المسيح أعظم شخصية عرفها التاريخ

لم أقرئ في حياتي عن شخصية كشخصية المسيح,ولم تبهرن شخصية كما بهرتني شخصية المسيح, ولم تعجبنِ شخصية كما jesus_cross_crucifixionأعجبتني شخصية المسيح, هذا الرجل من المستحيل أن يكون رجلا عاديا أو حتى ملاكا يمشي على الأرض, أو رجلا عاديا يأكل الطعام ويمشي في الأسواق, من المستحيل أن يكون المسيح إنسانا سوبر وغير عادي فهو أعظم من الإنسان السوبر, مواصفاته تثير شهية الجائع والشبعان والعاقل والمجنون والصاحي والسكران, شخصية ليست كأي شخصية, فبالرغم من أنه لم يكن يملك عبيدا وإماء وجواري إلا أن جميع العبيد والجواري والإماء والملوك والوزراء والفلاسفة أطلقوا عليه لقب(السيد) وهذه تحسب له فوق كل الحسابات وفوق كل الاعتبارات, رجل رفض العبودية لأي أحد وبنفس الوقت الكل لقبه بالسيد,لقبه بهذا اللقب الملوك وأصحاب الجاه والسلاطين والعبيد والرؤساء.

شخصية المسيح أثارت القلق في العالم كله وعلى مدى العصور, شخصية قوية ولها كثير من المزايا حيث أنه لم يسخر من أي أحدٍ على الإطلاق ولم يشتم أحدا, ولم يره أحدٌ يضحك ولكن رآهُ الكثيرون يبكي, ترى على ماذا كان يبكي؟ من المؤكد أنه كان يبكي على حالة أمثالي من الناس الموجعين والمتعبين,وعلى الثكلى وعلى الحزانى والأرامل والأيتام والمعذبين في الأرض, وهؤلاء الناس دائما ما يقوم الأقوياء باستغلالهم جملة وتفصيلا ولكن المسيح لم يقم باستغلال أحد وإنما قام بالبكاء عليهم وحزن من أجلهم حزنا شديدا.

ولم يكن صاحب مدرسة فلسفية ولم يكن فيلسوفا ولا منظرا ولكن جميع العلماء على وجه الأرض أطلقوا عليه لقب(معلم),واليوم أساتذة الجامعات ومعلمو المدارس وكبار الفلاسفة كلهم يطلقون عليه لقب المعلم رغم أنه لم يحمل أي شهادة جامعية أو أي رتبة علمية, ولكن الكل يصر على أنه معلم تاريخي له أتباع وله مؤيدون وله مناصرون.

ولم يكن المسيح فقيها في الطب,ولا دكتورا ولا طبيبا من أطباء العصر الحديث ولكن كل الأطباء أطلقوا عليه لقب الطبيب وكل المرضى الذين عاصروه أطلقوا عليه لقب(الطبيب الشافي) وكل فقهاء الطب الذين عاصروه كانوا ينصحون به مرضاهم كطبيبٍ يشفيهم مما ألم به من أحزان نفسية وعصبية وعضوية, جاءه المرضى من شتى المناطق المجاورة للقدس وللناصرة, جائوه من يهودى والسامرة,جاءوه هربا من آلامهم ومن السلاطين الذين تجبروا وتسلطوا عليهم, لم يكن يحمل بيده أو في جيبه أي دواء ولكنه كان يشفي الناس بسرعة عجيبة, والمسيح مثله مثل العملة النقدية في هذا الزمان, فرغم أن العملة النقدية ليست مستحضرا طبيا إلا أن جميع الأطباء حسبوها من الأدوية التي تشفي المرضى وقالوا عنها: الدراهم مثل البراهم تشفي العليل, والمسيح كان مثلها يشفي العليل ويشفي المريض.

ورغم أن المسيح لم يسرق ولم يزن ولم يقتل ولم يرجم ولم يعتدِ ولم يقطع الطريق ولم يفعل أي جريمة يستحقُ عليها السجن إلا أنهم صلبوه, ومن المفارقات العجيبة أن المسيح عاش أكثر مما عاش جلاده,وما زال الذين باعوه إلى اليوم محط سخرية وغضب أكثر من75% من سكان الأرض الذين عاشوا والذين ماتوا, لم يرتكب جرما واحدا في حياته ولم يكن مخطئا ولم يكن سياسيا إلا أنه صلب ثمنا لخلاص البشرية أجمع, وهو الوحيد الذي انتصر على الموت, هذا الموت الذي يغلب الجميع إلا أن المسيح غلبه وهذا الموت الذي يقهر الجميع إلا أنه قهره.

لم يكن المسيح إنبراطورا,ولم يكن ملكا, ولم يكن قائد جيش,ولم يكن عضوا في مجلس الشيوخ الروماني, إلا أن الملوك خافوا منه, والجيوش كلها هربت من أمامه, والسلاطين كلهم فزعوا من اسمه, كل المحاربين هربوا من المواجهة الحقيقية معه, ولم يبق جبارا في الأرض إلا وخشي المسيح من رهبته, ولم يبق قاتلا أو سفاحا إلا وقلق من المسيح, وانتشر المسيح في قلوب الناس رغم أنه لم يهددهم بأي نوعٍ من أنواع الأسلحة, هذا الشاب الصغير الذي لم يبلغ الثلاثين من عمره, كان وقاره أعظم من وقار الشيوخ, وكانت سجيته تغلب كل السجايا, حسن المظهر يمشي حافيا, باع العشارون وظائفهم وتركوا الدنيا خلفهم وتبعوه, ترك أساتذة الجامعات مقاعدهم الدراسية والتعليمية وأنصتوا إلى المعلم وهو يتكلم من قلب الإنجيل, لم يعش لنفسه بل عاش من أجل غيره, لم يحكم على أحد بالموت ورغم ذلك حكم عليه المرتزقة بالموت, وظن عليه الهراطقة بما لا يحسن الظن به, انتصر على الحياة رغم أن معظم الناس استسلموا للحياة, أعظم شخصية دخلت التاريخ, وأعظم معلم علّم طلبة العلم, مهندس عظيم في بناء الشخصية المهذبة, مشكلة عظيمة لخصومه, يحمل هموم الناس ولا أحد يحمل همه, صريح في كل شيء لدرجة أنك تستطيع أن تقول عنه بأنه شخصية لا تصلح للعمل السياسي, أعطى كل الناس بالرغم من أنه لم يكن يملك محلا للصرافة, يخشى –إلى اليوم- منه الجبارون والطغاة ولم ينزل أحدٌ منهم في ساحته إلا وهرب خوفا منه , أعظم معلمٍ تعلم على يديه المعلمون, وأفضل طبيب تعلم على يديه الأطباء فنون الطب , أول علماني على وجه الأرض أعطى ما لقيصر لقيصر وما لله لله, فصل الدين عن السياسة ومنح للعابرين إليه جوازات المرور الأبدية وحمل عن المتعبين أحمالهم وتحمل أخطاء البشر كلها, له وجه سبحانك الله, وله إطلالة على التاريخ لم يعرف أحد مثلها أي إطلالة , لم تكن أمه وثنية ولم يكن جده وثنيا, ينحدر من سلالة الأنبياء والرسل, لم ينهب القوافل التجارية,ولم يأخذ الغنائم ولم يكن زير نساء.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.