ارتبط روديان حاكم جزيرة رودس اليونانية بعلاقات تجارية واقتصادية قوية مع بطليموس الأول سوتر حاكم مصر، مما أوغر صدر حاكم قبرص الذي لم يرق له هذا التحالف فقرر محاصرة الجزيرة بغرض دخولها والاستيلاء عليها، إلا أن محاولاته باءت بالفشل فرفع الحصار الذي وقع بين عامي 304 _ 305 قبل الميلاد
التمثال الضخم في جزيرة رودس تم تشييده عام 280 قبل الميلاد , وبقي واقفاً في مكانه 54 عام فقط قبل أن تتم الإطاحة به عند وقوع زلزال قوي ضرب الجزيره عام 226 قبل الميلاد . كان التمثال عظيماً الى درجة أنه عُد واحداً من عجائب دنيا زمانه السبعه . قام سكان رودس بالإحتفال عن طريق الإستعانه بالمعماري ( تشاروس ) لبناء تمثال عظيم لإلههم الحامي ( هيليوس ) إله الشمس
بدأ البناء عام 292 قبل الميلاد وإستخدمت في بناءه جميع المعدات المعدنيه التي تركها الجيش الغازي خلفه حين هرب . وقف التمثال على دكة من المرمر الأبيض إرتفاعها 15 متر قرب فتحة الميناء , وكانت توجد فتحة بين ساقيه غير أن الأمكانيات الهندسيه القديمه لم تتمكن من جعل التمثال يفتح ساقيه ليضع كل قدم على ساحل إحدى ضفتي الميناء بل بقي واقفاً على ضفة واحده
المؤلف المسرحي وليام شكسبير في مسرحية يوليوس قيصر , وصف القيصر بأنه يملك ساقين عظيمتين يسير بهما كما سار تمثال هيليوس إله الشمس
من مفارقات القدر أن معماري هذا الصرح لم يتمكن من رؤيته كاملاً لأنه مات منتحراً بعد أن تم إخباره أن التمثال يحمل عيباً ما في تصميمه . يتكون التمثال من هيكل داخلي إرتفاعه 30 متر مصنوع من حديد أسلحة المهاجمين الهاربين أما الجلد الذي غطى هذا الهيكل فمصنوع من صفائح من النحاس صنعت من قطع النحاس التي تركها الهاربون
بعض المصادر التاريخيه شرحت أن التمثال وقاعدته كانا قد نُصِّبا في منطقة كاسر الأمواج التي بُنيت في مقدمة مياه الميناء لتمنع عن الميناء الغرق بأمواج البحر القوية العاليه . وعلى أي حال وحيثما يكون موقع التمثال فقد جاء الزلزال وحطمه بكسر ركبتيه وأسقط أجزاءه العليا عن دكته المرمريه
بعد سقوط التمثال بقي حطامه في مكانه مدة 8 قرون رغم كل المحاولات لإعادة تعميره , ذلك أن الروديسيين رأوا أن سقوط تمثال إلههم الحامي يعد فأل شؤم على الجزيرة وأهلها
حين زار الفيلسوف الروماني بليني الأكبر التمثال الساقط , كتب يقول : إن حجم كل إصبع من أصابع التمثال كان أكبر من أحجام التماثيل الموجوده في كل جزيرة رودس وأنه رغم سقوطه , لكن أناساً كثيرين يقدمون لزيارته حيث لم يكن يتمكن أضخم رجل من هؤلاء الزائرين من تطويق إبهام التمثال بسبب حجمه الهائل
في العام 653 ميلاديه سقطت رودس تحت حكم العرب في عهد الخليفه معاويه بن أبي سفيان , فقام العرب برفع الأجزاء الساقطه عن التمثال من الماء , ثم ربطوا حبالاً متينه حول الأجزاء الباقيه فوق القاعدة الرخاميه وسحبوها وأسقطوها , وقاموا بإذابة كل هذا المعدن وحولوه الى سبائك باعوها الى تاجر يهودي من حمص حملها معه الى سوريا على ظهر 900 جمل
عام 2008 نشرت صحيفة الغارديان البريطانيه أنه سيتم بناء التمثال العملاق الحديث في مدخل الميناء من قبل الفنان الألماني ( غيرت هوف ) الذي يقود فريقاً مقره كولونيا ومن المقرر أن يكون التمثال مصنوع جزئياً من معادن أسلحه تجمع من جميع أنحاء العالم ويتم تذويبها لهذا الغرض و سيكلف الإنشاء 200 مليون يورو
وفي ديسمبر 2015 أعلنت مجموعة من المهندسين المعماريين الأوروبيين عن خطط لبناء التمثال في مدخل الميناء على الرغم من كثرة الأدلة والأفكار العلمية التي تقول أن النصب الأصلي لم يكن قائماً هناك بل هو واقع في مكان آخر من الجزيره
سيكلف التمثال الجديد ، الذي يبلغ ارتفاعه 150 متراً أي خمسة أضعاف ارتفاع التمثال الأصلي ما يقدر بنحو 283 مليون دولار أمريكي ، ويتم تمويله من خلال التبرعات الخاصة تتضمن الساحه المحيطه بالتمثال مركزاً ثقافياً ومكتبة وقاعة عرض وفنار كلها تعمل بألواح الطاقه الشمسية , وحتى يومنا هذا في تموز 2018 لم تباشر أية خطوه عمليه نحو تحقيق هذا المشروع
د. ميسون البياتي