تشيسلاف ميلوش وجائزة نوبل

tchislaf-milotch

د. ميسون البياتي

ولد تشيسلاف ميلوش عام 1911 وتوفي عام 2004 وهو شاعر بولوني وكاتب ومترجم ودبلوماسي . مجموعته الشعريه ( العالم ) تضمنت 20 قصيده في وصف العالم خلال مرحلة الحرب العالمية الثانيه

بعد نهاية الحرب تم تعيينه ملحقاً ثقافياً لجمهورية بولونيا الإشتراكيه في باريس ثم في واشنطون , عام 1951 تمرد على بلاده بولونيا وطلب اللجوء في فرنسا . كتابه ( العقل الأسير ) يعد اليوم من كلاسيكيات الأدب المعادي للستالينيه
بين عامي 1961 _ 1998 عمل أستاذا للغات السلافيه في جامعة كاليفورنيا , حصل على الجنسية الأمريكيه عام 1970 , عام 1978 حصل على جائزة فاينر الدوليه للأدب , وفي العام 1980 حصل على جائزة نوبل في الأدب

ولد ميلوش في الإمبراطوريه الروسيه في منطقه تقع اليوم في جمهورية ليثوانيا أما ديانته فكانت الكاثوليكيه لكنه تحول عنها الى ( الإلحاد العلمي ) . درس القانون في جامعة ( ستيفان باتوري ) . عام 1931 سافر الى باريس حيث كان متأثراً جداً بأشعار إبن عمه الشاعر الفرنسي من أصل ليثواني ( أوسكار ميلوش ) . وفي العام 1931 نفسه أسس ميلوش جماعة شعريه ضمت الى جانبه عدداً كبيراً من الشعراء
نشر أول قصائده عام 1934 . بعد تخرجه من الجامعه عمل مذيعاً إذاعيا ً ولكن تم إستبعاده عن العمل بسبب نوع أفكاره اليساريه وبسبب تعاطفه الشديد مع ليثوانيا . كتب ميلوش كل أشعاره وكتاباته باللغة البولونيه لأنه لم يكن يتقن الليثوانيه , كما قام بترجمة العهد القديم ( المزامير ) الى اللغة البولونيه

خلال الحرب العالمية الثانيه كان ميلوش في وارشو تحت الحكم النازي , كان يداوم الذهاب الى محاضرات سريه لكنه لم يلتحق بالجيش أو ينظم الى حركة المقاومة البولونيه لأنه كان يرى أن المقاومه ( جهد عسكري محكوم ) ومذموم النتائج وليست له أية قيمه وطنيه , وربما كانت هذه مجرد كلمات يغطي بها عجزه عن الدفاع عن بولونيا التي لا ينتمي إليها لأنه ليثواني

بعد الحرب وحين عمل ملحقاً ثقافياً في باريس وصف حياته في باريس بأنها صعبه وأن ألبير كامو كان داعمه الوحيد بينما بابلو نيرودا كان يصفه ب ( الرجل الهارب ) في نفس الوقت محاولاته الحصول على اللجوء في الولايات المتحده كانت تفشل بسبب أجواء الماكارثيه التي كانت سائده في الولايات المتحده

كتاب ميلوش ( العقل الأسير ) هو دراسة حول كيفية تصرف المثقفين في ظل نظام قمعي . لاحظ ميلوش أن أولئك الذين كانوا معارضين ليس بالضرورة أولئك الذين لديهم أقوى العقول ، وإنما أولئك الذين لديهم أقوى البطون , يمكن للعقل ترشيد أي شيء ولكن المعدة لا تتمكن من الترشيد إلا بجهد مضاعف عما يقوم به العقل . خلال الحرب الباردة ، كثيراً ما كان الكتاب يستشهد به من قبل الولايات المتحدة ومتحدثيها المحافظين مثل وليام باكلي جونيور، عند إنتقادهم للأنظمة الشموليه . وقد تسلم جائزة بريكس الأدبيه الأوربيه عام 1953 مكافأة له على تأليفه هذا الكتاب

خلال الحرب العالميه الثانيه ساعد ميلوش وعائلته الكثير من اليهود على الهرب والإختباء من الحكومة النازيه المحتله لبولونيا وبسبب ذلك منحته اسرائيل ( ميدالية الصالحين ) عام 1989

بعد إنهيار الإتحاد السوفييتي أصبح بإمكان ميلوش العوده الى بلاده , فقسم وقته للعيش في بيته في بريكلي / الولايات المتحده , وشقته في كراكوف / بولونيا

حصل ميلوش على دكتوراه فخريه من جامعة مشيغان عام 1977 , والميداليه الوطنيه للآداب من الولايات المتحده , ثم شهادة دكتوراه فخريه من جامعة هارفارد

في مقابلة مع ميلوش عام 1994 تحدث عن صعوبة التعبير شعرياً عن المعتقد الديني الحقيقي ( بعد موجة التدين العالميه الأخيره التي عمّت العالم بسبب أغراض سياسيه ) فإنتقده البابا يوحنا بولص الثاني قائلاً له ( أنت تقدم رجلاً وتؤخر الأخرى ) فرد ميلوش ( أيها الأب الأقدس كيف نعيش في القرن العشرين ولا يمكن للمرء أن يعبر بشكل مختلف ؟ ) لكن ميلوش ولمناسبة عيد ميلاد البابا الثمانين كان قد كتب له قصيدة مطولة في المديح

توفي ميلوش عام 2004 في مكتبه في بيته البولوني في كراكوف عن عمر 93 سنه وتقرر دفنه في الكنيسه الرومانيه في كراكوف . فقام البولونيون بالتظاهر ضد هذا الموضوع قائلين بأن ميلوش طيلة حياته كان يفخر بأنه ليثواني وليس بولوني فلماذا يدفن هنا ؟ إضافة الى أنه ملحد وليس كاثوليكي فكيف يدفن في الكنيسه ؟ وأنه موقّع على عريضة لدعم المثليه الجنسيه ودعم حرية التجمع والتعبير عن المثلية الجنسيه وهذا ما يتعارض مع تعاليم الكنيسه لكن البابا يوحنا بولس الثاني أصدر رسائل معلنه قال فيها إن ميلوش كان يتلقى الأسرار من الكنيسه وبذلك قمع الإحتجاجات وأسكت الجميع

عام 2011 إستضافت جامعة ييل مؤتمراً حول علاقة ميلوش مع أمريكا , كما إستضافت معرضاً لمقتنيات ميلوش وأعماله تحت عنوان ( المنفى كما القدر ) , وإعتبرت العام 2011 هو ( عام تشيسلاف ميلوش ) ورافق ذلك مهرجان كبير في مدينة كراكوف البولونيه التي دفن فيها الشاعر

About ميسون البياتي

الدكتورة ميسون البياتي إعلامية عراقية معروفة عملت في تلفزيون العراق من بغداد 1973 _ 1997 شاركت في إعداد وتقديم العشرات من البرامج الثقافية الأدبية والفنية عملت في إذاعة صوت الجماهير عملت في إذاعة بغداد نشرت بعض المواضيع المكتوبة في الصحافة العراقية ساهمت في الكتابة في مطبوعات الأطفال مجلتي والمزمار التي تصدر عن دار ثقافة الأطفال بعد الحصول على الدكتوراه عملت تدريسية في جامعة بغداد شاركت في بطولة الفلم السينمائي ( الملك غازي ) إخراج محمد شكري جميل بتمثيل دور الملكة عالية آخر ملكات العراق حضرت المئات من المؤتمرات والندوات والمهرجانات , بصفتها الشخصية , أو صفتها الوظيفية كإعلامية أو تدريسة في الجامعة غادرت العراق عام 1997 عملت في عدد من الجامعات العربية كتدريسية , كما حصلت على عدة عقود كأستاذ زائر ساهمت بإعداد العديد من البرامج الإذاعية والتلفزيونية في الدول العربية التي أقامت فيها لها العديد من البحوث والدراسات المكتوبة والمطبوعة والمنشورة تعمل حالياً : نائب الرئيس - مدير عام المركز العربي للعلاقات الدوليه
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.