حسم الجدل من جهة سيّدتنا مريم العذراء- ثانيًا
بقلم: رياض الحبيّب؛ خاص- كلام الأول
لقد بَيَّنتُ معنى قول المسيح “إخوتي” في القسم الأول من المقالة. والواقع هو أنَّ السيد المسيح له المجد لم يكن له إخوة بالجسد على الإطلاق وما كان للسيدة مريم العذراء أولاد بالجسد سوى يسوع، لذا عُرفت بأنها مريم أم يسوع، تمييزًا لها عن مريم التي لكِلوبا ومريم المجدلية وسائر المريمات. عِلمًا أن البشيرين متّى ولوقا، اللذين اهتمّا بسيرة حياة يسوع الطفل فدوّنا نسَبَهُ والقليل عن أخبار طفولته، لم يذكُرا قطُّ أنّ ليسوع أخًا بالجسد أو أختًا بالجسد وإلّا لسُمِّيت مريمُ أمُّهُ أمَّ يسوع وفلان أو أمَّ يسوع وفلانة، مثلما سُمِّيت سالومة أمَّ ابنَي زبَدِي وهما يعقوب ويوحنّا (متّى 20:20 و37:26) ومثلما سُمِّيَت مريمُ (زوجة كِلوبا) أمَّ يعقوب الصغير ويُوسِي (مرقس 40:15) والأجمل هو ورود المرأتين في آية واحدة: { وبينهُنَّ مَرْيَمُ المَجْدَلِيَّةُ، ومَرْيَمُ أُمُّ يَعْقُوبَ ويُوسِي، وأُمُّ ابْنَيْ زَبَدِي} – مَتّى 56:27 أمّا يوسف خطيبها فقد انقطعت أخباره بعدما بلغ يسوع الثانية عشرة من العمر (لوقا 42:2) ولو بقِيَ يوسف حَيًّا إلى ساعة الصلب (أو لو كان ليسوع أخ بالجسد أو أخت بالجسد) لما عهد بها يسوع وهو على الصليب إلى يوحنّا- الحبيب والإنجيلي. حتى أن موضوعًا مُهِمًّا مثل وجود أخ شقيق ليسوع (أو أخت) لم يكن ليخفى على أحد ولشاع مثل شيوع معجزات يسوع. هذا ولم يُذكَر في الإنجيل (ولا في التقليد اليهودي) زواج سابق ليوسف النجّار ولا ولد له- إبنًا أو بنتًا- من زواج سابق. وبهذه المناسبة وددت إيضاح معنى قول اللكتاب {ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر- متّى 25:1} بطريقتي لعلّنا ننتهي من الجدل في هذا الموضوع إلى الأبد
فأوّلًا المقصود بقوله “لم يعرفها” أي لم يأتِ إلى فراشها الزوجي (لم يدخل بها، كما يُقال) وهو تعبير كتابي مألوف في العهد القديم؛ أمثلة: وعَرَفَ آدَمُ حَوَّاءَ امْرَأتَهُ فحَبِلَتْ ووَلَدَتْ قايِيْن}- تكوين 1:4 مِثله في 17:4 و 25 وفي قول لوط: {هوذا لي ابنتان لم تعرفا رَجُلًـا}- تكوين 8:19 كذلك: {وكانت الفتاة حسنة المنظر جدًّا وعذراءَ لم يعرفها رجل}- تكوين 16:24 أمّا في العهد الجديد فلا نذهب بعيدًا عن قول العذراء للملاك: {كيف يكون هذا وأنا عذراءُ لا أعرفُ رَجُلًـا؟}- لوقا 34:1 ذلك وإن كان يوسُفُ زوجَها- بحسب الشريعة فقط- وكان دوره: ان يحسبه الناسُ زوجًا شرعيًّا لمريم (كي ينآى بعيدًا عنها الشكُّ والتعرّض للرجم) وتبنّي الطفل يسوع وتوفير العناية والحماية للعائلة المقدسّة. لذلك اٌعتُبر يوسفُ في الإنجيل بارًّا (متّى 19:1) فلو كان زوجًا عاديًّا لما احتاج الكتاب إلى وصفه بالبارّ ولا لزم أحد التقاليد الكنسيّة أن يصِفه بالبتول. علمًا أن الرحم الذي حمل المسيح القدّوس (أي الطاهر من أيّة خطيئة ومن أيّ دنس ونقص وعيب) لا يمكن أن يحمل في ما بعد أي إنسان، أيّا كانت هويّته- لأنّ البشر جميعًا قد ورثوا وورثن الخطيئة الأصلية (خطيئة آدم وحوّاء) فمن المستحيل أن يشترك الإنسان مع الله بالهيكل (رحم العذراء) الذي اختار الله أن يتجسد فيه: {فقالَ لِيَ الرَّبُّ: هذا البَابُ يَكُونُ مُغْلَقاً، لا يُفتَحُ ولا يَدْخُلُ مِنْهُ إِنسَانٌ، لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَ إِسْرَائِيلَ دَخَلَ مِنْهُ فيَكُونُ مُغْلَقًا}- حزقيال 2:44 كذلك: {أُخْتِي العَرُوسُ جَنَّةٌ مُغْلَقة عَيْنٌ مُقفَلَة يَنبُوعٌ مَختُوم}- نشيد الأنشاد 12:4 فيوسف كان زوجًا بالصّورة أمام الناس ولم يعرف مريم (أي لم يتزوّجها فعليًّـا) وانتهى الموضوع
حتى ولدت ابنها البكر؛ حتى: حرف ابتداء، لأنها تقدّمَت فِعلًـا ماضيًا (ولدت) ولو تقدّمَت فعلًـا مضارعًا لكان معناها: إلى أن. مثالًـا لتبسيط المعنى: ما غادر جرجس بيته حتى حان موعد انطلاق الحافلة، أي أنه لم يرحل وإن حان موعد الرحيل. وإلّا (أي لو أراد جرجس أن يرحل حقًّـا) لأخبرنا التالي: لن يغادر جرجس بيته حتى يحين موعد انطلاق الحافلة، لنعلم حينئذ بأن جرجس قد عزم على المغادرة وأن خبَرَ عزمه على المغادرة صحيح ومؤكَّد. كقولي: لن أتعشّى حتى يحين وقت العشاء. أي أنّني ملتزم بأوقات الطعام. أمّا لو قلت: ما تعشّيت (أو لم أتعشَّ) حتى حان وقت العشاء فالمقصود: ما تعشّيتُ وإن حان وقت العشاء، أي بقيتُ بلا عشاء. أخيرًا؛ قال سيبويه: (أموت وبي شيءٌ مِن حتى) فيوسف النجار لم يعرف العذراء الممتلئة نعمة والمباركة بين النساء وإن ولدت ابنها البكر
البِكْر؛ باليونانية: بروتوتوكوس. وبالعبرية: بوكير؛ صفة للمولود الأوّل- ذكَرًا أو أنثى- والكلمة تحكم ما قبلها ولا تحكم ما بعدها، أي لا يشترط إطلاقُها على المولود الأوّل وجودَ مولود ثانٍ للعائلة، إنما جرت العادة على إطلاق صفة البكر على الأوّل. وكان للبكر مكانة خاصة في العهد القديم سواء أمام الله وأمام الإنسان. مثالًـا: {وقالتِ البِكْرُ للصغيرة: أبونا قد شاخ وليس في الأرض رجلٌ ليدخل علينا كعادة كل الأرض}- تكوين 31:19 فإبنة لوط الكبيرة سُمِّيت بكْرًا. فلو لم تكن للوط ابنة أخرى لبقيت البنت الوحيدة تدعى البكر. مثالًـا آخر: {فعَدَّ موسى كما أمره الرّبّ كُلَّ بكر في بني إسرائيل. فكان جميع الأبكار الذكور بعدد الأسماء من ابن شهر فصاعدًا المعدودين منهم اثنين وعشرين ألفا ومئتين وثلاثة وسبعين} – سِفر العدد 3: 42-43 وذلك قطعًا لا يشترط وجود أخ أو أخت لكلّ بكر من تلك الألوف. وبالمناسبة؛ لا زال في عادة الناس أن يُكنى الوالدان باٌسم ولدهما البكر؛ يُقال: جاء أبو فلان وأهلًـا بأمِّ فلان. علمًا أن للبكر في العهد القديم أزيد من معنى، لكنّ موضوع هذه المقالة قد اقتصر على معنى المولود الأوّل
وللبكر في العهد الجديد، بالإضافة إلى الآية متّى 25:1 بُعدٌ أخر رائع ومهم جدًّا: يسوع المسيح هو بكر كلّ خليقة أو بكر الخلائق كلّها- في ترجمة أخرى: {هوَ صُورَةُ اللهِ الّذي لا يُرى وبِكْرُ الخَلائِقِ كُلِّها. به خَلَقَ اللهُ كُلَّ شيءٍ في السَّماواتِ وفي الأرضِ ما يُرى وما لا يُرى: أأصحابَ عَرشٍ كانوا أمْ سِيادَةٍ أمْ رِئاسَةٍ أمْ سُلطانٍ. به ولَه خَلَقَ اللهُ كُلَّ شيءٍ. كان قبْلَ كُلِّ شيءٍ وفيهِ يَتكوَّنُ كُلُّ شيءٍ. هوَ رأسُ الجَسَدِ، أي رأسُ الكَنيسَةِ، وهوَ البَدءُ وبِكرُ مَن قامَ مِن بَينِ الأمواتِ لِتكون لَه الأوَّلِيَّةُ في كُلِّ شيءٍ – الرسالة إلى كولوسي 15:1-20} والوحي في هذا المقطع سيف ذو حدَّين؛ الأوّل: {هوَ صُورَةُ اللهِ الّذي لا يُرى وبِكْرُ الخَلائِقِ كُلِّها} يعني أن كلمة الله (المسيح) موجود منذ الأزل وقبل الخلائق ولا يعني أن الخليقة “أخت” المسيح أو “شقيقته” لأنّ المسيح غير مخلوق إنّما به تمَّ خَلْقُ كُلَّ شيء مرئيّ ومخفيّ- راجع أيضًا بداية الإنجيل بتدوين يوحَنّا. والثاني: إنّ المسيح- ابن الإنسان وبكر الخليقة الجديدة بالمسيح يسوع- قد صالح الخليقة الإنسانيّة الجديدة مع الله، لكي يرتقِيَ أولادُ الله إلى مجد الله. فالمسيح رأس الكنيسة- أي شعب الله {الذين يُحبُّونه لخيرهم في كل شيء، أولئك الذين دعاهم حسب قصْدِه. فالذين سَبَق فاختارَهُمْ، سبق فعَيَّنهم ليكونوا على مثال صورة ابنه حتى يكون الابن بكرًا لإخوة كثيرين. وهؤلاء الذين سبق فعيَّنهم، دعاهم أيضًا، والذين دعاهم برَّرَهُم أيضًا، والذين برَّرهُمْ مَجَّدَهُمْ أيضًا- الرسالة إلى روما 8} فالمسيح بكرٌ لإخوة كثيرين، أي بكر كُلّ {الذين قبلوه فأعطاهُمْ سُلطانًا أن يصيروا أولاد الله، أي المؤمنون باسمه. الذين وُلِدوا ليس مِن دَمٍ، ولا مِن مشيئة جَسَدٍ، ولا مِن مشيئة رجُل، بل من الله}- يوحنّا 12:1-13 ولأنه أوّلُ مَن تمجّد بعد قيامته من الموت في الخليقة الجديدة لذا صار المسيحُ الفادي بكرَ الأموات إذ {جاء ليخدِمَ ويَبذِلَ نفسَهُ فدية عن كثيرين- متى 20} وبكر المنتقلين إلى المجد السّماوي- في حضرة الله- آمين
ملاحظة: نُشِرتِ المقالة في موقع كلام الأول في 27.01.2012 وقد ورد إلها تعليقان؛ الأوّل تحت عنوان: موضوع كامل البحث لحسم الجدل بشأن العذراء
Mariam Mariam, U S A 21:29 28/01/2012
هذا نصّه: {الشكر لتعبك ولوقتك الثمين في سبيل نشر هذا المقال المستوفي كل الشروط لحسم الجدل من جهة القديسة العذراء. هناك معلومة لأول مرة أسمع بها وأقنعتني تمامًا وأنا مسرورة جدا لأني عرفتها الآن كون القديس يوسف كان أيضًا بتولًـا وليس لديه أولاد قبل زواجه (الإسمي) من السيدة مريم. لقد أُسْعدت تمامًا بهذا الخبر الذي به أصبحت قصة القديسة مريم تامة لا نقصان فيها. شكرًا لاستخدامك قواعد اللغة العربية لشرح مضمون فكرة “لم يعرف يوسف مريم حتــى ولدت إبنها البكر” شكرًا الرب يكافئك} انتهى
الجواب: [قرأتُ لكِ قبل أيّام: (أنا من الشغوفات بمريم العذراء، لذلك اخترت أن يكون إسمي المستعار إسمها “ميريم” وألجأ إليها في راحتي وفي همّي) فأقول: الربّ يسوع يبارك حياتك ويعطيكِ من النِعَمِ والبركات بحسب إيمانك- آمين
أمّا بعد؛ لا نزال نحن في هذا العصر ندفع ثمن إختلاف بعض رجال الكنيسة على فهم كلمة “إخوة” ابتداءً بالقرون المسيحيّة الأولى. أقتطف التالي- نقلًا عن موقع مسيحي: ((دافع كتاب إنجيل يعقوب الأول غير القانوني عن بتولية القديسة مريم مشيرًا إلى أن إخوة يسوع ليسوا إلا أبناء القديس يوسف من زواج سابق. هذه الفكرة انتقلت إلى الكتابات القبطية والسريانية واليونانية، كما نادى بها بعض الآباء العظام، فأشار إليها كل من القِدِّيس (فلان وفلان… إلخ- للاختصار، لطفًا وعُذرًا) وأبيفانيوس أسقف سلاميس بقبرص الذي دافع عن هذه الفكرة بحماس شديد حتى نسبت إليه الأبيفانية. ويُقدِّم هذا الكتاب يوسف النجار كرجل متقدِّم في الأيام عندما خُطِـبَت له القديسة مريم العذراء، وكان له أولادٌ من زوجة سابقة ولكن لم يكن له بنات! وأنّ سيّدة تدعى سالومة قد لاحظت بتوليّة القديسة مريم بعد ولادة يسوع. ففي الثانية عشرة من عمر العذراء اجتمع الكهنة ليناقشوا أمرها إذ كان يلزم أن تترك الهيكل. فأحضروا اثني عشر رجلا من سبط يهوذا، وأودعوا عصيَّهم داخل الهيكل. وفي اليوم التالي أحضر أبيثار الكاهن العصيّ وقدّم لكل منهم عصا. وما أمسك القديس يوسف بعصاه حتى جاءت الحمامة فاٌستقرّت عليها، كانت بيضاء أكثر من الثلج وجميلة للغاية، صارت ترفرف لوقت طويل بين أجنحة الهيكل وأخيرًا طارت نحو السماء. عندئذ هنّأ الشعبُ كلُّهُ الشيخ قائلين له: “هوذا قد صرت مُطوَّبًا في شيخوختك أيّها الأب يوسف، فقد أظهرك الله مستحقّا لاستلام مريم” أما القديس ففي البداية اعتذر نظرًا إلى شيخوخته، لكنه أطاع الكهنة لأنهم هددوه بحلول غضب الله عليه إن رفض)) انتهى. فإذا ما أخذنا هذا التقليد بنظر الإعتبار، نجد أنّ جميع المختارين هم من سبط يهوذا- وهذا موافق للإنجيل. ونجد أنّ الكهنة المذكورين لم يكونوا أغبياء فيختاروا رجُلًا من الإثني عشر له زواج سابق (أي ارتباط ومسؤوليّات وواجبات) ليعتني بالعذراء. لعلّ هذا التحليل ينفع كدليل على بتوليّة القدّيس يوسف النجّار، بالإضافة إلى كونهِ بارًّا بحسب الإنجيل وطوباويًّا بحسب الشعب كلّه- آمين] انتهى
أمّا الثاني فكان تحت عنوان: المسيح كان له اخوة في الجسد
محب, الناصرة 18:05 29/01/2012
هذا نصّه: {المسيح كان له اخوة في الجسد وهذا لا يمس مريم العذراء بشيء, الموضوع محسوم من قبل طرف واحد فقط اما من طرفي فهناك ادله كثيرة تدعم هذا الرأي الذي اعتبره لا اقل مسيحية من الرأي الاخر. لننظر الى هذه الأعداد التي تفرّق بشكل واضح ما بين الإخوة في الجسد والتلاميذ؛ يوحنا 12:2 ويوحنا 7:1 وأعمال 14:1 وغلاطية 18:1
أيضًا وجد ان معنى حرف حتى في اللغة اليونانية يدل على المستقبل ايضًا. لا نحسم أمورًا غير محسومة. شكرًا} انتهى
الجواب: [سلامًا ونعمة. وشكرًا لك على زيارة موقع كلام الأول وتصفح مقالتي المتواضعة. الربّ يبارك حياتك وحياة سائر أحبّائنا في الناصرة- آمين. وحقك عليّ لأني لم أفصِّل جميع معاني الأخ والأخت والإخوة والأخوات في الكتاب المقدَّس، إذ رَصَدْتُ مساحة محددة لكلّ مقالة من مقالاتي كي تبدو قصيرة فينآى عنها الملل
أمّا بعد؛ قلت: (المسيح كان له اخوة في الجسد) والجواب: هاتِ لطفًا إشارة واحدة وواضحة من الإنجيل تؤيّد زعمك؛ كوضوح إشارة البشير متّى 56:27 إلى مريم أم يعقوب ويوسي وإلى أمّ ابني زبدي وهما يعقوب ويوحنّا المُشار إليهما في متّى 10: 2 هذا لأننا نعيش في زمن كثر فيه الكذب والإفتراء والإدّعاء بدون حجة وبدون دليل ولكن، من جهة أخرى، تطوّرت عقليّة القارئ ونظرته إلى الأمور بتوفر تقنيات المعلومات السريعة
قلت مُردِفًا: (وهذا لا يمس مريم العذراء بشيء) والجواب: بل يمسّ كلمة الله أوّلـا لأنّه قدّوس فلا يمكن أن يشاركه إنسان غير قدّوس 100% في هيكله المُؤقَّت (رحم العذراء) ويمسّ ثانيًا هويّة العذراء لأنها ليست عذراء كسائر العذارى، إنما هي العذراء بوجود ألـ التعريف التي تدلّ على دوام عذريّتها أي بتوليّتها خلال الولادة وبعد الولادة، مثلما دخل يسوع إلى مكان اجتماع التلاميذ والأبواب مُغلَّقة- بتشديد اللام وفتحِها (يوحنا 20: 19) ولاحظ أيضًا {هَا العَذرَاءُ} وليس “ها عذراء” في النبوءة العظيمة: هَا العَذرَاءُ تَحْبَلُ وتَلِدُ ابْنًا وتَدْعُـو اسْمَهُ عِمَّانُوئِيلَ- أشعياء 7: 14
ولقد نظرتُ الى الأعداد التي تفضلتَ بذكرها فوجدتُ أنك قد غضضت بالنظر عن بداية الأصحاح التي سبقت يوحنّا 12:2 والبداية كانت مع الآيتين الأوليين: {وفي اليوم الثالث كان عرسٌ في قانا الجليل، وكانت أمّ يسوع هناك. ودُعِيَ أيضًا يسوعُ وتلاميذه إلى العرس} فكانت أمّ يسوع هناك {وَحْدَها} ودُعِيَ أيضًا يسوعُ وتلاميذه إلى العرس، لم يقل: دُعِيَ يسوع و”أبناءُ مريم” ولا يسوع و“أشقّاؤه” ولا {يسوع وإخوته} بل يسوعُ وتلاميذه. فلو كان ليسوع أخ بالجسد أو أخت بالجسد (أو لو كان لمريم العذراء ابن آخر بالجسد أو بنت) لما تردد البشير يوحنّا (وقد كان أحد التلاميذ المدعوِّين) عن ذكر ذلك. أمّا الآية يوحنّا 12:2 فتدلّ على أنّ إخوة يسوع هم أقرباؤه ولا ضرورة لتعني إخوته بالجسد. ولقد بيّنتُ في مقالتي بقسميها عددًا من الأمثلة حول هذا الموضوع. والحال عينها مع العدد: أعمال 14:1
أمّا يوحنّا 1:7 أو 7:1 فما رأيت في هذين العددين ذِكرًا لكلمة إخوة، متمنيًّا عليك توخّي الدقّة في المستقبل. والحال عينها مع غلاطية 18:1 لكنك على الأرجح قصدت العدد الذي يليه المتعلّق بيعقوب أخي الربّ؛ دعنا نقرأ {ثم بعد ثلاث سنين صعدت إلى أورشليم لأتعرف ببطرس، فمكثت عنده خمسة عشر يومًا. ولكنني لمْ أرَ غيره من الرسل إلا يعقوب أخا الرب}- غلاطية 1: 18-19 فواضح من قول بولس الرسول أنّ يعقوب المُكنّى أخا الربّ هو أحد الرُّسُل. وتقدير الكلام: لم أرَ غير بطرس من الرسل إلّا الرسول يعقوب أخا الرّبّ. ولو رجعتَ إلى أسماء تلاميذ المسيح الإثني عشر في الإنجيل بتدوين كلّ من البشيرين متّى ولوقا ستجد يعقوبين؛ الأوّل هو أخو يوحنّا وهما ابنا زبدي وأمّهما سالومة. والآخر (كاتب الرسالة المُسَمّاة باٌسمه- أي رسالة يعقوب- والمُكنّى أخا الرّبّ) وهو أخو يهوذا (كاتب رسالة يهوذا) وهما ابنا حَلفى وأمُّهما تدعى مريم أيضًا! إلّا أنّ متّى سمّى يهوذا: لَبَّاوُس الْمُلَقَّبُ تَدَّاوُس. علمًا أنّ الإسم حَلفى هو المرادف العبري للإسم كِلوبا الآراميّ وكليوباس اليونانيّ. وعِلمًا أنّ يعقوب الرسول أخا الربّ قد بدأ رسالته بالتعريف عن نفسه بأنه: {عبد الله والرب يسوع المسيح} كذلك فعل يهوذا: {عبد يسوع المسيح وأخو يعقوب} آمين
قلتَ تاليًا: {أيضًا وجد ان معنى حرف حتى في اللغة اليونانية يدل على المستقبل ايضًا} والجواب: قد تدلّ “حتّى” على المستقبل في
جميع لغات العالم كما في العربيّة، لكنها تفيد الماضي إذا تقدّمت على الفعل الماضي في جميع اللغات؛ كما في الآية: {ولم يعرفها حتى ولدت ابنها البكر– متّى 25:1} المُبيّن معناها لغويًّا في هذا القسم من المقالة
قلت أخيرًا: (لا نحسم امورًا غير محسومة) والجواب: لقد حان أوان الحسم العقلاني- وهو اليوم- لكي نعود جميعًا إخوة بالمسيح يسوع الذي هو {بكرٌ لإخوة كثيرين- روما 29:8} – آمين] انتهى
* * * * * * *