الحديث اليوم عن موضوع حصل في كل بيت سوري بدون استثناء، و الكل رح يشعر انو هوّة اللي كتب هالبوست بإيدو لما يمثّل من تجربة مريرة عاشها الجميع..
اخر النزاعات العسكرية اللي دخل فيها الجيش السوري بالاصالة و على أرضو كانت حرب تشرين سنة ٧٣ ، و انتهت بقرار دولي لفصل القوات بعد تقديم حافظ الاسد أوراق الاعتماد لإسرائيل، و ما ضل لحافظ الاسد اي حجة لتحسين الوضع الداخلي البلد، بس هالشي بالتأكيد ما عملو..
دخلت سوريا من بعدها حتى تاريخ اليوم بحالة اللا حرب و اللا سلم ، و داق السوريين فيها ابشع صنوف الذل و الاهانة بانتظار المعركة الوهمية الكبرى اللي لا اجت و لا رح تجي..
اللي رح تقروه صار بكل بيت سوري، و اللي رح تسمعوه صار بأواخر القرن العشرين اي في زمن الصمود و التصدي، زمن المقاومة و الممانعة ، اي بنفس القرن اللي وصل فيه الانسان على القمر ، و بنفس القرن اللي دخل الانترنت بيت كل مواطن غير سوري..
الفقر و قلة المواد في بلد الخير سوريا، حوّل البيت السوري الى مجموعة من المصانع و المعامل، و صار المواطن السوري عامل غصباً عنّو بسبب الحاجة و انعدام المواد ، و لكن كيف؟؟
ما باتذكّر الا الوالد جايب صناديق البندورة الحمرا من سوق الهال، و قايم بتسخير كل عمال البيت بتقطيع و تقشير البندورة منشان تنطبخ و توضع بالصواني تحت الشمس لاستخراج رب البندورة..
و كذلك الحال بالنسبة الى الفليفلة الخضرا، نص حدّة و نص حلوة لطبخها و نشرها و استخراج دبس الفليفلة و الانتقال بعدين لمرحلة التعبئة بالقطارميز المخزنة في السقيفة..
و ما رح أنسى صناديق المشمش من اجل صنع المربّى، و لا ممكن ما اتذكّر ستّي ام هشام و والدتي و هنن عم يفرطوا الحصرم ليعصروه و يستخرجوا منّو حمض و تخزينو مونة للشتاء لانو الليمون كان ينزرع فقط لغايات التصدير..
عداك عن ورشات فرط البازلاء، و تقطيف الملوخية ، و كسر الجوز ، و تنشيف اللوز، و تحميص و طحن البن الأخضر اللي اكل من ايدين والدتي شقف..
و لا رح اتناسى فوط الأطفال المصنوعة بالبيت من خام ابيض، و لا الفوط النسائية المصنوعة يدوياً من شقف المخدّات..
و ما بتذكّر حالي الا واقف عالدور اول كل شهر حامل بطاقة الإعاشة للحصول على كيلويين سكر ابيض، و متلهون رز قصير، و نص كيلو شاي فرط نضل ساعتين بالبيت بتنضيفوا من الأعواد الزايدة..
و كيف بدي أنسى مهمة اخي كل كم يوم و هوّة آخد السطل الفاضي و رايح لعند البقّال يشتري تلاتة كيلو لبن منشان أمّي تصفّيه و تعملو لبنة ، و كيف نقعد ساعات و نحنا نساعد امّي على ارض المطبخ و هيّة عم تخلط القريشة و اتدعبلها لتنشرها تحت الشمس لحتى تنشف و اتصير شنكليش..
و ياما و ياما راجع من مدرستي و شامم ريحة الشوكولا عم تنطبخ بالبيت منشان تتنشّف و تنلف و تتقدّم ضيافة لما يجينا زوّار..
و مين بينسى ورشات تنقيط ماء الزهر، و قعدات تقطير ماء الورد، و السفر ساعتين كل شهر بالسيارة الى حدود طرابلس لشراء السمنة و زيت المازولا و شوية محارم كلينكس..
و لا ترمي الصابونة الخالصة يا ابني ، امزجها بالصابونة الجديدة و استعملها..
لا تكب يا ابني علبة النيدو بالزبالة ، بغسلها و بعبّي فيها مونة..
لا تاكول موزة من اللي جايبها ابوك اليوم من طرابلس قدّام الأولاد بالحارة ، شو بدهون يحكوا علينا الجيران..
كل هذا حدث في القرن العشرين، في زمن تحول التلفون الى موبايل، و التلكس الى فاكس، و أنتين التلفزيون الى ديش..
اللي قريتوه صار بزمني، و زمنكون، و زمن اللي خلّفني وخلّفكون..لا هوّة حديث صار بزمن السفر برلك، و لا اللي سمعتوه صار بعصر التتر..
هيدي سوريا الاسد..
سوريا العامل..
سوريا المعمول به..