ظهرت الأديان الوضعية والسماوية في عصور مجتمعات يسودها الجهل، والخرافة والفوضى، والفساد ، واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، والجهل المعرفي اللازم لحل مشاكلهم وفهم البيئة المحيطة بهم والعجز عن السيطرة على الطبيعة لزيادة الاستفادة منها.
لذلك ظهرت الأديان لتنظيم حياتهم ولتحمي نفوسهم وحرياتهم من شرور بعضهم البعض ، وتدعوهم إلى التخلي عن آيات النفاق وتحقيق العدالة الاجتماعية فيما بينهم.
وهذا مع العلم أن نصوص القرآن الكريم منغرسة في الثقافة الحياتية اليومية المعاشة للنبي وجماعته في عصر النبوة، وهي على الأغلب أجوبة على تساؤلات واحتجاجات وأوضاع معينة من تلك الجماعة – رجالها ونساؤها- وقد جاءت هذه النصوص التصحيحية الإرشادية والوعظية والنقدية ،إما نصوص قطعية الدلالة لا يجوز فيها الاجتهاد مثل نصوص الزواج والطلاق والميراث ، أو نصوص ظنية الدلالة لا بد من الاجتهاد فيها لأنها ليست محددة بمفهوم قطعي الدلالة.وغالباً ما كانت هذه الاجتهادات تتواءم وتتكيف بثقافة وعادات وتقاليد وأعراف عصر المجتمع الذي تمت فيه وحسب رؤية كل مجتهد ورؤية وفلسفة الفرقة الإسلامية التي اجتهدت وأفتت به، لهذا ظهرت عدة مفاهيم واجتهادات مختلفة مما فسح المجال لظهور فرق المذاهب السنة والشيعة ، والفرق الإسلامية الأخرى .فبدا التباين في التدين بين المغالاة ،والاعتدال والقصور واضحاً بين الأفراد والجماعات والمجتمعات . فمثلاً: لا يوجد أي نص في القرآن الكريم بأن المرأة مخلوق نجس وهي عورة،ناقصة عقل ودين ولا أي نص يأمر المرأة أن تضع غطاء من القماش على رأسها و وجهها.
فنص آية الحجاب في القرآن الكريم ( الحجاب لغة: الستار) ليس من أجل وضع غطاء من القماش على رأس المرأة المسلمة أمام الرجل الغريب. وإنما هو مربوط بحدث محدد الواقعة والتاريخ حسب الآية 53 من سورة الأحزاب رقم 33 التي أوحي بها في السنة الخامسة هجرية الموافق 627م. ونصها ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا” إذن الحجاب هنا حسب هذا النص الصريح والواضح المعنى ستار مادي من القماش الذي يحجب الرؤية ، أي أنه ستار أسدله النبي محمد (صلهم) بينه وبين الرجل الذي كان جالساً على عتبة غرفة زواجه ، فآية الحجاب هذه نزلت في غرفة الزوجين من أجل حماية حياتهما الزوجية الخاصة وحجبها عن نظر الشخص الثالث وهو أنس بن مالك الذي كان جالسا على عتبة غرفة النبي إلا إن الثقافة الذكورية المستبدة السائدة في المجتمعات العربية والإسلامية والتي ما زالت تمارس الوأد الاجتماعي للمرأة أفرغت الآية من معناها وافترت عليها عندما جعلت معناها قطعة من القماش تغطي به المرأة المسلمة رأسها وربما وجهها أيضا أمام الرجل الغريب وحرمت عليها خلعه .
إن هذه العقلية التي قلبت المنطق القرآني العقلاني الإنساني ،إلى منطق قمعي لا إنساني ضد المرأة لهي عقلية الجهل والحرمان والكبت والقمع والعصاب النفسي والاستبداد الثقافي ، هذه العقلية وأدت العقل وحرية التفكير ، وبإقصائها للمرأة أقعدت المجتمعات العربية والإسلامية عن التطور والتحديث.
ونص آية الجلباب 59 من سورة الأحزاب رقم 33 ونصها ” يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ” والجلباب لغة: قميص أو ثوب فضفاض كانت تلبسه النساء في الجاهلية وكان يظهر مفاتن عري صدورهن ، فالآية بدلالاتها القطعية تطلب من النبي ( صلهم)أن يقول لنسائه وبناته ونساء المؤمنين أن يدنين من جلابيبهن ،أي أن يجعلن أطراف أثوابهن من جهة الصدر قريبة من بعضها البعض حتى التطابق ، أو يلبسن الأثواب التي تغطي عري صدورهنّ وأذرعهنّ وأرجلهنّ حتى لا يثرنّ شهوة الرجال إليهنّ والتي يؤدي إلى أذيتهنّ.
بهذه الأثواب يعرفنّ بأنهنّ حرائر فلا يتعرضنّ للأذية ، وهذه الآية بدلالاتها القطعية خالية من أي أمرٍ أو إشارة لتغطية رأس المرأة بأي قطعة قماش ، وهي موجهة إلى النساء الحرائر حتى لا يتعرضنّ للأذية من قبل أحد ، لكن ثقافة هذه المجتمعات الذكورية المستبدة بنظرتها الدونية للمرأة أعطتها هذا المعنى السائد بتغطية الرأس وربما الوجه أيضا.
ونص آية : ” وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ….” آية 31 من سورة النور رقم 24.
( الخمار لغة: الغطاء الخفيف ، وجيوبهن:أي صدورهن) وهذا يعني أن المطلوب من النساء المؤمنات تغطية صدورهنّ بقطعة من القماش الخفيف لإخفاء محاسن صدورهنّ والآية خالية بكل وضوح من أي إشارة أو أمر لتغطية رأس المرأة أو وجهها بأي قطعة من القماش . وقد ورد عن عائشة أم المؤمنين أنها قالت : ” عندما نزلت آية ” وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ….” وعلمت بها نساء المدينة ذهبت كل منهنّ إلى بيتها واقتطعت قطعة من القماش وغطت بها صدرها.
إذن الحجاب كما هو شائع في المجتمعات العربية والإسلامية المعاصرة مخالف لنصوص القرآن ، ويجب أن تعرف المرأة المسلمة بأنه اختياري وليس إلزامياً وتستطيع أن تضعه متى شاءت وتستطيع رفعه عن رأسها متى وأين شاءت ، والنص القرآني القطعي الدلالة والصريح المعنى أن تكون المرأة المسلمة محتشمة في لباسها وغير متبرجة وأن تخفي زينتها عن الغريب إلا ما ظهر منها : الرأس والوجه واليدين والرجلين.
وأن يبدينّ زينتهنّ لمن ورد ذكرهم في نفس الآية 31 من سورة النور رقم 24 :” و قُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” وهذه الآية تبين حرية المرأة في إبداء زينتها وتبرجها لزوجها حتى …ولمن ورد ذكرهم في نص الآية.
إذن كيف ظهر مفهوم الحجاب السائد بتغطية الرأس وربما الوجه أيضاً؟.
تدرجت التعليمات والإرشادات في النصوص القرآنية لتنظيم أنشطة الحياة للمجتمع الإسلامي وكانت كلما ظهرت مشكلة ، نزل الوحي على النبي (صلهم) بآية أو بضع آيات تبين الحل أو الإرشاد إلى تجاوز المشكلة . وبعد وفاة الرسول (صلهم) وفي زمن الخلفاء الراشدين ظهرت أحداث ومشاكل لم يأت بها نص قرآني فظهر الفقه الإسلامي على يد علماء الدين الذين أقبلوا بثقافتهم الذكورية والقبلية بحماسة شديدة على مدرسة التوراة لإثراء الفقه الإسلامي بالفتاوي والحجج التي تقيد الحراك الاجتماعي وحرية المرأة . وكان موضوع الطمث ( العادة الشهرية للمرأة) قد أعيد إلى خانة النجاسة ، واعتبر الفقهاء المرأة المسلمة خلال فترة الطمث نجسة وغير طاهرة ، وعمد الفقهاء إلى إبطال صلاتها وصيامها طوال أيام المحيض في فتوى لا تستند إلى نص قرآني بل تستند إلى قول التوراة : ( كل شيء مقدس لا تمسه المرأة ولا إلى المقدس تجيء).
وفي ظروف هذا الانقلاب الفقهي العبراني على لغة القرآن ومفاهيمه ، بعث عالم التوراة حياً في عالم المسلمين وواقعهم المعاش . فأصبح عزل المرأة المسلمة فريضة في أصل الشريعة ، بعد أن كانت تشارك الرجال في الحرب مع جيوش المسلمين ، وتحولت المرأة نفسها إلى حرم لا يراه سوى الأقارب ، وصار النظر إلى جسدها خطيئة ، وتصاعدت هذه الحرب الفقهية التوراتية ضد المرأة إلى الحد الذي جعل مجرد لمس يدها نجاسة تنقض الوضوء . فحجاب المرأة ليس شريعة من أي نوع ، بل منهجاً تربويا مكتوبا بلغة السحرة الفقهاء ، قاعدته النظرية أن المرأة مخلوق نجس وهي عورة ناقصة عقلاً ودين ، وقاعدته العملية أن تقنع المرأة نفسها بقبول هذا المفهوم لشخصيتها . وهي كارثة تحققها فكرة الحجاب على ثلاث مراحل رئيسة :
1- تتعلم الطفلة أن أقوال الفقهاء نصوص مقدسة ، وأن النجاسة (الطمث) يحتم عزلها.
2- تكبر الطفلة وتصبح شابة وتتعلم أنها عورة ونجسة يجب عليها أن ترتدي الحجاب.
3- تكتشف المرأة المحجبة أن الحياة وراء الحجاب ( الكفن) نوع من الموت العلني البطيء في عالم خاوٍ ومفرغ عملياً من معنى الحياة ونعمها. وقد نجم عن هذا الضغط الهائل عليها شل تفكيرها وتدنيس جسدها ، وأتاح إدانتها شرعاً بأنها عورة ناقصة عقلاً وديناً .
في هذا المفهوم القمعي اللا إنساني تقضي المرأة المسلمة حياتها بعقوبة السجن المؤبد في زنزانة متنقلة اسمها الحجاب، فتداهمها أمراض السجناء علناً: من العمى المبكر إلى التخلف العقلي والجفاف العاطفي ، وإلى قصور الدورة الدموية ، ثمّ إلى هشاشة العظام وإلى نقص الحديد في الدم ، أي فقر الدم ، وإلى ضعف مقاومة الأمراض وإلى الشعور بالحزن و الإحباط والتوتر العصبي والانقباض النفسي .
فكيف السبيل لتحرير المرأة من المفاهيم التوراتية اللاإنسانية الجائرة وتربيتها على المفاهيم الإسلامية التي تحترم إنسانيتها وحريتها وتحملها مسؤولية أفعالها كما تحمل الرجل مسؤولية أفعاله . ومن أجل ذلك لا بدّ من تحرير العقل الفردي والجمعي من المفاهيم الجبرية والاتكالية المدجن بها المجتمع ، والمرأة من ثقافة البداوة الدينية الإسلامية التوراتية السائدة باعتماد حرية التفكير العلمي العملي لتخليص المجتمع والمرأة بصورة خاصة من المفاهيم والعادات والتقاليد اللا إنسانية التي لا تقرها النصوص الدينية في القرآن الكريم ،ولا تقرها أيضاً شرعة حقوق الإنسان وحقوق المرأة.
ماقل ودل … وكلامك من ذهب لكل ذي عقل ؟
١: تقول في زمن الخلفاء الراشدين ظهرت أحداث ومشاكل لم يأت بها نص قرآني فظهر الفقه الإسلامي على يد علماء
الدين الذين أقبلوا بثقافتهم الذكورية والقبلية على شراىع التوراة ، وهى حقيقة ساطعة سطوع شمس الظهيرة وهى الدليل القاطع على ان القران ليس صالحا لكل زمان ومكان لابل لم يكن صالحا حتى زمانه ، لان ما بين وفاة محمد والخلفاء زمن جداً يسيرا لان الأربعة لم يعمرو في الحكم طويلا ؟
٢: الحقيقة الساطعة الاخرى تقول ان مروجي الحجاب والجلباب والإعجاز القراني والإرهاب ليس لديهم غير هذه التجارة الكاسدة التي أكل الدهر عليها وشرب ، والتي بكل أسف لاتغني عقلاً ولاتشبع بطنا ،وهى سبب كل بلاء في بلداننا وخراب ؟
٣: ومسك الختام سيدي الفاضل مودتي ومحبتي والسلام ؟