دور الأغنياء في السياسة الأميركية

بيثاني ماكلينUS-VOTE-2012-ELECTION-OBAMA

يبحث كتاب «المال الكبير: 2.5 مليار دولار.. سيارة مريبة و…»، لكينيث فوغل، كيف يؤثر كبار الأغنياء في النظام السياسي، ويعرض حقائق كبيرة لدعم حجته. ويقول إنه في انتخابات عام 2012 «دفع نحو ثمانية ملايين متبرع صغير نحو 500 مليون دولار لأوباما ورومني والمجموعات الرئيسة التي دعمتهما. ودفع 46 ألف متبرع كبير فقط ما يساوي ذلك المبلغ».
ومما يحمد لفوغل كثيرا أنه كان متوازنا، لكنه ذكر كيف تخلى أوباما عن اعتراضه المفترض على قبول المال من كبار المتبرعين، وأنه سعيد بنفاق الديمقراطيين. وكتب فوغل «كان كبار الديمقراطيين بمن فيهم نانسي بيلوسي وهاري ريد ضمن كبار منتقدي المال الكبير الجديد، رغم أنهم كانوا ضمن كبار جامعي المال في لجنة العمل السياسي المختصة بجمع المال في حزبهم».
هذا الكتاب من شخص في الداخل لمن هم في الداخل، فهو يريد أن يعرض ما ومن يعرفه، فلا يريد فوغل الشرح. ويكتب عن ديفيد بروك، الذي تحول إلى الحزب الديمقراطي «جعلت منه سيرته الذاتية المقنعة وأسطول المجموعات المهاجمة دون قفازات التي لا تهدف إلى الربح (ولدا ذهبيا) وسط الديمقراطيين الأغنياء». ووصف عمدة نيويورك السابق مايكل بلومبيرغ، الذي عمل فترة أثناء انتمائه إلى الحزب الجمهوري، بالملياردير «الذئب الديمقراطي الوحيد». وكتب كثيرا عن علاقة روف بمجموعة يطلق عليها «فريدمس ووتش»، لكنه شرح في ما بعد افتقار المجموعة للنجاح حسب نظريته «ثبط روف المتبرعين بإثارة الشكوك حول (فريدمس ووتش)». وهناك فقرة كاملة لا مغزى لها عن هالي باربر وهو يخرج من مصعد في الطابق الخطأ. وعلى الرغم من أن ذلك مسلٍّ، فإنه متكرر بشكل سيئ.
كما لا يبدو أن فوغل يعلم متى أسهمت المغامرة في القصة بمجملها ومتى لم تسهم. فهناك فقرة عن كيف تسلل مرة إلى اجتماع لشركة «كوتش» وجلس بجوار رجل يعمل في شركة «تويوتا» ولم يسمع أبدا عن شركة «كوتش». ولفت فوغل إلى أهمية «سيتيزنس يونايتد»، وذكر ملخصات موجزة في عدة مواقع لأحداث بارزة في تاريخ قانون تمويل الحملة، بما في ذلك ووترغيت وقانون ماكين فينغولد. لكنه لم يتوقف أبدا ليشرح ما هو المسموح به، وكيف تغير القانون، ومن غيره، وما هي النتائج التي لم تكن متوخاة.
وتعني مقاومة فوغل للصحافة التفسيرية أنه أهمل ما يبدو أنها نقاط رئيسة. ففي عدة مواقع من الكتاب يذكر «قواعد التنسيق»، التي يفترض أنها تمنع لجنة العمل السياسي من التنسيق مع المرشح الذي تدعمه. وانتقد بنظرة سريعة جون هنتسمان، وكان من مرشحي الحزب الجمهوري عام 2012، وتومي تومسون، المرشح لمجلس الشيوخ عن ولاية ويسكونسن عام 2012، فيما يبدو لتعاونهما مع لجنة العمل السياسي.
أفرد فوغل أحد المواضيع الرئيسة في كتابه للأخوين تشارلز وديفيد كوتش، وكيف تحولا من ليبراليين مستقلين إلى جمهوريين مع ارتباط بتيار (حزب) الشاي. ثم يكتب في نهاية الفصل عن مقابلة أجراها مع ديفيد كوتش، الذي عبّر ضمن عدة أشياء عن أنه يجب زيادة الضرائب لتحقيق التوازن في الموازنة. وكتب فوغل «يجعلني الخلاف بين مواقف ديفيد كوتش وتشدد الحزب الجمهوري وحتى الجماعات التي يدعمها كوتش أتساءل عما إن كان كوتش يعلم شيئا عن أنواع النشاط السياسي التي تمولها شبكته». إن كان صحيحا أن مبادئ كوتش لا تتناسب مع القضايا التي تدعمها، فلماذا لا يستخدم فوغل موارده لتفسير ذلك بدلا من ترك الأمر معلقا؟
قضى فوغل الكثير من الوقت وهو يفحص ما أطلق عليه أحد مصادره «مصيبة» الجمهوريين عام 2012. وتتبع ذلك جزئيا في التفتت بين المتبرعين، وتساءل ما إن كان سيحدث الشيء ذاته للديمقراطيين، وكتب «مال الحزب الكبير، بعبارة أخرى كان يتكون كأسوأ أعدائه. وكانت المجموعات المتنازعة تهيئ نفسها للتحكم في الحزب عن طريق تحديد مرشحيها وتشكيل القضايا وانتخاب المرشحين». لكن هناك احتمالا حقيقيا للغاية أن يخرج كل منهما الآخر بدلا من ذلك.
إننا في فجر مرحلة جديدة من الإسهامات السياسية الهائلة، ولسنا في نهاية مرحلة. ويبدو من المفرط في التفاؤل الاعتقاد بغير ذلك. ولكن نظرا لما قام به فوغل من تحديد التواريخ لجميع حالات الفشل فإن الكتاب يصرخ مطالبا بتفسير لماذا لا يكون الماضي تمهيدا، وكيف سيشتري هؤلاء المائتا شخص رئيسهم بدلا من مجرد فقدان مالهم.
* خدمة «واشنطن بوست»

نقلا عن الشرق الاوسط

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.