تم نشرها سابقاً بتاريخ: 7 يناير\كانون الثاني 2011
تعاني الاقليات في البلدان العربية والاسلامية من الادبيات التي يؤمن بها ويمارسها المسلمون, مثل التقية والمعاريض والتورية والحيطة والحذر وغيرها من الادبيات التي لا تساهم ببناء مجتمع متجانس ومتحد, يعمل به جميع ابناؤه يد بيد وكتف بكتف لبناء الانسان والاوطان.
سأحاول بهذه السطور ان اناقش احدى هذه الادبيات الاسلامية والتي تسبب مشاكل جمة بين ابناء الوطن الواحد وتباعدهم وتزرع الكراهية بينهم وهي ان الاسلام يعتبر الوطنية كفرا.
من ادبيات الاسلام عدم اعتبار الاوطان او المواطنة, حيث انه من المعلوم بالدين ان الاسلام دين للعالمين اجمعين, وان العالم يقسم الى دار سلم ودار حرب. فدار السلم هي التي تخضع للاسلام اما دار الحرب فهي كل البلاد التي لا يحكمها الاسلام.
كما انه من المعلوم بالدين بان الاسلام يرفض مبدأ المواطنة حيث يتم تقسيم الناس الى مسلمين مؤمنين او ذميين يدفعون الجزية عن يد صاغرة او كفار يجب قتالهم و قتلهم.
فمبدأ الولاء والبراء مبدأ معروف بالاسلام يتحتم به على المسلمين ان يوالوا المسلمين فقط وان يتبرأوا من اي مخالف بالعقيدة. فعلى سبيل المثال, عندما يدافع المسلم عن وطنه فهو لا يكون مدفوعا بوطنيته او من اجل حريته, ولكن يفعل هذا من اجل الاستشهاد في الدفاع عن الاسلام من اجل نيل الشهادة التي تكسبه الجنة هو وعدد من اقربائه.
سأضرب مثالا من تجربتي الشخصية, في سنة 1998, كان هناك من احتمال نشوء حرب بين سورية وتركيا, بسبب ان سوريا كانت تأوي المعارض الكردي عبدالله اوجلان, الذي كان يسبب الكثير من القلق لتركيا, وهذا موضوع اخر لا مجال لتفصيله هنا. لقد صدف واني ذهبت الى حلاق الحي كالمعتاد لكي يهتم بشعري, وكان موضوع الحرب مع تركيا من المواضيع الساخنة التي يتداولها الناس. فبادئني الحلاق بالقول: لو كنا سوية بالجبهة نقاتل الاتراك, فمن علي ان اقتل اولا , انت الغير مسلم وتريد قتل التركي المسلم ام التركي المسلم الذي يعتدي على سوريا؟
طبعا انا ذهلت من طرح هذا السؤال, الذي لم اتوقع سماعه بالقرن العشرين !! فاستانف الحلاق قائلا يجب ان نسأل الشيخ عن فتوى بهذه المسألة…!!
ماذا يمكننا ان نقول له بمثل هذه المواقف, فالشيخ المفتي هو المفوض بمثل هذه المواقف. كما نرى بان الحلاق اراد ان يتأكد من الشيخ بفتوى, لانه طمعان بالغلمان والحوريات في الجنة! ولا يهمه اي شئ اخر.. لا وطنية ولا حرية, فهو لا يريد ان يضحي بدمه وفي النهاية لا يحظى بالجنة الموعودة لذلك يريد ان يتأكد من شيخه العالم.
وهذا مثال شخصي اخر, فأنا اذكر عندما كنا بالمرحلة الثانوية بعمر 17 سنة , كنا كتلاميذ مسيحيين نخرج للعب في حصة الديانة, وبعد ان تنتهي الحصة كان يقربنا زملائنا المسلمون وينظرون لنا بعيون ملئها الحقد والكراهية, وبعد ان يكونوا قد تناولو جرعة معتبرة من تعاليم كره الاخر بحصة الديانة… ويباشرونا بالقول لنا: لماذا انتم تعيشون؟؟ ما هي فائدة حياتكم ؟؟ لا يوجد اي معنى لحياتكم ؟؟ فنحن كمسلمين مستعدين ان نموت في سبيل الاسلام والدفاع عن الاسلام وهذا معنى الحياة بالنسبة لنا!! اما انتم فليس لديكم ما يستحق حتى العيش!!
فكنا كطلاب مسيحيين نشيح باوجهنا جانبا كالمذلولين (الذميين), وكأننا لم نسمع شيئا , لاننا كنا نعرف عواقب الجدل بهذه المواضيع مع ابناء (خير امة) ! طبعا بعد ذلك كانت تأتي حصة الرياضة وكنا نلعب سوية, مسلمون ومسيحيون, ضد الفرق الاخرى, وينسى المسلمون جرعة الكراهية من مدرس التربية الاسلامية !! ويستمر العيش الودي حتى الاسبوع التالي وحصة الدين التالية ومعها جرعة جديدة من الكراهية.
ولماذا نذهب بعيدا الى تجاربنا الشخصية, فها هو مرشد الاخوان المسلمين مهدي عاكف, يقول طزاته الثلاث الشهيرة بالوطن واهل الوطن وحتى بأبو الوطن.. ويتابع ويقول بانه يفضل ان يحكمه رئيس اجنبي مسلم على ان يحكمه رئيس وطني غير مسلم. ومن المعروف بان جماعة الاخوان المسلمين هي اكبر حزب ديني بالعالم العربي والعالم ولها اتباع ومريدين بنسب عالية بكل الدول العربية. اي ما قاله مهدي عاكف يتبناه ضمنيا كل مسلم تقريبا.
نحن نعرف بان العلمانية وتبني القوانين المدنية هي الحل الافضل لكل مشاكلنا ولكن هذه الادبيات المتجذرة عميقا بنفوس اهلنا من المسلمين, هي احدى العوائق الكبيرة في وجه التحديث والتحضر وبناء الاوطان.
ما يهم المسلم المجاهد المغسول دماغه والذي يقتل الناس ويطلب الشهادة ليس نصرة الاسلام بل الفوز بالحوريات في الجنة الموعودة حيث يوجد هناك نساء جميلات وجنس ونكاح وانهار خمر ولبن ولا يوجد اسلام و لا هم يحزنون . فالغاية تبرر الوسيلة و هي الفوز بنكاح الحوريات وليس نصرة الاسلام .