تأملات شتوية عابرة في المسألة التشيخوفية

antonchekhov

لوحة بورتريه تشيخوف بريشة صديقه الفنان اسحق ليفيتان

تأملات شتوية عابرة في المسألة التشيخوفية
عبدالله حبه – موسكو

غالبا ما يقال ان سبب غلو الفلاح الموجيك الروسي في التفلسف والاغراق في الخيال يرتبط بالمناخ الشتوي الذي يتواصل في البلاد على مدى ستة أشهر تقريبا، ينقطع فيها الانسان عن ممارسة العمل اليومي في الحقل، فيستلقي فوق سطح الموقد الروسي التقليدي مع اطفاله ويطلق لخياله العنان في تأليف الاساطير والحكايات وغرائب الامور. وقد تجسد ذلك حقا في جميع مؤلفات الكتاب الروس من جوجول وبوشكين وتولتسوي وحتى بولجاكوف وبلاتونوف، وكذلك لدى المعاصرين ايفانوف وبيليفين. ووجدت نفسي في الايام الشتوية حيث تبلغ درجة الحرارة بموسكو العشرين تحت الصفر في وضع الموجيك سابقا، اذ لا أتجرأ على الخروج الى الشارع الا الى مكان عملي ثم اهرع راجعا الى البيت بسرعة. وفي الامسيات لا اجد أمامي من متعة سوى المطالعة بعد ان قرفت من الثرثرات والسخافات في التلفزيون. ولم اجد ما يسليني سوى تشيخوف بقصصه الطريفة وروحه الساخرة الممتزجة بالمرارة وكوميدياته الحزينة. ناهيك عن انها تجعلني اغرق ايضا في التأملات حول وضع وطني المأساوي بعد ان اضعته في مطلع الستينيات وعندما عدت اليه لم أجده .
وقد بهرني تشيخوف اليوم بكتابه غير المترجم الى العربية ” جزيرة ساخالين “، الذي بدأت بتقليب صفحاته ولم اتركه حتى انهيت مطالعته. ووجدت فيه جوانب آخرى لم اعرفها عن تشيخوف من قبل. لقد عرفت هذا الكاتب في العراق لاول مرة بتراجم شاكر خصباك لقصصه في الخمسينيات. وحدث ذلك في عراق فترة النهضة الثقافية في الخمسينيات والستينيات الذي اضعته ولم اجده حتى الآن. وما زال الأمل يراودني في ان نبدأ فترة نهضة أخرى ونساير مجددا ركب الحضارة ونتقدم خطوة فخطوة الى الامام ، بدلا من ان نرجع القهقرى الى الوراء بوتائر متسارعة. وفي الحقيقة ان الشعب العراقي يشبه الشعب الروسي من حيث التعبير عن ذاته بالاغاني الحزينة لكثرة ما عاناه ويعانيه من محن وآلام والاغراق في العاطفية والميل الى تصديق الاساطير . وبعد ان اتقنت اللغة الروسية قرأت كافة اعمال تشيخوف تقريبا بلغة الكاتب الرائعة. فزاد اعجابي به أكثر. وما زال ادب تشيخوف حتى الآن قريبا الى نفوس مختلف شرائح المجتمع في كافة البلدان، حيث ترجمت اعماله الكاملة الى عشرات اللغات باستثناء اللغة العربية طبعا. واليوم لا تغادر مسرحياته خشبات المسرح في بلدان القارات الخمس. ولكل جيل رؤيته الى تشيخوف، لكنه يبقى مع ذلك مدرسة فريدة في الادب القصصي والمسرحي حيث يجسد بأفضل شكل من أشكال النزعة الانسانية وحب الانسان مهما كان.
ان تشيخوف لم يكن ثائرا ولم يدعو الى الثورة ولم يصارع السلطة القيصرية، لكن جميع اعماله تشكل احتجاجا على اوضاع المجتمع وسياسة السلطة. كما انها تكشف تألمه من الوضع البائس للطبقات الفقيرة واذلال الانسان وسلبه ابسط حقوقه. وقد دفعه تعاطفه مع ابناء جلدته الى السفر في رحلة طويلة عبر سيبيريا ليروي ما شاهده من احوال المنفيين والسجناء، اي الناس المنسيين في جزيرة ساخالين لجذب اهتمام المجتمع والسلطات بهم. وشد الرحال الى تلك المنطقة النائية بالرغم من مرضه بعد اصابته بالسل. ولكن اندفاعه الى هذه المغامرة وتحقيق هدفه كان اقوى من اي اعتبار صحي وغيره. ان التعاطف مع البؤساء من الناس صفة ملازمة لجميع كتاب روسيا. وربما ان هذا ما يجعل بعض النقاد في الغرب يتحدثون عن “ادلجة ” الادب الروسي وخضوعه الى فكرة او ايديولجية ما. والحق ان هذا لا علاقة له بالايديولوجية التي تغيرت في روسيا مع تغير الانظمة السياسية. ان هذا الأمر يكمن في روح الكاتب الروسي وفلسفته الحياتية ويتجسد سواء في ” معطف ” جوجول او ” البعث” و”آنا كارينينا” لتولستوي او ” بيوت الموتى ” لدوستويفسكي . وقد كتب الاخير يقول: “انني اعتقد بأن الشئ الرئيسي والجذري هو ان الحاجة الروحية للشعب الروسي هي الحاجة الى التألم، الدائم والعميق، وفي كل مكان وفي كل شئ. ويبدو ان هذا التعطش الى الالم قد غرس فيه منذ غابر الازمان. ان سيل الالم المتدفق يمر عبر تأريخه كله، ليس بسبب المصائب والارزاء والمحن الخارجية التي ألمت به فقط، بل انه ينبع من اعماق قلب الشعب. ويجد الشعب الروسي حتما، حتى في السعادة، شيئا من الالم ، والا لن تغدو بدونه سعادته كاملة “. ان اقوال دوستويفسكي هذه ان دلت على أمر فانما تدل على صفات الشعب الروسي النابعة من الظروف المناخية القاسية والسلطة الباغية وبقايا العلاقات “الاسيوية” الموروثة عن فترة قرنين من سيطرة المغول – التتار على الاراضي الروسية والتي تركت آثارها في الشعب الروسي. وكما قال الكاتب السوفيتي فلاديمير تشيفيليخين في كتابه ” الذاكرة” ان الشعب الروسي اخذ من الغزاة بعد ان دمر باطي خان حفيد جنكيزخان المدن الروسية وقتل اهلها وسبى نساءها تمثلاً بأسوأ الصفات الموجودة لدى القبائل المغولية، وهي الميل الى السرقة والسجود امام الحاكم. وقد اثر ذلك في سلوك الانسان الروسي على مدى القرون حيث ان الموظف في الدولة كان عندما يكتب تقريرا الى الرؤساء يميل الى الاطناب والحشو بالعبارات الفارغة. وقد ترك هذا تأثيره حتى في الادب الروسي اذ ان تولستوي كاتب روسيا العظيم يسهب في الكتابة بالوصف ويبلغ طول الجملة احيانا حتى عدة سطور.
وقد راجعت المؤلفات الكاملة لتشيخوف في مكتبتي فجذب انتباهي كتابه “جزيرة ساخالين” دون غيره لأنني لم اعرفه بالعربية سابقا، ( وفي الحقيقة ان اعمال تشيخوف وغيره من الكتاب الروس الكبارالمترجمة الى العربية بصورة جيدة قليلة) ، لأنه ليس قصة او رواية بل “يوميات مسافر” تحدث فيها تشيخوف عن وضع السجناء والمنفيين والمحكومين بالاشغال الشاقة في روسيا القيصرية في اواخر القرن التاسع عشر. وتبرز فيه أهم صفة تميز ادب تشيخوف هي النزعة الانسانية العميقة وعنايته بحقوق الانسان. طبعا انها ليست “حقوق الانسان” التي يتحدث عنها اليوم الساسة في الغرب بنفاق ويستخدمونها لتحقيق مصالحهم السياسية، بل الحقوق التي تمنح الانسان الكرامة والحرية وتحقق العدالة الاجتماعية، الهدف الاسمى للبشرية على مر القرون. ويعتقد بعض الباحثين ان هذا المؤلف يعد من افضل كتب تشيخوف من حيث تجسيد افكاره ونظرته الى الحياة.
قام تشيخوف برحلته الى جزيرة ساخالين في عام 1890 بالاتفاق مع صحيفة “نوفويه فريميا” الروسية التي تولت نفقات السفر والمعيشة جزئيا. ونشرت اليوميات بشكل كتاب في عام 1895. ولم يعرف بنيته في السفر مسبقا الا القلائل رغم انه وضع خطة السفر قبل عدة اعوام بعد ان حدثته ممثلة إلتقاها عن رحلتها ومشاهداتها هناك. وقد سافر تشيخوف في عربة مكشوفة حيث لم توجد خطوط السكك الحديدية العابرة لسيبيريا آنذاك. وعانى من البرد والمطر والمبيت في بيوت الفلاحين او الفنادق الريفية حيث لم يكن البق يدعه ينام بهدوء. ووصل الى ما وراء جبال الاورال حيث تنداح براري وغابات سيبيريا في شهر مايو/أيار. فوجد الثلوج لا زالت فيها بعد ان كانت الازهار الربيعية قد تفتحت في موسكو وضواحيها. وشاهد في الطريق الفقراء من الفلاحين الذين يتوجهون الى سيبيريا حيث الاراضي الخالية والشاسعة من اجل الاستقرار مع عوائلهم وبدء حياة جديدة ، كما شاهد السجناء والمنفيين يقطعون الآف الكيلومترات مشيا على الاقدام ويعانون من البرد والجوع وقسوة رجال الدرك، بينما يقدم لهم الفلاحون في القرى الجياع اصلا قطعة خبز او بيضة مسلوقة او تفاحة. وكانت عربته تتعرض تارة الى تحطم العجلات او عدم وجود الحصان البديل فكان يضطر الى المبيت في اشباه فنادق ، او يبقى في العراء او في وسط غابات (التايغا) الكثيفة حيث الدببة والذئاب وشتى اصناف الوحوش . ولعل اسوأ شئ هو عدم توفر الطرق المعبدة، وهي مشكلة ابدية في روسيا، وباقية حتى اليوم. وعندما وصلت العربة الى منطقة منخفضة ابلغه الفلاحون ان الثلوج بدأت بالذوبان والمياه الممزوجة بالثلج قد تجاوزت ضفاف نهر ارطيش وصارت تغطي الطريق ومساحات واسعة من المنطقة. ونصحه البعض بركوب قارب الى الجهة الاخرى واستئجار عربة اخرى وهذا ما فعل. وتكرر ذلك عدة مرات في رحلته نحو ساحل المحيط الهادئ التي استغرقت 80 يوما.
ورأي تشيخوف في الطريق الكثير من القرى والمراكز السكنية التي يقطن فيها منفيون . انهم ربما كانوا سابقا من الشخصيات الهامة في دوائر الدولة ولكنهم ارتكبوا جريمة ما او اثار سلوكهم غضب اصحاب الأمر والنهي او من المثقفين الذين اعربوا عن عدم رضاهم من اجراءات السلطة او كتب احدهم رواية تعتبرها السلطات ” هدامة ” ويعاقب عليها بكل شدة مثل الكسندر راديشيف صاحب كتاب ” رحلة من بطرسبورغ الى موسكو”، الذي صدر الحكم بإعدامه ثم خفف الى النفي في سيبيريا لا لسبب سوى انه وصف حياة الفلاحين البائسة. وكتب تشيخوف بهذا الصدد يقول: ” انني لا أحب رؤية المثقف المنفي الواقف عند النافذة والذي يتطلع صامتا الى سقف البيت المجاور. فما هي الافكار التي تراوده عندئذ؟. كما إنني لا أحب عندما يتحدث هذا المثقف معي حول توافه الامور ويتطلع الى وجهي بتعبير كما لو انه يريد القول:” انت ستعود الى بيتك ، بينما لن أعود أنا الى بيتي”. انا لا أحب ذلك لأنني اشعر لحظتئذ بالأسف البالغ عليه”. وباعتقاد تشيخوف ان الحكم بالنفي هو شكل آخر من الحكم بالاعدام، إلا انه الاعدام البطئ والموت الفعلي للانسان بالنسبة الى المجتمع الذي ولد وشب في احضانه ومعاناته لابشع ظروف الحياة في المنفى ناهيك عن سلبه كافة الحقوق. وكتب تشيخوف لاحقا :” لدي قناعة أكيدة بأنه سينظر الى العقوبة بالسجن المؤبد بعد 50 – 100 عام باستغراب وبشعور من الذهول والحيرة، كما ننظر الآن الى عقوبة جدع الانف او بتر اصابع اليد اليسرى التي كانت تمارس في القرون الماضية”.
ان النزعة الانسانية العميقة لدى تشيخوف ليست وليدة الصدف، فهو سليل اسرة من الاقنان الذين كانوا يباعون ويشترون مع الارض حتى عام 1861 حين اصدر القيصر الكسندر الثاني مرسومه بإلغاء القنانة وهي في الواقع حياة العبودية. ولذا ورث جميع معاناة هذه الاسرة في حياة العبودية. وقد أفلح جده يغور في كسب رضى سيده وتحول من فلاح الى اداري ثم كسب الحرية لإخلاصه في العمل في خدمة السيد ودفع الفدية المطلوبة لتحرير عائلته من قيود القنانة. وفيما بعد انجبت اسرة تشيخوف العديد من الموهوبين من كتاب وفنانين وممثلي مسرح ورجال دولة. وقد ولد تشيخوف في جنوب روسيا بمدينة تاغانروك على ساحل بحر ازوف في 17 يناير/كانون الثاني عام 1860، وتخرج من المدرسة الثانوية فيها ، واضطر منذ ايام اليفاع الى كسب رزقه عن طريق تقديم الدروس الخصوصية بسبب افلاس دكان والده وهربه من الدائنين واضطراره للبحث عن الرزق في موسكو.
وعرف الصبي انطون (16 عاما) منذ ذلك الحين معنى خيانة الاصدقاء حين استولى صديق العائلة على بيتهم، كما عرف معنى الفاقة والبحث عن اي وسيلة لكسب الرزق . لأنه كان منذ طفولته يعمل في دكان والده مع اشقائه الآخرين واحيانا كان يترك الدروس في المدرسة اليونانية من اجل ذلك. وبعد ذلك التحق بكلية الطب في جامعة موسكو في عام 1884 . لكنه لم يمارس مهنة الطب فترة طويلة حيث انجذب الى الادب وصار يكتب القصص الساخرة في الصحف المحلية بالإسم المستعار “تشيخونته” وغيره. الا انه بقي يردد” ان الطب هو زوجتي والادب عشيقتي”، حقا انه مارس الطب عدة مرات في فترات انتشار المجاعة ووباء الكوليرا في روسيا. وسرعان ما اكتسب الشهرة ككاتب وصار ينشر قصصه في المجلات الادبية الشهرية ومنها قصص ” السهب” و” قصة مملة” و”قصة رجل مجهول” و” الرجل المعلب” و”الردهة رقم 6″ و” في الوهدة”. وبعد ان حقق نجاحا كبيرا في مجال القصة انتقل الى الكتابة للمسرح. ولكن كان اول اخراج لمسرحيته ” النورس” في سانكت – بطرسبورغ فاشلا . وتأثر الكاتب كثيرا لهذا الفشل حين صرخ الجمهور بوجهه ” هذا ليس نورسا بل وزة”. فغادر مبنى المسرح وصار يتجول في شوارع المدينة حيث الجو القارس حتى الصباح. وسبب ذلك اشتداد مرضه واصابته بالسل لاحقا.
ومر الكاتب بفترة عصيبة في حياته حتى فكر بالانتحار بعد ان راودته الكوابيس في نومه حيث رأى في الحلم أن الغوغاء يلاحقونه في شوارع سانكت- بطرسبورغ صارخين : “اقتلوا ” النورس” ومعه تشيخوف “! . كما انهارت علاقته بحبيبته ليكا، واصابه الفشل في الادب فلم يكتب سوى قصة واحدة خلال عام ، مما قاده الى الافلاس ، و خذلته الآمال في الرحلة الى ساخالين حيث لم يستطع اغاثة أي بائس وانفق مدخراته القليلة فحسب . كما توفي اخوه نيقولاي الفنان الموهوب بعد اصابته بالسل، وأدمن اخوه الكسندر على الخمر . اما هو نفسه فمصاب بالسل ويبصق دما ، وجهازه العصبي اخذ بالتدهور ، حيث لم يعد له صديق حقيقي يبث له لواعج معاناته. لكن ما انقذه من الافكار السوداء هو نجاح مسرحية ” النورس” التي أخرجت ثانية في مسرح موسكو الفني بعد تأسيسه في عام 1898 . ويرجع الفضل في اخراجها بنجاح الى الكاتب والمخرج احد مؤسسي هذا المسرح وهو فلاديمير نيميوفتش – دانشنكو الذي اقنع رفيقه قسطنيطين ستانيسلافسكي بوجوب اخراج اعمال تشيخوف بالرغم من تركيبها الدرامي غير التقليدي واعتمادها على ” التيار الداخلي النفسي ” للشخوص وليس على تسلسل الحدث. علما ان دانشينكو (وهو كاتب مسرحي ايضا ) رفض قبل هذا منحه جائزة بوشكين الادبية لقاء مسرحياته مبررا ذلك بأن تشيخوف افضل منه وهو الاجدر بنيل الجائزة. ويذكر دانشينكو في كتابه ” من الماضي” انه جلس مع ستانيسلافسكي ساعات طويلة ليشرح له المعاني الخفية لمسرحيات تشيخوف باعتبارها ادب مسرح المستقبل. وبعد نجاح اخراج المسرحية في مسرح موسكو الفني واصل تشيخوف كتابة مسرحيات أخرى هي ” الخال فانيا” و”بستان الكرز” و”الاخوات الثلاث” التي قدمت على خشبة المسرح المذكور وبإخراج ستانيسلافسكي نفسه . علما ان المسرح اعتمد صورة ” النورس” رمزا له وتوجد الآن على ستارته. وفي هذه الفترة تزوج من الممثلة الاولى في المسرح اولجا كنيبر التي احبها بصدق لكنه لم يعش طويلا معها بسبب اضطراره للعيش في يالطا في القرم حيث الطقس الدافيء بينما واصلت اولجا العمل في المسرح بموسكو .
ولدى الحديث عن أهمية ” جزيرة ساخالين” في أدب تشيخوف لابد من الاشارة الى ان الكاتب مر بمرحلتين في تطور ابداعه الادبي، هما مرحلة كتابة القصص الهزلية بتوقيع “تشيخونتي” ومرحلة كتابة القصص الجادة التي تعكس الحقيقة النفسية والحياتية للانسان. وكانت قصصه تتناول بشكل أساسي وقائع الحياة اليومية العادية بإسلوب ساخر وتكشف كل مأساوية وخواء هذه الحياة وابتذالها. ويبدو فيها رب العائلة المخمور ينهال على زوجته واطفاله بالشتائم والضرب بسبب مزاجه العكر ولسوء معاملته من قبل الرؤساء في الوظيفة او لخسائره في لعب الورق ، كما يظهر تشيخوف كيف لا يستطيع الانسان العادي تمشية أية معاملة في دوائر السلطة من دون دفع رشوة، او كيف يبيع المثقف ضميره ومبادئه مقابل المال او لكسب حظوة رجال السلطة . ويصوّر تشيخوف في قصصه الساخرة في تلك الفترة بإسلوب مقتضب جدا خواء الحياة العائلية من كل مسرة، وشيوع الانانية وغياب المثل العليا الاخلاقية لدى الطبقة البرجوازية في زمانه. ويتميز اسلوبه في عرض الشخصيات والاحداث بالشمولية ، فلا يسهب في شئ بل يعطي الخطوط العامة لها فقط. ولا توجد نهاية سعيدة في قصصه ومسرحياته. ويظهر ابطال قصصه الذين يقدمهم الكاتب بلغته الرقيقة التعابير في اسكيتشات من دون تفاصيل ومن دون خلفية في الماضي . انهم يعيشون في الحاضر فقط. هكذا كانت قصص تشيخوف “الحزينة والساخرة”. وفي هذه الفترة كتب مسرحيتيه الهزليتين ” الدب” و” الخطوبة” بالاسلوب ذاته. حقا ان تولستوي نصحه مرة بعدم كتابة المسرحيات لأنه يكتب “مسرحيات رديئة”. لكن تشيخوف واصل كتابة القصص والمسرحيات ولم تفارقه المفكرة الصغيرة التي كان يدون فيها كل ملاحظة او عبارة يمكن ان يضعها في اعماله. ان جميع قصصه ومسرحياته مأخوذة من حياته اليومية ، حتى ان الاصدقاء والمعارف كانوا يلومونه احيانا حين يجدون وصفا او قولا لهم في احد اعماله.
وعندما تحول تشيخوف الى الكتابة الجادة الآكثر عمقا، حافظ على اسلوبه الساخر . لكن مواضيعه صارت تتسم بالتحليل النفسي ومعاناة الفرد الوحيد وبمسحة من التشاؤم واليأس في اوساط مجتمع المثقفين الذي يبدو في اعماله النثرية والمسرحية عاجزا عن مواجهة قسوة وجمود واقع المجتمع وانتشار الفساد وانعدام القيم والنفاق الديني ولا يرى فيها قبس نور في نهاية النفق في مسيرة تأريخ بلدهم. ويتجسد ذلك في اعماله مثل ” قصة مملة” ومسرحية “الاخوات الثلاث”. وفي الواقع ان تشيخوف قام بدور المؤرخ الادبي لمجتمعه في تلك الفترة. وربما كان تشيخوف اصدق من جميع معاصريه في تصوير حياة الفلاحين البائسة كما في قصته غير المكتملة ” الموجيكي” (الفلاحون)، وفي قصة “في الوهدة” وفي كتابه ” جزيرة ساخالين”. كما صور تشيخوف بشكل رائع حياة الانسان العادي في المدينة، بما فيها من ابتذال وحماقة وعجز عن معالجة مشاكله اليومية وتشاؤمه حيث يقول احد ابطال قصة ” حياتي” :” انني لم اجد في المدينة كلها رجلا شريفا واحدا”. بينما يكتشف في قصة ” الردهة رقم 6 ” ان الشخص النزيه الوحيد في المدينة هو المجنون المحتجز في تلك الردهة. حقا ان الرقابة كانت مع هذا تلاحقه احيانا وترصد كل كلمة يكتبها. ففي قصته ” الموجيكي” ( هذه الكلمة الروسية تطلق على الفلاحين الاميين وكذلك على الرجال الغلاظ غير المؤدبين وغير المتعلمين )، وجد الرقيب وصفه لهؤلاء الناس غير مناسب كقوله : “.. انهم غلاظ وغير نزيهين وقذرون وسكارى ويعيشون من دون وفاق ويتشاجرون لانهم لا يحترمون بعضهم البعض ويخشون ويرتابون من الاخرين… لكنهم بشر رغم ان الحياة معهم محفوفة بالمخاوف، انهم يتألمون ويبكون مثل بقية البشر، ولا يوجد أي شئء في حياتهم لا يمكن ايجاد مبرر له. فالعمل الشاق يجعلهم يتألمون في اجسادهم طوال الليل ، كما انهم يعانون من ايام الشتاء القاسية ، ورداءة المحاصيل، والسكن الضيق ، ولا يتلقون اية مساعدة ولا ينتظرونها من أي احد…”.
وفي الواقع ان تشيخوف كان يصبو في جميع أعماله الى البحث عن المثل العليا التي يجب ان تسود في المجتمع . ان جميع ما يورده في كتابه ” جزيرة ساخالين” يبعث لدى القارئ الشعور بالاحتجاج الصارخ على اهانة الانسان أي انسان حتى اذا كان قد ارتكب اثما او جريمة ما. ويذكر الكاتب كيف وصل الى ميناء نيقولايفسك على نهر امور، وهو اقصى ميناء في شرق روسيا بعد رحلته الطويلة والشاقة عبر سيبيريا. وبدت المدينة التي ينقل منها المحكومون بالنفي الى ساخالين شبه مهجورة ولا يوجد فيها ما يستحق المشاهدة من المعالم. علما انها ازدهرت في وقت سابق كمركز تجاري لكنها فقدت قيمتها هذه وهجرها نصف الاهالي واصبحت المباني مهدمة ونوافذها محطمة . فأكثر الاهالي سكارى وشبه جياع وبلا عمل لا يهمهم سوى ممارسة الصيد في غابات التايغا او ممارسة تهريب الذهب والفرو وقرون الوعول الى الضفة الصينية المقابلة. وتبين ان المدينة بلا فنادق ولهذا وجد الكاتب نفسه وحيدا على رصيف الميناء مع حقائبه. وبدأت الشمس تميل الى المغيب، وعندما سأل احد المارة اين يمكن المبيت كانت الاجابة :هز الكتفين. وشعر الكاتب عندئذ بالندم لقيامه بهذه الرحلة اصلا. واخيرا نصحوه بالمبيت في السفينة الراسية هناك ” بايكال”. وهكذا اقتاده احدهم الى السفينة التي انطلقت في اليوم التالي في نهر آمور الى جزيرة ساخالين…
وفي السفينة شاهد المنفيين والسجناء بالقيود والسلاسل في اقدامهم ومعهم زوجاتهم واطفالهم. وتحدث مع احدهم الذي قتل زوجته لخيانتها وتوجه الى المنفى مع طفلته الصغيرة التي كانت تتعلق بالسلاسل لدى النزول الى عنبر السفينة. بينما روت له امرأة حكم عليها بالاشغال الشاقة في المنفى أنها قتلت زوجها لارضاء عشيقها. وعرضت عليه نفسه ان تعمل كخادمة في بيته لكنها اخبرها انه صحفي جاء الى هنا لفترة قصيرة. وفيما بعد حضر دفن امرأة في المقبرة. وقد حمل رفاقها طفلها الرضيع وسار معهم طفلها الآخر وهو في الرابعة من العمر. وبعد مواراتها التراب قال الصبي ضاحكا : لقد دفنوها !
واورد تشيخوف في كتابه احصائيات عن عدد ساكني مستوطنات المنفيين في الجزيرة وعن الطبيعة القاسية هناك واحوال المعيشة في السجون والاشغال الشاقة من قطع الاخشاب في الغابات الى استثمار المناجم والمقالع وكذلك نفقات الدولة عليهم. لكن الاهم في الكتاب هو وصف شخصيات السجناء والمنفيين وكذلك الاحرار الذين يبقون في المنطقة بعد انتهاء محكومياتهم وتصبح لهم عوائل واعمال انتاجية يستغلون السجناء فيها. بيد ان أهم ما جاء في الكتاب هو وصف الشخصيات الفريدة هناك. فمثلا الشاب يغور الذي لا يتوقف عن خدمة الآخرين بلا مقابل. وكان يأتي الى البيت الذي يقطن فيه تشيخوف فيساعد الطباخة في جلب الحطب وتنظيف المكان ومسح الاثاث من دون مقابل . وكان يعمل الشئ ذاته في البيوت الاخرى أيضا. وقد شيد لنفسه كوخا خشبيا وصنع بنفسه الاثاث حيث كان يتمتع بمهارة في اعمال النجارة. وعندمات استفسر منه تشيخوف عن حياته وكيف اصبح محكوما بالاشغال الشاقة روى قصته، اذ حدث ان سافر مع ابن قريته الى المدينة.
وفي الطريق دخلا الى حانة لأخذ قسط من الراحة وطبعا شربا الفودكا واستغرقا في النوم . وفي اليوم التالي اتهموه بقتل شخص كان قد تلاسن معه في العشية. ولم يرد رفيقه سيرغي قول الحقيقة عن شجاره نفسه معه بل اتهم يغور؟ وهكذا لم يصدقه احد واصدرت المحكمة قرارها بالحكم عليه بالاشغال الشاقة بالرغم من نفيه لجريمة القتل. ونقل الى ساخالين تاركا في القرية زوجته واطفاله لأن ” حياتهم هناك افضل”. ولدى الحديث عن

قبر انطون تشيخوف في مقبرة العظماء "نوفو ديفيشتيه" بموسكو

قبر انطون تشيخوف في مقبرة العظماء “نوفو ديفيشتيه” بموسكو

احد السجون ذكر الكاتب كيف يقطن السجناء مع نسائهم واطفالهم في قاعات ذات روائح نتنة بحموضة. وينام السجناء فوق طارمات من طابقين. وشكا السجناء من البق الذي ينهش اجسادهم ليلا.
اما السجناء العاملون في المناجم، فان السلاسل تقيد ارجلهم وايديهم وتربط بالعربة التي ينقلون فيها الفحم وينامون فوق المنصة والعربة تحتهم تبقى مرتبطة بهم. وكان احدهم كهلاً في الستين من العمر حكم عليه عدة مرات بسبب محاولات الهرب من السجن. وقال نفسه انه ارتكب حماقات ولهذا عاقبوه. علما انه مصاب بالسل، وامر السجان عطفا عليه بوضعه الى جانب الموقد. واعترف آخر بأنه لم يقتل احدا لكنه سرق لوازم الكنيسة من المصنوعات الفضية، وبرر ذلك حسب قوله ” لان الرب ليس بحاجة الى نقود”. وحكم على بحار في الاسطول لانه اعتدى بالضرب على ضابط بقبضته. وقد حكم عليه اولا بالاعدام لكن استبدل الحكم بالاشغال الشاقة والجلد علنا وربطوه بعربة المنجم.علما ان غالبية السجينات في ساخالين يمارسن الدعارة علنا من اجل كسب بعض القروش او الطعام او الحاجيات الاخرى، ولا تلقي ادارة السجون او الكاهن في الكنيسة المحلية بالا الى ذلك.
لكن حاكم ساخالين سمح في عام 1888 لحوالي ثلث المحكومين بالاشغال الشاقة بالعيش خارج السجون ليس لاعتبارات انسانية بل للحاجة الى الايدي العاملة المجانية. وشمل ذلك طبعا السجناء من ذوي السلوك الحسن . فإن وجود المحكومات من السجينات في بيوت الضباط والموظفين يوفر كثيرا من النفقات في اعمال التنظيف والغسل والطبخ والاعمال البيتية الاخرى .. وكذلك لارضاء الحاجات الجنسية للرجال. علما ان الزواج الشرعي في ساخالين كان يعتبر شيئا من باب الترف. وتعيش نساء كثيرات مع الرجال بالاتفاق المتبادل، وغالبا بسبب الفاقة وشظف العيش اي الزواج لاعتبارات اقتصادية. بينما يمكن استخدام الرجال في الاعمال الحقلية والصناعات الحرفية وغير ذلك لمنفعة موظفي الدولة او رجال الاعمال المحليين او الاستفادة منهم في شق الطرق واستصلاح الاراضي غير المستثمرة بعد في الجزيرة.
ان كتاب ساخالين قد وضعه المؤلف كرواية وثائقية حيث درس قبل السفر الآف الصفحات من الكتب والدراسات والوثائق المنشورة حول الجزيرة. ويعتبرالكتاب حتى يومنا هذا مرجعا مهما للمؤرخين عن احوال المجتمع الروسي في اواخر القرن التاسع عشر لما يتضمنه من احصائيات ومعلومات. وعندما قال الكسندر سوفورين صديق تشيخوف وناشر مؤلفاته ان ساخالين مكان غير جدير بالاهتمام قال له تشيخوف في احدى الرسائل:” قد لا يحتاج ولا يهتم أحد بساخالين سوى ذلك المجتمع الذي لا يرسل اليها الآلاف من ابنائه وينفق الملايين هناك. وقبل حوالي 25 – 30 عاما فحسب اجترح رجالنا الروس مآثر رائعة، تثير اعجاب الانسان ، بينما نعتقد اننا لا نحتاج الى هذا ، ونحن لا نعلم من هؤلاء الرجال، ونجلس فقط داخل الجدران الاربعة ونشكو من ان الرب اساء خلق الانسان. ان ساخالين هي مكان معاناة الالام التي لا تحتمل ، ولا يمكن ان يصمد لها سوى الانسان الحر او غير الحر فقط. ويجب ان نحج الى الاماكن مثل ساخالين للعبادة كما يحج الاتراك (المسلمون ) الى مكة، ويجب ان يتطلع البحارة الى ساخالين كما ينظر العسكريون الى سيفاستوبول “(ويقصد تشيخوف بهذا معاناة الجنود الروس في القرم ابان حرب القوقاز بين روسيا والدولة العثمانية وفرنسا وبريطانيا 1854 – 1855 ).
لقد امضي تشيخوف في ساخالين فترة ثلاثة اشهر وعاد بعدها الى روسيا بحرا عبر جزيرة سيلان ومصر (الاسكندرية) ومنها الى اوديسا على ساحل البحر الاسود. وألف الكتاب في فترة 1890 – 1895 ). لكنه لم يستخدم مشاهداته عن حياة السجناء والمنفيين في كتابة القصص والمسرحيات لاحقا. وبعد عودة تشيخوف من ساخالين اختفت من اعماله السخرية والفكاهة واصابه شئ من التشاؤم في الحياة. وانعكس ذلك بصورة خاصة في مسرحياته. واصبح الكاتب باحثا موضوعيا وصارما للواقع الروسي، وادرك مسؤولية الكاتب العظيمة في تصوير هذا الواقع، ولكنه لم يلجأ الى الوعظ كما فعل تولستوي. فواجب الكاتب حسب رأيه ان يعلم الناس الحياة اما واجب الاديب فهو اظهار الحياة كما هي ويترك للقارئ ان يستخلص الاستنتاجات ويربي نفسه بنفسه. ولهذا اعتبر تشيخوف نفسه اديبا وليس كاتبا. وبرأيه ان حل المسألة والطرح الصائب لها شيئان مختلفان. فيجب على الاديب ان يطرح المسألة بشكل صحيح كما يرى ذلك في رواية ” آنا كارينينا” لتولستوي او ” يفجيني اونيجين ” لبوشكين. وقال مجازا :”أن القاضي يطرح القضايا بشكل صحيح اما الحكم فيقرره المحلفون ..”. ولهذا يترك تشيخوف الى القارئ ليقرر مصير الابطال في نهاية القصة او المسرحية. علما انه لم يعتبر نفسه من اتباع اية فلسفة اوتيار فكري وكان يصر على انه مبدع حر ويكره الزيف والعنف والنفاق والغباء ليس في بيوت التجار فقط بل وفي صفوف العلماء والادباء والشباب. وكتب يقول في احدى رسائله:” ان اقدس الاقداس لدي هو جسد الانسان وصحته والعقل والموهبة والحب والحرية المطلقة، بلا عنف وزيف مهما كانت اشكالهما”. وعندما تعرف مكسيم غوركي على تشيخوف في اوخر القرن التاسع عشر قال باعجاب وحسد :” انت الانسان الحر الوحيد الذي لا يخر ساجدا امام اي احد “.
لقد تجسد المثل الاعلى لتشيخوف في قصة ” الطالب” التي كتبها بعد عودته من ساخالين. انها مترعة بالايمان بأن ” الحقيقة والجمال يوجهان حياة الانسان”. وقال الكاتب ايفان بونين الذي كان قريبا من تشيخوف انه سمعه يقول ردا على وصف النقاد له: اي “:رجل عبوس ” و” متشائم ” انا ؟ ان أحب القصص الي هي قصة “الطالب” الذي آمن بان الحياة لن تكون افضل بعد ألف عام .. بل ستكون كما في ايام روريك وايفان الرهيب وبطرس الاكبر.. لكن الحقيقة والجمال يوجهان حياة الانسان في انتظار السعادة..ذلك الانتظار الحلو.
ان الزمن الضائع بلا هوادة هو البطل الرئيسي في اعمال تشيخوف التي غالبا ما تصور الآمال الضائعة مع انتظار المستقبل النير المأمول كما في مسرحية “بستان الكرز”. وعندئذ تتحول مأساة الانسان الى ملهاة لما تتضمنه من عبث ، لكنه يأمل مع هذا في مجئ السعادة. وكما قال الشاعر بولات اكوجافا فان “الآمال مثل جوقات موسيقية صغيرة يقودها الحب الانساني”.
17/3/2014

About عبدالله حبه

ولد عبدالله محمد حسن حبه في بغداد وفي محلة صبابيغ الآل عام 1936. انهى الدراسة الابتدائية في المدرسة الجعفرية والمتوسطة في مدرسة الرصافة المتوسطة في السنك والثانوية في الاعدادية المركزية. وانهى الدراسة الجامعية في كلية الآداب فرع اللغة الانجليزية. أنهى معهد الفنون الجميلة فرع التمثيل. وحصل على بعثة لدراسة الدكتوراه في الاتحاد السوفييتي ونال الشهادة من معهد غيتيس للتمثيل في منتصف الستينيات. في بداية مشواره الفني مارس الرسم لعدة سنوات، إلى جانب كتابته للقصة. وأصدر مع صديقه القاص منير عبد الأمير مجموعة قصصية تحت عنوان "الحصان الأخضر" في بداية الخمسينيات من القرن الماضي. عمل في الصحافة الفنية وتحديداً في مجلة السينما التي كان يصدرها الفنان كاميران حسني في الخمسينيات من القرن الماضي. ثم انتقل للعمل في المجال المسرحي، وفي البداية مع الفنان جعفر السعدي ثم الفنان جاسم العبودي ثم انتسب الى فرقة المسرح الحديث قبل سفره الى الاتحاد السوفييتي عام 1960. شارك في التمثيل في الجامعة وفي اخراج عدد من المسرحيات في كليان بغداد، كما شارك في التمثيل في عدد من المسرحيات وفي تصميم الديكورات والمكياج للفرق التي عمل معها في تلك الفترة. ومنذ منتصف الستينيات توجه للترجمة من اللغة الروسية في موسكو،وترجم للعديد من فطاحل الأدب الروسي الكلاسيكيين والمعاصرين. عمل في وكالة تاس في موسكو وفي عدد من الصحف الصادرة ياللغة العربية في موسكو وفي عدد من البلدان العربية، ثم عمل لفترة في تلفزيو روسيا باللغة العربية، وعاد الآن للعمل في وكالة تاس.
This entry was posted in الأدب والفن. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.