الفرق بين الديمقراطية والشورى

israielparlamntسهى الجندي

الشورى في اللغة مشتقة من كلمة شور, وتأتى لمعانٍ عدة منها استخراج الشيء المفيد من موضعه. والمشاورة هي (الاجتماع على أمر ليستفيد كل واحد من صاحبه ويستخرج ما عنده ).وقد طبق الخلفاء الراشدون هذا المنهج الديمقراطي بحذافيره وقد قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه عند توليه الخلافة ” أﯾﮭﺎ اﻟﻨﺎس، وﻟﯿﺖ ﻋﻠﯿﻜﻢ وﻟﺴﺖ ﺑﺨﯿﺮﻛﻢ، أﻃﯿﻌﻮﻧﻲ ﻣﺎ أﻃﻌﺖ اﷲ ﻓﯿﻜﻢ، ﻓﺈذا ﻋﺼﯿﺖ ﻓﻼ ﻃﺎﻋﺔ ﻟﻲ ﻋﻠﯿﻜﻢ.” وهو دستور واضح لأسلوب الحكم ينفي القدسية عن الحاكم ويبيح محاسبته والتمرد عليه وعزله إذا حاد عن منهج الشريعة الاسلامية.

وتكون الشورى في الإسلام لأهل العقد والحل، وفي جميع الأحوال فإن أهل العقد والحل لا يشبه البرلمانات الحديثة وهو أقرب لمجالس “الأعيان” أو “الشيوخ” في الكونغرس الأمريكي إذ يقوم الرئيس بتعيينهم تعيينا. ومع اتساع البلاد وكثرة الناس، بات لزاما على إدخال هذا التنظيم الحديث وهو انتخاب “أهل العقد والحل” أو البرلمان بصيغته الحديثة بالنظر إلى أن كل منطقة تحتاج من يتحدث باسمها في دوائر الحكم.

وتطبق البرلمانات الديمقراطية وهي مشتقة من لفظ يونانية يعني حكم الشعب بينما نظام الشورى قائم على حكم الله واستمداد كافة الأحكام من الشريعة الاسلامية. كما أن الديمقراطية تسمح بتعدد الأحزاب وتنادي بفصل الدين عن الدولة وهذا ما لا يقره الإسلام. كما أن البرلمان يختص بأمور تشريعية بينما الشورى تحسم مختلف الأمور ذات المصلحة العامة وتتداخل فيها الأمور التنفيذية والقضائية والتشريعية. من جانب آخر، فإن أهل العقد والحل يختارهم الحاكم ممن يتمتعون بصفات معينة كالحكمة والعلم أو المكانة الاجتماعية وغيرها من الأسس بينما البرلمان يتكون ممن اختارهم الشعب بصرف النظر عن معرفة الحاكم لهم.

فإذا قام الحاكم بواجباته، فله على الأمة حقان هما الطاعة والنصرة. وبحسب هذا التفصيل فيجوز الخروج على طاعة الحاكم إذا قصر في واجباته. وقد أنشئت الحسبة في عصور الخلافة الاسلامية لمراقبة وتقييم أفعال الحاكم ويرى المارودي في الأحكام السلطانية(ص. 84) أنه يجوز لأهل العقد والحل أو الحسبة الدعوة إلى عزل الحاكم. ولكن الدليل الشرعي على جواز ذلك لم يرد في القرآن ولا الحديث، وربما يكون الدليل الوحيد على جواز الخروج عن طاعة الحاكم هو خطاب أبو بكر الصديق الشهير. ولم يحدث في تاريخ الخلافة أنه تم الإطاحة بحاكم ما لتقصيره في أداء واجباته واختيار غيره. كما أن طريقة عمل أهل العقد والحل ليست منظمة وممنهجة كما هي البرلمانات الحديثة. ولم يرد في القرآن الكريم سوى آيات تحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وذكر المارودي الحالات التي توجب عزل الخليفة كالردة والوقوع في الأسر وفقدان النظر، ولكنه لم يذكر الفساد وهو أهم من فقدان البصر نظرا لأن الحاكم يعمل بعقله وحسن تقديره للأمور ببصيرته لا ببصره.

ويورد المارودي شرحا للعلاقة بين الحاكم وأهل العقد والحل في حالة النزاع، وهي أن ينصح أهل العقد والحل “الحسبة” الحاكم، فإن لم يرتدع يتم تشكيل محكمة لهذا الغرض عملا بالآية الكريمة “فإن تنازعتم في سيء فردوه إلى الله والرسول”(النساء: 59) ويكون حكم المحكمة نهائيا فإذا أصر الحاكم فتجوز الدعوة إلى خلعه. ويبقى هذا اجتهادا من المارودي، أما من جاء بعده مثل الغزالي وابن تيمية فكانا أكثر وضوحا من المارودي في نقدهم للأمراء لكنهما لم يبيحا التمرد على السلطان وقد ورد عن ابن تيمية قوله ” ﺳﺘﻮن ﺳﻨﺔ ﻣﻦ إﻣﺎم ﺟﺎﺋﺮ أﺻﻠﺢ ﻣﻦ ﻟﯿﻠﺔ بدون ﺳﻠﻄﺎن.” وعلى الرغم من أنهما أقرا بضرورة طاعة الحاكم إلا أنهما لم يقرا بأن سلطة الحاكم مطلقة وغير مقيدة. أما في البرلمانات الغربية فيمكن للبرلمان الإطاحة بالحاكم إذا أضر بالمصالح القومية.

المصدر ايلاف

This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.