ذكرى مرور سبع سنوات على وفاة عاشقة حلب المرحومة الدكتورة المهندسة نجوى عثمان

adibelshaarمن الممكن كتابة الكثير عن العلامة الدكتورة نجوى عثمان وإسهاماتها في مجال التراث المادي واللامادي لحلب وللثقافة الإسلامية عامة. لكنني سأطرح فيما يلي بعض الخواطر عنها والتي قد أتوسع بها في المستقبل.
حضرت جلسة دفاعها عن مشروع الدكتوراة في مدرج معهد التراث العلمي بجامعة حلب…أذكر المرتكز الذي اعتمد عليه أحد أعضاء اللجنة الفاحصة لتخفيف درجتها قليلا: كبر حجم اﻷطروحة.
كنت أستخدم حالتها مثالا على حقيقة: ليس بالضرورة أن يكون الحاصل على الدكتوراه من جامعة سورية، أقل في المستوى العلمي من نظيره الحاصل عليها من دولة غربية.
أفتقد كتب الدكتورة نجوى والتي بقيت في حلب لكنني أذكر الطرفة الخاصة بجامع البق التي ذكرتها في كتاب المكابدات اللطيفة. وأذكر طرفة انحباسها في أحد الجوامع حيث أقفل حادم الجامع الباب الخارجي ظناً منه أنها قد أنهت عملها وغادرت الجامع.
أبدت إعجابها الشديد بتجربة عودتي للسكن في المدينة القديمة كما أعجبت بالتعديلات التي أجريتها على البيت ليتلاءم مع الحياة الحديثة دون الإساءة إلى أية واجهة خارجية أو داخلية من واجهات البيت. من تلك التعديلات تقليل عدد مرات العبور بأرض الحوش للتنقل بين الغرف، وإنشاء أكثر من حمام في بيت مصمم أساساً بحيث لا يكون فيه أي حمام.
غلب الحزن عليها أواخر شهورها بسبب منعها من التدريس في معهد التراث العلمي.
في آخر محاضرة حضرتها الدكتورة نجوى في جمعية العاديات طلبت التعقيب بعد المحاضر لتبدي انزعاجها الشديد من الدمار اﻵثاري الذي وقع على مقام الهروي نتيجة تحويله إلى جامع. صرت أحس أن علاقتها بآثار حلب قد تطورت إلى درجة أنها تنجرح نفسياً إذا أسيء إلى أي أثر من آثار حلب.
قبل وفاتها بحوالي عشرة أيام قابلتها مع زميلتها الجزائرية في جمعية العاديات حيث طلبت مني السعي لدى قائد المنطقة الشمالية لمنحها موافقة على زيارة ثكنة هنانو وأخذ صور لبعض معالمها الأثارية، ذلك أن قائد الثكنة لم يسمح لها بذلك. وقالت لي أنها ستسافر مع زميلتها الجزائرية إلى الساحل في رحلة علمية قصيرة. كنت بانتظار عودتهما لأنقل لها خبر موافقة قائد المنطقة الشمالية على ذلك بمجرد تقديم طلب منها. صعقت بخبر وفاتها نتيجة حادث مرور على الطريق الدولي الواصل بين حماة وحلب. اتصل بي الصديق المهندس تميم قاسمو قائلاً:
-يا أبو الحكم في خبر محزن بدي أقللك ياه …توفيت منذ حوالي ساعة الدكتورة نجوى وزميلتها الجزائرية بحادث سير…اتصل بي ضابط شرطة من مكان الحادث لأنه وجد رقم هاتفي على هاتفها الجوال.
ذهبت إلى مدينة الباب مرتين في حياتي. كانت الأولى لحضور حفل تكريمها في المركز الثقافي. انتقلنا إلى هناك بواسطة باص كبير وفيه تعرفت شخصياً على الأديب فاضل السباعي الذي حضر من دمشق خصيصاً لهذا الغرض. أما المرة الثانية فكانت مع وفد جمعية العاديات لتقديم العزاء بوفاتها المأساوية. كانت تلك الرحلة برفقة الأديب محمد قجة حيث ألقى كل منا كلمة عزاء. عاتبني أحد أدباء الباب على جملة تراثية استخدمتها في كلمتي التي ألقيتها في عزائها: “يرحم البطن والضهر اللي خلّفوكي”.
عندما ذكر أمام الصديق الدكتور ألكسندر كشيشيان نبأ وفاتها قال: عزرائيل بدو زهر يشم.
كتبت عنها الأديبة سليمى محجوب:
كانت نجوى صديقة عزيزة ، رافقتها في المؤتمرات التي شاركنا بها في بغداد والأردن، وفي ربوع الوطن وقد قدمت لها ولكتبها دراسة شاملة، ضمناها كتاب ” أدباء من حلب في القرن العشرين ” وجاءت هذه الدراسة في الجزء السادس. رحمها الله لقد نذرت عمرها القصير للبحث والكشف عن تراثنا المجيد. ولو كتب لها البقاء لأغنت المكتبة العربية بكثير من الكتب والبحوث.

About أحمد أديب شعار

الدكتور المهندس أحمد أديب شعار .. عاشق تراث حلب...له اهتمامات أدبية... سولزبري
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.