موقع «تاون هال»- مقابلة مع مريم رجوي- الجزء الأول
بقلم: كن بلاكول
لـ«وينستون تشرشل» مقولة شهيرة تقول:« الثرثرة أفضل من الحرب- الحرب». وهو كان على حق البتة. لكنه وفيما يتعلق بإيران، إن الملالي قد خاضوا حربا – حربا متزامنا مع أنهم جعلونا نتورط في ثرثرة. إنهم تلاعبوا معنا خلال هذه المفاوضات النووية.
في الآونة الأخيرة، سنحت لي فرصة لكي أجري مقابلة مع السيدة مريم رجوي رئيسة الجمهورية المنتخبة للمقاومة الإيرانية. ولأول مرة كنت قد رأيتها في تموز/يوليو المنصرم بباريس وتكلمت معها. أعتقد أن هذا النص الطويل جدير بالاهتمام والمطالعة…
هذا صوت لجبهة حرية إيران. وقيل أن الملالي الحاكمين في إيران يشكلون خطرا للعالم بــ1000 مرة حتى أكثر من داعش في حال حصولهم على السلاح النووي. يرجى التكرم بتخصيص وقت لقراءة أجوبة السيدة رجوي ردا على أسئلتي:
برأيك، لماذا لم يتوصل النظام الإيراني والغرب إلى الاتفاق النووي برغم كافة التنازلات التي أعطاها الغرب ولاسيما أمريكا؟
السبب الأهم هو أن الخامنئي الزعيم الأوحد مطلق الصلاحية للنظام الإيراني، لم يتخذ قرارا بعد للكف عن إنتاج الأسلحة النووية بما أن التوسع النووي يعتبر أحد الأركان الثلاثة لستراتجية ينتهجها الملالي لبقاء النظام الإيراني. والجزءان الآخران هما قمع المجتمع والمعارضة (لاسيما مجاهدي خلق ) من جهة واتخاذ سياسات تدخلية في المنطقة من زاوية أخرى. فانهيار أحد هذه الأركان الثلاثة سيفتح الطريق لانتقاضة شعبية عارمة.
وعلى الرغم من جشع الملالي لكسب تنازلات من جانب الغرب، لكنهم لايرغبون في تنحيهم عن السلطة. فلذلك إنهم سيكفون عن إنتاج القنبلة النووية في حال شعورهم بأن أخطارا تحيط بكيان نظامهم أو بأن مواصلة مشروعهم النووي يشكل لهم خطرا أكبر من تركه. وهذا التوازن يتحقق فقط عندما يوضع نظام الملالي تحت الحد الأقصى من الضغط الدولي والعقوبات ولا أن يستلم النظام مكافئة وتنازلا من أجل خرقه لقرارات مجلس الأمن الدولي وتقاعسه تجاه مطالب الوكالة الدولية للطاقة الذرية والمفاوضات تتواصل دون أي نتيجة. هذه التنازلات قد أثرت سلبيا على الأوضاع وحالت حتى الآن دون وصول الملالي إلى حالة العجز.
ما تعليقك على تمديد المفاوضات النووية؟
إن تمديد المفاوضات تعتبر إتاحة فرصة أكبر للملالي من أجل حصولهم على القنبلة النووية. ولا يوجد ضمان لتنتهي الى نتائج. وكان هذا التمديد فشل لسياسة اتخذتها أمريكا التي كانت تظن أن المساومة والتفاوض مع النظام الإيراني ومنع تشديد العقوبات بل تقليصها، يمكن أن يهدي النظام العائد إلى عصور الظلام الى طريق الصواب. وكانت العقوبات تسببت في جلوس النظام الإيراني خلف طاولة المفاوضات في جنيف لكن تقليصها وإعطاء التنازلات للنظام من قبل الغرب، تسببا في تقديم الخامنئي حدوده الحمراء ويمتنع عن التوقيع على الاتفاق النهائي.
ومن الضروري أن ننتبه بأن النظام الإيراني ولكونه يعاني من أزمات عميقة سيما الأجواء المحتقنة في المجتمع، لا يخضع للتوقيع على الاتفاق الحاضن مهما يستطيع طبقا للحدود الحمراء المحددة من قبل الخامنئي اللهم إلا إذا بلغت الضغوط الدولية حدا يضطر النظام إلى الاندفاع إلى الوراء.
ما رأيك تجاه تعامل إدارة أوباما مع النظام الإيراني وكذلك إجراءات متخذة من قبله كالمراسلات إلى الخامنئي؟
هذا النوع من التعامل لايقتصر على إرسال الرسائل، بل هناك ثمة جوانب أخرى تتوزع بين الالتزام بالصمت تجاه انتهاك حقوق الإنسان في إيران والتقاعس بشأن هجوم الحكومة الصنيعة من قبل الملالي في العراق برئاسة المالكي، على مخيمي أشرف وليبرتي وكذلك تشريد الأشرفيين الذين كانت أمريكا قد وعدت مرارا وتكرارا بضمان أمنهم وسلامتهم بشكل خطي. واستنادا الى تصريحات أدلى بها الخامنئي فإنه قد اعتبر هذا التعامل بمثابة رسالة ضعف أمريكية مما جعله يتشجع على قمع الشعب الإيراني وإنتاج السلاح النووي وتوسيع هيمنته على المنطقة.
لكنه وطالما يعود الأمر إلى أبناء شعبي فإن هذه المواقف تؤجج اشمئزازهم. لأنهم يدفعون ثمن هذه السياسات الخاطئة بدمائهم وآلامهم. فيمكننا أن نتكهن بسهولة أن ملايين من العوائل الإيرانية التي أعدم أبنائها على يد الملالي أو رزحوا تحت التعذيب والقمع، لم يبق منزع في قوس صبرهم تجاه هذه المواقف والتصرفات.
وظل شعار الحشود التي بلغ عددها الملايين في انتفاضة عام 2009، مرتفعا حينما قالوا:
« أوباما هل أنت معنا أو مع الملالي؟».
وهل ضافر هذا النوع من التعامل معالجة الأزمة النووية؟
إن فشل المفاوضات المكثفة الممتدة من تشرين الثاني/نوفمبر 2013 حتى تشرين الثاني/نوفمبر 2014، قد أظهر بأن التعامل الضعيف مع الملالي ومنحهم صنوفا من رزم الحوافز لهم وغض العيون بشكل غير شرعي على انتهاكهم التعهدات الدولية، قد تسبب في الإخلال في معالجة هذه الأزمة.
كان خطأ غير معقول أن أمريكا وحلفائه سمحوا للنظام الإيراني رسميا بأن ينتهك قرارات مجلس الأمن الدولي بشأن مشروعه النووي. وكان خطأ أنهم أباحوا للنظام الإيراني تخصيب اليورانيوم وتهاونوا مع مواصلة النظام مشروعه بشأن الصواريخ البالستية وتصديره للأسلحة إلى دول أخرى، برغم القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي.
هل أثرت الأزمة الأخيرة في المنطقة على تعامل طهران بشأن المفاوضات النووية؟
بحسب الخامنئي أن تطورات الأحداث قد زادت ضرورة أهمية الحصول على السلاح النووي. بحيث أنه وعلى الرغم من كافة تدخلاته واقترافه عمليات القتل في العراق لكنه لم يتمكن من الحيلولة دون سقوط الحكومة العراقية التابعة له أي حكومة المالكي. وهذا كان ضربة قاسية على هيمنة الملالي في العراق مما جعل الخامنئي يتخوف من ظروف تمر بها حكومته في إيران. وإضافة إلى ذلك أنه لم يتمكن من أن يخرج نظام الأسد من الأزمة الراهنة على الرغم من إثارة حرب ضد البشرية في هذا البلد من قبل قوات الحرس خلال السنوات الثلاث الماضية. هذا وإن الخوف الحقيقي لمد الأزمة إلى داخل إيران والتي ستزعزع استقرار الحكومة بأسرها، قد أحوج الخامنئي إلى ضرورة الحصول على القنبلة. فلذلك إنه لم يبد أي مرونة أثناء المفاوضات النووية.
ما رأيك بشأن إشراك النظام الإيراني في العراق وبالتحديد في محاربة داعش؟ ولربما هذا الأمر يفتح أبواب التعاون معه.
بحسب الخامنئي أن تطورات الأحداث قد زادت ضرورة أهمية الحصول على السلاح النووي. بحيث أنه وعلى الرغم من كافة تدخلاته واقترافه عمليات القتل في العراق لكنه لم يتمكن من الحيلولة دون سقوط الحكومة العراقية التابعة له أي حكومة المالكي. وهذا كان ضربة قاسية على هيمنة الملالي في العراق مما جعل الخامنئي يتخوف من ظروف تمر بها حكومته في إيران. وإضافة إلى ذلك أنه لم يتمكن من أن يخرج نظام الأسد من الأزمة الراهنة على الرغم من إثارة حرب ضد البشرية في هذا البلد من قبل قوات الحرس خلال السنوات الثلاث الماضية. هذا وإن الخوف الحقيقي لمد الأزمة إلى داخل إيران والتي ستزعزع استقرار الحكومة بأسرها، قد أحوج الخامنئي إلى ضرورة الحصول على القنبلة. فلذلك إنه لم يبد أي مرونة أثناء المفاوضات النووية.
إن هذا الأمر يعد تكرار تجربة كارثية لم يتخلص من مصائبها بعد الشرق الأوسط والعالم كله بما في ذلك أمريكا ذاتها. وأعني استغلال التعاون مع النظام الإيراني من أجل إسقاط صدام الحسين وأهم من ذلك فتح أبواب العراق عقب الحرب العراقية الأمريكية أمام النظام الإيراني وعملائه وميليشيات تابعة له لكي يمسكوا زمام المبادرة في العراق خطوة بعد خطوة. وهذه السياسة قد حولت العراق إلى نقطة انطلاق لتوسيع الإرهاب والتطرف المنبثق من طهران بشكل متصاعد. ويعد ظهور داعش في الساحة من تداعيات هذه السياسة. ويعتبر الشعب العراقي ،نظام الملالي بمثابة قوى الاحتلال في بلدهم. فلذلك إن أي تعاون مع النظام الإيراني سيضع شرعية العمليات العسكرية التي يشنها التحالف الدولي، تحت علامة الاستفهام. كما وإن التعاون هذا سينفخ في نيران الحرب المنشودة من قبل داعش لأنه يسعى إلى الإيحاء بأن إرهابه هو الحرب بين الشيعة والسنة وإلى استقطاب أهل السنة بهذه الطريقة.
بماذا تقترحين لمعالجة الأزمة الراهنة في المنطقة؟
إن حل الأزمة بيد شعوب المنطقة. محاربة الإرهاب والتطرف المقنع بالإسلام (سواء أكان من قبل داعش أو ميليشيات تابعة للنظام الإيراني في العراق) يمكن فقط بتوحيد الشعوب والقوى المعادية للتطرف في المنطقة. وإن هذه الحرب لن تصل إلى نتيجتها المرجوة دون أن يخوضوها بقوة أهل السنة والعشائر السنية وكذلك الشيعية على ميدان المعركة. كما وإنه لا يمكن التوصل إلى حل ناجع بدون مشاركة الممثليين الحقيقيين لكافة الكتل السنية في الحكومة العراقية. لكنه ومن أجل التوصل الى مثل هذه النتيجة ، يجب طرد النظام الإيراني والميليشيات التابعة له عن العراق. كونهم يمنعون الوصول إلى مثل هذه المشاركة وينذرون بحروب طائفية وتصفيات مذهبية.
أين الخلل في السياسة الأمريكية؟
تفتقد سياسة أمريكا تجاه النظام الإيراني والشرق الأوسط برمته، الى ابداء صرامة تجاه الفاشية الدينية الحاكمة في إيران ( عراب الإرهاب وداعش). فلذا أنها تتدحرج من خطأ إلى خطأ آخر. وذلك لأسباب مختلفة منها:
– عدم ادراك الهشاشة البنيوية والتهرأ لدى الحكومة الإيرانية
– فقدان الحد الأدنى من الإدراك الضروري بشأن مدى كراهية الشعب الإيراني تجاه النظام الحاكم في إيران وتجاهل النقمات الشعبية العارمة
– تجاهل دور وقابلية البديل الديمقراطي لهذا النظام أيْ المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية والقوة المحورية له منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بمثابة نقطة النقيض للتطرف والأصولية المغطاة