رياض الحبيّب
خاص: موقع لينغا
ما أروع اختيار السيد المسيح له المجد عددًا من تلاميذه من صيّادي سَمَك بُسَطاء، لا من الفلاسفة ولا العلماء! لكنّهم ما لبثوا، بعد حلول الروح القدس عليهم في يوم الخمسين، أنِ اٌنطلقوا إلى بلدان عدّة يبشِّرون بالسَّيِّد المسيح ويلاقون الموت قتلًـا، الواحد تلو الآخر، بسرور ودون مقاومة. أمّا بولس الرسول والرجل الثاني في المسيحية (بعد المسيح) فقد كان يكسب قُوْتَهُ من صُنع الخِيم. وقد استطاع هذا الرجل أن يحوّل اليونان، بلاد الطب والفلسفة والميثولوجيا، إلى المسيحية. بالإضافة إلى تحويل مدن أخرى في آسيا الصغرى (تركيا حاليًّا) وغيرها، بشّر هنا وهناك وثبّت إيمان المؤمنين والمؤمنات وعيَّن أساقفة. ومعلوم من سيرته أنه كان يهوديًّا متشدِّدًا؛ حتى رضِيَ عن رجْم الشمّاس استيفانوس (شهيد المسيحية الأوّل) بل لاحق الجماعات المسيحيّة الأولى التي من خلفيّة يهوديّة. أمّا مصيره فكان الموت قتلًـا أيضًا. وقد وصَلَنا من التقليد المسيحي أنّ القتل كان مَصِيْرَ تلاميذ المسيح ورسله، باستثناء يوحنّا الإنجيلي (الكاتب أيضًا الرسائل الثلاث المسمّاة باٌسمه وسِفر الرّؤيا) الذي أوصاه المسيح قُبَيل قتله مصلوبًا بالإعتناء بأمّه السَّـيِّدة المُطَوَّبَة مريم العذراء
عِلمًا أنّ الشريعة الموسويّة قد نصَّت في سفر العدد 35 على أن القاتل يُقتَل ولا تؤخَذ عن نفسه فِدية! لكنّ من يقرأ الإنجيل يجد السيد المسيح خير حَلّـال لجميع المشاكل ومنها القتل. فقد عالج هذه المشكلة من جذورها، أي نظر أوَّلًـا إلى السبب الذي يضطر الإنسان إلى قتل أخيه الإنسان؛ إنما يكمن في تجاهل وصايا الله العشر المدوَّنة في سفر الخروج 20 والتي أكّد السيد المسيح عليها (متى 19 ومرقس 10 ولوقا 18) وأكّد على أهمِّها: حُبّ الإنسان اللهَ وحُبُّهُ أخاه الإنسان كنفسه. لذا لا مبرِّر للقتل (وسائر أعمال الشرّ) بعد حفظ وصايا الله العشر والعمل بها. قالت الكاتبة البريطانية أجاثا كريستي: (كل قاتل كان في يوم ما صَدِيقًا قديمًا لأحد) لعَلَّها قصدتْ أنّ الإنسان ما فُطِرَ (خُلِق) على القتل ولا اكتسبَهُ بالوراثة، بل هو صناعة موت وبِئْسَتْ هذه الصِّناعة! رُبَّما أفعال الشرّ هي التي دفعت فريدريش نيتشه، الفيلسوف الألماني المُلحِد، إلى القول: (القرود أكثر طِيبة مِن أن يكون الإنسان قد تحدَّر منها) فمن ذا يلوم نيتشه؟
أمّا سبب كتابة ما تقدّم فهو أني لا أستطيع أن أتخيّل إنسانًا قتل أخاه الإنسان وضميره بقِيَ مرتاحًا بلا تأنيب شديد ونام الليل آمِنًا بلا أرق، أيًّا كان سبب القتل؛ ما عدا أحكام القضاء العادل في دول العالم التي ما تزال تطبِّق عقوبة الإعدام، عِلمًا أني لا أزال واقفًا ضدّ تطبيق هذه العقوبة وضدّ أخذ الثأر أو الإنتقام. وإذا أردتُ الحديث عن إحدى تجاربي قليلًـا فإني طالما حلمتُ في صِباي بصيد السمك، على أمل في أن يأتي المسيح ثانية ليجعلني صيّادًا للناس من أجل اسمه. فتحققت أمنية صيد السمك؛ إذ تعلّمت الصَّيد بالقرب من القطب الشمالي وحصلت على صيد وفير، كنت آخذ منه ما يسدّ حاجتي وأعطي القسم الأكبر للأصدقاء. لكنّ سمكة واحدة أرّقتني يومًا فتوقفت عن الصيد؛ كنت أتصيّد في مرفأ ترسو عنده زوارق وبواخر، منها سياحيّة فرأتني سائحة سويديّة في ذلك اليوم وأنا ألتقط سمكة بسنّارتي المتواضعة وشوكتها عالقة بجسم السمكة. قالت: لقد خالفت إحدى قواعد الصَّيد عندنا، عليك أن تصطاد السمكة التي تعضّ الشوكة فتنبت في فمها، لذا حاول الآن نزع الشوكة من جسم السمكة لتعيدها إلى البحر. ففعلت، لكن السمكة في أثناء الحوار تجمّدت، بدرجة حرارة انخفضت تحت الصفر 15 درجة فبقيت المغدورة طافية، لم تقو على الحركة أو أني لم أميّز حركتها البطيئة من السكون، بينما ميّزها أحد النوارس فانقضّ عليها والتقط رأسها بمنقاره من تحت سطح الماء بسرعة وخرج طائرًا بها في الجوّ ليبتلعها وأحد رفاقه يلاحقه
فبقِيَ المشهد حيًّا أمامي إلى اليوم لأن ضميري استمرّ في تأنيبي على غلط فعلتُهُ وإن كان بدون تعمّد، سببه جهلي بإحدى قواعد الصيد والقانون لا يحمي المُغَفَّلين! ما يزال ضميري يؤنِّبني على إيذاء سمكة واحدة سبق لي اصطياد عشرات من صنفها وحجمها ولونها. أمّا السائحة فغادرت المكان مستغربة ممّا حصل. ولحسن الحظّ، لم تسألني عن جنسيّتي. ولو سألتني لصَعُبَ عليّ إخبارها عن إحدى وسائل صيد السّمَك الرهيبة في العراق (المتفجّرات) فكيف لي بعد ما تقدّم أن أتخيّل قول كُلَيْبَ بن ربيعة
إنْ يكنْ قـتْـلُنا المُلوكَ خَطاءً * أو صَوابًا فقد قـتَـلْـنا لَبيدا
وجَعَلْنا مع المُلوكِ مُلوكًا * بجيادٍ جُرْدٍ تُقِلُّ الحَدِيدا… إلخ
كلام ثقيل في بحر خفيف! فهل كان المهمّ عند كُلَيْب قتل لبيد الغـسّانيّ زوج أخته (الزهراء) لأنه لطمها ولأنّ في قلبه ترسبات من أفعال لبيد السّيّئة (ما سبقت الإشارة إليه في حلقة الكامل) بغضّ النظر عن احتماليّة وجود خطأ في قرار القتل؟ تجد-ين المزيد في «شعراء النصرانية» للأب لويس شيخو ج1 ق2 ص151 فماذا كان مصير كُلَيب في النهاية سوى الموت قتلًـا أيضًا؟ سواء أقتلَهُ جَسّاس (أخو زوجته) أم غيره. وماذا كانت نتيجة طلب الثأر سوى استمرار حرب البسوس حوالي أربعين سنة؟ ومن اللافت في الروايتين أنّ كِلا المقتولَين ( لَبيد وكُلَيب) كان زوج أخت القاتل
* * * * *
بَحْرُ الخَفيف
ينضمّ الخفيف إلى قائمة البحور الأكثر استعمالًـا في الشعر العربي، القديم منه والحديث، لسهولة وزنه وخفّته وللجوازات الممكنة في تفاعيله والمستحَبّة. وقد رفده كل ديوان شعر عمودي ما لم يُفـقَـد منه شيء. وزنه التامّ: فاعِلاتُنْ مُسْتفعِلنْ فاعِلاتُنْ (مرّتين) وقد اشتُهِر تامُّ الخفيف أكثر من مجزوئه فاعِلاتُنْ مُسْتفعِلنْ (مرّتين) بكثير. وأُلحِقت بكليهما اجتهادات عدّة كالتي في «العقد الفريد» ج 3:5 لكني آثرت ذكر ما تذوّقه أقدم الشعراء وأشهرهم ولم أضِنّ بذكر إبداع ما وجدتُهُ مستساغًا وغير ملتبس مع مجزوء بحر آخر. فمَن أتقن الأصول ثمّ رغِبَ في التوسّع سَهُلتْ عليه الفروع
أهمّ الجوازات في الخفيف: الخبن والتَّشْعيث
جاز الخَبْنُ فَعِلاتُنْ ومَفاعِلُنْ في فاعِلاتُنْ ومُسْتفعِلنْ واٌستُحسِن كلاهما، سواء في تامّ الخفيف وفي مجزوئه. أمّا الكفّ فاعلاتُ ومُسْتفعِلُ فقبيح إلّـا في التصريع
والتَّشْعيثُ في الخفيف: ذَهابُ عَين فاعِلاتُنْ فتبقى فالاتُنْ التي تُنقَل في التقطيع إلى مَفعُوْلُنْ. وقد جاز التشعيث في الضَّرب أمّا في العروض فللتصريع فقط
فالتَّشْعيثُ في الخفيف جواز وامتياز أيضًا، رأينا مثله في الكامل وتحديدًا في الضرب المقطوع مُتفاعِلْ= فَعِلاتُنْ حيث جاز إسكان عينها لتصير فَعْلاتُنْ= مَفعُولُنْ
الخلاصة: للخفيف عَروضان الأولى تامّة فاعِلاتُنْ جاز فيها الخبْن فَعِلاتُنْ؛ لها ضرب واحد مِثلها يجوز فيه التشعيث مَفعُوْلُنْ. وقد اٌستُحسِن الخَبْن مَفاعِلُنْ في مُسْتفعِلنْ
أمّا الثانية مجزوءة مُسْتفعِلنْ؛ لها ضرب واحد مثلها. وقد اشتُهِرَ الخبْن مَفاعِـلُنْ في العَروض وفي الضَرْب
عِلمًا أنّ التدوير مألوف في غالبيّة أبيات قصيدة الخفيف. فإذا لاحظ-ت القارئ-ة غياب النجمة التي بين الصدر والعجز (في هذه المقالة) دَلّ غيابُها على أنّ البيت مُدَوَّر
* * *
أمثلة على الخفيف التامّ
أبيات الخفيف التامّ كثيرة جدًّا؛ منها المشهور ومنها المقرّر في مناهج مدرسية ومنها المُغنّى بأصوات غنائية جميلة ومتمكنة. فاٌخترت ما يأتي اختصارًا، لكنّ القارئ والقارئة يستطيعان وضع أي منها في مُحَرِّك البحث غوغل (وغيره) للإستمتاع بالنصّ الشعري كاملًـا. هنا أوّلًـا مطلع مُعَلَّقة الحارث بن حَلِّزَة اليَشكريّ
آذنَتْنا ببَيْنِها أسماءُ * رُبَّ ثاوٍ يمَلّ منهُ الثواءُ
* * *
المُهَلهِل؛ ت 531 م
نقرأ في كتاب «شعراء النصرانية» المذكورِ عن المهلهل: [هو أبو ليلى عَـدِيّ بن ربيعة التغلبي؛ من شعراء نجْد من الطبقة الأولى، تنصّرت قبيلته تغلب منذ أوائل القرن الرابع. واٌسمه (عَدِيّ) قد دَلّ على نصرانيّته لأنّ مار عَدِيّ اسم أحد تلامذة الربّ الإثنين والسبعين الذين أرسلهم الرُّسُل للتبشير. وفي شعره ما دلّ على إيمانه باله واحد وبالبعث والنشور (نَشَرَ الميتُ يَنْشُر نُشُورًا إِذا عاش بعد الموت، وأَنْشَره الله أَي أَحياه. عِلمًا أنّ النَّشْر: المِسْك، الرِّيح الطيِّبة- لسان العرب) وهو أيضًا خال امرئ القيس الذي قيل أنّهُ ورث الإجادة في الشعر مِن خاله المُهَلهِل، سمّاه أخوه كُلَيب زيرَ النساء أي جليسهُنّ. والمُهَلهِل أوّل مَن عُـرِفَ بنظم القصيدة المطوَّلة وأوّل مَن أدخل الغزل في الشعر وأوّل شاعـر جُمِعَ له ديوان شِعْـر] انتهى. أمّا قصائد المهلهل التي من الخفيف في «شعراء النصرانية» خمس؛ ثلاث منها لامِيّات، وزن القافية في كل منها مختلف عن الآخَر. فأبدأ باللامِيّة التي وزن قافيتها فعْلـا بفتح الفاء أو خفضه
إنّ تحتَ الأشجار حَزْمًا وعَزْمًا * وقتيلًـا مِن الأراقمِ كَهْلا
إنْنَتَحْتَلْ- أشْجارحَزْ- مَنْوَعَزْمَنْ * وقتِـيْـلَنْ- مِنلْـأَرا- قِمِكَهْلـا
فاعِلاتُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَاعِلاتُنْ * فَعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ- فَعِلاتُنْ
ذهَبَ الصُّلحُ أو ترُدّوا كُلَيْبًا * أو تنالَ العُداةُ هُوْنًا وذُلّـا
ذهَبَ الصُّلحُ أو ترُدّوا كُلَيْبًا * أو تذُوقوا الوَبالَ وِرْدًا ونَهلا
– – –
إنَّ في الصَّدرِ مِن كُلَيْبَ شُجُونًا * هَاجِسَاتٍ نَكَأْن مِنْهُ الجِرَاحَا
إنْنَفِصْصَدْ- رِمِنْكُلَيْ- بَشُجُونَنْ * هَاجِسَاتِنْ- نَكَأْنَمِنْ- هُلْجِرَاحَا
فاعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ- فَعِلاتُنْ * فاعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ- فاعِلاتُنْ
بئسَ مَنْ عاشَ في الحياة ِ شقـيًّا * كاسفَ اللونِ هائمًا مُلتاحا
بئسَمَنْعا- شَفِلْحَيا- تِـشَـقِـيْـيَنْ * كاسِفَلْلَوْ- نِهائمَنْ- مُلْـتاحا
فاعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ- فَعِلاتُنْ * فاعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ- مَفعُوْلُنْ
هُلْجِرَاحَا= فاعِلاتُنْ. لاحِظ-ي التشعيث في مُلتاحا= مَفعُوْلُنْ
– – –
طفلةٌ ما اٌبنةُ المُجَلِّلِ بيضاءُ لَعُوبٌ لذيذةٌ في العِـناقِ
إنَّ تحت الأحجار جَدًّا ولِينًا * وخَصِيمًا ألدَّ ذا مِعْلاقِ
في العِـناقِ: فِلْعِـناقِيْ= فاعِلاتُنْ. مِعْلاقِ: مِعْلاقِيْ= مَفعُوْلُنْ
– – –
هنا قافيّة لاميّة ثانية على وزن فعُـولا، جاز معها الوزن فعِـيلا، لكن لا يجوز فِعْلا ولا فِعَالا أو فَعّالا إطلاقًا، هنا وفي جميع القصائد العموديّة الموحّدة بالقافية
باتَ لَيْلِي بالأَنْعَمَيْنِ طَوِيلا * أرقبُ النجمَ ساهرًا لن يزولا
كيفَ أنساكَ يا كُلَيبُ ولمّا * أَقْضِ حُزْنًا يَنُوبُنِي وغَلِيلا
لمْ يُطيقوا أنْ ينزلوا ونزَلْنا * وأَخُو الحَرْب مَنْ أَطَاق النُّزُولا
– – –
وهنا القافية الثالثة موحَّدة على وزن فِعَالا، لكن لا يجوز معها فِعْلا ولا فَعُوْلا أو فَعِيْلا إطلاقًـا، هنا وفي جميع القصائد العموديّة الموحّدة بالقافية
ليس مِثلي يُخبِّرُ الناسَ عن آبائِهِمْ قُـتِّلوا ويَنسَى القِتالا
لم أرُمْ عَرْصَة الكتِيبة حتّى اٌنتعَلَ الوَرْدُ مِن دِماءٍ نِعالا
غلبونا ولا محالة يومًا * يغلِبُ الدَّهرُ ذاكَ حالًـا فَحَالا
– – –
أمّا في الشعر العمودي الحديث ذي المقاطع المتنوّعة بالقوافي فيجب الإلتزام بالقافية المُوَحَّدة في كلّ نتفة أو قطعة فأزْيَد، لا يجوز الخلط مثالًـا؛ بين فِعْلا وبين فِعَالا أو فَعّالا (مَفعُوْلُنْ) وبين فَعُولا أو فَعِيلا في مقطع واحد إطلاقًـا وأيًّا كان وزن القصيدة
* * *
بشار بن برد 1؛ البصرة 714 – 784 م
دُرَّةٌ حيثما أديرتْ أضاءتْ * ومَشَمٌّ مِن حيثما شُمَّ فاحا
وجِنانٌ قال الإلهُ لها كُوني فكانتْ رُوحًا ورَوحًا وراحا
المَشَمّ: المشموم= المِسْكُ. جِنانٌ: جمع جَنَّة. الرُّوح- بضمّ الراء: طاقة الحياة. الرَّوح- بفتح الراء: النسيم البارد الطّيّب. الرّاح: الخمر
– – –
بشار بن برد 2
عَبْدَ إنِّي إليكِ بالأشواقِ * لِتَلاقٍ وكَيْفَ لي بالتلاقي
أنا واللهِ أشتهي سِحْرَ عينيكِ وأخشى مَصَارِعَ العُشّاقِ
سَمّى بشّار اسم محبوبته عَبْدَة؛ تارة عَبْدَ تخفيفًا وأخرى عُبَيدة تصغيرًا لا تحقيرًا وثالثة عَبّادة مبالغة- حسبما اقتضى الوزن الشعري
* * *
أبو نؤاس 1؛ الأحواز- إيران 762 – 813 م
شَهِدَتْ جَلْوَة العَروسِ جِنانٌ * فاٌستمالتْ بحُسْنِها النّظّارهْ
حَسَبُوها العروسَ حين رأوها * فإليها، دون العروس، الإشارهْ
قال أهْلُ العروس حين رأوها * ما دهانا بها سوى عَمّارهْ
جِنانٌ: محبوبة أبي نؤاس التي سبق التعريف عنها في حلقة الهزج، إسم عَلَم جاز تنوينه للضرورة الشعريّة. عَمّارة: مَولاة جنان
* * *
ابن الرومي؛ بغداد836 – 896 م
يا خَلِيلَيَّ تَيَّمَتْني وَحيدُ * ففؤادي بها مُعَـنَّىً عَمِيدُ
غادةٌ زانَها مِن الغصن قـدٌّ * ومِن الظَّبي مُقلتانِ وجِيدُ
وزهاها مِن فرْعِها ومِن الخدَّين ذاك السَّوادُ والتوريدُ
هذه الأبيات من قصيدة قرأتها في أحد مناهج الدراسة الثانوية في العراق
* * *
البحتري 1؛ منبج- سورية 820 – 897 م
صُنتُ نَفسي عَمّا يُدَنِّسُ نَفسي * وتَرَفَّعتُ عَن جَدا كُلِّ جِبْسِ
وتَماسَكتُ حين زَعزَعَني الدَهْــرُ اٌلتِماسًا مِنهُ لِتَعْسِي ونَكْسي
هذه النتفة من قصيدة قرأتها في أحد مناهج الدراسة الثانوية في العراق
* * *
المتنبي؛ الكوفة- العراق؛ 915 – 965 م
مالَنا كُلُّنا جَوٍ يا رَسولُ * أَنا أَهوى وقلبُكَ المَتبولُ
كُلَّما عادَ مَن بَعَثتُ إِلَيها * غارَ مِنّي وخان فيما يَقولُ
صَحِبَتْني عَلى الفَلاةِ فَتاةٌ * عادَةُ اللَونِ عِندَها التَبديلُ
هذه القطعة من قصيدة للمتنبي وفي ديوانه قصائد أخرى من الخفيف
* * *
صَفِيّ الدِّينِ الحِلِّي؛ الحِلّة- بابل 1276 – 1349 م
إنّمـا الحَيزَبونُ والدّردَبيسُ * والطَّخَـا والنُّقـاخُ والعَلْطبيــسُ
والغطاريسُ والشقحْطبُ والصَّقعـبُ والحَرْبَصيصُ والعَيطموسُ
والحَراجيجُ والعفنقسُ والعفلق والطّرفسان والعَطْسَطُوسُ
لُغَةٌ تـنفرُ المَسامِعُ منها * حين تُروى وتشمئِزّ النفوسُ
دَرَسَتْ تِلكُمُ اللّغاتُ وأضحى * مَذهَبُ النّاس ما يقولُ الرَّئيسُ
إنما هذهِ القلوبُ حَديدٌ * ولذيذ الألفاظِ مغناطيسُ
هذه القطعة ممّا قرأت أيضًا في أحد مناهج العراق المدرسية
* * *
المستنجد بالله؛ ت 1170 م \ 566 هـ
عَيَّرَتْني بالشَّيب وَهْـوَ وِقارُ * ليتها عَـيَّرَتْ بما هو عارُ
إنْ تكنْ شابتِ الذوائبُ مِنِّي * فالليالي تَزِيْنُها الأقـمارُ
هو الخليفة العباسي الثاني والثلاثون؛ وُصِفَ بالعـدل إذ كان شديدًا على المُفسِدين وبالرِّفق والذكاء. وكانت له معرفة بالأسطرلاب- آلة فلكيّة قديمة
وقد اشتُهِر هذان البيتان بعدما تغنّى بهما سفيرُ الغناء العراقي المُقيم في الذاكرة العِراقيّة، أينما ذهبت وشردت، المُطْرِب ناظم الغزالي. كان من خِصاله الحميدة التواضع؛ إذ رفض أيّ لقب إضافي على اٌسمِهِ الطّيّب الذِّكر، تواضعًا منه واعترافًا بفضل أستاذه محمد القبانجي (ت 1988 م) الذي فُجِعَ بموته المفاجئ. كما أن الغزالي بقيَ وفيًّا لأصدقاء صِباه بعد اشتهاره، حتى غنّى لهم في حفلات الأعراس مجّانًا
فصوت ناظم الغزالي (بغداد 1921 – 1963 م) بحسب ذوقي من أعْـذب الأصوات الغنائيّة صَدْحًا بالعربيّة؛ تغنى بقصائد كثيرة (أو قِطَعٍ منها أو نُـتَف) لشعراء كثر؛ منهُم العبّاس بن الأحنف (يا أيها الرجل المُعَذِّبُ نفسَهُ- من الكامل) والمتنبي (يا أعْدَلَ الناس إلّـا في معاملتي- البسيط) وأبو فراس الحمداني (أقول وقد ناحتْ بقربي حمامة- الطويل) والبهاء زهير (يا من لعبت به شَمولُ- من المُوَشَّحات) وأحمد شوقي (شيَّعْتُ أحلامي بقلبٍ باكِ- الكامل) وإيليا أبو ماضي (أي شيء في العيد أهدي إليكِ- الخفيف) وغيرهم. المزيد في سيرته على ويكيبيديا وعدد من أغانيه على يوتيوب
* * *
هدية العيد- إيليا أبو ماضي 1؛ لبنان 1889 – 1957 م
أي شيء في العيد أهدي إليكِ * يا مَلاكي وكلُّ شيءٍ لدَيكِ
أسِوارًا أم دُمْلُجًا مِن نُضارٍ * لا أحبُّ القيود في مِعْصَمَيكِ
أمْ ورودًا والوردُ أجْمَلُهُ عندي اٌلذي قد نشَقتُ من خدَّيكِ
أم عَـقيقًا كمُهجتي يتلظّى * والعقيقُ الثمينُ في شفتيكِ
ليس عِنديْ شيءٌ أعزّ من الرُّوح ورُوحيْ مرهونةٌ في يَدَيكِ
الدُّمْلَج: المِعْضَد. النُّضار: الذهب. نشقتُ: شَمِمْتُ. العَقِيق: خرز أَحمر يُتَّخَذ منه الفُصوص، الواحدة عَـقِيقة – لسان العرب
– – –
هدايا العيد- إيليا أبو ماضي 2
خرج الناس يشترون هدايا العيد للأصدقاء والأحبابِ
فتمنّيت لو تساعفني الدُّنيا فأقضي في العيد بعض رغابي
كنتُ أهدي إذنْ من الصبر أرطالًـا إلى المُنشئين والكُتّابِ
وإلى كلّ نابغٍ عبقريٍّ * أمّة أهْلُها ذوو ألبابِ
وإلى كلّ شاعِرٍ عربيٍّ * سلّة مِن فواكه الألقابِ
* * *
جميل صدقي الزهاوي 1؛ بغداد 1863 – 1936 م
أسفِري فالحجابُ يا اٌبنة فِهْرٍ * هُوَ داءٌ في الاجتماع وخيمُ
كل شيءٍ الى التجدّدِ ماضٍ * فلماذا يُقَرّ هذا القديمُ
أسفِري فالسفورُ للناس صُبْحٌ * زاهرٌ والحجابُ ليلٌ بَهيمُ
أسفِري فالسفور فيه صلاحٌ * للفريقين ثم نفعٌ عَميمُ
زعموا أنَّ في السّفور اٌنثلامًا * كذبوا فالسفورُ طُهْرٌ سليمُ
لا يَقي عِفَّة الفتاة حجابٌ * بل يَقيها تثقيفُها والعلومُ
– – –
جميل صدقي الزهاوي 2
مَزِّقي يا اٌبنة العراق الحجابا * أسفري فالحياة تبغي اٌنقلابا
مَزِّقِيهِ وأحْرِقيهِ بلا ريثٍ فقد كان حارسًا كذّابا
والمثالان ممّا قرأت في أحد مناهج المدرسة العراقية
* * *
أحمد شوقي؛ مصر 1868 – 1932 م
خدَعوها بقولِهِم حَسناءُ * والغواني يَغُرُّهُنَّ الثَناءُ
أتُراها تَناسَتِ اٌسمِيَ لَمّا * كَثُرَتْ في غرامِها الأَسماءُ
نظرَةٌ فابتِسامَةٌ فسَلامٌ * فكَلامٌ فمَوعِدٌ فلِقاءُ
ففِراقٌ يَكونُ فيهِ دَواءُ * أو فِراقٌ يَكونُ مِنهُ الداءُ
وعَلَينا مِن العَفافِ رَقيبٌ * تَعِبَتْ في مِراسِهِ الأَهواءُ
جاذبَتْني ثَوبيْ العَصِيَّ وقالتْ * أَنتُمُ الناسُ أَيُّها الشُعَراءُ
من قصيدة تغنّى بها الموسيقار محمد عبد الوهاب (القاهرة 1902– 1991 م) والأغنية متوفرة على يوتيوب
* * *
نزار قباني؛ دمشق 1923 – 1998 م
مَرْحَبًا ياعراقُ جئتُ أُغـنِّيكَ وبعضٌ مِن الغِـناءِ بُكاءُ
مرحبًا مرحبًا أتعْرِفُ وَجْهًا * حَفَـرَتْهُ الأيّامُ والأنواءُ
أكلَ الحُبُّ مِن حُشاشةِ قلبي * والبقايا تقاسَمَتْها النساءُ
من قصيدة مطوَّلة للشاعر وإن اختلفتُ مع توجّهِهِ الفكري والسياسي فيها وفي غيرها
* * *
تهويمة صوفية- فدوى طوقان؛ نابلس 1917 – 2003 م
أيّ لحْن مسلسل رقراقِ * راح ينساب في مدى الآفاقِ
أيقظ الكون حين منبثق الفجر على غمرةٍ من الأشواق
وإذا الحب ملء هذا الوجود الرَّحْب يسري في روعة واٌنطلاق
كلّ ما في الوجود من روعة اٌسم الله في نشوةٍ وفي اٌستغراقِ
– – –
أيّ لحن مخلّد سرمديّ * من لحون الآزال والآبادِ
أيّ لحن قد صَيَّر الكون أغرودة حُبٍّ رخيمة الإنشاد
يا لهذا النشيد تنطلق الأرواح فيه مِن ربْقة الأجسادِ
يا لهذا النشيد أوغل في أعماق ذاتي مُحطِّمًا أصفادي
* * *
مأساة الحياة- نازك الملائكة؛ بغداد 1923 – 2007 م
عبثًا تَحْلُمينَ شاعرتي ما * مِن صبـاح للَيـلِ هـذا الوجودِ
عبثًا تسألين لـن يُكْشَفَ السِّـرُّ ولن تَنْعمـي بفـكِّ القيــودِ
– – –
فـي ظلال الصَّفْصافِ قضَّيتِ ساعاتِكِ حَـيْرى تُمِضُّكِ الأسرارُ
تسـألين الظِّـلالَ والظِّـلُّ لا يـعْـلَـمُ شــيئًا وتعْـلــمُ الأقــدارُ
– – –
أبــدًا تنظــرين للأُفُق المجهـول حـيرى فهـل تجلّى الخَفِيُّ؟
أبـــدًا تســألين والقـدَرُ الســاخــرُ صمــتٌ مُسْــتغـلِقٌ أبـديُّ
– – –
هُــوَ سـرُّ الحيـاة دقَّ عـلى الأفــهـامِ حـتى ضـاقتْ بـه الحُكماءُ
فاٌيْأسِـي يـا فتاةُ ما فُهِمَتْ مـِنْ * قـبْلُ أسـرارُها ففِيمَ الرَّجاءُ؟
* * *
رياض الحبيّب؛ العراق 7000 ق م
سارة القدس رُدّ قلبي إليّا * رُبْعَ قرنٍ تركتُهُ مَنسِـيّا
قلتُ مَن يأمَنُ الفؤادُ هواها * ويُداري فـيستريحُ هـنيّا؟
لم أضعْ في ذهني شُروطًا على مَن * تحْضُنُ العُـمْرَ والطّموحَ القـصِـيّا
– – –
الرِّضا في عـينيك أحلى مِن الشَّهْـد وعَهْـدٌ عليّ ما دُمتُ حَيّا
أنتِ تستأهلين أفـضلَ مِنّي * بكـثيـرٍ وذا مَراتِبَ عُـليا
أنتِ سِرُّ الإلهام والوَحْي يا يَنبُوعَ شِـعْـري ستـصْـنَعـيـن نبيّا
من قصيدة عاطفيّة لا علاقة لها بالسِّياسة، منشورة الكترونيًّا
¤ ¤ ¤
أمثلة على مجزوء الخفيف
أبو نؤاس 2
خاطب أبو نؤاس بالأبيات التالية محبوبته جِنان بعدما وَعَدَتْهُ بزيارة في يوم سفر زياد أخي مولاتِها. فسافر زياد لكنّ جنان ما وفت بوعدها
جَفنُ عَينيْ قد كادَ يَسْقُطُ مِن طولِ ما اٌختَلَجْ
جَفنُعَينيْ- قدْكادَيَسْ * قُطُمِنطُوْ- لِمَخْتَلَجْ
فَاعِلاتُنْ- مُستفعِلُنْ * فَعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ
وفُؤادي مِن حَرِّ حُبِّكِ والهَجْرِ قد نَضَجْ
وَفُؤادي- مِنْحَرْرِحُبْ * بِكِوِلْهَجْ- رِقَدْنَضَجْ
فَعِلاتُنْ- مُستفعِلُنْ * فَعِلاتُنْ- مَفاعِلُنْ
خَبِّريني فَدَتكِ نَفسي وأَهلي مَتى الفَرَجْ؟
خَبْبِرِيْني- فَدَتكِنَفْ * سِيْوَءَهْلي- مَتَـلْـفَرَجْ
فَاعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ * فَاعِلاتُنْ- مَفاعِـلُنْ
كانَ مِيعادُنا خُروجَ زِيادٍ وقد خَرَجْ
أَنتِ مِن قتْلِ عائِذٍ * بكِ في أَضْيَقِ الحَرَجْ
* * *
بشار بن برد 3
قال رِيمٌ مُرَعَّـثٌ * ساحِرُ الطَّرف والنظرْ
لستَ واللهِ نائلي * قلتُ أوْ يغلِبَ القدَرْ
أنتَ إنْ رُمتَ وَصْلَنا * فاٌنجُ هلْ تُدركُ القمَرْ؟
المُرَعَّث: لابس الرِّعاث؛ جمع رَعْثة: ما عُلِّقَ بالأُذن من قُرْط ونحوه- لسان العرب
* * *
البحتري 2
مُخْلِفٌ في الذي وَعَـدْ * سِيلَ وَصْلًـا فلمْ يَجُدْ
فهْوَ بالحُسْنِ مُستبِــدٌّ وبالدَّلِّ مُنفرِدْ
قد تطلَّبتُ مخرجًا * مِن هَـواهُ فلم أجِدْ
– – –
قد رَحَلْنا عَنِ العِراقِ وعَنْ قيظِها النَّكِدْ
حَبَّذا العَيشُ في دِمَشــقَ إذا لَيلُها بَرَدْ
حَيثُ يُستقـبَلُ الزمانُ ويُستحسَنُ البَلَدْ
سَفَرٌ جَدَّدَتْ لَنا الـلَّهوَ أَيّامُهُ الجُدُدْ
* * *
بشارة الخوري أو الأخطل الصغير
بيروت 1885 – 1968 م
جَفنُهُ عَلَّمَ الغزلْ * ومِن العِلْمِ ما قتلْ
فحَرَقْـنا نُفوسَنا * في جَحيمٍ مِن القُـبَلْ
– – –
ونشَدْنا ولم نزلْ * حُلُمَ الحُبّ والشّبابْ
حُلُمَ الزهْـر والندى * حُلُمَ اللهو والشّرابْ
– – –
هاتها من يد الرضى * جرعة تبعث الجنونْ
كيف يشكو من الظَّما * مَن لهُ هذه العيونْ
في النتفتين الثانية والثالثة إبداع في الضَّرْب؛ مَفاعِلانْ بدل مَفاعِلُنْ
وقد حَرَّك الشاعر لام حُلْم للضرورة الشعرية
تغنّى بهذه القصيدة الموسيقار محمد عبد الوهاب والأغنية متوفرة أيضًا
* * *
شَعْرة بين المديد والخفيف
ذكرت في معرض بحر الرَّمَل مثالًـا على الفرق بين المديد والخفيف اللذين تنقّـل الشاعر الكبير الجواهري بهما في قصيدته العمودية (مرحبًا يا أيُّها الأرَقُ= فاعِلاتُنْ فاعِلُنْ فَعِلُنْ) التي ذكرت منها أحد الأمثلة على بحر المديد والتي وجدتُ الشاعِرَ ناظِمًا بين مقاطعها، المتنوِّعة بالقوافي، قطعة من الخفيف بدايتها
أنا عندي من الأسى جَبَلُ * يتمشّى معي وينتقلُ
أنَعِنْدِيْ- مِنَلْـأسا- جَبَلُوْ * يَتَمَشْشَا- مَعِـيْوَيَنْ- تقِلُو
فَعِلاتُنْ- مَفاعِلُنْ- فَعِلُنْ * فَعِلاتُنْ- مَفاعِلُنْ- فَعِلُنْ
أنا عندي وإنْ خَبا أمَلُ * جَذوةٌ في الفؤاد تشتعِلُ
فلاحظ-ي أنّ حرفًا واحدًا (ميم مَفاعِلُنْ) قد غـيَّر الوزن من المديد إلى الخفيف. وهذا النوع من الخفيف مذكور في كتاب العقد (للأديب ابن عبد ربّه) المذكور أعلى وفيه أيضًا مثال من تأليفه، على الأرجح، هو
يا غليلًـا كالنار في كَبِدي * واٌغتراب الفُؤاد عن جَسدِي
وجُفوناً تَذْري الدموعَ أسَىً * وتَبيعُ الرُّقادَ بالسُّهُدِ
ليتَ مَن شفّني هواهُ رأَى * زَفراتِ الهَوى على كَبدي
وهذا من الإبداع في الخفيف؛ حيث العروض محذوفة فاعِلا= فاعِلُنْ الجائز فيها الخبْن فَعِلا= فَعِلُنْ وضَرْبُها مِثـلُها أي: (فاعِلاتُنْ مُسْتَفْعِلُنْ فَعِلُنْ) مرّتين
لكنّ في بداية المقطع التالي من جوهرة الجواهري (مرحبًا يا أيُّها الأرَقُ) هفوة خَلْطٍ بين المديد والخفيف، لا أدري كيف سها عنها شاعرُنا، إلّـا إذا وُجِد خلاف ذلك في ديوانه المطبوع لكي أعتذر، لكنْ لم يجرؤ أحد على الإشارة إليها على الإنترنت
مرحبًا: يا أيّها الأرقُ * أنا بالطارئاتِ أنتعِشُ
لي فؤادٌ بالأمن يحترقُ * وجفونٌ بالنوم تنخدِشُ
أحَسِبُ النفْسَ هَزَّها القلقُ * كنفيس الكُنوز تُنتبَشُ
أكرهُ البدرَ دهْـرهُ نسَقُ * وأُحِبُّ النجومَ ترتعِشُ
مرحبًا يا أيُّها الأرَقُ= المديد
أنا بالطارئاتِ أنتعشُ= الخفيف الذي يستمرّ النّظمُ عليه إلى نهاية المقطع
– – –
يا نديمي- الجواهري؛ النجف 1899 – 1997 م
لعلّ خير خاتمة لهذه المقالة جوهرة أخرى من جواهر الجواهري (يا نديمي) التي نجح في التنقّل بين مقاطعها بنوعين من الخفيف بسهولة وعذوبة وامتياز
يا نديمي إنّ الدّجى وَضَحَا * والهَزارَ الغافيْ هُناكَ صَحا
ياندِيْمِيْ- إنْنَدْدُجَا- وَضَحا * ولْهَزارَلْ- غافيْهُنا- كَصَحَا
فاعِلاتُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَعِلُنْ * فاعِلاتُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَعِلُنْ
يا نديمي وصُبَّ لي قدَحَا * ألمِسُ الحُزن فيهِ والفرَحا
وأرى مِن خِلالِهِ شَبَحا * مِن نثار الهمّ الذي طفحا
في شبابٍ مُضيَّعٍ هَدَرِ * مِثل عُودٍ خاوٍ بلا وَتَرِ
وفي الرُّباعية التالية من هذه القصيدة؛ عاد الشاعر إلى الخفيف التامّ
يا نديمي أمسِ اٌقتنصْتُ طَرِيدا * شاعرًا كان يستضيفُ البِيدا
ياندِيمِيْ- أمْسِقتَنَصْ- تُطَرِيدا * شاعِرَنْكا- نَيَسْتَضِيْ- فُـلْبِيْدَا
فاعِلاتُنْ- مُسْتَفْعِلُنْ- فَعِلاتُنْ * فاعِلاتُنْ- مَفاعِلُنْ- مَفعُوْلُنْ
كان هِمًّا وكان صُلْـبًا حَدِيدا * يَمْلأ القفْرَ مُوحِشًا تغـريدا
قلتُ مَن؟ قال شَرْطَ أنْ لا تزيدا * أنا أُدْعى: مُسافِرًا ويَزيدا
مِن بلادٍ أعْـدَتْ عليَّ القرودا * ونَـفَـتْـنِي وكنتُ فـيها النشيدا
يمكن الإستمتاع بعدد من مقاطع هذه القصيدة على يوتيوب بصوت الشاعر وصورته
¤ ¤ ¤ ¤ ¤
Thank you