إن ما يميز الدين المسيحي عن باقي الديانات هو أنه يهتم بالأحياء أكثر من اهتمامه بالأموات, فالأموات علمهم عند الله عز وجل وكلنا مؤمنون بالله وبالتوحيد سواء أكنا مسلمين أم مسيحيين ولكن ما هو مميز بالدين المسيحي هو أنه اهتم بثقافة الإحياء وليس الأموات,المسيح مثلا لم يمسك سيفا ليقطع به رأس رجل أو يرجم زانية بالحجارة, بل أحيا الأموات وسامح الزانيات مقابل الاعتراف والتوقف عن ارتكاب الخطيئة, المسيح لم يتسبب بعاهة مستدامة لأحد لم يقطع يدا أو رجلا بل كان يشفي الأعمى والأبرص والأعرج, كان بحق مركزا للعلاج الطبيعي وكان بحق ملجئا للأرامل والأيتام وثقيلي الأحمال لم يكن مقبرة للموتى بل جنة لإحياء الموتى, هذا ما يميز طبيعة الديانة المسيحية أنها اهتمت بإحياء الناس روحيا وجسديا ومعنويا.
لم يعطِ الدين المسيحي جانبا كبيرا ومهما من ثقافة ما بعد الموت ولم يُرهب الناس بعذاب القبر أو عذاب الآخر كان المسيح يبشر ببشارة الخلاص, وكان هو الذي يحمل عن الناس, حمل عن الناس آثامهم وفقرهم وجوعهم ولم يكن محتاجا لأن يحمل عنه أحد أو يتصدق عليه أحد.
ولم يجعل من الموت أو الانتحار طريقة حياة لبلوغ الجنة, واهتم الدين المسيحي بالتسامح مع الذين يسيئون إلينا بل وفوق كل ذلك الإحسان للمسيء قبل الإحسان لغير المسيء, ومن الملاحظ جدا أن ثقافة الحياة في الديانة المسيحية تعني بأمور الدنيا وبالتنزه عن الأحقاد ولغة الانتقام, فماذا سينفعنا لو طبقنا سياسة العين بالعين والسن بالسن؟ لو طبقنا مثل هذه السياسات لأصبحنا ونحن نمشي في الشارع لا نرى فيه إلا العميان والعرجان, لو طبقنا سياسة العين بالعين لامتلأت السجون بالرجال وبالنساء , ولتشرد الأطفال ولرُملت النساء.
واليوم إتباع المسيح في كل مكان, كنائسهم معابدهم جمعياتهم مؤسساتهم مستشفياتهم عياداتهم كلها مهتمة بثقافة الحياة وبإحياء الناس وليس بتوجيه العقاب إليهم, كل مؤسسات المجتمع المدني المسيحية معنية بطهارة الحياة وبخدمة الإنسان وتوجيه كافة الطاقات من أجل مد يد المساعدة للناس, إذا أمسكت بسارق تطعمه ولا تقطع يده وإن عثرت على جائع تطعمه دونما أي مقابل على المبدأ الإنجيلي القائل ( بالمجان أخذتم بالمجان أعطوا) , تهتم بضرورة الإيمان بالتنوع بالحياة سياسيا وفكريا واقتصاديا, تهتم بالمشاريع التنموية على تخدم البشرية وبحماية النظام البيئي, لا تهتم بقتل الناس أو جرحهم أو إطعامهم مقابل استغلالهم بل بدون مقابل, تسامح من يسيء إليها, آلاف الكُتّاب في العالم كله أحيانا يسيئون إلى شخصية المسيح ولم نسمع عن كنيسة أو رجل دين مسيحي رفع قضية على كاتب أو رسام, تهتم المسيحية بالتعايش الديني فمسألة الإحسان إلى المختلفين عنهم دينيا وعقائديا هي جوهر عملية التعايش الديني وقبول الآخر.
الإج العزيز جهاد.كلامك ذهب وهو الحقيقة بعينها ريت المسلمين يقرؤون مقالتك الرزينة هذه ويقارنون بين المسيحية والإسلام . بين الذين يؤمنون بالمسيح المخلص بشد اللام وبين من قال ظلما جئت لأكمل مكارم الأخلاق