تاريخ الإسلام المبكر القسم الأول

moaawiyaprint

محمد آل عيسى: الحوار المتمدن

1 مدخل

هناك اتفاق يكاد يكون عاما بين مجموعة من المؤرخين بأن الإسلام ظهر في بلاد الشام ولم يظهر في مكة، وأن هجرة الإسلام وحركته كانت من الشام إلى الحجاز وليس العكس.
ولكن كيف ظهر الإسلام وهل ظهر محمد في الشام؟
بحسب مؤلف هذا الكتاب فإن محمد لم يظهر لا في الشام ولا في الحجاز. وهو ليس شخصا حقيقيا، هذا هو محور الكتاب. محمد مجرد فكرة جسدها من اختلق تاريخه وجعل هذا التاريخ في مكة حيث مكة البعيدة يمكن أن تستوعب قصة مثل قصة محمد.
لكن من أين جاءت القصة؟
الدعوة المحمدية في الأصل دعوة نصرانية وفي العقيدة أشبه ما تكون بالبدعة الأبيونية التي تنكر ألوهية السيد المسيح وتجعل منه مجرد نبي إنسان.
ولما كان منشأ الدين المحمدي في الشام كان استقرار الأمويين على الحكم هناك وتبني الدين الجديد وانتشاره من الشام إلى الحجاز.
وبقدر ما هو غريب فإنه غامض. هذا هو الإسلام الدين الذي يبدو بحسب ما يروى عنه أنه ظهر واكتمل في غضون عقود ليسيطر على الشرق الأوسط ويفرض سطوته على شعوب المنطقة ويتمدد إلى خارجها ليقيم إمبراطورية واسعة مترامية الأطراف، وينشئ دولة العدل والرحمة والمساواة كما تذكر أدبياته.
وبما أنه لا سر يدوم فقد بدأ علماء التاريخ ينبشون في الماضي ويطرحون تساؤلات غريبة عن هذا الإسلام: كيف بدأ وأين ولماذا ومن قام عليه وما هي مصادره وكيف انتشر وكيف صار على ما هو عليه.
في بداية تعرف المؤرخين الأجانب على الإسلام وثقوا بالمرويات الإسلامية وصاغوا نظرية تقول إن الإسلام ظهر في ضوء التاريخ وانتشر بسرعة وهيمن بقوة وأقام دولته وفق منظور ديني رسمه الوحي وفصله القرآن ووضع أطره حديث نبيه وفقه علمائه.
لكن الأمر اختلف مع ظهور ما يسمى بالنقد الكتابي الذي تناول الكتاب المقدس وشكك بنصوصه وبوجود أنبيائه. حتى شخصية المسيح لم تسلم من الشك والتشكيك. وانتشرت أبحاث عديدة تنكر وجود المسيح كشخصية تاريخية حقيقية. وبحوث تشكك في الرسالة المسيحية وتنسيها لغيره وتشير إلى نسخها من أساطير سابقة.
عندما اكتملت أبحاث نقد المسيحية واليهودية بدأ علماء يلتفتون إلى الإسلام. فإن كانت هناك شكوك في المسيح والمسيحية فالأولى أن تكون هناك شكوك مشابهة فيما جاء بعدها من عقائد وأديان.
بما أنه لم توجد أي مواد أركيولوجية تنسب إلى العصور الإسلامية الأولى فقد أثار هذا الأمر شكوك العلماء. هل يعقل أنه لا توجد أي وثيقة ترقى إلى العصور الإسلامية الأولى؟ هل يعقل أنه لم تكتشف أي مادة أثرية تنسب إلى القرن الإسلامي الأول؟ هل يعقل أن الرومان الذين كانوا قبل الإسلام بمئات السنين تركوا آثارا ومخلفات أركيولوجية والعصر الإسلامي الأول لم يترك شيئا؟
التاريخ يصنع من وثائق وكل فكرة أو فعل لا يخلف أثرا مباشرا أو غير مباشر أو طمست معالمه هو امر ضاع على التاريخ: كأنه لم يكن أبدا. فلا بديل عن الوثائق وحيث لا وثائق فلا تاريخ. وهدف التاريخ كما يراه ليوبولد فون رانك المؤرخ الألماني من القرن التاسع عشر هو معرفة ما حدث بالفعل. وكان يرى أن البحوث التاريخية يمكن أن تقرر بشكل موضوعي كل الحقائق التاريخية بشكل علمي. لكن البعض يرى أن هذا مجرد وهم. وذلك بسبب طبيعة البراهين، فالبراهين التاريخية لا يمكن ضبطها مثل البراهين الطبيعية.
ويرى آخرون إن تفسير عدم بقاء أي مواد تاريخية إسلامية من القرن الهجري الأول يعود إلى عدم وجودها في الأصل ولا يمكن مضاهاة معظم الروايات الإسلامية بواسطة مصادر معاصرة غير إسلامية.
حتى الشعر العربي الذي يقال إنه كان موجودا قبل الإسلام بمئتي سنة لم يكتشف له أي مخطوط ولا أي نقش ولا حتى أي رسم. بل أن هذا الأمر أثار شكوكا حول حقيقة اللغة العربية ومادتها الأصلية وكيف نشأت ومن هي أمها ومن هن أخواتها وعائلتها وفروعها وتوابعها.
كل ما ذكر يجعل من الإسلام مادة للشك. مادة لإعادة النظر في أصله وأصوله. إعادة النظر في تاريخه وتدوين أحداثه. في شخوصه وشخصياته. في مروياته وتراثه الشفهي والمكتوب. في معاركه ومخاصماته.
ليس هذا البحث هو الأول من نوعه. هناك الكثير من مثله كتب بالعربية وبلغات أخرى. وهي أبحاث شكلت مصادر أساسية لهذا البحث. كما أن هذا البحث لا يهدف إلى أي إساءة ولا إلى تشكيك ولكن يقصد منه تحريك التفكير ومحاولة الوصول إلى صورة واضحة لأحداث تؤثر في الحاضر وستؤثر في المستقبل. ولكنها بالتأكيد ستجعلنا نعيد النظر في الماضي.
تاريخ الإسلام المبكر 2 الإسلام القصة التي لم تروى
هل كان العرب الفاتحون مسلمين؟
لا يوجد أدلة ثابتة يمكن التحقق منها بشأن الدين الذي كان يعتنقه هؤلاء الفاتحون. ومكة كمكان مولد الإسلام كما يعتقد المسلمون لم تذكر في القرآن ولم تذكر طوال ستين سنة بعد تاريخ وفاة محمد المفترض. وان كان المفسرون يعتقدون أن بكة هي مكة.
المراجع البيزنطية وكذلك الفارسية لم تذكر شيئا عن دين الفاتحين العرب فكيف يمكن التأكد من أن الإسلام كدين كان موجودا عندما دخل العرب بلاد الشام؟ السؤال الجوهري هو: هل كانت الفتوحات نتيجة للإسلام أم كان الإسلام نتيجة للفتوحات؟ أيهما أسبق دين الإسلام أم إمبراطورية العرب؟ كيف كان للعرب أن يقوموا بغزو الشام والعراق ومصر بدون أن يكون لديهم دين مختلف؟
هناك ستار غامض يحمي محمد لا يمكن تجاوزه. محمد والقرآن والإسلام: كيف تركبت الرواية لا أحد يعلم. ثمة ظلام دامس يغلف هذه القصة.
فهل قصة الإسلام الحقيقية هي القصة التي يرويها المسلمون الآن؟
أقدم كتاب عن السيرة المحمدية كتب بعد مئتي سنة من وفاة محمد المفترضة. والتراث الشعبي يعني أن نتذكر فقط الأشياء التي نريدها. فالنصوص الإسلامية الأولى لا تذكر محمدا بالاسم. ولا نملك أي مفتاح يمكنه أن يحل لغز التراث. أما المسلمون العاديون فيحملون قصصا خرافية عن بدايات الإسلام. فهل لها أي صلة بالحقيقة؟
في السجلات التاريخية للقرن السابع لا يوجد ما يمكن تسميته بالإسلام. وعندما جاء العرب إلى القدس لماذا بقي المسيحيون في أماكنهم؟ لو كان القادمون الجدد يحملون دينا مختلفا لكانت هناك ثمة مقاومة أو رفض أو مواقف سلبية على الأقل.
اليهود في فلسطين تركوا بصمات وكذلك الرومان أما العرب فأين بصماتهم؟ لقد سيطر العرب على القدس بمفاوضات سلام ولم يكن أحد ليعلم ما هو الدين الحقيقي للقادمين الجدد. فلماذا لم يثر المسيحيون في القدس على الغزاة؟ لماذا وصف العرب القادمون بأنهم مؤمنون؟ هل كان دينهم شكلا من أشكال المسيحية / اليهودية؟ فقد بدا الحكام العرب أقرب إلى اليهود… بل انهم قاموا بالصلاة على أطلال المعابد اليهودية. وعندما بنى العرب أكبر مسجد وهو قبة الصخرة بنوه على أطلال الهيكل اليهودي.
التساؤل الخطير: هل كان الإسلام موجودا في الحجاز بعد ثلاثين عاما من وفاة محمد المفترضة؟
لا يوجد أي إشارة في سجلات معاوية بن أبي سفيان تدل على أنه مسلم ولا يوجد أي ذكر لمحمد. صحيح إن أقدم مصادر الإسلام هو القرآن والقرآن يطلب من النبي اتباع ملة إبراهيم، فهل كان هذا الإسلام هو عودة نصرانية إلى اليهودية لرفض المسيحية الهللينية؟ (يعني انتصار النصرانية الشرقية على المسيحية الرومانية الغربية).
لا يوجد أي مصدر إسلامي مبكر يشير إلى بكة التي فسرت على أنها مكة ولا يوجد أي إشارة إلى مكانها الجغرافي. ولغاية مئة سنة من وفاة محمد المفترضة لم تذكر مكة فكيف عرف بالفعل أن محمد إن وجد أتى فعلا من مكة؟
أما بالنسبة للمسجد الحرام فلم يذكر القرآن انه في مكة. ويرى بعض العلماء انه مسجد يتجه في قبلته نحو الشرق قبل أن يتم تحويل القبلة باتجاه مغاير أقرب إلى الشمال كما تقول بعض المصادر المسيحية. كما لا يوجد في القرآن أي إشارة إلى أن الوحي نزل في مكة.
يرى البعض أن القرآن الذي يسرد القصص التوراتية والإنجيلية كان عبارة عن رد نصراني على النقاشات اللاهوتية في ذلك الوقت. ويلاحظ أن القرآن يخاطب فلاحين واهل مكة بدو وتجار ونصوص القرآن على الأغلب تناسب جغرافية سورية. والقسم بالتين والزيتون لا يمكن أن يكون إلا حيث يكثر التين والزيتون أي في بلاد الشام وليس في الحجاز. وهناك مدينة في النقب الفلسطيني تدعى أفدات أو عبدات قد تكون هي الأقرب إلى جغرافية القرآن. كما أن هناك ذكرا لقصة لوط وسدوم وعمورة وعند ذكر القصة يخاطب القرآن جمهورا يصعد صباح مساء إلى المنطقة، وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون؟ فهل كان أهل قريش يصعدون صبحا ومساء إلى مدينة لوط وهي على بعد ألف كيلومتر وأكثر؟
فمن أين أتى القرآن؟ وهل في زمن واحد؟ إن البحث عن مصدر للقرآن أشبه بمن يحاول اللحاق بالسراب. وعندما احتل العرب نصف العالم لم يذكروا مكة ولا الإسلام ولا محمد. وعندما أقاموا الإمبراطورية وسكوا العملة لم يذكروا الإسلام ولا محمد. ولستين سنة تالية لم يذكر الحكام اسم محمد. فهل بالإمكان القول إن الإسلام لم يخلق الإمبراطورية العربية بل أن الإمبراطورية العربية هي من خلق الإسلام؟ فالإمبراطورية العربية هي الإمبراطورية الأموية في مواجهة الهاشميين. وظهر من الهاشميين عبد الله بن الزبير ليقاوم معاوية وكان هو أول من ذكر اسم محمد وكان ذلك في عام 685 للميلاد.
وكما تبنى قسطنطين المسيحية ليشرع إمبراطورتيه كذلك فعل ابن الزبير فاخترع الإسلام؟؟ أو تبنى الإسلام ؟؟ ليبني إمبراطورتيه. وبينما انتصر قسطنطين بتبنيه المسيحية انهزم ابن الزبير بعد تبنيه الإسلام لكن العبقرية الأموية تجلت في تبني إسلام ابن الزبير والانطلاق من تلك البداية واستكمالها.
وفي عهد عبد الملك بن مروان تم ذكر اسم محمد للمرة الأولى على العملة النقدية المعدنية وتم بناء قبة الصخرة والمسجد الأقصى في مكان الهيكل اليهودي وثبت عبد الملك إن الدين عند الله الإسلام.
تاريخ الإسلام المبكر 3 الهرطقات في القرون الأولى
فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه
البحث في البيئة الدينية التي سادت المنطقة في القرون الأولى التي سبقت الإسلام يشير بوضوح إلى كثرة تلك البدع في المشرق وقدرها أبيفانوس بثمانين بدعة. ما هي طبيعة العقائد التي سادت وكيف كان سكان المنطقة يتابعون الفكر الديني بما فيه من هرطقات وبدع وأفكار منحرفة؟ منذ القرن الرابع انتشرت الهرطقات في الشرق واختلف الأتباع كثيرا بشأن طبيعة المسيح وألوهيته ومريم والثالوث وغير ذلك. كما اختلفوا بشأن الطقوس ولغة الصلاة والعماد وغيرها مما كان واجبا في شريعة موسى.
وفي مجمع نيقية عام 325 وضعت بداية العقيدة المسيحية القويمة وكل من رفض مقررات مجمع نيقية اعتبر هرطوقيا. وعندما زادت الضغوط على الطوائف المهرطقة هربت نحو الشرق باتجاه منطقة الفرات بحماية الإمبراطورية الفارسية كما انتشرت في شبه الجزيرة العربية.
الهرطقة هي تعليم فاسد في الكنيسة يتعلق بمسألة كبيرة ومهمة. وهي أيضا رفض عقيدة أو عقائد من الدين. أو بعبارة فقهية: إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة. فإنكار ألوهية المسيح على سبيل المثال يعد هرطقة. والانتماء إلى عقيدة ثانية هو هرطقة. ومع أن المعنى اليوناني للكلمة محايد جدا فهو يعني: الاختيار. أي أن المؤمن يختار ما هو خارج أطر الإيمان المعروفة. وبالعربية انتسابا للآرامية فإن كلمة حنف/ يحنف/ حنيفا تعني الانحراف عن قويم الإيمان. لكن الكلمة يقصد بها في المفهوم المسيحي الانحراف سواء كليا أو جزئيا عن حقائق الإيمان. فهي لا تعني ما تعنيه الكلمة في الموروث الإسلامي. فالكلمة صفة أطلقتها الكنيسة البيزنطية على المارقين عنها والمنشقين مذهبيا.
الهرطقة لا تنفي المعتقد بكامله بل جزء منه ولذلك تصبح مغرية للمتلقي لكي يؤمن بها ويريح نفسه من أعباء الإيمان الصعبة وبالتالي ينحرف عن الأصل إلى فرع سهل من فروع الإيمان.
في القرون الأولى من عمر الكنيسة اعتبرت بعض العقائد هرطقات منها المونوفوزية أو الطبيعة الواحدة، والنسطورية والآريوسية والنصرانية والأبيونية. ومنها أيضا المونتانية والمانوية وغيرها مما لم يبق منه أثر على الإطلاق إذ طغت النصرانية عليهم وهضمتهم وأعادت تشكيل عقائدهم بشكل استوعبهم جميعا.
لن يتسع المجال للبحث في كل البدع والهرطقات ولكن على أبرزها وهي الآريوسية والنسطورية والنصرانية.
الآريوسية
كان آريوس وهو ليبي المولد أسقف الإسكندرية موحدا متحمسا فتحمس له أساقفة المشرق ما عدا القدس وأنطاكيا. وكان يرى أن المسيح إنسان مخلوق مباشرة من الله ومن خلاله تم خلق العالم. فالله الآب والإبن ليسا موجودين معا منذ الأزل وليسا من نفس الجوهر: فالمسيح ليس مساويا للآب بل أقل وهو مخلوق، لكنه أعلى من الملائكة. وبالتالي فإن المسيح إنسان يمكن اتباعه وليس عبادته. وترفض الآريوسية فكرة الثالوث كما ترفض فكرة الروح القدس ولا ترى له أي دور. وترفض الآريوسية الألوهية الكاملة للمسيح مثلما يفعل الإسلام. لكن الآريوسية هزمت في مجمع نيقية عام 325 حيث أقر قانون الإيمان الذي عرف بقانون الإيمان النيقاوي.
النسطورية أو اليعقوبية
تنسب إلى نسطور أسقف القسطنطينية عام 428 الذي هرب إلى الصحراء ومنها إلى بلاد الفرس وهناك انتشر مذهبه. كانت نظريته في الأساس آريوسية لكنه على ما يبدو طورها لتصبح مقبولة. غير أن مجمع أفسس عام 431 أدان عقيدة نسطور وتم نفيه واضطهاد اتباعه فلجأوا إلى بلاد الفرس ومنها إلى الهند. وربما ما زالوا حتى الآن يعيشون في الخفاء. انتشر النساطرة في المشرق وفي جزء من الحجاز لكنهم كانوا أغلبية في بلاد العراق والفرس. فأنشأوا الكنائس وأقاموا الأساقفة. وخلاصة بدعتهم (كما يقول أنطونيوس مقار إبراهيم في كتاب القبائل والمذاهب المسيحية في شبه الجزيرة العربية):
– المسيح إنسان مهما كان عظيما
– الله واحد غير مولود ولا يمكن أن يشاركه أحد في ذاته
– كل ما كان خارجا عن الله إنما هو مخلوق من لا شيء بإرادة الله
– الكلمة هو الوسيط بين الله والعالم لكنه غير أزلي
– كلمة الله مخلوقة في الزمن خلقها الله قبل خلق العالم
النصرانية والأبيونية ومجمع القدس
منذ العام 49 للميلاد نشب خلاف بين رسل المسيح أنفسهم وانقسموا إلى فريقين. الأول بقيادة بطرس ويعقوب والثاني بقيادة بولس. الأول يرغب بالإبقاء على شريعة موسى ويشترط الالتزام بالناموس التوراتي لنيل الخلاص والثاني يرغب بالتخلص من الناموس أو عدم الالتزام به وعدم مشروطيته لنيل الخلاص. وبعد جدل ونقاش وخلاف وتسويات انضم بطرس إلى بولس وتغلبت فكرة عدم ضرورة الناموس الموسوي للخلاص.
ولكن هل انتهى الأمر هنا؟
أنصار الشريعة الموسوية ظلوا متمسكين بموقفهم وانتشروا في المشرق وتسموا بتسمية النصارى. أما الذين انتشروا عند الأمم وكثروا في أنطاكيا فهناك تسموا مسيحيين. صار تلاميذ المسيح من بني إسرائيل نصارى وصار تلاميذ المسيح من الأمميين مسيحيون. وهذا الانقسام في الاسم بسبب البيئة المختلفة سيجر كما يقول الأستاذ يوسف درة الحداد في كتابه القرآن دعوة نصرانية إلى انقسام في العقيدة.
فكان منذ البداية أن أتباع المسيح مسيحيون ونصارى.
لقد قبل النصارى المسيح لكنهم كما يقول القديس جيروم حافظوا على شريعة موسى وآمنوا بالبعث والقيامة والإله الواحد وابنه يسوع المسيح. وظلوا يستخدمون إنجيل العبرانيين (إنجيل متى) وإنجيل الإثني عشر باللغة الآرامية. وظلوا يلتزمون شريعة موسى والختان وتقديس السبت والعيش على النباتات وفوق ذلك يرفضون بولس وتعاليمه.
كانت شيعة النصارى أول بدعة تظهر عند انتشار المسيحية في الشرق. لم تستطع النصرانية أن تمتد إلى الغرب حيث بلاد الأمم والوثنيين لأن بولس وتلاميذه تمكنوا من ترسيخ فكرة الخلاص عبر الإيمان بيسوع المسيح دون الالتزام بشريعة موسى وناموس اليهود والتوراة.
هذه النصرانية كانت ردة نبه إليها بطرس في رسالته وموضوعها: الكفر بإلهية المسيح والكفر بالفداء في صلبه وينتج عن ذلك الكفر بالتثليث والكفر بالتجسد. هذه هي عقيدة النصارى التي سادت في القرون الستة الأولى من الفترة المسيحية.
التزم النصارى إنجيل متى العبراني. ونسبوا أنفسهم إلى يعقوب الرسول. واعتبروا أنفسهم إسرائيليين مخلصين. ولكن بعد وفاة يعقوب سنة 62 للميلاد وتولي شمعون قيادتهم اتخذوا لأنفسهم اسم الفقراء. تيمنا بقول المسيح: طوبى للفقراء فإن لهم ملكوت السماء. وهي بالعبرية إيفونيم أي الفقير. وهذا هو الإسم الذي يشتهرون به عندما يكونوا متطرفين في تمسكهم بالشريعة والتوراة والناموس. فأنكروا ألوهية المسيح ورفضوا الميلاد البتولي لكنهم صدقوا حلول الروح القدس على يسوع عند العماد. وانضم إلى هؤلاء الإيفونيم أو الأبيونيين كما يعرفون بالعربية، بعد خراب أورشليم الأسينيون، فزادوا النصرانية تشيعا للتوراة بعيدا عن الإنجيل. ونبه يهوذا هؤلاء في احدى رسائله إذ قال: لقد اندس بينكم أناس كتب عليهم القضاء من قديم، منافقون يحولون نعمة ربنا إلى عهارة وينكرون سيدنا وربنا الأوحد يسوع المسيح. لقد مال النصارى من بني إسرائيل إلى البدعة وتحول الإيمان من التشيع إلى النفاق.
لقد تمايز هؤلاء النصارى عن المسيحيين في نواح كثيرة. ومع الوقت صارت عقيدتهم وكأنها مسيحية غير المسيحية. ووصفها بعض آباء الكنيسة بانها المسيحية اليهودية تمييزا لها عن المسيحية الهللينية التي انتشرت في أوروبا بدءً من اليونان. بقي النصارى في الشرق يقيمون التوراة والإنجيل العبراني ويحفظون السبت وسائر العادات اليهودية ويعتبرون أن الخلاص لا يقوم على الإيمان بالمسيح وحده بل على إقامة شريعة موسى أيضا.
وهم أيضا يختلفون عن اليهود وكذلك عن المسيحيين: فهم كما يشير أبو موسى الحريري في كتاب قس ونبي: لا ينكرون نبوة يسوع كما يفعل اليهود ولكنهم لا يؤمنون بألوهيته كما يؤمن المسيحيون. انهم الأمة الوسط بين الفريقين، أمة مقتصدة في عقيدتها يقيمون الكتاب كله أي التوراة والإنجيل معا ويؤمنون بموسى وعيسى على السواء.
باختصار هم اليهود الذين آمنوا بيسوع المسيح لكنهم بقوا على يهوديتهم وتوراتهم وشريعتهم وكانوا كما يقول القديس إيريناوس متصلبين جدا في ذلك. ويؤمنون بأن:
– يسوع إنسان من أب وأم لكنه نبي مثل موسى
– يرفضون أكل اللحوم ويرفضون الذبائح
– يلتزمون التوراة وشريعة موسى
– يرفضون التقليد الكنسي
– ويعتبرون بولس الرسول مرتدا عن الشريعة.
الإنجيل الوحيد الذي يلتزمون به هو إنجيل متى العبراني الذي كان مكتوبا بالآرامية ومنتشرا في البلاد السورية. وكانوا يفضلون وصف يسوع بأنه يسوع الناصري واتخذوا اسم النصارى بحسب ما يرى البعض نسبة إلى الناصرة مدينته أو قد يكون مصدره من مناصرة الناموس العبراني.
عندما غالى بعض النصارى وهم الأبيونيون في عقيدتهم صاروا يعتبرون يسوع مجرد إنسان وليس ابن الله كما تعلم الكنيسة وصاروا يرفضون فكرة الصلب متأثرين ببدعة الكيسانية وبعدها تبنوا فكرة الشبه والتشبيه تأثرا ببدعة أخرى اختلقها الأسقف الغنوصي باسيليدس المعروف أيضا باسم بازيليد الذي قال إن يسوع رفع إلى السماء ولم يصلب وان سمعان القيرواني صار شبيها بيسوع فأخذه الرومان وصلبوه. واعتبروا أن المسيح فارق يسوع قبل استشهاده والصلب عندهم مجرد رمز قدرة المسيح وليس حقيقيا.
وخلاصة المعتقد النصراني الأبيوني هو التزمت النصي والحفظ بأكثر من الفهم لروح النص. والتمسك بالشريعة القديمة والعودة إلى الجذور والنظر لمن لا يقيمون الشريعة على انهم نجسون. وهم يرفضون لاهوت المسيح فهو عندهم رجل صالح ذو مبادىء وتعاليم (نبي ورسول) يؤمنون بمعجزاته ويرفضون تعرضه للصلب ويرفضون قصة الفداء بمجملها. ويؤمنون بان المسيح سيعود في آخر الزمان. يتطهرون بالوضوء ويشددون على أعمال البر والإحسان والصدقات ويجمعهم العداء الشديد للرسول بولس.
بعد ترسخ بدعة النصرانية في المشرق صار لهم مراكز وأساقفة ومبادىء يبشرون بها:
1. في البنوة والكتاب: من آدم إلى يسوع لكل أمة رسول. والنبي الحق ظهر في المسيح وصدق النبوة والكتاب وفصل شريعة موسى بنسخ الذبائح الحيوانية. لكن يسوع بالنسبة لهم ليس كلمة الله المتجسدة
2. صورة الكون: الكون سبع سماوات كما توضحها قصة إسراء أشعيا وهو كتاب منحول وكذلك صعود المسيح إلى السماء السابعة.
3. الملائكة مخلوقات من نار وليست أربابا
4. المسيح في العقيدة النصرانية بشر وليس إلها وربما انه أحد الملائكة المقربين.
5. الجنة بالنسبة إليهم مليئة بالطعام الوفير والشراب الغزير وكذلك النساء.
بسبب الأبيونيين سيطرت الروح التوراتية على النصرانية وانحرفت عن حقيقة الإنجيل. وعند عامتهم وفقا للحداد فان المسيح ولد من بتول لم يمسسها بشر لكنه ليس إلها وان سموه على سبيل المجاز والاصطفاء أما صفة ابن الله فهي صفة للروح زعيم الملائكة.
لم يعثر على كتب الأبيونيين المقدسة التي كانت مكتوبة في الأصل باللغة الآرامية ومن المحتمل أنها فقدت نهائيا. ولكن بقيت منها شذرات أوردها أبيفانوس في كتبه التي فند فيها مبادئهم، لكن فقد كتبهم قد لا يعني اندثارها.
في كتاب القرآن دعوة نصرانية يخلص الأستاذ الحداد إلى ما يلي: لقد أعلن السيد المسيح في دعوته أنه ابن الله ففهمها المسيحيون بنوة ذاتية فقالوا بألوهية المسيح وفهمها النصارى من بني إسرائيل بنوة مجازية فقالوا بأن المسيح وإن كان كلمة الله وروحا منه فهو عبد الله لا إبن الله وهذا هو فارق مهم بين النصرانية والمسيحية.
تاريخ الإسلام المبكر 4 استقلال المشرق العربي
غلبت الروم في أدنى الأرض
إنني أسعى إلى السلام ولم أحرق فارس برغبة مني بل أنت أجبرتني على ذلك.
دعنا الآن نلقي السلاح ونتوجه للسلام. دعنا نطفئ النار قبل أن تحرق كل شيء.
(الإنذار الأخير من هرقل إلى خسرو ملك الفرس في 6 يناير 628)
يمتد المشرق العربي ما بين بلاد الفرس في الشرق حتى صحراء سيناء في الغرب ومن الهضبة التركية شمالا حتى تخوم صحراء الحجاز في الجنوب. في هذه البلاد الشرقية سادت الهرطقات الآريوسية والنسطورية والنصرانية والأبيونية. وكذلك انتشرت فيها بنسبة أقل المسيحية الهيللينية خصوصا في أنطاكيا وساحل فلسطين والديانة اليهودية في تخوم الحجاز وبلاد فلسطين.
تنافس في حكم هذه المنطقة اقوى إمبراطورتين في ذلك الزمان: الروم والفرس. وخاض الجانبان حروبا طويلة امتدت لسنوات عديدة. حصدت الآلاف من الأرواح ودمرت الكثير من العمران. لكنها كانت أحد الأسباب في خلق شعوب مقاتلة صلبة وقوية كانت لها طموحاتها وأحلامها في الوحدة والاستقلال والنزوع نحو السيطرة والهيمنة وفرض سلطانها على ما جاورها.
تشير مرويات التاريخ إلى أن الحروب المتواصلة بين الروم والفرس أنهكت الجانبين. وكان هذا الإنهاك سببا في الانتصارات الإسلامية الساحقة والحاسمة. لكن للتاريخ رواية أخرى. الصورة المختلفة لما ترويه كتب التاريخ يمكن استخلاصها من القراءة ما بين سطور التاريخ والأحداث ومقارباتها مع المنطق العقلاني الذي يزن الأمور بميزان غير عاطفي وبعيدا عن الإنحياز الثقافي.
لا يزال العلماء حتى اليوم يبحثون في أسباب ما يسمى انتصار المسلمين الخاطف والسريع على كل من الفرس والروم. ويحاولون إيجاد الأسباب والعلل التي مكنت العرب من إنجاز تلك “الفتوحات” بتلك السرعة.
نسبوا ذلك إلى الضعف الاقتصادي الذي منيت به بيزنطة وفارس وزيادة التناقضات الداخلية وكذلك غضب وحنق الطبقات المظلومة التي نظرت إلى العرب كمنقذين من نير الاستعمارين الفارسي والبيزنطي.
ولكن: هل يعقل أن هرقل الذي دمر مملكة الفرس وهزمها شر هزيمة واستعاد الصليب المقدس وفرض الصلح على خسرو ملك الفرس هل يعقل أن تهزمه حثالة بدو قادمين من الصحاري العربية؟ هرقل أحد اهم جنرالات الحرب في التاريخ الذي حقق انتصارات لسنوات متواصلة يهزم في مؤتة واليرموك ويخسر سورية بهذه السهولة؟
منذ أيام الإسكندر الأكبر والصراع اليوناني الفارسي محتدم لم يهدأ. وإذ كان في ذلك الوقت صراعا وثنيا فقد صار صراعا دينيا بعد انتصار المسيحية في الغرب وتبنيها من قبل الإمبراطورية الرومانية وبعدها البيزنطية. وقد استخدم كل من الفرس والروم العشائر العربية في العراق والشام كحاجز بينهما وحلفاء لهما يقومون أحيانا بالحروب وكالة عن الدولتين الكبيرتين.
انقسم عرب المشرق إلى غساسنة في الشام ومناذرة في العراق. كان الغساسنة حلفاء لبيزنطة وكان المناذرة حلفاء للفرس. وكانت تلك العشائر تزود جيوش الإمبراطوريتين بالرجال في الحروب الخارجية إن لزم الأمر. كان الرومان يستعينون بالعشائر العربية لقطع دابر الصعاليك وقطاع الطرق. فحالف الروم شيوخ العشائر ودفعوا لبعضهم قسما من السلطة على بادية الشام بصفة شيوخ وملوك. وقام الروم بمحاولة توطين بدو الشام وإدراجهم كمرتزقة في جيوشهم. فقد كانت لدى هؤلاء العرب القدرة على حروب الصحراء وضبط المنطقة كما كانت بيزنطة متفهمة للعلاقات العشائرية. كانت القبائل العربية دوما حاجزا بين الروم والفرس وكانوا ينفذون إرادة البيزنطيين في المنطقة مقابل رواتب يحصلون عليها. وعمل العرب كوكلاء للروم على طول الجبهة الشرقية.
كانت بادية الشام بعد تملك الرومان عليها في أوائل التاريخ المسيحي روضة غناء شيد فيها أصحابها المدن العامرة لسكنى الأهلين وابتنوا الحصون لتأمين الطرق والآثار الباقية تنطق بعمران تلك الأصقاع وحضارتها الراقية.
منذ أوائل القرن السابع كانت الحرب سجالا بين الفرس والروم. انتصر الفرس مرارا وكذلك الروم. وصل الفرس إلى مدينة القدس وتوغلوا غربا حتى بلاد مصر. ونهبوا الصليب المقدس وأخذوه إلى ديارهم. يخبرنا التاريخ أن الروم غلبت في أدنى الأرض. وتوج الصراع الفارسي البيزنطي بانتصار خسرو الثاني واحتلال سوريا سنة 614 ومصر سنة 618 وتدمير كنيسة القيامة. وأسر الصليب المقدس. لكن الروم بعد غلبهم غلبوا الفرس وسحقوهم واستعادوا الصليب وفرضوا عليهم الصلح. بدأت الانتصارات البيزنطية ما بين عامي 622 و626 تحول الفرس بعدها إلى الدفاع. في عام 626 كانت آخر هزيمة كبرى للفرس عندما حاولوا الاستيلاء على القسطنطينية. انتصر هرقل واستعاد الصليب وفرح المؤمنون.
وفي عام 627 وصلت قوات هرقل إلى قلب بلاد الفرس واجبرهم على طلب الاستسلام. وفي العام التالي أي في العام 628 تم الصلح بين الجانبين لكن كلا منهما كان منهكا تعبا يائسا من القتال ساعيا إلى فسحة سلام وهدوء. أنهكت الحروب الدولتين وسعت كل منهما للانكفاء والابتعاد عن ساحة المشرق العربي.
لقد ترك الفرس العراق للمناذرة بسبب هزيمتهم الكبيرة أمام البيزنطيين. وترك البيزنطيون بلاد الشام بسبب تعبهم من الحروب ورغبتهم للتفرغ لحروب جديدة في منطقة أرمينيا. لم يخرج البيزنطيون من سوريا بسبب غزو عربي أو فتح إسلامي ولم تكن هناك أي مواجهات.
مع الهزيمة القاسية التي تعرض لها الفرس عام 622 وما تلاها من إحراق معبد النار الأكبر سنة 623 بمساعدة القبائل العربية النصرانية حتى نهاية الحرب ومقتل كسرى أبرويز عام 628 دخل هرقل عاصمة الفرس وقلب حكم خسرو الثاني وكان مطلبه استعادة خشبة الصليب فاستعادها وأعادها إلى القدس. وبمعركة نينوى آخر معارك هرقل مع الفرس تم دمار الإمبراطورية الساسانية ومعها كذلك النخبة الزرادشتية.
لا أحد يعرف على وجه الدقة تفاصيل معاهدة الصلح بين الفرس والروم عام 628 التي توجت انتصارات هرقل وتدمير مملكة الفرس، وربما لو قرأنا تفاصيل صلح الحديبية لتلمسنا بعض خيوط الفهم لهذه المعاهدة. ولكن باستقراء أحداث التاريخ التي تلت يبدو أن أهم بنود الصلح كانت ترك الإقليم العربي من قبل الفريقين. انسحاب الفرس وكذلك انسحاب الروم من المشرق العربي ترك البلاد في فراغ سياسي وأمني قام العرب بملئه. فأقاموا فيها الحكم الذي يريدون والشريعة التي يرتضون.
لقد منح هذا الصلح الذي جاء نتيجة انتصار الروم عرب سوريا وعرب العراق الحكم الذاتي الذي سعوا إليه، ولنتدبر هنا دولة المدينة. وفي عام 636 أتمت قوات بيزنطة انسحابها الكامل من بلاد الشام. لم تبق في البلاد سوى بضع حاميات من رجال القبائل المحلية. فتلاشت سلطة الاحتلال وشجع شيوخ القبائل على الاستقلال واستلام الحكم بعد مخاض طويل. بانسحاب البيزنطيين اتباع المسيحية الهيللينية فسح المجال أمام العقائد النصرانية الشرقية للانتعاش والانتشار. وفتح المجال لزعماء القبائل لأخذ زمام الحكم مباشرة. فانفرد الغساسنة (بقيادة معاوية؟) بحكم الشام وانفرد المناذرة (بقيادة علي؟) بحكم العراق. هذه الظروف أعطت دفعة قوية للزعماء المحليين في المنطقتين العربيتين سوريا والعراق للاستقواء وانتزاع الاستقلال المنشود.
الظروف الجيوسياسية التي سادت المشرق العربي بعد معاهدة الصلح بين الفرس والروم لا تترك مجالا لأي معارك أو غزوات عربية أو إسلامية قدمت من الجزيرة العربية. فلا يمكن أن يهزم الروم بتلك السهولة التي ترويها المصادر العربية الإسلامية. قائد مثل هرقل لا يستسلم بسهولة. ولو هزم في معركة فلا يمكن إلا أن يعود بهجوم مضاد ويستعيد البلاد التي ضحى بالغالي من اجل تحريرها من الفرس. فكيف يتركها بسهولة لغزاة من البدو جاءوا من الفيافي يحاربوه بسيوفهم بعد أن كان يستعملهم مرتزقة في جيوشه؟
هناك الكثير من علامات الاستفهام تحيط بالمعارك التي تحدثت عنها المصادر الإسلامية. كما أن نظرة متفحصة لخريطة المعارك المفترضة تثير العديد من التساؤلات. وعلى افتراض أن الغزاة المسلمين جاءوا من الحجاز ليواجهوا الروم فهل يعقل أن يستولى الغزاة على دمشق سنة 635 بينما معركة اليرموك على بعد مئة وخمسين كيلومترا جنوبي دمشق التي أجبرت هرقل على مغادرة سوريا وقعت عام 636؟ وبعدها تسقط القدس عام 638؟ المنطق يقول أن يحدث العكس. أن تقع معركة اليرموك وينهزم الروم ثم يزحف الغزاة على دمشق. أما أن يحدث العكس فإن في هذا شبهات كثيرة ويلقي كثيرا من ظلال الشك على الرواية الرسمية.
كما أن المنطقة المفترضة على أنها ساحة معركة اليرموك لا يمكن أن تكون ساحة معركة حاسمة خاصة أنها منطقة جبلية ومنحدرة وبعيدة نسبيا عن قلب الشام. حقائق التاريخ التي لم تكشف بالتفصيل بعد، تشير إلى أن كل تلك المعارك قام بها الحكام الجدد ضد مراكز قوى محلية عارضت حكمهم وربما كانت توالي الروم أو ربما كانت تعارض عقيدتهم النصرانية فأخضعوها بالقوة. لكن الرواية الإسلامية فيما بعد وعند نسج ملامح التاريخ بأثر رجعي صورت تلك المعارك الصغيرة على أنها معارك كبرى وانتصارات حاسمة.
تاريخ الإسلام المبكر 5 العرب والروم ودولة الأمويين
لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون
تشير الرواية الإسلامية الرسمية إلى أن العرب بعد اكتمال الإسلام طفقوا يخضعون البلدان المجاورة باسم الدين الجديد. تتحدث كتب التاريخ العربي عن أسطورة ما يعرف بالإنفجار الإسلامي الذي يشبه التسونامي الذي اجتاح المنطقة فأسقط إمبراطوريتي الفرس والروم ومصر وأقام دولة ممتدة في غضون بضعة عقود من السنوات.
لكن سرا لا يزال بحاجة لتفسير: لماذا بقيت النصرانية في بلاد الشام تحت الحكم الإسلامي مقابل الزوال السريع للزرادشتية في العراق وبلاد الفرس؟ لماذا ينسب لسكان الشام انهم رحبوا بالغزاة المسلمين؟ هل يعقل أن يقبل شعب ما غزو شعب آخر يفرض عليه دينه وعقيدته بكل تلك السهولة التي تروى عن الفتوحات الإسلامية؟
يرى يهودا نيفو في كتابه “الإسلام على مفترق طرق” أن المؤلفين في القرن السابع لم يلحظوا أي غزو عربي للأراضي البيزنطية، في بلاد الشام. لم تقع أي معارك كبرى ولم يقع أي غزو أو فتوح أو استعمار. ويقول أسقف نسطوري سنة 659 “هؤلاء العرب الذين منحهم الله السلطة على البلاد لا يهاجمون المسيحية بل يحترمونها ويحمون كنائسنا وبيعنا ويحترمون قساوستنا”.
المصادر السريانية أيضا التي دونت تاريخ تلك الفترة ليس فيها شيء يذكر عن الفتوحات العربية في أرض الشام. كذلك فإن المصادر السريانية التي دونت بعد تلك الفترة ليس فيها ما يعرف بالفتوحات.
ومن الغريب أيضا أن تصمت المصادر البيزنطية تماما عن أي فتوحات أو غزوات إسلامية. وهذا بمنتهى الغرابة مع أن الرواية الإسلامية تقول إن المسلمين طرقوا أبواب القسطنطينية وهددوها. وتغيب دلالات الفتح الإسلامي في المصادر المسيحية الغربية. والموجود منها على قلته النادرة لا يزيد عن تلميحات سطحية ليوحنا الدمشقي. كما أن أزيدور الإشبيلي لم يذكر شيئا عن إسلام ذلك الوقت المبكر.
كما أن ما يسمى فتح الأندلس وغيرها من الأحداث المبكرة كالفتوح الإسلامية وموقعة الجمل وصفين وكربلاء وغيرها لا تملك دليل حدوثها خارج رقع المدونات التاريخية الإسلامية. فلا أثار أركيولوجية تؤيدها ولا عملات ولا عمارة أو شواهد قبور تشهد عليها، لا شيء على الإطلاق.
يفسر نادر قريط وهمية الفتوحات الإسلامية على أنها مجرد ذاكرة لأحداث وقعت وليست أحداثا حقيقية بالمطلق. فالفتوحات في رأيه فتوحات للغة كتابية عربية تمددت تاريخيا على حساب ثقافات شاخت. والحضارة الإسلامية في جوهرها حضارة عربية اللسان لكنها فارسية العقل.
بالتدقيق في تفاصيل التاريخ تبدو ما عرفت بالفتوحات الإسلامية مجرد أساطير. فالفحوصات الأركيولوجية لخط وادي اليرموك تشير إلى أن الروم تركوا المنطقة قبل ذلك بوقت طويل. وكان الغساسنة ينوبون عن الروم في الحكم إلى أن خرج الروم نهائيا وتسلم العرب زمام الحكم.
منذ أن كان الروم والفرس يحكمون المشرق العربي كانت البادية العربية فيما يعرف الآن بجزيرة العرب هي المستودع البشري الذي يزودهم برجال الحرب. فرجال البادية مقاتلون أشداء يبذلون اشد البذل لمن يدفع. وكثير من أولئك المقاتلين استوطن بلاد الشام والعراق بعد أن هدأت الحروب واستقرت الأوضاع إثر خروج قوات الروم والفرس ومنح عرب المشرق نوعا من الحكم الذاتي.
في منتصف القرن السابع شهدت المنطقة نهوض الحكم العربي وبداية الحركة الدينية التي تبلورت اعتمادا على العقيدة النصرانية. في النصف الثاني من القرن الثامن اندمج الاتجاهان السياسي والديني إذ سيطرت الدولة على الدين مما سهل ظهور الإسلام العربي وأسلمة الحكم وتعريب الدين.
تشير الحفريات التي جرت في بلاد الشام إلى أن أغلبية العرب الذين قدموا من الجزيرة العربية كانوا لا يزالون وثنيين أو على دين النصارى. والوثنيون منهم مالوا نحو النصرانية والتزموا بها. لكن هؤلاء العرب لم يكونوا شديدي التدين. ولم يكن الدين بالنسبة لهم سوى طريقة حياة مثل أي طقوس وثنية أخرى.
لم يشكل وجود هؤلاء العرب في الشام أي تهديد لأصحاب البلاد. فهم كانوا عربا مثلهم من حيث العرق وكان بينهم من يؤمن باليهودية ومن يؤمن بالنصرانية ومنهم من كان وثنيا فمال إلى ديانة أهل البلاد وصار كواحد منهم.
في القرن السابع كان هرقل أقوى وانجح حاكم في العالم. وكان يحكم إمبراطورية واسعة مترامية الأطراف. وقد هزم الإمبراطورية الفارسية ودمر ملكها وسحق عرشها. فهل يهزم في اليرموك بكل تلك السهولة التي ترويها المصادر العربية؟
الذين بحثوا في تفاصيل معركة اليرموك لم يجدوا أي سبب لهزيمة البيزنطيين. كيف ينهزم هرقل الذي خبر الحروب ثلاثين عاما؟ وبحسب التاريخ المروي كان العرب مشغولين بجبهتين فكيف حققوا كل تلك الانتصارات؟ كما أن كتب التاريخ لا تحتوي أي مصدر ولو مصدر واحد يعود إلى القرن السابع يذكر فيه أن هرقل توجه إلى جنوب مدينة القدس أو مدينة مؤتة بالذات أو أنه توجه إلى صحراء العرب بجيوشه ليحارب ثلاثة آلاف عربي خرجوا عليه من بطن الصحراء. ولم تبين الرواية الإسلامية أي سبب أو غرض يدفع هرقل لمحاربة المسلمين بمئة ألف جندي في مؤتة.
ما لا تذكره مصادر الرواية الرسمية الإسلامية هو أن الروم والفرس انسحبوا بهدوء بعد أن أنهكتهم الحروب وتركوا العرب لمصيرهم يحكمون أنفسهم في حكم ذاتي مع بقاء بعض الحاميات الرومية الصغيرة التي لم يزد عدد أفرادها عن ألف وخمسمئة رجل في كل البلاد السورية.
لم يكن عرب سوريا بدون زعيم يقودهم. وهذا الزعيم كان معاوية الذي عرف في المصادر العربية بأنه معاوية بن أبي سفيان الخليفة الأموي الأول. تقدم كتب التاريخ هذا الزعيم على انه مسلم سوق نفسه بما يتوافق مع الرأي العام. وجعلوا منه أحد دهاة العرب بعد مسالة رفع المصاحف على الرماح في قصة صراعه مع علي.
لماذا سميت الدولة العربية الناشئة في بلاد الشام بالدولة الأموية؟ لا توجد إجابة وافية لهذا السؤال. المصادر العربية تنسب الأمويين إلى أمية بن عبد شمس ولكن لا توجد تفصيلات تبين كيف انتقلت الأسرة الأموية إلى بلاد الشام. لماذا يستقل الأمويون في سوريا ولماذا يذهب العلويون إلى العراق ولماذا يتركون مكة مهد الإسلام المفترض بحسب المؤرخين؟ لماذا يصمت التاريخ عن بقية الأمويين في الحجاز بعد تأسيس الخلافة في دمشق؟ فلا يعقل أن جميع الأسرة الأموية قاطبة غادرت مكة.
على أي حال هل يكفي أن يكون معاوية ابنا لأبي سفيان ليعين حاكما في دمشق وبعد فترة ما يعرف بالخلافة الراشدة يستفرد بالحكم بكل تلك السهولة؟
على الأغلب كان معاوية قائدا محليا قويا استطاع أن يجمع حوله العشائر العربية النصرانية التي عرفت باسم الغساسنة. وقد تسلم قيادة البلاد عندما انسحبت منها جيوش الروم سنة 622 للميلاد وهي السنة التي انتصر فيها هرقل على الفرس وقرر بعدها الانسحاب من البلاد السورية وتركها لأهلها يحكمونها بطريقتهم. وقبل معاوية أن يدفع الجزية للروم مقابل تثبيته في الحكم. كان معاوية يدفع للروم جزية بمقدار ثلاثة آلاف قطعة ذهبية بالإضافة إلى الخيول والعبيد. ولو صدقنا الرواية الإسلامية أن معاوية كان خليفة المسلمين فهل يعقل أن يدفع الجزية للروم؟ على الأغلب كان معاوية خليفة بمعنى نائب الحاكم البيزنطي أي أن حكمه ليس مطلقا في البلاد وان حكم فهو باسم الإمبراطور.
كان معاوية على ما يبدو زعيما محليا. تحول إلى ملك عند وفاة هرقل 641. بوفاة هرقل تحقق الاستقلال العربي الكامل فضربت المسكوكات التي حملت عبارة أمير المؤمنين بمعنى مسؤول الأمن أو راعي الأرض. نصب معاوية نفسه أميرا للمؤمنين. وصفة أمير المؤمنين كانت عبارة مسيحية معروفة وهي لقب كان يطلق على الأسقف في بعض الأحيان. ويقول فلهاوزن “في بيت المقدس نصب معاوية نفسه خليفة وصلى بهذه المناسبة في الجلجلة وعند كنيسة الجسمانية وقبر مريم. كما أن يوسيبيوس في كتابه الكبير: تاريخ الكنيسة يقول: “تجمع كثير من العرب وبايعوا معاوية ملكا. فذهب إلى الجلجلة وجلس هناك وصلى. ثم ذهب إلى الجسمانية ونزل إلى حيث قبر مريم وصلى فيه”. ويذكر كثيرون أن معاوية ترك نقشا باليونانية يتقدمه صليب وبعدها ظهر الصليب على العملات الأموية.
لقب السوريون معاوية بالمستنير وتعني حامل النور وهو لقب لأصحاب المراتب العليا. فهل كان مسيحيا؟ نسطوريا؟ نصرانيا؟ على الأغلب كان كذلك. كان نصرانيا يلتزم شيعة النصارى وهي المسيحية اليهودية التي تقيم التوراة والإنجيل معا. إن لقب معاوية يعني في الآرامية البكاء كثير البكاء وهي صفة تصبغ على رجال الدين الذين يخافون الله.
لكن بعض المصادر تشير إلى أن معاوية وأسرته ليست من الغساسنة بل من الساسانيين الفرس الذين كانوا يتبعون الكنيسة النسطورية التي سبق لها ولجأت إلى بلاد الفرس وكان لها أتباع كثيرون هناك. أي أن أسرة معاوية التي تسميها المصادر العربية الأسرة الأموية ليس لها علاقة بصحاري الحجاز أو قريش بل هم فرس عرب تحدروا من حدود بلاد الفرس الشرقية باتجاه فلسطين والشام.
من خلال الحكم الذاتي للعرب في سوريا قامت الدولة العربية بزعامة “مع ــــــ ويه” الذي عرفته المصادر الإسلامية باسم معاوية بن أبي سفيان. ونسج له المؤلفون العرب تاريخا ونسبا وجعلوا أسرته من قريش وجعلوا جده أمية بن عبد شمس ليكون ندا لهاشم جد علي بن أبي طالب الذي ربما كان زعيما لمناذرة العراق وكان نظيرا لمعاوية هناك.
لا يعرف عن هذا الزعيم أي شيء حقيقي، لا عن أسرته ولا عن أهله ووالديه ولا عن مكان ولادته ونشاته. لم يعثر على أي دليل مادي يبين الإسم الحقيقي له وما هي قوميته فهل هو عربي أم فارسي أم مولد من سلالة رومية مثلا؟ وما هو دينه وعقيدته. ولكن مع بداية حكمه زالت فكرة أن الحكام من نسل الآلهة. فصار يطلق على الحاكم اسم عبد الله.
في العام 661 للميلاد اعترف بمعاوية كحاكم مطلق في سوريا فاحكم قبضته في دمشق وما جاورها واخضع المناطق المحيطة بالشام وقام بتعيين ولاة في فلسطين والحجاز والعراق. ومن كان يعرف بحسب الرواية الإسلامية بالخلفاء الراشدين قد يكونوا مجرد ولاة قام معاوية بتعيينهم. أبرزهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان الذي قتل وثارت بعده فتنة ابن الزبير الذي تحدى خلفاء معاوية وكانت معركته مع عبد الملك.
وإذ أصبح معاوية أول حاكم عربي بعد خروج الروم ثبت مركزه في دمشق وقام بإخضاع كل من حاول التمرد أو الاحتجاج ضد حكمه. وربما كانت معاركه ضد القوى المحلية التي عارضته في بداية حكمه هي المعارك التي ضخمتها الرواية الرسمية للمؤلفين العرب في معارك أسمتها اليرموك ومؤتة وفتح دمشق وسقوط القدس وغير ذلك من المعارك الوهمية التي تتحدث عنها المصادر العربية. وقد تكون المعارك التي عرفت باسم حروب الردة هي غزوات قامت بها قوات معاوية لإخضاع مختلف أنحاء الجزيرة العربية.
حكم معاوية وأولاده ثلاثة وعشرين عاما انتهى بعدها حكم ما يعرف بالفرع السفياني من الأسرة الأموية انتقل بعدها الحكم إلى ما يعرف باسم الفرع المرواني الذي بدأ فعليا من عبد الملك بن مروان. ولكن ما هي علاقة معاوية بأبي سفيان صخر بن حرب الذي تتحدث عنه الروايات الإسلامية؟ هناك رواية تقول إن أمية بعد صراع مع هاشم في الحجاز تم نفيه إلى الشام. لكنها رواية ضعيفة لا يعتد بها وإنما اختلقت لإيجاد مبرر لوجود بني أمية في الشام.
يشكك البعض بنسبة معاوية إلى أبي سفيان ويقولون إنها مجرد اختراع لإعطاء معاوية نسبا قرشيا يضاهي به نسب علي الهاشمي الذي اختلقت له أيضا سيرة ونسب وسلالة شريفة. وجعلوا أم معاوية هند بنت عتبة التي بحسب المرويات الإسلامية تلتقي أحد الكهان الذي يقول لها إن أحد أبنائك سيكون ملكا. وفي المقابل نسبت المرويات إلى هند أم معاوية قصة أكل كبد حمزة عم النبي للإساءة إليه.
لكن فضل معاوية الكبير كان إقامة الدولة العربية الأولى المستقلة التي وصفت بانها دولة الأمويين. فمن هم هؤلاء؟ من أين جاء وصف الأمويين؟ لماذا وصفت به أسرة معاوية ومن خلفه من أولاده وأولاد أعمامه؟ قد تكون الكلمة تصحيف من كلمة أميين. فالأميون أو الأمم بحسب التعبير الكتابي هم الوثنيون من غير اليهود. ولأن اللغة العربية لم تكن ناضجة بما يكفي في القرن السابع ربما اختلط الأمر على المؤلفين العرب فنسبوا معاوية وأولاده إلى الأمم أو الأميين فكان أن صارت الكلمة أمويين. ولم يلتفت أحد للتصحيف وبخاصة أن سلالة الأمويين نهض لها من الطرف الآخر من البلاد في الشرق أسرة آل هاشم تنافحها وتحاول تقويضها ونجحت بإسقاطها في نهاية المطاف.
بعد أكثر من عقدين من حكم أسرة معاوية جاءت الأسرة المروانية وأبرز حكامها كان عبد الملك بن مروان الذي حكم عشرين عاما كانت كافية ليقوم بكل ما قام به ويتغير مسار التاريخ إلى الأبد.
يتبع قسم ثان

مواضيع ذات صلة: الأسلام اول حركة قومية عربية

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to تاريخ الإسلام المبكر القسم الأول

  1. س . السندي says:

    خيرالكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: أولا مشكور على سعيك وجهدك ونأمل بالمزيد لوضع النقاط على الحروف إن شاء ألله مستقبلا ؟

    ٢: كل الدلائل عند الباحثين المنصفين تقول أن الاسلام هرطقة مسيحية ، والقران عبارة عن إنجيل القس ورقة والراهب بحيرة بدليل تناقص أياته مابين مكة والمدينة ؟

    ٣: عاجلا أم أجلا فالبحوث والتحريات لابد أن تكشف لنا ذات يوم حقيقة الاسلام المحمدي ، خاصة بعد زوال حكم أل سعود ليتسنى للباحثين المنصفين من نيا الحقيقة ، بالحفر والتنقيب في مكة والمدينة خاصة للوصول لأثر ما قد يقلب كل الروايات التاريخية المزيفة ؟

    ٤:كيف يعقل أن يكون هذا القران الذي بين أيدي المسلمون اليوم هو الصحيح ، وكلنا يعلم أن تنقيط القران قد حدث بعد موت محمد المفترض بأكثر من 150 عام ؟

    ٥: من البديهي أن يتم تضخيم المعارك في صورتها التي في كتب التاريخ الاسلامي ، وهى بالحقيقة ليست بأكثر من تمنيات لعقول مريضة (إسقاطات عقدة النقص) بدليل خلو التاريخ للكثير من التفاصيل الدقيقة ، مثل عدد مقاتلي الطرفين وعدد القتلى والأسرى وتاريخ المعركة الحقيقي ، لان ورد بعض التفاصيل الدقيقة في السياق التاريخي يقربنا أكثر من حقيقة الحدث ؟

    ٦: سؤال مهم يتبادر للذهن ، كيف يعقل أن تكون دمشق عاصمة للدولة الاسلامية ومن ثم بغداد وليس مكة أو المدينة مهبطا الوحي المفترض ؟

    ٧: وأخيرا: ليعبد كل أمري مايشاء دون سلب ونهب وقهر ألاخرين باسم ألله وبسفك الدماء ، فهل سيتعض الخيرين والمتنورين من شرور هذا البلاء ، سلام ؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.