6-12-2015
حققت الفصحى خلال القرن الماضي نجاحات كبيرة في مجال إحلال الكلمات الفصحى محل الكلمات التي دخلت العامية من اللغات الأخرى، كالتركية والفارسية: حل الصحن محل الـﭽنق مثلاً.
وبالطبع لاننسى أن علماء الفصحى التربويون فشلوا في تحقيق عملية نقل إتقان قواعد اللغة إلى خارج شريحة الموهوبين في القواعد والتي لايتجاوز حجمها 1 بالمئة من الناطقين بالعربية: فعلى سبيل المثال يدرس العربية جميع طلابنا الجامعيين أكثر من عشر سنوات، ثم نجد أن معظمهم لا يستطيع أن يستوعب أبسط قواعد اللغة العربية كالمضاف إليه.
على الرغم من أنني أنظر ببالغ الاحترام للشخصيات التي أعرفها والتي ثبتت على تطبيق منهج التحدث بالفصحى طوال حياتها. لكنني أعتقد أنها لم تنجح في تحقيق أهدافها بدليل ندرة من يسيرون على هذا المنهج. وأعتقد أن سبب الفشل يرجع إلى معاندة الطبيعة البشرية لأن العامية تملك الكثير من مقومات البقاء. فالفصحى لم تستطع، في معظم الأحوال، أن تقدم بدائل للتعابير والتراكيب العامية على نفس مستوى جمال وسهولة نظيراتها في العامية. من الأمثلة التي تفوقت فيها العامية الحلبية على الفصحى:
كلب اللي بدك تجرو عالصيد… بيس منّو ومن صيدو.
مافي حدا على راسو خيمة.
العصارة ما بتعبي ضروف.
اللي بيعرف رأسمالو..ببيع وبيشتري.
واشتغل بالمقصقص…. ليجيك الطيّار.
وعصفور باليد أحسن من عشره عالشجرة.
وعلى الطرف الآخر نرى أن العامية، في قليل من الأحوال، لم تستطع تقديم بدائل للتعابير الجميلة المركبة من الفصحى. فعلى سبيل المثال لم تحاول العامية إنتاج بديل على نفس مستوى الجمال للأبيات الشعرية التالية:
قم للمعلم وفّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا.
العلم يرفع بيتاً لاعماد له والجهل يهدم بيت العز والشرف.
الأم مدرسة إذا أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.
هل هذا يعني أنه لن تستطيع إحداهما أن تحل محل الأخرى؟.