أكن إحتراما كبيرا لكل الزملاء الكتاب . ولكني وكثيرا ما أقف مشدوهة أمام الإلتباس في أفكارالبعض منهم . خاصة حين يكتبوا أن التنظيمات الإسلامية وبالتحديد تنظيم الإخوان المسلمون قام بإستغلال عدم الوعي الجماهيري حين عمل على إحياء العصبية القبلية التي كانت راسخه في القيم الجاهلية وأن الدين الجديد قام على محوها ؟؟؟
ليس دفاعا عن الجاهلية ..ولكن قادني البحث عن الحقبة الجاهلية لإكتشاف شيء من الحقيقة التي لا يذكرها الكثير من المؤرخين.. نظرا لإعتبارهم الإسلام بداية لدين جديد وتاريخ جديد يمحو كل ما قبله ؟؟؟
الأمر الذي أعتبره جهلا وتجهيلا بحقيقة ما كان قبله .. وخلق لهوية إستعلائية وذهنية إنعزالية . ترفض ما كان قبلها تاريخيا والإعتراف بما حولها والتعايش مع المختلف عنها إلا إذا أذعن وإنضم لأفكارها وقيمها وهو ما عمل عليه وروّج له الإسلام السياسي وفقهاء الإسلام !!
لا أستطيع إنكار أن شخصية الفرد في الجاهلية وقبل الإسلام تكونت على أساس قلة الموارد .ولهذا كان الغزو أسهل الطرق لإستمرار الحياة و لا أستطيع التغاضي عن ان الحقبة ذاتها تطلبت الإيمان بالغيبيات .. والخوف من المجهول ومن الآتي البعيد وأن كثيرون كانوا يطمحوا في قيادة مجتمعاتهم .. وأيقنوا ان النبوة هي الطريق الأمثل للوصول لغرضهم , خاصة وبوجود الأديان الأخرى من حولهم. فتلك الحقبة التي نسميها بالظلامية شهدت شيئا من التنوع الفكري والحضاري من تأّثّرها من المعتقدات العديدة التي كانت موجودة ( اليهودية والمسيحية والصابئة والأحناف والدهريون وغيرهم) وتفسير الحياة المادية
على انها ترتكز على قيمة التعايش والأخذ والعطاء المادي مع الإحتفاظ بالحق في الإختلاف . خاصة إختلاف العقيدة . على رأس هؤلاء الطامحين يأتي ذكر لؤي بن كلاب .. أو ُقصي بن كلاب كما ُيسميه آخرون . الجد الرابع للنبي الذي وإن كان متعصبا لقبيلته قريش .. إلا أنه لم ينكر حق الآخر في العبادة وروّج وإستعمل الكعبة ( كان هناك 23 كعبة اخرى أشهرها كان كعبة نجران ) لتحقيق مصالح قبيلته الإقتصادية في التجارة والرفعة الإجتماعية والأمن الإقتصادي والأمن من غزوات القبائل الأخرى . وإعترف بالتعددية الدينية حين سمح بوضع آلهات المسافرين في الكعبة .. لضمان عودتهم سنويا للتجارة والحج ..
بما يؤكد أن التعايش الديني كان ثابتا وموجودا من خلال وجود آلهات اخرى في الكعبة ووجود اديان أخرى في الجزيرة العربية ..
نعم تعدد الزوجات كان موجودا وملك اليمين أيضا .. ربما لأن معظم النساء لم يكن بوضع السيدة خديجة في الثروة وبالتالي عدم قدرتهن على إعالة انفسهن .. ولكن وأيضا كان التبني من أهم القيم الأخلاقية في المجتمع ؟؟؟ ولكن الحقيقة تبقى بان المجتمع الجاهلي لم يكن جاهلا كما درسناه وكما ُنصّر على تسميته ؟؟؟
المشكلة الأساسية التي نواجهها وفي القرن الحادي والعشرون . هو عدم المعرفة بالتاريخ الحقيقي لما قبل الدعوة .. إضافة إلى تجميل كل ما جاء بعدها حتى وإن كان بعضها يتعارض مع العقل والمنطق ؟؟ ورفض أي نقد أو محاولة تفكير. وتقديس النص وجعله مركزا في كل شئؤون حياتنا .. وإعطاء كل من يقولة سلطة فوق المراجعة حتى ومع علمنا كما جاء في كتب التراث بحقائق تحريفه وخضوعه للكثير من التأويل الفقهي البشري .. .بحيث قضينا على الإرادة وحرية العقل .. وحرية الإنسان ..
سيدي القارىء .. إن الإستمرار في التاكيد على مركزية النص ومحاولات تأويلة خلق حالة من التخبط الدائم خلقت إنسانا مشوشا ضائعا بين الكثير من التناقضات وبين تاويلات وتفسيرات الحلال والحرام التي أثّرت وتؤثر على قدرته في التفكير لنفسه , لترويج الفقهاء بأن كل الحلول الدنيوية موجودة في النص وصلاحيته لكل زمان ومكان ناسيين عمدا عن التغييرات الحياتية تبعا للظروف والتطور التقني ؟؟
المنطقة العربية كلها بحاجة لمشروع نهضوي يرتكز إلى حركة تنوير تستند إلى العقل .. وإلى الصدق في تحليل العوائق التي تقف في وجه كل اشكال التنميات للخروج من كل اشكال التخلف ..
نعم نحتاج أكثر من أي وقت مضى , إلى النظرة الصادقة لتاريخ الإسلام وما قبله . إلى نقد الثغرات السلبية في الأيديولوجية مهما كانت, خاصة تلك التي تتعارض مع القيم الإنسانية المشتركة. النقد الذاتي هو الطريق الوحيد للتنوير وللخروج من الإنغلاق و يقع في خانة الإصلاح والمنفعة للصالح العام .
في القرن الحادي والعشرين.. الحق في الدين والمذهب والعبادة حق عالمي مكفول .. ولكن أن َ يفرض أي منهما من خلال توظيف الدين نمطها على مجتمعها وعلى المجتمع الآخر المختلف, لبس ثوبها وعبائتها الفكرية , ُيناقض كل الحقوق الإنسانية ..
أكرر للمرة الألف بان الطريق الوحيد لإستعادة العقل في الفكر العربي هي نزع الأسطرة وتحرير العقل وفصل الدين عن الدولة .
أحلام أكرم
الجاهلية الحقيقية عند مجيء محمد وليس قبله. الجهل في حقوق الانسان الجهل بمعاقبة السارق والزاني الجهل في قبول الاخر الجهل في احترام حقوق الأقليات الجهل في اعتبار الاسلام خير أمة . نعم عزيزتي احلام على كافة الدول الاسلامية تبديل دساتيرها لكي تتلائم مع ميثاق الامم المتحدة وعدم الحكم بالقران والإسلام كمصدر للتشريع. انظري حال الامم الغربية بعدما فصلت الدين عن الدولة الى متى يبقى العرب والمسلمين بهذه العقلية الساذجة