الى حبيبتي…. صفا

مازن البلداوي

يسألني “مارك زوكربرغ” عن ماذا في بالي لأكتب عنه كما هو موجود على صفحات جميع من ينتمون الى الفضاء الأزرق. ولعل الأغلبية تحب ان تطالع وتتصفح لتقرأ آراء الآخرين ايا كان نوعها تدرجاً من التافه الى القيّم منها، فقررت ان اكتب بعض الكلمات لمناسبة اوغر بها الزمن خنجره غدراً وبقي ألمه الى اليوم على الرغم من أني أزلته، الا ان الجبان لايأتيك الا غدرا وفي غفلة من الزمن.
في الكثير من الأحيان قد لاتعبر الكلمات عمّا يجول في خواطرنا وخلجات أنفسنا لأكثر من سبب، قد يكون عدم وجود الكلمات المناسبة احدها او قد يرتقي الأنسان فوق حاجز الشكوى ويكمم فاه نفسه على الرغم من السماح لفاهِهِ ان تلفظ الكلمات واضحة او بتمتمة يفهمها وحده او قد يفهمها بعض اولاءك الذين أوتوا العلم.
مرت عليّ يوم أمس ذكرى حادثة كنت اعدها من الأكثر ايلاما لنفسي وأبقتني متأرجحا يوم امس المصادف 28/8/2023 مابين ذكرها والكتابة عنها ونشر الكتابة على صفحة من صفحات الفضاء الأزرق ومن ثم التعامل مع كلمات الأصدقاء ومشاطرتهم المشاعر الصادقة منها والمجاملة لتلك المناسبة. فقررت عدم التطرق الى الكتابة عنها وذكرها لأني اعيشها بمعدل يومي تقريبا لأكون اكثر صدقا، حيث اني اعيد تسلسل ماحدث ابتداءا باليوم السابق لتلك وتسلسلت الى اليوم التالي وكان كل شيء طبيعي جدا حيث لم يكن هنالك تدهورا واضحا او مايشير الى تفاقم الحالة ابدا الى ان انتهى كل شيء في المساء.
ان الحديث واعادة تحليل حيثيات تلك الحادثة لن يؤدِّ الى نتيجة يمكن ان يعول عليها لتهدئة النفس او لإعادة تقييم العلاقة مابين مفترض وواقع حيث أثبتت الحادثة بأن المفترض لم يكن موجودا او انه قد اصابه صمم او انه لعب بخبث الشيطان حيث من الممكن ان يكون مزدوج الجنس شبيها لما يتداوله اليوم الملايين على صفحات الفضاء الأزرق. وحاولت ان اعيد ترتيب الأوراق وان اعيد التقييم لعلني قد أخطأت في وضع النقاط على الحروف ومن ثم اتراجع عن استنتاجي الواقعي الخاص بالمفترض، الا اني وللأسف لم استطع ان اجد ما يلبي رجائي و صدق نواياي.
ومن اللطيف انني يوم امس قد اطلعت على مقال قيّم قد أٌرسل لي عن طريق كاتبه الرائع كان قد نشره نشره قبل عامين ولم اطلع عليه حينها، فوجدته وكأن الكاتب قد عرف بأني تحت ضغط الذكرى وأن عقلي هائم يتجول بين ارجاء الأرض باحثا عن سبب مقنع لتلك الحادثة غير الأسباب التي يطرحها الكثير من المعارف والأصدقاء ممن يخشون على تفكيرهم الخروج من الصندوق لكي لا يتعرف على ماهو في الخارج وبالتالي الخشية من الأضطرار الى اعادة الحسابات الخاصة بالوجود والتواجد والرحيل وهو أمر يتطلب الكثير من التغيير في الأعدادات التي اشرف على وضعها عوامل عدة ابتداءا من المجتمع والتراث والتعليم و و و …. الخ.
لا اود ان اطيل في هذه الكتابة لأني إن اطلت فلن استطع ابدا ان ابين مقدار الألم الذي اعتصرني مذ لحظة رحيل حبيبتي والصراع الذي احدثه الرحيل نتيجة المقارنة مع ذلك الرجاء المتوسد باليقين المفعم بالأمل حيث خاب و هوى هيكله مرة واحدة لأنه لم يستطع ان يثبت وجوده ولو للحظة ناهيك عن تكرارها بمصيبة اخرى لم يكن ابدا حينها قد شكّل جزءا يسيرا من ملامحه التي لم تظهر حتى عند لحظة رحيل آخر قد حدث قبل فترة ليست بالبعيدة.


وحيث اننا جميعا نعيش حياتنا بين اليقين والرجاء وتلعب كلمة “عسى” دورا كبيرا في مجريات تلك الحياة آملين بأن يتغير الواقع نحو ما هو افضل لنا ولأولادنا الا ان الأمر لايجري بما تشتهي السَّفَنُ حيث تتلاعب رياح المصالح والمخططات لأصحاب القوى النذلة بمصائرنا ومصائر اولادنا لايأبه بها احد ولا حتى ذلك المفترض الذي يدعي الكثير من وكلائه المزيفين بأنه يقول …. اخبروني بما تريدون وسأحققه لكم، الا ان لاشيء من هذا قد حدث او سيحدث في ساعة الحاجة.
كان بالأمكان مواصلة الكتابة الا اني اشعر وكأنها ستذهب الى بحر العبث الذي يصب في محيط العدم حيث يحاول الكثيرون عدم الذهاب الى شواطئه لمواجهة الحقيقة ويتمسكون بالمراءاة والنفاق على انفسهم ليتمسكوا بالمرابع الخضراء عند عيون المياه البسيطة حيث تبقى هذه المشاهد تغذي احلامهم الراجية لوجود من مثل تلك المرابع بعد مغادرتهم المحطة الأخيرة وركوب قطار الرحيل.

تحياتي
مازن البلداوي

About مازن البلداوي

مازن البلداوي كاتب عراقي
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.