من الممكن كتابة الكثير عن العلامة الدكتورة نجوى عثمان وإسهاماتها في مجال التراث المادي واللامادي لحلب وللثقافة الإسلامية عامة. لكنني سأطرح فيما يلي بعض الخواطر عنها والتي قد أتوسع بها في المستقبل.
حضرت جلسة دفاعها عن مشروع الدكتوراة في مدرج معهد التراث العلمي بجامعة حلب…أذكر المرتكز الذي اعتمد عليه أحد أعضاء اللجنة الفاحصة لتخفيف درجتها قليلا: كبر حجم اﻷطروحة.
كنت أستخدم حالتها مثالا على حقيقة: ليس بالضرورة أن يكون الحاصل على الدكتوراه من جامعة سورية، أقل في المستوى العلمي من نظيره الحاصل عليها من دولة غربية.
أفتقد كتب الدكتورة نجوى والتي بقيت في حلب لكنني أذكر الطرفة الخاصة بجامع البق التي ذكرتها في كتاب المكابدات اللطيفة. وأذكر طرفة انحباسها في أحد الجوامع حيث أقفل حادم الجامع الباب الخارجي ظناً منه أنها قد أنهت عملها وغادرت الجامع.
أبدت إعجابها الشديد بتجربة عودتي للسكن في المدينة القديمة كما أعجبت بالتعديلات التي أجريتها على البيت ليتلاءم مع الحياة الحديثة دون الإساءة إلى أية واجهة خارجية أو داخلية من واجهات البيت. من تلك التعديلات تقليل عدد مرات العبور بأرض الحوش للتنقل بين الغرف، وإنشاء أكثر من حمام في بيت مصمم أساساً بحيث لا يكون فيه أي حمام.
غلب الحزن عليها أواخر شهورها بسبب منعها من التدريس في معهد التراث العلمي.
في آخر محاضرة حضرتها الدكتورة نجوى في جمعية العاديات طلبت التعقيب بعد المحاضر لتبدي انزعاجها الشديد من الدمار اﻵثاري الذي وقع على مقام الهروي نتيجة تحويله إلى جامع. صرت أحس أن علاقتها بآثار حلب قد تطورت إلى درجة أنها تنجرح نفسياً إذا أسيء إلى أي أثر من آثار حلب.
قبل وفاتها بحوالي عشرة أيام قابلتها مع زميلتها الجزائرية في جمعية العاديات حيث طلبت مني السعي لدى قائد المنطقة الشمالية لمنحها موافقة على زيارة ثكنة هنانو وأخذ صور لبعض معالمها الأثارية، ذلك أن قائد الثكنة لم يسمح لها بذلك. وقالت لي أنها ستسافر مع زميلتها الجزائرية إلى الساحل في رحلة علمية قصيرة. كنت بانتظار عودتهما لأنقل لها خبر موافقة قائد المنطقة الشمالية على ذلك بمجرد تقديم طلب منها. صعقت بخبر وفاتها نتيجة حادث مرور على الطريق الدولي الواصل بين حماة وحلب. اتصل بي الصديق المهندس تميم قاسمو قائلاً:
-يا أبو الحكم في خبر محزن بدي أقللك ياه …توفيت منذ حوالي ساعة الدكتورة نجوى وزميلتها الجزائرية بحادث سير…اتصل بي ضابط شرطة من مكان الحادث لأنه وجد رقم هاتفي على هاتفها الجوال.
ذهبت إلى مدينة الباب مرتين في حياتي. كانت الأولى لحضور حفل تكريمها في المركز الثقافي. انتقلنا إلى هناك بواسطة باص كبير وفيه تعرفت شخصياً على الأديب فاضل السباعي الذي حضر من دمشق خصيصاً لهذا الغرض. أما المرة الثانية فكانت مع وفد جمعية العاديات لتقديم العزاء بوفاتها المأساوية. كانت تلك الرحلة برفقة الأديب محمد قجة حيث ألقى كل منا كلمة عزاء. عاتبني أحد أدباء الباب على جملة تراثية استخدمتها في كلمتي التي ألقيتها في عزائها: “يرحم البطن والضهر اللي خلّفوكي”.
عندما ذكر أمام الصديق الدكتور ألكسندر كشيشيان نبأ وفاتها قال: عزرائيل بدو زهر يشم.
كتبت عنها الأديبة سليمى محجوب:
كانت نجوى صديقة عزيزة ، رافقتها في المؤتمرات التي شاركنا بها في بغداد والأردن، وفي ربوع الوطن وقد قدمت لها ولكتبها دراسة شاملة، ضمناها كتاب ” أدباء من حلب في القرن العشرين ” وجاءت هذه الدراسة في الجزء السادس. رحمها الله لقد نذرت عمرها القصير للبحث والكشف عن تراثنا المجيد. ولو كتب لها البقاء لأغنت المكتبة العربية بكثير من الكتب والبحوث.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر