هُل يُمكن جمع النقيضين ؟
***
[من بين خطايا الإنسان السبع المُميتة … خطيئة الكِبرْ أو المكابرة !]
مقدمة كاتب السطور :
أغلب ساستنا وإعلاميينا وبالطبع تُجّار الدين لايعرفون فوائد الإحصاء الكمّي ,لذلك هم لا يراقبون النتائج ويعتمدونها من أرض الواقع .
إنّما يُكابرون ويدّعون المعرفة ,ويستعيضون عن الطرق العلمية والإحصائية ,بما تلقنوهُ في صغرهم من أسباب خرافية أو وهمية .
المؤامرة مثلاً ,سبب وجيه ومعقول وسهل ومتيسّر ومناسب لجميع
مشاكلنا في هذا الكون !
خذوا عندكم مثلاً مايحدث في غزّة هذه الأيام !
لا أحد يُصغي لشعب غزّة (أوعلى الأقل بعض الشباب المتنوّر هناك) الذي يعلن في ((برنامج آراء)) في ال BBC ,بأنّهم طُلاّب حياة وليسوا طُلاب موت لكنّ تُجار الموت يُتاجرون بحياتهم لأجل مصالحهم المادية !
الأسهل على السياسي والإعلامي العربي لعن إسرائيل والغرب والمؤامرة .بدل دوخة البحث عن الأسباب الحقيقية لمآسينا !
***
والآن عودة لتلخيص كتاب المباديء لناتالي أنجير
وهذا الجزء يخّص الإحصاء وأهميتهِ وفوائدهِ في حياتنا !
ص 66
العُلماء متعوّدون على عدم اليقين وعلى الإقرار بقلّة مايعرفونه !
رسالتهم الجوهرية في ذلك :
أنّ العلم مشروع لا يقيني , وأنّ عدم اليقين هذا هو مصدر آخر من مصادر العِلم !
( أرجو ملاحظة الفارق بين طريقة تفكير العلماء الحقيقيين ,وبين علماؤنا الأعلام وهرائهم الأزلي ) !
***
يقول سكوت ستروبل :
حتى الجهل ببعض المعلومات والظواهر يعتبره العلماء نعمة وليس نقمة !
لأنّ ما يدفع العلماء لمزيد من البحث والإستقصاء هو نقص المعلومات ,وليس وجود المعلومات !
***
ص 66
خلال بحث العلماء عن أنماط جديدة وقوانين جديدة ,( ولا يقينات) جديدة
فقد يحدث ما يُثير ضجة بينهم حول نقطة معيّنة ودليل أوضح من المذكور
وأحياناً يتصاعد الجدل بينهم ويتسم بالعنف الى درجة تجعل الجمهور في بلبلة فيتسائلون : ألا يعرف العِلم الإجابة عن كلّ شيء ؟
حسناً ,عندما تسمعون عن موافقة بالإجماع من العلماء على شيءٍ ما , فإنّ ذلك يكون مبني على إتفاق حقيقي بينهم .
كما في حالة نظرية التطوّر(بالإنتخاب الطبيعي) لداروين !
وسوف تسمعون المزيد لاحقاً في هذا الكتاب عن هذا المبدأ البايولوجي التنظيمي العميق الأهميّة ,وعن حلقة سيرك المشاكل المُصطنعة التي تحيط به !
كما ستسمعون عن الإحترار الكوكبي (تهديدات المناخ) وكيف أنّ غالبية علماء المناخ يتّفقون على أنّ متوسط درجات الحرارة فوق الأرض يتصاعد نتيجة الأنشطة البشرية ,خاصةً الحرق الإجباري للمواد القابلة للإحتراق لتوليد الطاقة في كلّ جوانب حياتنا المعاصرة ,بما في ذلك تكييف الهواء !
***
سواءً ونحنُ نتعرّف على أصدقاء جُدّد ,أو نضع يدنا على أفكار جديدة
فإنّنا نظّل الى الأبد تحت رحمة إنطباعاتنا الأولى !
***
ص 78
سيندي لوستيج , اُستاذة علم النفس في جامعة متشيغان
أثبتت مؤخراً عمليّاً مدى السهولة التي تتخّذ فيها عقولنا قراراً حول الأشياء الجديدة !
قامت بتجربتها على ( 84 ) طالب باحث جامعي !
طلبت منهم تغيير إستخدامهم للربط بين الكلمات المعتادة مثل
( ركبة … و تنحني ) … و( قهوة … وقدح )
ثمّ خلال مراحل التجربة قامت بإستبدال كلمة تنحني بكلمة عظم
وكذلك إستبدلت كلمة قدح بكلمة فنجان
وقسّمت المجموعة الى نصفين … وكلّ نصف الى نصفين وهكذا .. وغيّرت كلّ مرّة الكلمة الهادية للربط !
توّصلت في النهاية الى النتيجة التالية :
إنّ صلة الربط الأكثرُ تبكيراً لدى الإنسان أصبحت الوضع الباقي في المخّ
***
الإحتمالات / ص 86
كلّما زاد مانعرفهُ عن الإحتمالات , قلّ ما نُبديه من ذهول
للأحداث التي تتزامن صدفة .. مهما كانت غرابتها !
***
ص 90
لم يعتدْ معظمنا على التفكير بإسلوب قائم على الإحتمالات !
وبدلاً من ذلك فنحن نتعامل مع الحياة عن طريق مزيج شخصي من الأحاسيس والمُعتقدات والرغبات وأوجه من الحدس !
من المؤكّد أنّ حدسنا جزء لهُ أهميّتهِ من صفاتنا .
يبلغ طول جهازنا الهضمي 30 قدم من الفم حتى الإست .
لكن طوله الفيزيقي لا يُعّد شيئاً بالمقارنة بقيمته المجازية كمصدر لغرائزنا المحببة !
(لماذا أشعر أنّ تفكير الإسلامويين بأنواعهم ناتج عن فتحة الإست بالذات ؟ لا أظّن أنّي أظلمهم , فكلّ تصرفاتهم توحي بذلك !)
***
ص 92 / من فؤائد الإحصاء والإحتمالات !
جوناثان كوهلر من جامعة تكساس
يقّر بأنّهُ ليس ضيفاً محبوباً في حفلات الزفاف .
فهو خلال مراقبته لتعهدات الزوجين بالإخلاص الدائم والحُبّ والإحترام .. ورفع الأنخاب .
يتحدّث الى مَن يُجاورهِ عن إحتمالات الطلاق لهذين الزوجين الجديدين !
هو يعلم من خلال تخصصهِ بالإحتمالات ,أنّ نسبة الطلاق في نصف القرن الماضي في أمريكا كانت ثابته تقريباً حول الرقم 50% !
كوهلر ودود وثرثار ويُشرك الضيوف الآخرين في تأملاته .
لكنّهم يستهجنون حديثه بتلك الطريقة وينظرون إليه كأنّهُ تجشّأ بصوتٍ مرتفع , أو خمّن العلاقة المتبادلة بين حجم حمّالة ثدي العروس .. وراتب العريس !
يقول كوهلر : إنّهم يرون أنّهُ من المُنفّر أن يدور حديث عن الإحصائيات خلال حفل الزفاف ويسألوني : كيف تقول شيء كهذا ألا تعرف العرسان ؟
إنظر الى البهجة والحُبّ الذي يملأ أرواحهم ووجوههم وأقاربهم !
يضيف كوهلر : لكن هذه المشاعر والتفاصيل يجب أن لا تؤثر في الإحتمالات التي أقوم بحسابها في هذا الشأن !
إلاّ إذا أخبرتموني بشيء بعيد عن المعدّل الإحصائي .
شيء تشخيصي مثلاً ,يتبيّن أنّهُ يؤثر في إحتمالات الطلاق .
كأن يكون كلا الزوجين فوق سنّ الخامسة والثلاثين !
فمن المعروف أنّ هذا يُقلّل من إحتمالات الطلاق !
***
كوهلر يؤّكد على أنّهُ ليس ( بالرجل الصغير الساخر بمرارة ) !
أو الأعزب الراضي عن ذاته !
فعلى العكس من ذلك … هو نفسه قد تزوّج حديثاً !
الأمر ببساطة أنّهُ قد تعوّد على رؤية العالم كفضاء عجيب لأخذ العيّنات الإحصائية !
وفي هذا الشأن يقول كوهلر :
[ الناس لا يميلون الى الإنتباه الى المعلومات التي في الخلفيّة أي فضاء العيّنة .إنّما يأخذون معلومات المنطقة الأمامية بدون السياق ,ويتقبلونها بمعناها الظاهري ] !
***
الخلاصة :
تحتار غالبية الناس في بلادنا البائسة بما يجري فيها من قتل وتدمير وعودة القهقرى في سلّم الحضارة البشرية ,ويتسائلون :
كيف يحدثُ هذا في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ؟
مع كلّ مابلغهُ العالم المتحضّر من تقدّم ورُقيّ وإزدهار وإحترام حقوق الإنسان وحتى الحيوان .
كيف تُسيطر مجاميع إرهابية ظلامية على حياتنا وتحيلها ضرباً من الجنون والمستحيل ؟
وجوابي الخاص هو :
لأنّنا شعوب لاتقرأ القراءة العلمية المفيدة لتطوّر الحياة .
ولاتؤمن بثقافة العمل ,إنّما ثقافة الإتكال والكسل !
حتى تأريخنا الغابر نقرأهُ من كتب تراثية صفراء تذكر كلّ شيء ماعدا الحقيقة !
فلو فهمنا حقيقة ماجرى في الماضي ,ربّما لإنتفعنا في البحث عن طرق جديدة للتفكير والعمل والنهوض في هذه الحياة .
مع ذلك الفرصة تبقى قائمة لو شئنا العبرة والإستفادة !
مايحدث سواءً على أيدي الدواعش أو أمثالهم ,هو صورة طبق الأصل لما حدثَ في الماضي قبل 14 قرن .
وآمل أن لايأتيني متثاقف , ليخبرني أنّ هؤلاء لايمثلون جوهر الدين . لأنّي ساضحك كثيراً الى حدّ البكاء !
الشيء الجديد المهم الذي حدث في العالم أجمع تقريباً ,هو إنتشار مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان والعدالة والمساواة .
لكن عند تطبيق هذه المفاهيم في منطقتنا (بعد تحرير العراق من صدام عام 2003 وثورات الربيع العربي) .. وجد الإرهابيون الإسلامييون ضالتهم المنشودة في ركوب وإستغلال كلّ ماينفعهم ,بطريقتهم المعروفة :
الغاية تبرر الوسيلة ( أو الضرورات تبيح المحظورات) ,لو شئتم !
نعم حتى الديمقراطية ركبوها كحصانِ طروادة بطرقهم الخسيسة !
وإذا كان قصدي غير واضح, فسوف أورد مثال من بلدي العراق .
في عهد صدام حسين (الأسود) كان المُعارض لهُ أو الخارج عن قانونهِ يُلاقي الموت غالباً ,حتى لو بلغ عدد المعارضين عشرات الإلوف .
والدليل مقابره الجماعية المعروفة !
اليوم عندما تمسك الحكومة العراقية ببعض القتلة والإنتحاريين ,تجري محاكمات ثم يُسجنون , وبالطبع يهربون لاحقاً في مسرحية سخيفة !
فالإرهاب إذاً إستفاد من الديمقراطية التي تضمن حقوق الإنسان حتى للمجرم والقاتل !
ومن هذه النقطة بالذات سأبقى اُردّد فكرتي التالية :
الديمقراطية والإسلام لا يتعايشان في مجتمعٍ ما ويقودانهِ الى الأمان !
على أحدهم أن يختفي من طريق الآخر لتتضح الصورة بجلاء !
إمّا ديمقراطية كاملة بطريقة مخترعيها (الغرب الكافر) في شتّى مجالات الحياة .
وإمّا إسلاميّة إخوانجية سلفية خُمينية داعشية كما يحدث اليوم !
رحم الله معلمي الأوّل د. علي الوردي كان يقول مامعناه :
الحضارة الغربية ومفاهيمها وأدواتها تشبه ال Package أو طَرْدْ كامل
إمّا نقبلها على علاّتها ونسير في ركبها لأجل النهوض الحضاري .
أو نرفضها رفضاً قاطعاً ونبقى في خيمتنا القديمة !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
22 يوليو 2014
خير الكلام .. بعد التحية والسلام ؟
١: مشكور ياعزيزي رعد على ما تتحفنا به من فكر عملي نير الذي مجتمعاتنا بأمس الحاجة اليه اليوم خاصة ؟
٢: فعلا من أسباب تخلف مجتمعاتنا هو الاستهزاء بعلم الأرقام والإحصاء ، فبدون إحصائيات دقيقة ومعرفة سابقة يستحيل نجاح تخطيط أي دولة أو جهة ما ؟
٣: وأخيرا: بالامس حالش واليوم داعش والله يستمر من مامش ، سلام ؟