قبل ألفي عام كانت بريطانيا عاصفة الأجواء وتسودها حالة الحرب . مجاميع من البشر يعودون الى قبائل مختلفه كانوا يقاتلون بعضهم حتى الموت , الدببه والذئاب كانت تحوم في البراري , ووسط تلك الأجواء ولدت الطفله باوديكا.
سكان بريطانيا كانوا يعرفون بالكلتيين , جاؤا الى بريطانيا من أماكن عديده مختلفه وكانت تجمعهم صفة مشتركة واحده هي أنهم مقاتلون شجعان . باوديكا الصغيره نشأت في هذه البيئه لتصبح ذات يوم أشجع هؤلاء المقاتلين جميعا ً
كان الكلت منقسمين الى العديد من القبائل المنفصله , وغالبا ً ما كانوا يتقاتلون فيما بينهم من أجل الغذاء أو قطعة من الأرض . ومنذ طفولتها تعلمت باوديكا كل شيء يخص قبيلتها ( إيسنيا ) , لم تكن هناك قراءة أو كتابه , ولا يوجد كتب , ولهذا فحكايات بطولات الأجداد كانت تتناقل شفاهاً من الكبار الى الصغار في القبيله
الأشياء التي تحتاجها القبيله كان عليها أن تزرعها اذا كانت نبات , وتربيها اذا كانت حيوان , وتصنعها اذا كانت جماد . ولهذا فخروا الآنيه وحاكوا أو خيّطوا الثياب , وصنعوا المجوهرات والأسلحه من المعادن
معظم السكان عاشوا في أكواخ من القش حيث كانوا يطبخون ويأكلون وينامون في غرفة واحده . ربما كانت باوديكا من عائلة نبلاء ولذا كانت تنام على دكة مرتفعة عن الأرض داخل الكوخ , وحين كبرت تزوجت من أهم شخص في كل قبيلة إيسنيا .. وهو : الملك براسوتاغوس
سرعان ما أنجبت باوديكا إبنتين واحدة بعد الأخرى رغم خطورة الزمن الذي كان يمر عليهم في تلك الفتره , فباوديكا كانت تشعر بأن هناك ما هو أخطر من الحروب القبليه بين القبائل الكلتيه .. خطر يهدد الكلتيين جميعاً .. هو الجيش الروماني
كان الجيش الروماني هو القوة الأعظم في عالم ذلك الزمان . الأباطره الرومان كانوا يأمرون جنودهم بالغزو والإحتلال إينما تمكنوا من ذلك لأن روما ينبغي أن تحكم العالم كله
وقد هاجم الجيش الروماني بريطانيا وبدأ يهزم قبائلها واحدة بعد الأخرى , وهو الآن يهدد قبيلة إيسنيا , لذلك قرر الملك براسوتاغوس في توقيع حلف مع الرومان , لكن العديد من المحاربين في قبيلته كانوا يرون ذلك شيئا ً شنيعاً ولا يجوز أن يتم , لكن الملك أصر على التحالف لأنه يعلم أن لاجيش عنده يستطيع قهر الجيش الروماني
مر الوقت وكانت باوديكا تلاحظ إبنتيها تكبران , قويتان طويلات القامه , لكن زوجها الملك كان يذوي بالمرض ويتحول من ضعيف الى اضعف .. وأخيرا مات الملك . بموت الملك حكمت باوديكا وصية على عرش إبنتها الكبرى لحين بلوغ البنت السن الذي يؤهلها أن تحكم بنفسها
سخر الرومان من باوديكا لأنهم يعتقدون أن لا امرأة في الدنيا تصلح لأن تحكم أو أن تكون حاكمة قويه , وتضاحكوا بينهم حول الطريقة التي ستحكم بها هي .. ومن بعدها بناتها !
الأسوا قادم في الطريق .. الملك براسوتاغوس الراحل وإعتقاداً منه بأنه سيحفظ السلام لقبيلته مع الرومان .. كان قد وقّع على إتفاقية سريه مع الرومان قبل وفاته نصَّ فيها بالتنازل عن نصف مملكته الى الإمبراطور الروماني نيرون … لكن نيرون بعد وفاة براسوتاغوس قال بأن نصف المملكه لن يكفيه وأنه يريدها كلها
هاجم الرومان منزل باوديكا وسرقوا منه كل شي , ثم إلتفتوا الى باوديكا وبناتها , قاموا بضربهن وإغتصابهن ثم رموهن في الشارع . قالوا لا يوجد داعي لقتلهن إذ لم يعد من ورائهن أي خطر على الرومان … وكانت تلك هي غلطة الرومان الكبرى
صرخت باوديكا : الموت لمن قام بإيذاء بناتي .. والويل لمن أهان قبيلة إيسنيا وملكة إيسينيا .. أنا باوديكا الملكة المحاربه سأجمع كل القبائل حولي .. وسنقاتل جميعنا ضد روما .. نحن مقاتلون أقوياء بارعين , ونعرف أرضنا وتلالنا وغاباتنا .. وبإمكاننا أن نهزم الرومان
لكن الرومان لم يبالوا بحركة التمرد التي بدأت تقوم ضدهم مستهينين بالكلتيين كقبائل متخلفه متناحره لا تستطيع أن تفعل شيئاً أمام الجيش الروماني أقوى جيش في العالم
لكن باوديكا تمكنت من جمع القبائل حولها متناسين كل خلافاتهم القديمه , ثم قامت بهذا الجيش بمهاجمة مدينه ( كامولودومون ) التي بناها الرومان كأقوى معقل لهم في بريطانيا الى الشمال الشرقي من لندن , ولم تتح الفرصة للرومان للدفاع عن مدينتهم التي تم تدميرها بالكامل خلال أيام وقتل آلاف الجنود الرومان فيها أما بالسلاح او بالحرائق , أو بتعقبهم كأفراد عند محاولتهم الفرار
بعد إنتهاء القتال في كامولودومون سارت باوديكا بجيشها بإتجاه مدينة ( لندنيوم ) ومن بعدها الى مدينة ( فيرولاميوم ) فقتلوا وسرقوا ودمروا كل ما وقع تحت أيديهم , الرجال والنساء والأطفال تم ذبحهم بلا رحمه , ونفس الأذى لحق بالقبائل الكلتيه التي ناصرت الرومان ضد أهلها الكلت من القبائل الأخرى قرر الرومان تدمير باوديكا فجمعوا قواتهم شمال مدينة فيرولاميوم وإستعدوا للقتال . أمرت باوديكا جيشها بالتقدم على عجل بإتجاه الشمال لأن كل ساعة تأخير معناها أن الجيش الروماني سيجتمع لقتالهم بأعداد أكبر .. وهكذا بدأ القتال مرة ثانيه شمال مدينة فيرولاميوم
خلال ساعات قليله كان الرومان قد قتلوا آلافاً من الكلت , ولم يتركوا المجال لأحد بالفرار فقد قام الرومان بتطويق الكلت من جميع الإتجاهات , حاولت باوديكا الإستسلام لتنقذ ما تبقى من جيشها لكن الرومان رفضوا ذلك
( إنها النهايه .. أرضي وشعبي لن ينالوا الحرية أبداً ) قالت باوديكا وهي تخرج زجاجة السم الذي وضعته على شفتيها وماتت من أجل أن لا تسلم نفسها حية لعدوها
في ختام هذا الموضوع .. أدعوكم لمشاهدة هذه الماده الوثائقيه عن نفس الموضوع