاملة. وهذا ما سمعته من الرفيق جمال الحيدري قبل عودته إلى الوطن، والذي ألمح إلى شريف الشيخ وعبد القادر اسماعيل وعناصر اخرى. والظاهر إن قيادة الحزب لم تتخذ الإجراءات ضد هؤلاء الرفاق لانشغالها بقضية الكتلة، إذ كانت هذه العناصر من أكثر المندفعين ضد الكتلة. كما إنني لم استغرب عند سماعي بضعف شريف الشيخ. ففي أثناء وجوده في موسكو، بدا متذمراً ويتشكى فقط. وعندما طُلب منه الرجوع انزعج. ومع ذلك فمن الصعب علي تقييم الأشخاص، أي احتمال صمود هذا أو ضعف ذاك. فالظروف التي مرت بنا في ذلك الوقت كانت عسيرة وصعبة، وكنا ننتظر أن يصمد عضو في المكتب السياسي كهادي هاشم على غرار الصمود الأسطوري لغيره من قادة الحزب أمام هذه الريح الصفراء.
بعيد الإنقلاب، جرى الحديث عن الشهيد جورج تلو وموقفه. ولكنني أكدت إن أحتمال ضعفه بعيد جداً. فقد استشهد جورج تلو عندما هاجم الأنقلابيون البيت بالرشاشات، وقاوم ببطولة وشجاعة ثم استشهد. وينطبق نفس الأمر على الشهيد رحيم شريف الذي كان معروفاً بروعة خلقه وسيرته. فقد كان يكسب ود أهل أي بيت يدخل فيه لدماثة أخلاقه وصدقه وحبه للعمل وتقديم المساعدة للآخرين. وأكرر هنا إن الحدث كان من العمق تراجيدياً ومستوى الارهاب والوحشية والقتل والخراب إلى درجة بحيث تحول إلى كارثة وطنية لا يمكن تصورها. ولكن ينبغي أن نأخذ بعين الاعتبار إن تحمل المناضل يعتمد إلى حد بعيد على القناعة بأفكاره والثقة بحزبه وقادته وبنضال حزبه وشعبه. ومع ذلك من الصعب المراهنة على صمود هذا وضعف ذاك.
لقد شاءت الصدف أن يلتقي آرا خاجادور مع علي صالح السعدي في عام 1969. وأخبر صالح السعدي الرفيق آرا خاجادور بالمعلومة التالية:”ان الشيهد سلام عادل مات ببطولة نادرة، وأنا اطلقت عليه طلقة الرحمة”. هذا هو اعتراف علي صالح السعدي الذي أشار إلى أن الشهيد سلام عادل “طلب لقائي ولم ألتق به. فقد كان يعاني من تعذيب بشع، حيث قطّعه الجلادون أوصالاً”. إن هذا الاعتراف من قبل علي صالح السعدي لهو خير رد على كل تقولات هاني الفكيكي حول سلام عادل في مذكراته.
كما ينبغي الإشارة إلى أن مواقف الضعف عند البعض تتفاوت، حيث ترقى عند البعض إلى الخيانة المكشوفة وإلى المجازر والنتائج الكارثية كما هو الحال بالنسية لهادي هاشم. ولكن الأمر يختلف عند آخرين، على سبيل المثال عبد القادر اسماعيل. ففي عام 1969، طلب عبد القادر اسماعيل أن يلتقي بالمكتب السياسي. وانتدبني المكتب السياسي للقاء به. وأثناء الحديث قال البستاني….أنت تعرفني معرفة جيدة، فلا أقود تنظيم ولا عندي معلومات ولا أسرار. كل ما هنالك انا كنت واجهة للحزب. وفي الحقيقة كان قوله صحيحاً، لأن عبد القادر اسماعيل كان في حينها واجهة وطنية معروفة وذو تاريخ وطني. وسألني أيضا ما هو موقف الحزب مني؟. وقلت له لنتكلم بصراحة…إن خروجك في التلفزيون يا عبد القادر كان سبباً في إنهيار عناصر عديدة من الرفاق في السجن. فاجاب هذا صحيح. وقال….انا لم أبوح بأي شيء. لقد طالبوني بشتم الاتحاد السوفييتي، فرفضت. ومارسوا التعذيب والضغط……وانفجر في البكاء…..وفي الختام قال إن امنيتي ان ابقى شيوعياً. فذهبت بعدها الى المكتب السياسي واخبرت الرفاق بتفاصيل اللقاء، فطلبوا مني ان أبقى على اتصال مباشر به. ولكن مع الاسف توفي ولم يكتب عنه احد أي شىء، علماً إن اعترافه لم يكن بالشيء المهم. لقد توجه البعثيون نحو عبد القادر اسماعيل لاحقاً وفي عام 1969، وقالوا له….لا نريد منك شيئاً …فقط نعطيك غرفة في جريدة الثورة وتجلس فيها. فقال لهم اذا كنت اريد ان أعمل فسأعمل مع حزبي، الحزب الشيوعي العراقي. ورفض طلبهم رفضا قاطعاً، وهذا ما قاله لي. لقد ضعف البعض ولم يتحولوا إلى اعداء أو عملاء للأجهزة الأمنية والسلطات الجائرة. فإن قساوة التعذيب الفريد من نوعه قد أجبر البعض على الاعتراف.
اما داود الصائغ فقد حصل له الشيء نفسه. إذ كنت على اتصال به. وفي أحد الأيام قال لي…. تفضل وسلّمني رسالة وقرأتها. كانت الرسالة مرسلة من طارق عزيز، رئيس تحرير جريدة الثورة آنذاك. وأشار طارق عزيز في رسالته إلى داود الصائغ… إن هذه جريدتك…..تعال وسنعطيك كل ما تريد. فقلت له يا أبو سليمان إن هذه فرصة. فأجابني “هل حقاً ما تقول؟”. وأشار إلى “أن كل راتبي التقاعدي هو ستة دنانير، وام سليمان معلمة ونحن الآن ساكنين عند اهلي في البيتونة…يعني اذا اعملت في حقل الترجمة في الجريدة فسيعطوني ألف دينار. وهذا المبلغ سينقلنا نقلة كبيرة، فستستطيع ام سليمان أن تشتري ملابس لها بالألف الأول، وبالألف الثاني سنشتري الأثاث وبعد ذلك نعثر على منزل جديد. ولكن بعدها سيقولون لي ترجم كتاب “كفاحي” لهتلر. وهذا ما سأرفضه. وسيُقطع الراتب. ويرجع ابو سليمان إلى تقاعده البالغ ستة دنانير. فهل نستطيع العيش على هذا الراتب؟”… فماذا تقول يا ابو حسان. تصور ان “هؤلاء نعتبرهم انتهازيين، وهم في الحقيقة أناس قساة”.
إذن يجب ان ننظر إلى الانسان حسب قابلياته وطاقته وامكانياته، وإن نتعامل معه بهذه الابعاد. يوجد البعض ممن تحولوا إلى أعداء إلداء للحزب بعد انهيارهم، كما هو الحال بالنسبة لمالك سيف مثلاً. وقد انقطعت صلة هؤلاء بالحزب كلياً. وهناك عناصر تركت الحزب، وأخرى بقيت على صلة بالحزب. وربما يوجد البعض ممن اختلفوا في الرأي وكان الحزب يتعامل معهم بشكل مناسب. برأيي أن الظروف التي مرت بنا يجب ان تكون عبرة لنا، فلربما سيكون الوضع في المستقبل أكثر صعوبة.
على هامش الأنقلاب الأسود في 8 شباط 1963
في الحقيقة إن الانقلاب كان موجهاً بشكل رئيسي ضد الحزب الشيوعي، وليس ضد أنصار عبد الكريم قاسم. ولم يكن الهدف من الانقلاب هو شأن محلي فقط، بل هو شأن دولي وإقليمي بالنسبة للدول الغربية والدول الموالية لها في المنطقة. ولقد انضم المتطرفون القوميون العرب أحزاباً وشخصيات وحكومات إلى مخططي الانقلاب لدوافع أنانية ضيقة. فالانقلاب كان في صدر جدول عمل الدول الغربية في المنطقة، والتي كانت تنظر بقلق إلى تطورات الوضع في العراق ضمن منظار السياسة التي كانت تنتهجها في أوج سعار الحرب الباردة. وهذا ما جرى تنفيذه بعد اعدام عبد الكريم قاسم، حيث بدأت المجازر الدموية العشوائية بالأساس ضد الشيوعيين وبدون محاكمة وبمسساعدة من أجهزة استخباراتية غربية. وسقط الآلاف من الشهداء من الشيوعيين والديمقراطيين على يد الانقلابيين.
إن تصدي الشيوعيين للانقلابيين يعد دفاعاً عن الوطنية الحقة، ومن أجل حماية وتطوير مسيرة الثورة سلمياً كما قرره الحزب الشيوعي العراقي. وعندما انقض الانقلابيون على قاسم والقوى التقدمية، تصدى لهم الشيوعيون دفاعاً عن جمهورية 14 تموز، بينما لاذ القاسميون والانتهازيون بالفرار واختبأوا في بيوتهم، بل وأرسل بعضهم برقيات تأييد للانقلابيين وكأنهم لم يكونوا من ضمن اركان عبد الكريم قاسم كـجاسم العزاوي الذي اصطفاه عبد الكريم قاسم كسكرتير خاص له طيلة فترة حكمه. كما يمكن الإشارة إلى قائد الفرقة الثالثة الذي سلّم الفرقة للانقلابيين بدون مقاومة. وينطبق الأمر نفسه أيضاً على اسماعيل العارف، المكلف بالاشراف على أمن بغداد من خلال اشرافه على اللواء الخامس والعشرين، الذي كان مقره “جسر الخر”. فلم يحرك اسماعيل عارف ساكناً، بل ولم يخرج من بيته، حتى تم اعتقاله. ولهذا نجد أن الانقلابيين ركزوا على الشيوعيين والتقدميين. وبدأوا ساعة صفرهم باغتيال الشهيد جلال الاوقاتي وتصفية العشرات بل المئات من خيرة ابناء الشعب العراقي مدنيين وعسكريين من الذين كرسوا حياتهم من اجل الشعب العراقي بعربه وكرده واقلياته القومية.
وقفت وراء انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 قوى خارجية، خاصة الامريكية. وهذا ما صرح به أحد قادة الانقلاب وهو علي صالح السعدي، سكرتير حزب البعث والمساهم الرئيسي في الانقلاب، والذي لعب دوراً مشيناً في التصفيات الجسدية التي تمت بعد الانقلاب. وهذا لا يعفي القوى الاخرى التي ساهمت مع البعث في تحمل مسؤولية هذه الجريمة كالاخوان المسلمين والقوميين العرب والناصريين. كما تقع مسؤولية هذه الجريمة على عاتق الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي بارك الانقلاب في اليوم الأول من هذه الردة الدموية. كما لعبت قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني دوراً مشبوهاً قبل الانقلاب، حيث قامت بالتنسيق مع الفئات الانقلابية عبر عبد اللطيف الدراجي. علماً ان القوميين والبعثيين كانوا من ألد اعداء الحركة التحررية الكردية. ولعب هؤلاء دوراً كبيراً في دفع قاسم لشن الحرب ضد الشعب الكردي من سنة 1961 – 1963 عند ارجاع الضباط القوميين والبعثيين الى صفوف الجيش، تطبيقاً لسياسة قاسم التي سار عليها حيال المتآمرين من رجعيين وادعياء القومية، وهي سياسة، “عفا الله عما سلف”. ان برقية الحزب الديمقراطي الكردستاني التي اذيعت من اذاعة بغداد في الساعات الاولى من الانقلاب، والتي حملها صالح اليوسفي وفؤاد عارف ما هي إلاّ تعبير عن تواطئ قادة الحزب الديمقراطي الكردستاني مع الانقلابيين مما كان له تأثير سلبي على الجبهة الواسعة لمقاومة الانقلابيين من جهة، ومن جهة اخرى ومع الأسف، تصدت قيادة حزب البارتي ممثلة بابراهيم أحمد وجلال الطلباني للقوى المعارضة للانقلاب من الشيوعيين والذين توجهوا الى مقرات فصائل الأنصار او مقرات حزب البارتي لتنظيم صفوفهم ومقاومة الانقلابيين. وقام ابراهيم احمد وجلال
الطالباني باعتقال المناضلين وزجهم في كهوف موت وتسليط التعذيب عليهم. ان هذه الاجراءات حدّت من موجة الالتحاقات وخاصة بالنسبة للعنصر العربي من الجنود والضباط الذين وقعوا بعد ذلك في قبضة الانقلابيين.
إن تأييد قيادة حزب البارتي والمساومة المسبقة مع الانقلابيين لم يجلب للشعب الكردي أي مكسب، بل على العكس. فبعد استتباب الامر للانقلابيين شنوا حرباً قذرة أشد وطأة من الحرب التي شنها عبد الكريم قاسم ضد الشعب الكردي. وبهذا عبر الانقلابيون عن حقدهم الاسود وشوفينيتهم ضد الشعب الكردي، وهذا كل ما جناه قادة البارتي من امثال ابراهيم احمد وجلال الطلباني باتفاقهم المدمر مع قادة الانقلاب.
ومن ناحية أخرى وعلى الرغم من الشعارات التحررية، انحاز جمال عبد الناصر وهو الذي قدم نفسه للعرب والعالم كزعيم حركة التحرر العربية، الى جانب الانقلابيين الذين كانوا ينفذون مخططات أجنبية وعلى صلة بأجهزة مخابرات دول كانت تعمل لاسقاط عبد الناصر أيضاً. لقد ساهمت اجهزة حكم عبد الناصر ومنذ البداية بشكل فعال في دعم الانقلابيين بالمال والسلاح. وقامت أجهزة الإعلام المصرية بشن حملة اعلامية شعواء ضد الجمهورية العراقية وشخص عبد الكريم قاسم. ان هذا التأييد من قبل ناصر واجهزته لم يؤد الى تحقيق شعار ” الوحدة الفورية” التي كان يعمل لها حكام مصر ولا تحقيق الشعارات الديماغوغية حول الوحدة والتي كان يرفعها الانقلابيون، فما حصل كان العكس. إن ادعياء القومية من قادة البعث قد مزقوا حتى التضامن الشكلي بين بعض الدول العربية.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
• فقرات من “صفحات من السيرة الذاتية”
كتابة الذكريات السياسية مهمة لأجل أستخلاص العبرو الدروس. وليس لأجل التخلص من العواطف الجياشة والآلام الشخصية الكامنة ولا لأجل تجميل صورة هذا أو ذاك
برأيي المتواضع أن المؤامرة ضد الحزب الشيوعي عام 1963 نجحت نجاحا باهرا فالحزب اليوم كيان هزيل بعيد كل البعد عن مباديء الماركسية اللينينة بل هو أقرب الى حزب أجتماعي ديمقراطي رأسمالي
ماذا هو رأي المؤلف بالعنف السياسي؟ وماذ رأيه بما يسمى بميليشيات المقاومة الشعبية؟
يقول المؤلف أن الأنقلاب جاء بنظام يهادن الأستعمار حسب أدعائه ماهو موقف حشع اليوم من الأستعمار والأمبريالية و العولمة اليس هو موقف جبان يخذل مستقبل الشعب العراقي؟
خيانة القيادات الكردية الأقطاعية للشيوعيين مسألة معروفة وخياناتهم لمعارضة صدام أيضا معروفة . والكل يعلم أن هنالك قضية قضائية في السويد ضد جلال الطالباني عن مجزرة بشتأشتان حيث قام بتسليم الشيوعيين مرة أخرى الى نظام صدام
مع كل هذا فأن موقف حشع من القيادات الكردية التي (حلبت القضية الكردية مثل البقرة) تقف اليوم مع الموساد بشكل صريح موقف الأعمى عن كل مساوئهم هذا ما يحدث عندما تصبح قيادات حزبية أصوات مأجورة تقبض ثمن سكوتها
نحتاج الى حزب شيوعي مبدأي ناضج لا يتبع أحد لا الأتحاد السوفيتي ولا القيادات الكردية ويقف مع كل القوى المعدية للأمبريالية في المنطقة و العالم كله ينرادلها بخت
وشكرا