خوف النظام مبالغ فيه…جهاد مقدسي لـ”النهار”: هكذا ينجح “جنيف – 3”

makdsiسوريا بعد الاتفاق النووي

بالنسبة إلى الناطق السابق باسم الخارجية السورية جهاد المقدسي “لن يغيّر الاتفاق النووي وجه الشرق الأوسط في ليلة وضحاها، فهو يحمل أسئلة كثيرة واستفسارات وليس أجوبة شافية كما يعتقد البعض، ويرى كل طرف في الصراع الاتفاق من منظوره:
الايرانيون: تأتي مصالحهم الحيوية أولاً.
النظام: يأمل أن تكون إيران بعد الاتفاق أقوى وأكثر ارتياحاً اقتصادياً كي تكمل دعمها اللوجستي والاقتصادي له، وربما لتتفاوض نيابة عنه من منطلق أقوى مع القوى الدولية خلف الستار.
المعارضة: تأمل في أن يكون الغرب بعد الاتفاق في وضع أفضل يمكّنه من الضغط فعلياً على إيران، لأن الأخيرة بات لديها ما تخسره بعد بداية التشابك والانفتاح مع الغرب.
الغرب: يريد تعويم براغماتية إيران إلى السطح وبالتالي بداية كسر كل ما كانت فعلاً متمسكة به في السابق”.
ويعتبر الدبوماسي السوري المستقل وعضو اللجنة السياسية في “مؤتمر القاهرة” أنه “في ظل موقف الجانبين، من المؤكد أن سياسة إيران في المنطقة لن تتغيّر فوراً، لكن يبقى الرهان على ان إيران ستبدأ بتعديل “تدريجي” لأولوياتها وستزيد مرونتها حيال الملف السوري بما يحفظ طبعاً مصالحها، وهنا قد تكمن بعض الإيجابية على ملف سوريا إذا ترافق ذلك مع توافق أميركي – روسي في شأن ضرورة إطلاق مسيرة الحل السياسي”.
وفي شأن امكانية رفع الدعم الايراني للنظام بعد الاتفاق، يقول: “سيستمر الدعم للنظام وحزب الله لكن الفارق هو الأمل بتعديل سلوك إيران وليس سياساتها كي تدعم الحلول والمخارج”.

بين الحلين العسكري والسياسي

منذ انطلاق “عاصفة الحزم” السعودية على اليمن بدأت المعارضة السورية تحقق انتصارات، واستخدم النظام السوري في أكثر من معركة مع “داعش” سياسة الهروب مثلما حصل في تدمر، فيما استطاع أن يصمد في المعارك التي اشترك فيها مع الأكراد، فهل باتت الرهانات على الحلول العسكرية؟
يعتبر مقدسي أن “هناك حالة من توزيع الأدوار، فالغرب الداعم علناً للمعارضة المسلحة ينادي بالرغم من ذلك بالحل السياسي في كل بيانات دوله الرسمية، كما أن كل دعم عسكري يصل إلى نقطة معينة ثم يتوقف ولا يتجاوزها بحيث لا يسمح بانهيار سوريا وما تبقى من مؤسساتها”، وبناء على ذلك يرى أن “هناك ضغطاً عسكرياً وليس حلاً عسكرياً وبالتالي هدفه دفع النظام إلى الطاولة لإتمام عملية انتقال سياسي غير تجميلية، بناء على بنود بيان “جنيف 1″ الذي وافق عليه الطرفان وتفاوضا أيضاً بناء عليه في “جنيف 2″.

مباحثات روسيا

حاولت موسكو التدخل والقيام بمباحثات بين المعارضة والنظام لكنها اصطدمت بجدار اعتبارها طرفاً في الصراع، ويوضح مقدسي: “لم تعلن روسيا يوماً انها تستضيف مفاوضات، بل كانت الجلسات تشاورية فقط وكان مذكوراً هذا الأمر في رسائل دعوة الأطراف، واعتقد ان هدف جلسات موسكو كان فقط بناء الثقة الضائعة بين الطرفين من خلال ملفات انسانية يستطيع النظام أن يقدم فيها شيئاً ما ولم يقدم كما رأينا، وبالتالي فان أي تقدم هدفه تمكين الجميع من الذهاب إلى جنيف ٣ بحالة سياسية أفضل”.
لا ينفي مقدسي “فشل” الجلسات التشاورية، ويعيد ذلك إلى أن “روسيا اعتقدت أن جمع الأطراف هو أمر كافٍ للحصول على نتائج إيجابية، واعتقد أن الروس استخلصوا نتائج مفيدة من الجلسات السابقة وإن تمت الدعوة لاحقاً إلى “موسكو – ٣”، فأزعم أنهم سيتحدثون مع النظام بما ينوي أن يقدمه على الطاولة لبناء الثقة قبل توجيه الدعوات”.

“جنيف 3″

هل هناك امكانية لـ”جنيف3″ وكيف سيكون شكله ومضمونه؟ يجيب مقدسي: “أعتقد أن الحل الوحيد لإنجاح مفاوضات “جنيف ٣” هو بالمفاوضات غير المباشرة بين الطرفين لأنهما اتفقا في السابق على أجندة المفاوضات، لكن الاختلاف كان على أولويات بنود التفاوض في تلك الأجندة، هل تشكيل هيئة الحكم الانتقالي يأتي أولاً، أو محاربة الارهاب؟”.
وبما أن الخلافات لا زالت قائمة في شأن اولوية الطرفين التفاوضية، يطرح مقدسي الحل بـ”أن تعلن الأمم المتحدة عن استضافتها لمحادثات غير مباشرة في جنيف، وبالتالي نكون قد تغلبنا على موضوع حرب الاولويات ويمكن عندئذ مناقشة كل البنود بصرف النظر عن الترتيب، في شكل متوازٍ، بين فريق خبراء من الطرفين ومن دون تصريحات نارية للاستهلاك الداخلي، وعندما يتم التوافق على موقف موحد أو صيغة لكل بند، يعلن عن أي تقدم محتمل، وهذا يحفظ ماء وجه الجميع ويعطي فعالية أكثر على صعيد النتائج”.
ويذكّر بأن “للنظام سوابق في المفاوضات غير مباشرة قام بها وإن بسياق مختلف”، معتبراً أن ما طرحه “بداية عملية تناسب الجميع وفرصة النجاح فيها أكبر من التفاوض المباشر، في ظل خشية كل طرف من جمهوره من دون ان يعترف بذلك”.

الأسد في “جنيف3″

لم يحدد “جنيف1″ مصير الأسد، ويعتبر هذا البند أساس النزاع السياسي بين الطرفين، فالأول لا يريد مغادرة الحكم فيما الثاني يرفض التعاطي مع من تلوثت أيديهم بالدماء ومنهم الأسد، فكيف سيحل “جنيف3″ هذه العقدة؟
يلفت مقدسي إلى أنه “في الأصل لم تتناول وثيقة جنيف مصير الرئيس، بل تجاوزت ذلك وتناولت كيفية اتمام عملية انتقال سياسية شاملة وكاملة في سوريا وإعادة هيكلة النظام السياسي بأكمله”، مشدداً على أن “موضوع تشكيل هيئة الحكم الانتقالي بالصلاحيات التنفيذية الكاملة هو الأساس لأنها ستكون ممثلة بالتوافق السياسي وصلاحياتها التنفيذية غير منقوصة، وستوكل لها إعادة هيكلة النظام السياسي وتمكين السوريين من اختيار نظامهم ورئيسهم الآتي عبر الآليات الديموقراطية المعروفة”.

ويوضح أن “النظام يفضل الحديث عن “حكومة وحدة وطنية” لأنها تبقى خاضعة إلى سلطات الرئيس والدستور الحالي، فيما المعارضة تصرّ على هيئة حكم انتقالي ذات صلاحيات تنفيذية كاملة كما جاء في بيان جنيف، لأنها لن تكون تحت مظلة الرئيس والدستور الحالي”، معتبراً أن “خوف السلطة وخشيتها من تشكيل هيئة الحكم الانتقالي مبالغ فيه ويمكن تجاوزه لأن هناك ممثلين عن السلطة في هذه الهيئة، وبالتالي يمكن لهم أن يسحبوا فريقهم في أي لحظة وتعطيلها، لذلك إن كانت هناك نية حقيقية لاتمام عملية الانتقال السياسي من دون مواربة يمكن التوصل لصيغة وتركيبة تناسب الجميع و تكفل تمثيلهم”.

“الورم الداعشي”

لا يمكن الحديث عن سوريا المستقبل من دون انتزاع “الورم الداعشي”، ويعتبر مقدسي أن “هذا المكوّن الخبيث والارهابي يعيش ويتمدد بسبب الاستعصاء السياسي والانقسام الكبير في المجتمع السوري وأيضاً بسبب قدرته على تنظيم الحياة اليومية في الاماكن التي يتواجد فيها. وفي نهاية المطاف وبعيداً عن لعبة التمويل والاختراق المخابراتي لتنظيمات إرهابية مثل “داعش” واخواتها أو حتى قضية اخلاء المناطق، يجب ان نعترف أن هذه التنظيمات تتيح للفرد الانتقام والرد على الدم بالدم بأبشع صورة، من دون محاسبة، لا بل مع وهم المكافأة السماوية”. ويرى أن “افضل طريقة لمواجهتهم هي عبر وحدة المجتمع السوري بكامل أطيافه، وهذا لن يتم من دون اتفاق سياسي عادل وحقيقي. وعلى سبيل المثال، رأينا كيف تمكن الإخوة الأكراد من الاتحاد مع باقي مكونات مناطقهم وبوجود دعم جوي من هزيمة داعش ودحرها. إذن، الحل بتوحيد المجتمع كي لا يقوم كل طرف بمحاربة داعش واخواتها وفقاً لمصالحه الضيقة”.

تقدم عسكري للمعارضة؟

وفي شأن التطورات العسكرية وامكانية تقدم المعارضة في الميدان؟ يقول: “لست خبيراً بالشأن العسكري وأنا بالأصل مع الحل السياسي ولست مع العسكرة. وأعتقد ان الوضع العسكري هو عملية كر وفر بين الأطراف بحكم غياب التوازن العسكري والتفوق الجوي للسلطة. أعلم أن الكثيرين باتوا يعتقدون أن كلمة حل سياسي هي ضرب من الوهم، لكن أنا والمنصة التي انتمي لها وهي منصة مؤتمر القاهرة وضعنا خريطة حل سياسية فيها ما يلبي إرادة التغيير الحقيقية والجدية في سوريا من دون سلاح، لكن مع وجود ضغط سياسي جدي وأمل بتوافق روسي-أميركي على اطلاق العملية السياسية، ولذلك لدينا جولة على عواصم عدة للترويج لوثائقنا السياسية وأنا حالياً في نيويورك وسيكون هناك أيضاً زيارة للجنة مؤتمر القاهرة إلى واشنطن وزيارات لروسيا ودول إقليمية وعربية مهمة”، مضيفاً: “نعم لا نستطيع الوقوف بوجه الجهود العسكرية، لكننا نحاول ترجيح السياسة على العسكرة عبر طرح البدائل التي نراها مناسبة وتلبي طموحات من يود الحفاظ على سوريا”.

mohammad.nimer@annahar.com.lb

جريدة النهار حاوره محمد نمر

Twitter: @Mohamad_nimer

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.