المسألة العربية.. الليبرالية هي الحل!

سامي النصفassadmalki

في عهد الليبرالية العربية الزاهر الذي امتد من عشرينيات القرن الماضي حتى تساقطها تحت سنابك الثوريات الهمجية في الخمسينيات وما بعدها، تم توحيد البصرة وبغداد والموصل وخلق مملكة العراق الدستورية، كما وحدت أقضية راشيا وحاصبيا والبقاع الغربي وخلق لبنان الكبير وزيادة مساحته من 3500 كلم2 الى 10452 كلم2 (الشهيرة)، ورفض السنة والدروز والعلويون الحكم الذاتي الذي منح لهم، وتم خلق سورية الحديثة، وحافظ الحكم الليبرالي في مصر على وحدة وادي النيل ممثلا بمصر والسودان، كما قام لاحقا الملك ادريس السنوسي بتوحيد ولايات برقة وفازان وطرابلس (التي كانت لفترة جمهورية مستقلة) في مملكة فيدرالية واحدة حولها لاحقا الى مملكة اتحادية.

****

رفع ثوريو الخمسينيات والستينيات شعارات الوحدة العربية ومزجوها بالاشتراكية وحتى الماركسية العلمية، ودعوا إلى وحدة الطبقة العاملة، واستطاعوا بكفاءة شديدة ان يدمروا وحدة الاوطان العربية التي حكموها عبر اضطهاد الاقليات الدينية والمذهبية والعرقية التي اختارت طواعية البقاء ضمن الدولة القومية، ولم يكن منطقيا على الاطلاق ان يحكم حزب يرفع شعار القومية العربية بلدا به قوميات غير عربية كحال سورية والعراق وليبيا، وان يحكم حزب اسلامي بلدا به مسيحيون او وثنيون، كما حدث للسودان (يوغوسلافيا افريقيا) وأدى في النهاية الى انفصال الجنوب والباقي على الطريق.

****

وتم في حقب لاحقة رفع شعار سياسي لا ديني هو «الاسلام هو الحل» لدغدغة مشاعر البسطاء رغم علم من رفع الشعار انه لن يحل مشاكل الاوطان المختلفة وان الحقائق تكمن في التفاصيل، لذا اختفى الشعار مع وصول حامليه الى الحكم في تونس ومصر وغيرهما، واستبدل بخلق احزاب ترفع شعارات ومشاريع النهضة والعدالة والسلام التي لم يتحقق منها شيء.

****

ان التجربة المعيشة والحقيقة الجلية تظهر ان الليبرالية والقبول بالتعددية هما الحل النهائي لمشاكل اوطاننا العربية المبتلاة هذه الايام بالحروب الاهلية المستترة والمعلنة كونها تبقي الحكومات على مسافة واحدة من جميع الاديان والمذاهب والاعراق، وحقيقة ان الجميع يستطيع ان يتدثر بردائها كونها عملية اختيارية لا امرا يصاحبك منذ مولدك ويضعك قسرا لا اختيارا ضمن هذا التوجه المؤدلج او ذاك، فتصبح دون ارادتك في كثير من الاحيان إما قاتلا او مقتولا.

****

آخر محطة: رفع شعار «الليبرالية هي الحل» يجعلنا «ننتهي» حيث انتهى العالم المتقدم الذي وصل الى تلك النتيجة النهائية ووصل الى السلام الاجتماعي والتقدم وقمة المجد من خلالها، اما الشعارات الاخرى من دينية (جربت في اوروبا ابان العصور الوسطى) أو قومية (جربت في النازية والفاشية والبعثية) أو يسارية (جربت في الاتحاد السوفييتي واوروبا الشرقية) فتجعلنا «نبدأ» من حيث بدأ الآخرون لننتهي بعد عقود وقرون طوال الى النتائج الفاشلة نفسها.

نقلاً عن الأنباء

www.alanba.com.kw/kottab/sami-alnisf/492201/20-08-2014

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to المسألة العربية.. الليبرالية هي الحل!

  1. سلام says:

    كلام رائع وجميل جداً
    الحل هو الليبرالية مع احترام جميع المعتقدات والمذاهب سواءً كانت فكرية أو عقائدية وأن تكون الدولة على مسافة واحدة من جميع مكوناتها العرقية
    لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ,كم يحتاج منا الوقت لتأهيل شعوبنا لتقبل الآخر ,فكما تعلمون أن هناك الكثير من الرواسب الأجتماعية التي نتجت بسبب الأنظمة الاستبدادية والتسلطية والطائفية التي حكمتنا طوال الفترات الماضية , الخوف كل الخوف من هذه الرواسب والتي ستؤدي بشكل أو بآخر لرفض هذه الشعوب لمبدأ ليبرالية الحكم .
    السؤال الذي يتبادر لذهني الآن كيف يمكن تأهيل الشعوب ديمقراطياً وليبرالياً ,فكما تعرفون الديمقراطية والليبرالية هي ثقافة يجب ان يتعلمها الناس وان يتقبلها الناس, أريد ان اضرب مثال ماحصل في مصر أو تونس عندما عندما فاز حزب ما بنتيجة الانتخابات الطرف الآخر لم يحترم نتيجة الانتخابات ,علماً في بلد مثل النمسا الحزب الحاكم فاز بنسبة 30% فقط وباقي الأحزاب احترمت أرادة الأكثرية, هذا ماقصدته بثقافة الديمقراطية والتي يجب ان تتعلمها شعوبنا ,والحقيقة لاأعلم كيف ,أتمنى من كاتب المقالة أو أحد السادة المختصين وضع تصور كيف يمكن تحقيق ذلك في مجتمعاتنا,لأننا مقبلون على التغيير ولكن يجب أن يكون بخطوات مدروسة وإلا ستكون العواقب وخيمة وفوضى مثل ما نشاهده الآن في كثير من بلداننا العربية بعد زوال حكم الطغاة

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.