الصراع على سورية بعد استقلالها كان بين محورين( العراق والأردن من جهة والسعودية ومصر) من جهة ثانية
كانت بريطانيا تساند العراق والأردن وكلاهما تحت نفوذها ولا ترتاح لدولة حرة لا ترتبط بالخارج فتشكل مركزجذب لقوى التحرر في المناطق الخاضعة للاستعمار.
العراق له اسبابه ويريد سورية مملكة هاشمية لولي العهد الامير عبد الاله وللا ردن مطامع في حكم كل بلاد الشام
او ما يسمى سورية الكبرى وكلا البلدين يعتبران سورية جزءا من دولة العرب التي وعد الحلفاء شريف مكه بحكمها اذا شق عصا الطاعة على السلطنة العثمانيه
وطبعا غدروا به ونصبوا أولاده على العراق والأردن واستثنوا سورية ووضعوها تحت الانتداب الفرنسي لذلك ظل الحنين الهاشمي لها وساند الهاشميون الثورات السورية على فرنسا ولكن حين استقلت اختارت النظام الجمهوري .
السعودية ساندت النظام السوري الجمهوري وهدفها ان لا تتحول الى مملكة هاشمية قوية فتحلم بالاستيلاء على الحجاز الذي كان تحت حكم ال هاشم. في حين ان مصر ايدت النظام الجمهوري في سوريا ولم ترغب ايضا في قيام دولة هاشمية قد تطمح ان تحكم المنطقة العربية ولو تحت النفوذ البريطاني.
في عام ١٩٤٩ دخل الأميركيون على خط الصراع لان سورية صارت ضرورة أميركية يمر من أراضيها خط نفط أرامكو الى لبنان والبحر وكانت سورية وبرلمانها تماطل في الموافقة خوفا من النفوذ الأجنبي فقادت المخابرات الأميركية انقلاب حسني الزعيم الذي وقع اتفاقية التابلين لمرور النفط بعد ثلاثة ايام.
في عام ١٩٥٠ قاد العراق انقلابا بريطانيا ضد حسني الزعيم وكان يهدف الى تنصيب عبد الاله ملكا ولكن هذا فشل وجرت انتخابات وصدر دستور 1950 ولكن عام ١٩٥٢ قاد أديب الشيشكلي انقلابا مدعوما من مصر والسعودية تحت شعار المحافظة على النظام الجمهوري ونال موافقة الاميركين الذين كانوا وراء نشر الحكومات العسكرية
وفي عام ١٩٥٤ قاد مصطفى حمدون انقلابا مدعوما من تجمع كبير من الاحزاب أعاد دستور ١٩٥٠ والحريات واجرى انتخابات حرة وفي هذه المرحلة عاد الجيش الى ثكناته ولكن بعد اغتيال العقيد للمالكي أخذ الجيش صلاحيات حددت عمل الاحزاب وصار للجيش تأثير وبدا شريكا لا حاكما .
في هذه المرحلة تحول الصراع على سورية الى صراع بين الغرب والاتحاد السوفياتي الذي دعم التوجهات السورية برفض الدخول بحلف بغداد وفتح السوريون قناة اتصال مع الروس عبر الحزب الشيوعي الذي صار له ناىب في البرلمان وكانت قمة الاتصالات هي في إنجاز صفقة سلاح من المعسكر الشرقي تم بصورة سرية دفع ثمن الصفقةمن أموال الكنيسة الارثوذكسية السورية المجمدة في موسكووحصلت الكنيسة على جزء منها وتم بناء البطركية المريمية بها.
صار دور سورية في المنطقه معاديا للغرب لانها اقتربت من السوفيات وكثيرون تخوفوا من تحولها الى الشيوعية خاصة لنمو خلاياها في الجيش وصار ضبط الدور السوري ضروريا فتم حصارها من العراق والأردن والسعودية ومن تركيا التي حشدت قواتها على الحدود
داخل الجيش صار الصراع مكشوفا بين الشيوعيين والبعثين الاشتراكيين وكان صِمَام الأمان بينهما هو مكتب الامن بقيادة عبد الحميد السراج الذي ارتبط بالمخابرات المصريةولم يكن مرتاحا للتمدد الشيوعي وأدى ذلك الحصار الى ضرورة البحث عن حليف عربي فكان الحكم في مصر الأقرب وحققت زعامة عبد الناصر نجاحات في حرب السويس وفي بناء السد العالي وفي الحياد الإيجابي وفي الدعوة الى القومية العربية فكان الحل الذي اختاره العسكر بديلا عن الاقتتال فيما بينهم هو. في تسليم السلطة الى عبد الناصر تحت شعار الوحدة فتم احداث انقلاب توافقي حين ذهب وفد يمثل كل القوى المتصارعة في الجيش الى مصر ومن خلف الحكومة وهناك عرضوا الوحدة. فوافق عبد الناصر طبعا لان السراج كان عرَّابها وخطط لها مع السفير المصري فقامت الوحدة في٢٢-٢-١٩٥٨ وتم على عجل دعوة البرلمان وشكري القوتلي للتوقيع وتم ذلك في سرعة قياسية ودون اي اتفاق على آلية الانتقال وأخذ الامر طابع نقل السلطة بالاحتلال ودون شروط.
كان من شروط عبد الناصر إلغاء البرلمان والدستور والأحزاب ومنع الجيش من العمل بالسياسة فوافق العسكر على ذلك وعلى اعلان الأحكام العرفية بحجةالدفاع عن الوحدة وتم بسرعة اخراج كل القيادات الحزبية من الجيش وتعيين بعضهم وزراء ومحافظين وسفراء وصارت سورية تحت حكم المخابرات المصريةومخابرات السراج العميلة لها .
هذه العملية الوحدوية حصلت على موافقة الاميركين الذين اشترطوا على عبد الناصر مقابل ضبط الدور السوري في المنطقة ان ينظف سوريا من حلفاء موسكو في الجيش من شيوعين ومن اشتراكين وبعثين فاحالهم عبد الناصر فورا الى التقاعد ومن اصغر الرتب الى أعلاها كما حل كل الاحزاب كما في مصر وحل البرلمان وقمع الشيوعيةواعادالعلاقات مع السوفيات الي الضبط ووفق الطريقة المصرية وتحت إشرافها فتم لهم ذلك وبسرعة الامر الذي جعل السوفيات يحتجون فساءت العلاقات بين مصر والسوفيات وارتاح الأميركيون.
قادة حزب البعث تم توزيرهم ولكن فوجيءوا بحل الحزب وقسم كبير رفض ذلك وشعر الكثيرون بالقلق ومع الوقت صارت الخلافات بين قادة البعث وَعَبَد الناصر علنية وتقدموا باستقالات جماعية فاحرجوا عبد الناصر عن وقاره فخطب في اللاذقية مهددا بانه سيدوسهم بالإقدام .
في الجيش سلم المشير عامر قيادة القطعات الى ضباط لهم لون ديني وكانوا مقموعين من اليسار وأغلبهم من عاىلات دمشقية حاقدة على اليسار جملة.
مارس الضباط المصريون الهيمنة على الجيش وتصرفوا مع الضباط السورين بعقلية محتل كما نقلوا اي ضابط مناقش الى مصر وساد الجيش شعور بالغربة والاحتلال فنشأ ت فيه خلايا بعضها يوالي السراج وبعضها يوالي كتلة الضباط الشوام والتي سلمها المشير عامر مراكز قيادية مهمةوفي ٢٨ أيلول ١٩٦١ حصل عصيان وتمرد قاده الدمشقيون مدعوما بعضهم من الاْردن والسعودية ثم انتهى الامر الى سيطرة هؤلاء بقيادة النحلاوي والكزبري وعصاصه ومطيع السمان على الجيش وأعلنوا الانفصال واجتمعوا بقيادات سورية للحصول على تغطية شعبية فكان شرط هؤلاء اعادة دستور الخمسين مع بعض التعديلات وإطلاق الحريات ورفع الأحكام العرفية ما عدا مناطق الحدود مع اسراىيل وإجراء انتخابات سريعة فوافق الانقلابيون على ذلك وتبين بعد الانتخابات ان حزب البعث الموالي لأكرم الحوراني حصل على اكثرمن عشرين ناىبا وكان له سابقا 9 نواب وصارقادرًا على تعطيل اي مشروع يميني كان متوقعا
أوقف الاشتراكيون الهجمة اليمينية لالغاء المكاسب الفلاحية والعماليةفلم يستطع اليمين الرجعي الغاءقانون الإصلاح الزراعي وحصل العمال على المرسوم ٤٩ الذي حرم اصحاب العمل من حق تسريح العمال واعطى هذا الحق للجنة قضايا التسريح برىاسة قاضي ونشطت الحياة السياسية البرلمانية وصارت حرية الصحافة معقوله وتحت الضبط القضاىي
اما الجيش فقد حصلت فيه حركة حلب التي قادها ضباط مرتبطون بالمخابرات المصرية مع عدد من الضباط الصغار ارتبطوا بعفلق والبيطار فتم اعلان اعادة الجمهورية العربية المتحدة من إذاعة حلب ولكن الجيش قمع الحركة واستسلم الضباط وأحيل من تورط في قتل ضباط الى المحاكمة ثم. اجرت قيادة الجيش انقلابا داخليا رحلت معه الكزبري والنحلاوي لتخفيف الضغط المصري
نشطت التدخلات المصرية في ارباك الحكم وإجهاض التجربة الديمقراطية وساند المصريون في هذا العمل جناح حزب البعث وقيادات عمالية
في شباط ١٩٦٣ قامت الثورة في العراق وتسلم حزب البعث الموالي لعفلق والبيطار الامر الذي شجع عناصر عسكرية على إقامة تحالف مع الناصرين في الجيش على عمل
عسكري بقيادة اللًواء زياد الحريري قاىد الجبهة مع اسراىيل وقدتركها و وتوجه الى دمشق واحتل الإذاعة والاركان وانضم اليه ضباط من المسرحين البعثيين والناصرين فأطاحوا بالحكم وحلوا البرلمان والأحزاب ما عدا البعث وأعلنوا الأحكام العرفية وأعلنوا استعدادهم للتفاوض مع عبد الناصر لإعادة الوحدة بشروط وهو الامر الذي اثار الخلاف مع الناصرين الذين اتفقوا مع البعث على اعلان فوري بإعادة الوحدة فور سقوط نظام الانفصال ومع ذلك وافق عبد الناصر على اجرا ء مباحثات الوحدة الثلاثية مع بعث العراق وسورية وطلب البعثيون إطلاق الحريات الديمقراطية خاصة حرية الاحزاب وفشلت المفاوضات لان مصر لا تريد اي تغيير في نظامها البوليسي ولان البعث في العراق وسورية لا يريدان الوحدة مع مصر ولكن شروطهم تعجيزية ويعرفون ان عبد الناصر سيرفضها فيكون هو السبب في عدم اعادة الوحدة بدليل انهم في العراق وسورية ألغوا الاحزاب وأعلنوا الأحكام العرفية وأقاموا حكما اسبداديا يعتبر حكم عبد الناصر اقل بوليسية منهم وأكثر انفتاحاًً وبعد18تموز 1963 فك البعث تحالفه مع الناصرين واعتقل قياداتهم وسُرِّح ضباطهم وأقام حكم الحزب الواحد
الانقلابات في البيت البعثي
تبين ان انقلاب آذار كان بقيادة لجنة عسكرية مكونه من محمد عمران وصلاح جديد وحافظ الأسد وَعَبَد الكريم الجندي وسليم حاطوم وفهد الشاعر وان البعث السياسي كان ستارا لا اكثر وكذلك زياد الحريري ولوءي اتاسي وأمين الحافظ لذلك تم إقصاء زياد الحريري ثم لوءي اتاسي ثم في عام ١٩٦٤ قادت اللجنة العسكرية انقلابا رحلت معه قيادة البعث وأمين الحافظ وتسلمت السلطة الفعلية واقامت بعثا يساريا تابعا لها ثم أقصت اللجنة محمد عمران وسليم حاطوم وفي عام ١٩٧٠ قاد الأسد حركة ضد صلاح جديد والجندي وقيادة البعث اليسارية وصار الحاكم المنفرد وأسس بعثا تابعا له ووضع دستورا ديكتاتوريا وأقام حكما بوليسيا منظما ووضع في قيادات الجيش ضباطا يوالونه بعثيا وطاىفيا.
في مرحلة حافظ الأسد تحالف مع السعودية ومصر وكان هذا التحالف محل ترحيب اميركي.
هذا التحالف مع اكبر دولتين على المذهب السني شكلت غطاء لنظامه منع اي احتجاج وحتى حين قمع الاسلامين في حماة وبعدها فان مصر والسعودية كلاهما أيدتا قمعه واعتبرتا ذلك شانا داخليا.
في هذه المرحلة توقف الصراع على سورية وانتقل الجوار العربي من سياسة الاستيلاء على سوريا الى التحالف مع نظامها فقط.
في مرحلةالاسد الابن عاد الصراع على سوريا بعد ان انتقل من سياسة التعاون مع ايران وممارسةدور الوسيط بين العرب وايران الى سياسة التحالف العسكري مع ايران وضد كل الجوار العربي.
صارت سوريا هدفا لصراع إقليمي ودولي فإيران ارادت السيطرة على سوريا وتحويلها الى ممر لها نحو المتوسط بعد ان استولت على العراق واقامت دولة فارسية في جنوب لبنان.
صار النظام السوري ضد المحيط العربي سياسيا وطاىفيا وصارت الصراع معه ابعد من الصراع الديمقراطي الداخلي وساعد الموقف العربي على تسهيل حضور السلفين المتطرفين وخاصة بتمويل من الوهابية السعودية وقطر الدولة لذلك عاد الصراع على سورية وأخذ شكلا جديدا بين العرب والفرس.
النظام استدعى الروس ليساندوه عسكريا فكان ذلك اول مرة يسمح فيها استدعاء الاستعمار ليحتل قرارنا السياسي ويقبض الأجر نفطا وغازا وليصبح الصراع على سورية دوليا وتحولت الى ما يشبه المسالة الشرقية والرجل المريض في الدولة العثمانية.
من اجل كرسي تم توريط مكونات البلد في حرب مجنونة وتدمير الجيش وتدمير البلد وتهجير السكان وقتل واعتقال مليون مواطن من هنا او من هناك فكان هذا قمة الحماقة والجنون وأصبح هذا الكرسي أغلى من الوطن والمواطنين وهذا هو السوال
١٨-٧-٢٠١٦