تفهمنا توجه الموجة (الحداثية – الداعشية ) من قبل نفر من المثقفين والأدباء والمسرحيين التلفزيزنيين، انطلاقا من نظرية الإمام ابن تيمية (حول فقه النكاية القائم على الخط القويم في (مخالفة أهل الجحيم ) ، أو ماتسميه الحكمة الشعبية لدينا (جكارة في الطهارة تبول في سرواله )……
لكن هذه النظرية في التفسير لا تنطبق على الكثيرين من أكاديميين أطباء واقتصاديين ودارسين ومتخصصين بالعلوم الوضعية ….كيف لهؤلاء أن يتبعوا فكر (مجموعات خارجة على التاريخ والحياة ، بل هي خارجة على الخوارج أنفسهم !!! ) ليس غضبا متمردا فحسب ، بل عقلا وفكرا وسلوكا وممارسة سياسية …كهذا الاقتصاد الأمريكي –السوري الأصل الذي يدافع عن خطة داعش بصك العملة، بوصفها نقدا قابلا للتداول ……
هذا الاقتصادي أتانا زائرا من أمريكا قبل الثورة، كونه مكلفا من قيادة الداخل السوري المعارض لقيادة إعلان دمشق، سيما أننا كتيار سوري (المستقل ) في اعلان دمشق تحمسنا له بوصفه محسوبا على تيار (رياض سيف ) المستقل، والذي كنا كليبراليين يساريين ديموقراطيين نصنفه بوصفه (ليبراليا محافظا )، فوجدنا في ذلك فرصة لتعزيز صفوف المستقلين في مواجهة الميل الحزبي ( الاسلام السياسي واليساري للهيمنة على إعلان دمشق …لكن الرجل مع ذلك سقط في انتخابات (بروكسبل) رغم تأييدنا له …..
أردنا أن نفكر في تفسير موضوع هذا الرجل ليس كشخص بل كحالة أو ظاهرة تخترق صفوف نخب الاسلام السياسي، حيث يمكن أن نشهد الكثيرين من الأطباء المقيمين منذ زمن طويل في أوربا وأمريكا، وهم يتبادلون الهدايا بكتب من نوع (الطب النبوي) مثلا أو عذاب القبر، بل ولا يترددون أن يسألوا شيخ الجامع الصغير الذي يصلون به الجمعة، أسئلة (فتوى ) حول تربيتهم لأبنائهم أو عائلاتهم لباسا وطعاما بل وربما علاجا !!!
حاولنا أن نجد تفسير ذلك في (اللاشعور الثقافي الجمعي ) للمسلم الذي تربى على أن (العلوم الدينية والفقهية والشرعية بوصفها الأشرف لأنها علوم الآخرة )، وهي أشرف من العلوم الوضعية التي هي علوم الدنيا الوضيعة متاع الغرور)، وهي لا تدخل في إطار العلوم : (فرض العين بل فرض الكفاية ) كردة فعل على الآخر (اليهودي) حسب العلامة القرضاوي محاورا الإمام الغزالي..
حيث هي علم فرض كفاية تكفي المسلم شؤون دنياه ، بينما علوم داعش وباكو حرام (علوم الآخرة ) تكفل له سعادة دنياه وآخرته ..
ولهذا فإن النخب العلمية العليا من أرقى جامعات العالم الدنيوية يتسشعرون ( الدونية ) نحو خريج الثانوية أو الكلية الشرعية ، بوصفه دارسا لعلوم (الدين) فرض العين التي تكفل الآخرة، بينما صديقنا السوري الأمريكي لا تضمن له علومه في الاقتصاد سوى دنياه ، سيما أن علم الاقتصاد يدخل في اطار علوم الآخر الأجنبي، ولا يوجد للاقتصاد مرجعية في كتب المباح أو المرفوض من العلوم، ولهذا فهي مرفوضة قطعيا عينيا بعلوم داعش (بوكو حرام ) …. حيث يتم قبولها إجرائيا كفائيا للدنيا العابرة ..
ولهذا فعندما تقوم المخابرات الأمريكية بدراسة ملف معارض سوري –متأمرك خبير اقتصادي خريج جامعاتها محسوب (على الليبرالية الدمشقية المحافظة وفق خط رياض سيف والشيخ معاذ الخطيب ) وهو يدافع عن داعش ….هل سنتوقع أنها ستكون معجبة بخريج جامعاتها التي لم تستطع أن تقنعه بقيمة وجدوى علم الاقتصاد الحديث، بل ظل ثابتا ركينا عند تخوم اقتصاد (باكو حرام داعش) أي الاقتصاد العيني القائم على التبادل السلعي والبضاعي البدائي قبل تشكل السوق الاقتصادية … بل كيف للعالم أن يقتنع بعدها أن مثل هذه العينات : سيف- خطيب …الخ ) يمكن أن تمثل معارضة مدنية ديموقراطية متفوقة على النظام الهمجي البربري الأسدي ؟؟؟؟!!!
مواضيع ذات صلة: السياسة الإقتصادية والعسكرية والإجتماعية لدولة البغدادي الاسلامية داعش