مقدمة :
سنعودُ في هذا الجزء الـ 18 من تلخيص كتاب الخرافة ,لعالم الفيزياء الموسوعي الأمريكي (روبرت لي پارك) ,الى بداية قصة المؤّلف !
عندما سقطت عليه (أثناء هرولته في الغابة) شجرة بلّوط حمراء ضخمة .
أصابته بكسورٍ مُركبة في عظم فخذهِ أدّت الى إلتهابات خطيرة لاحقاً !
ثمّ كيف (بعد عامين من تلك الحادثة) إلتقى رجلين مُسنين قسيسين يتمشيان في نفس مكان الحادث ,هما (ديفيد أوكونر و شون مكارتي) .
و رغم إختلاف إعتقاداتهم كثيراً ,إلاّ أنّ ذلك أعطاهم مساحة واسعة للتحدّث في اُمور الحياة العامة,فأصبحوا أصدقاء يثقون ببعضهم .
بحيث كان هذا الكتاب هو مُلخص لجميع النقاشات التي دارت بينهم !
***
ص 154/ الغزال ـ فيه نشرح تأثير الدواء الزائف !
نقلني فريقُ الإسعاف من النقّالةِ الى سرير مُستشفى مُستأجر ,وضعتهُ زوجتي في غرفة الطعام بجانب نافذتين كبيرتين ليوّفر لي رؤية للغابة الموجودة خلف المنزل .منذُ آخر مرّة رأيتُ فيها الغابة ,كان الفصلُ قد تغيّر من الصيفِ الى الشتاء !
في الشتاءِ (دون تغطية النباتات الكثيفة بأوراقها) يصبح المرء على إطلاعٍ أكثر على حركة وحياة الحيوان !
يُمكن رؤية حركة الطيور والسناجب على الأغصانِ العارية لشجرات البلوطِ والزان في عُمقِ الغابة .
وتحت الأشجار الطويلة رفضت أجماتٌ من البهشيّة
Holly
والغار (التي تُستخدم في أعياد الميلاد) ,أن تتخلّى عن خُضرتها .
شعرتُ أنّ الغابة لم تكن يوماً أجمل من ذلك!
بعدَ أيامٍ قلائل رأيتُ شيئاً أكبر من السناجبِ والطيور ,يتحرّك خلفَ أجماتِ الغار .
كما رأيتُ خُطى خُشفٍ يافع أبيضَ الذيل لمّا تتفرّق قرونه بَعدْ ,على بُعدِ أمتارٍ قليلة من نافذتي .(الخُشْفُ هو صغير الظبيّة) !
أشعرُ بالإمتنان كلّما رأيتُ تلك الحيوانات الجميلة الرائعة !
فرغم إعتبارها طفيليّات في الضواحي شُبه الريفيّة في الولايات الشمال ـ شرقيّة ,كان تنامي تعداد الغِزلان أمراً مُطمئناً لي !
مع تهديمنا لمساكنها الطبيعيّة بالتغلغل الحضري ,لاتزال كائنات بريّة بحجمِ البشر تتدبّرُ البقاءَ والتكاثر على أطرافِ مُدننا الكُبرى .
لا إستسلام ولا كلل مع الحياة على كوكبنا المُدهِش ,فالحياة تستمر !
زالت بهجتي برؤية الغزال الصغير سريعاً .فمع ظهور ساقيه الخلفيّة ,
فهمتُ أنّ إحداها عرجاء منكمشة تتدلى دون فائدة منها حين يمشي !
يبدو أنّها قد جُرِحت قبل بضعةِ أشهر .عدا ذلك بدا الغزال رشيقاً مُعافى وبدأ أنّهُ يستطيع السير بسهولة على ثلاث سيقان !
لحُسن الحظ لا يوجد مفترسون في هذه الغابة يمكنهم قتلَ غزال !
***
ص 155 / عمل التطوّر !
قامَ التطوّر بإمداد الغزال وكلّ الفقريات بآليّات تصليح طبيعيّة لزيادة فُرص البقاء في عالَمٍ خَطر !
دَمُنا يتخثّر ,عظامنا تنتسج ,جهازنا المناعي المُذهل يُحارب العدوى !
ومع أنّ الغزال قد عانى من جُرحٍ خطير ,لكنه لم يستسلم للعدوى أو المجاعة .وهما أكبر تهديد لأيّ حيوان جريح في البريّة !
فمع الوقتِ وقليل ممّا سواه ,يمكن للغزلان (والبشر) أن يشفوا من معظمِ الأشياء التي تُصيبهم ,بدءً من عَضّات الحشرات وليّ المفاصل ,وصولاً الى الإنفلونزا وتسمّم الغذاء !
تقوم آليات تصليحنا (الطبيعيّة) بإستمرار بشفائنا من عِلل ربّما لم و لن نعرف بوجودها .وفي حين أنّ على الغزال أن يشفى بنفسه فقط ,لكن لنا نحنُ البشر أطبّاء يساعدوننا على الشفاء !
حتى في أكثر المجتمعات بدائيةً هناك طبيب ساحر بأقنعة بشعة وخشيخشات ترعب الارواح الشريرة يمكنه جبر عظمٍ مكسور .
هذا أمرٌ لا يستطيع نوع آخر (عدا الهوموسابينس) تدّبرهِ !
فقد وجدَ آثاريّون بقايا بشرية تعود لعشرات آلاف السنين ,تُظهر أدّلة واضحة على عِظامٍ كانت قد كُسِرَت لكنّها إلتأمت بعد جبرِها !
ما يفصلُ بين (الهوموسابينس) وباقي الحيوانات الأخرى هو اللغة !
لكن لسوء الحظّ فإنّ اللغة قد تمّ إستخدامها من البشر لتمرير الأكاذيب أيضاً وليس الحقائق فقط !
نحنُ اليوم نقوم بتمرير المعلومات حول جَبرِ العظام من جيلٍ لآخر .
إنّما في المجتمعات البدائية كان الأطبّاء السَحرة يُمرّرون معها أيضاً الخُشيخشات والأقنعة التي تُخيف الأرواح الشريرة .
العِلم هو الطريقة الوحيدة التي إكتشفها الإنسان لفصل الحقيقة عن الخرافة والخداع والحماقات الساذجة !
في هذا الفصل سننظر أعمق الى ماتعلّمهُ العِلم حول آليات شفائنا الطبيعية وإدراك الألم .عارضينَ تناقض الفهم العِلمي مع حنين الناس الى الإيمانِ بالخُرافة !
***
ص 156 / عصر البكتريا !
الأرجحُ أنّ الغزالَ اُصيبَ بكسرٍ مركب.حيث يبرز العظم المكسور من الجلد .والعظم المكسور مسألة جادة للغاية في الحياة البريّة .إذ لا يُمكن جبره أو حتى منع حركته .
يجب أن يشفى بأفضل مايُمكن في أيّ موقع ينتهي به .لكن إن كان الكسرُ مُركبّاً فيصبح الإلتهاب البكتيري هو التهديد الأخطر على الحياة !
نحنُ نعيش في بحرٍ من البكتريا .فهي في الماء الذي نشرب ,الهواء الذي نتنفّس ,الطعام الذي نأكل ,بل على سطحِ كلّ شيء نلمسه !
أشار الإحاثي البايولوجي التطوّري الشهير من جامعة هارفارد ,الراحل (ستيفن جاي غولد) الى أنّ :
[العصر الذي نعيش فيه ليس حقّاً عصر الإنسان .ولم يكن يوماً عصر الديناصور .إنّما كان منذُ الأزل عصر البكتريا] !
حَكَمت البكتريا العالمَ لبلايين السنين قبل أن يأتي البشر .فإمّا أن نُعاملهم بإحترام أو يقتلونا !
قبل حوالي بليون عام جمّعت مُستعمرات من البكتريا أنفسها في حصون لتحميها ضد سائر البكتريا الأخرى !
كانت البكتريا على مُحيط المُستعمرة مُعرّضة لبيئة مُختلفة عن تلك التي في الداخل !
كانت هذه بداية أشكال الحياة (مُتعدّدة الخلايا) !
هذهِ المُستعمرات هي أسلافنا الأبعد !
الكائن البشري (بشكلٍ ما) لا يزال مُستعمرة من الخلايا مُنظمة في حصنٍ لإبعاد البكتريا !
يُمثّل الجلد خط الدفاع المُحيطي للثدييات .وهو درعٌ جسدي مرن لايمكن للبكتريا إختراقهِ في الحالة الطبيعية .
لكن فتحات جسم الإنسان ضرورية للسماح للمعلومات بالوصول الى الحواس ,إضافةً لإدخال الغذاء والهواء والتخلّص من الفضلات .
تُغّطى العين بغشاءٍ مُخاطي شفّاف وهو أكثر إحتمالاً للإختراق من الجلد .
كذلك هي الأغشية المُخاطيّة التي تُغطّي الجهاز البولي ـ التناسلي والقناة الهضميّة .ولأنّ المُخاط أسهل إختراقاً من الجلد ,تقوم إفرازات مُخاطيّة مُختلفة كالدموع واللعاب بغسلِ البكتريا بعيداً وتعمل كمُزيلاتٍ لها .
مع ذلك فالأغشية المُخاطيّة هي مواقع مُعتادة للإلتهاب !
ليست كلّ البكتريا مُسبّبة للأمراض فهناك ملايين بلا حصرٍ منها تعيش بسلام في أحشاء كلّ إنسان !
وهي غير ضارّة في العادة وأحياناً تُساعد في الهضم .لكن إنْ تمّ إختراق الغشاء المُخاطي الذي يفصل محتويات الاحشاء عن جوفِ الجسد ,يمكن لإلتهاب الصفاق أن يستولي بسرعة على الجسد !
ملاحظة : الصفاق هو الغشاء الشفّاف الذي يُغطي العضلات والأحشاء ويقع تحت الجلد في منطقة البطن عند الثدييات !
***
ص 157 / حالة الغزال !
بالنسبة للغزال كان الكسرُ المُركّب ليوفر طريقاً سريعاً للبكتريا وكائناتٍ اُخرى من الغابة لتدخل جوفَ الجسد .
البكتريا جزءٌ مهم من النظام البيئي للغابة تتغذى على النباتات والحيوانات الميّتة .بدونها ستصبح الغابة مُزدحمة بسرعة .
لكن البكتريا أيضاً تَستخدم كلّ فرصة لتُسرّع العملية !
فكلّ شق في الجلد يوّفر للبكتريا مدخل غير محروس الى داخل البدن!
إنّ تمّ إختراق الجلد فهذا ليس نهاية المطاف فهناك خط دفاع ثانٍ .
ملايين من خلايا الدم البيضاء تُصنّع في نخاع العظم تدور بإستمرار في مجرى الدم .هذه تُستَنفَرْ لتتجمّع في موقع أيّ جرح للجلد أو المُخاطيّات حيث تحيط وتلتهم البكتريا أو الكائنات الغريبة الأخرى التي تغزو الجسد !
تتلقى خلايا الدم البيض مُساعدة من مكونات في الدم تُسمى الأوپسونينات
Opsonins
تقوم بتغليف البكتريا كمقدمة لإعدامها !
في مسرحية جورج برنارد شو (مُعضلة الطبيب) يشرح د. ردجين أنّ الأوپسونين هو الزبدُ الذي تُغلَّف بهِ الجراثيم المَرضية ,لتجعل خلايا دمكَ البيض تأكلها .
كان الخطرُ بالنسبة للغزال أنّ العدد الهائل للبكتريا قد يفوق الدفاعات !
شعرتُ باُلفة مع الغزال ,فقد حصلتْ إصابتي في نفسِ الغابة .وتضّمنت عدداً من الكُسور المُركبّة .كان عظمُ فخذي المكسور قد شَقّ بالخصوص جُرحاً عريضاً بطول عدّة إنجات خلفَ فخذي .كان ذلك جُرحاً قذراً خاصةً أنّهُ يضّم تُراباً ,أوراقاً متفسّخة ,وأشياءَ اُخرى من حِطام الغابة !
في المستشفى وبعد الجراحة ,أدخلوا قسطرة خلال وريد ذراعي وصولاً الى الوريد الأجوف الأعلى من قلبي ,لتسمح بحُقُنْ يوميّة لجُرعات كبيرة من مُضادات حيويّة قويّة .هذه جعلت الإلتهاب في محلهِ .
لكن إلتهاب العظم
Osteomyelitis
كان أكثرُ عناداً !
يحصل إلتهاب العظم لأنّ البكتريا تُعشعش على سطحِ العظم ,حيث تكون الدورة الدمويّة أضعف لتتجنّب الأوپسونين والمُضادات الحيويّة !
كذلك تتجمّع البكتريا حول المعادن أو المواد الصناعيّة المُستخدمة لإستبدال المفاصل التالفة (أو إبقاء العظام المُحطّمة في مكانها) كي تشفى فهناك أيضاً تكون الدورة الدموية أشدّ ضَعفاً !
اليوم يُعّدُ إلتهاب العظم أمراً مُقلِقاً بالخصوص في تعويضات الرُكبة والورك الصناعية !
***
ص 158 / مقارنة بين تجربتنا أنا والغزال !
تمّ إستزراع مَسحات من القضيب المعدني الذي اُدخل في فخذي ليُثبّتْ القطع معاً .وتمّ بذلك التعرّف على البكتريا المتكوّنة .فكانت تشبه بكتريا تربة مُعيّنة مُثيرة للمشاكل !
تمّ تغيير جُرعاتي اليوميّة الى مُضادٍ حيوي مُطوّر حديثاً وجدَ أنّهُ فعّال ضدّ هذا النوع من البكتريا بالخصوص !
رغم ذلك إستمر الأمر عام كامل حتى إلتئم عظم الفخذ بما يكفي لإزالة القضيب المعدني بأمان .عند ذلك فقط تخلصتُ نهائيّاً من البكتريا !
الآن لنُقارن تجربتي مع تجربة الغزال !
رغم أنّ إصابتي حصلت في نفس الغابة (مثل الغزال) ,لكنّي اُخذتُ الى أحدث مُستشفى في عاصمةِ الأمّة !
حيث تمّ جمعي من جديد على يدِ جرّاحي عظام خُبراء .ترشدهم أحدث أجهزة التصوير الطبيّة .قاموا مراراً وتكراراً بإستشارة خُبراء مُختلفين .
راقبَ نفسانيّون حالتي العاطفيّة .تتبّع خُبراء الدم فحوص دمي باحثين عن إشارات للإلتهاب .عاينني أخصائيّوا عناية لـ 24 ساعة يوميّاً .ومعالجون مدّربون أرشدوني خلال مرحلة التعافي !
وبعودتي للبيت أصبحت زوجتي خبيرة في الحُقَن اليوميّة وتغيير الغِطاء على جُرحِ الفخذ ,الذي توّجب أن يبقى مفتوحاً خلال شفائهِ من الداخل الى الخارج .أمكنني الحصول على أقوى مُسكنّات الالم .زارتني العائلة كما زارني الأصدقاء ليرفعوا من معنوياتي .غطّى عنّي الزملاء في الجامعة بتدريس صفّي !
لكن ماذا عن الغزال ؟ أوّاه .. لم يكن لهُ سوى نفسه فقط !
ربّما كان دواء الغزال الوحيد هو اللُعاب الذي يعمل ضدّ الميكروبات بغلسها بعيداً .وهذا هو سبب لعق الثدييات غريزيّاً لجراحها !
لكن كيف للغزال أن يتجنّبَ ذلك الإلتهاب الجَسيم الذي هدّدَ حياتي ؟
الأرجح أنّ الجهاز المناعي للغزال تعرّفَ على البكتريا الغازية !
بالعيشِ في الغابة لابدّ أنّ الغزال قد جرّب الجروح والخدوش الصغيرة التي تشّقُ الجلد .فحتى الخدش البسيط الذي تُسببه شوكة ,قد يسمح لبعضِ البكتريا من الدخول الى الجسد !
كلّ شقّ نشفى منه يمكن إعتبارهِ تلقيحاً ضدّ البكتريا ,لأنّ وجود البكتريا يُنبّه الإستجابة المناعيّة !
***
ص 158 / الأجسام المُضادة !
تُنتَج الأجسام المُضادة من خلايا دمٍ بيضاءَ مُتخصّصة تُسمى خلايا
B
ظهور خلايا غريبة لاتعرفها يُنبّه
( خلايا B )
لتنقسم الى نُسَخٍ مُتطابقة تنتج أجساماً مُضادّة أكثر !
مع تدّفق الأجسام المُضادّة تتعرّف وتلتصق بأيّ بكتريا ُمتطابقة مع تلك التي أطلقَت الإستجابة المناعيّة !
بعد قليلٍ من الزمن ستكون هناك ملايين من الأجسام المُضادة المُتطابقة تتدفقُ في الدم وتلصقُ نفسها بالبكتريا الغريبة .هذهِ هي قبلةُ الموت !
فالجسم المُضاد هو علامة توضع على البكتريا لقتلها بواسطة خلايا قتل متخصصة !
يستمر إنتاج الأجسام المُضادة حتى يتّم القضاء على كلّ البكتريا الغازية .
وقد تبقى الأجسام المُضادة في الجسد طوال العمر !
(ملاحظة من كاتب السطور : أظنّ لهذا السبب يعتبر العلماء أنّ مرض الإيدز خطر جداً كونه يصيب الجهاز المناعي البشري كما نعلم .فيضعفه تدريجيّاً) !
لم تكن العظام المكسورة والإلتهابات هي الأخطار الوحيدة التي واجهتنا .
فلا أنا ولا الغزال نزفنا من جراحنا حتى الموت !
لأنّ التطوّر وفّر لنا (ولكل الثدييات) آليات لإيقاف النزيف من معظم الشقوق في الجلد .مع ذلك قد ننزف حتى الموت إن كانت الجِراح بليغة عميقة .إنّما نشفى من الجراح الصغيرة حتى دون مساعدة من أحد !
(إنتهى الجزء 18 من تلخيص كتاب الخرافة)
***
الخلاصة :
أمّا الأوپسونين فيذهبُ جفاءً (بعد أن يُحيط بالبكتريا الغريبة) ,وأمّا خلايا الدمِ البيضاء فتبقى مُتأهبّة حارسة أمينة !
هذا هو عمل الخط الثاني لنظامنا الدفاعي ,بعد الخط الأوّل (الجلد) !
هل لاحظتم مشاعر تعاطف المؤّلف حين يُقارن حالته مع الغزال ؟
هكذا هم عموم الناس في الغرب (الكافر) ,يشعرون بأبسط الحيوانات وحتى الحشرات كما يشعرون بأنفسهم !
في الواقع وكما أوضح مؤّلف هذا الكتاب الرائع أنّنا عندما نمرضُ أو نُصاب بجروحٍ أو كسور,فإما أنْ نشفى أو نموت أو بين هذا وذاك !
يحدثُ ذلك سواءً بالأدعية أو حفلاتِ الزار أو الطبّ الحديث أو بدون أي شيء إطلاقاً !
السبب هو أنّ الطبيعة جهزتنا بآلية للشفاء الذاتي وفق قانون الاختيار الطبيعي ولن يبقى إلا ألأصلح !
لقد تراكمت هذه الوسائل الدفاعية وتحسنّت عبر ملايين السنين من التطور !
فالجروح غير الخطيرة تلتئم .كما وتلتحم الكسور حسب وضعها .
وفي كلا النوعين (الجروح والكسور) تحصل تفاعلات كيمياوية في الدم تعمل على تخثره في الجرح وسدّ نهايات الأوعية الدموية المقطوعة فتساعد على إيقاف النزيف وحماية الحياة من الموت !
أما الأعصاب المُصابة فتندمل !
وهناك أيضاً جهاز المناعة الذي يتحفّز لينتج كمية من الأجسام المضادة تقتل الجراثيم المهاجمة وتقضي عليها .عمل الطب الحديث أن يتدخل لمساعدة هذه الوسائل الطبيعية على الشفاء لا أكثر من ذلك !
مثلاً يتم تعديل العظم المكسور كي يلتئم في وضعه الطبيعي .
بينما المضادات الحيوية تساعد جهاز المناعة على قتل الجراثيم .
تنظيف وتضميد الجُرح يوّفر بيئة سليمة تساعد على التعجيل في الشفاء .
و يبقى السؤال المهم قائماً :
إذا ما شُفيّ المريض فكيف لنا أن نعرف أن الدواء (المُضادات) هو الذي أشفاه وليس الدفاع الطبيعي للجسم أو أدعيّة رجال الدين الدجالين ؟
العلم فقط يستطيع الإجابة كما وجدنا في حالتي المؤلف والغزال .فهو يعطي لكلّ ذي حقٍ حقّه .وفي جميع الأحوال لا نصيب للشعوذة من النجاح ,إلاّ مع الجهلاء البؤساء !
[ملاحظة :عدتُ ثانيةً لمقال د.عبد الخالق حسين المذكور سابقاً ,عند كتابة هذه الخلاصة] !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
30 أبريل 2015