سردار أحمد
كذبة التدرج في تحريم العبودية ج3:
استكمالاً للحلقة السابقة في دراسة الآيتين، آية “الحر بالحر والعبد بالعبد”، وآية “النفس بالنفس”، ندخل في فرضية أنهما ناسخة ومنسوخة، وما يترتب على ذلك من أمور.
كانت تنهي عن البغي، ثم صارت منسوخة:
من الآراء الكثيرة التي قيلت في هذه الآية أذكر ما ورد في تفسير مقاتل، ج1 ص106: “فأنزل الله عز وجل: {الحر بِالْحُرِّ والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى}، فسوى بينهم في الدماء، وأمرهم بالعدل فرضوا، فصارت منسوخة…”
وورد في الدر المنثور ج1 ص347: “عن قتادة في الآية قال: كان أهل الجاهلية فيهم بغي وطاعة للشيطان، فكان الحي منهم إذا كان فيهم عدد فقتل لهم عبدا عبد قوم آخرين فقالوا: لن نقتل به إلا حرا تعززا وتفضلا على غيرهم في أنفسهم، وإذا قتلت لهم أنثى قتلتها امرأة قالوا: لن نقتل بها إلا رجلا، فأنزل الله هذه الآية يخبرهم أن العبد بالعبد إلى آخر الآية، نهاهم عن البغي، ثم أنزل سورة المائدة فقال {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس} [ المائدة: 45 ].”وذكر نحوه في تفسير الطبري ج3 ص359.
أي بحسب آية “الحر بالحر والعبد بالعبد” إن قتل أحد الأحرار عبدك يحق لك قتل عبده، وليس بين الحر والعبد قصاص في شيء من الجراح لأن العبيد أموال، وبنزول هذه الآية آية انتهى البغي، حيث كان من الممكن في الجاهلية أن يقتل الحر عبداً فيُقتَل لأجله، والنبي محمد أبطل ذلك واعتبره جوراً على الأحرار والأسياد!! أيعقل أن يكون هذا شرع الله؟! أيعقل ان يقول رب العالمين هذا الكلام؟!
كيف تكون هكذا آية تنهي عن البغي والظلم والعدوان؟! وإن كانت تنهي عن الظلم والعدوان وتأمر بالعدل كما يدعون فلماذا هي منسوخة؟! هل نسخ العدل؟! أم أنها لم تكن عادلة (حدث خطأ فني) وغير رب محمد مفاهيمه عن الظلم والعدوان فجأة، وأن الكلام حول عدل هذه الآية فيه مغالطات كبيرة؟! هل تطورت أفكار الله نحو الأفضل وأصبح أكثر استقراراً؟ هل إله الإسلام يغير رأيه مثل البشر ولا يستقر على القرار والقول، ويستبدل تشريعاته حسب الظروف؟!
ما شاء الله آيات المسلمين كلها عادلة الناسخة والمنسوخة، وكلها معجزات، (قالوا معجزة النبي محمد القرآن الكريم)، نعم ما دامت أمهات الكتب الإسلامية والتفسيرات موجودة بهذا الشكل، وما دام المسلم لا يقرأ فيها ولا يخجل منها فكل شيء جائز، ماذا لو أنه كان هناك حكم إسلامي (سوداني– يمني– صومالي …الخ) وحدث فيها أن قتل حر مسلم عبده (والعبودية أساس النظام الإسلامي) ومع وجود الآيتين موضوع البحث، فكيف يا ترى ستحكم المحكمة؟! وبأي تفسير سوف تأخذ، وللموضوع مئات التفسيرات المتناقضة ذات المعاني التي تدعو للغثيان؟! أم أن عدم وجود اتفاق واضح للآية غير مهم، وقتل الناس اعتمادا على النصوص المنسوبة لإله جاهل غير مستقر في قراراته أمر عادي؟!
فرضاً أنها منسوخة:
ولو تجاهلنا كل ما سبق، وأخذنا ببعض التفاسير الكذابة التي تقول بأن آية النفس بالنفس تعني المساواة وهي منزلة للمسلمين، وتجاهلنا التفاصيل، فاين حقوق القتلى من العبيد الذين قتلوا بسبب آية {الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} التي نزلت في سورة البقرة، التي تقول لو أن أحداً قتل عبدك فيتوجب عليك قتل عبده؟ والتي لا يفصل بينها وبين آية النفس بالنفس الكثير من الزمن، بل فقط سنوات تُعَد على أصابع اليد؟ ما ذنب الذين قتلوا وظلموا نتيجة تناقضات الإسلام الكثيرة؟ نتيجة الوحي غير المستقر والناسخ والمنسوخ، فبعد مضي ثلثي الوحي وبعد انتصارات محمد والإسلام والهجرة للمدينة تنزل الآية لتقول بأن تقتل عبد من قتل عبدك، وذلك يعني أن الإسلام حينها لم يكن حديث العهد، ثم أين محمد من حمورابي الذي قال قبله بأكثر من الفي سنة “العين بالعين والسن بالسن”، وهل هذا إعجاز أم غباء وجهل بالحضارة المشيدة؟ أين كان التدرج والتسلسل في آية محمد {الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ} حين ذُكِرَ قبله بأكثر من ألف عام في التوراة، سفر اللاويين، الفصل24 أن: “(19)من أضر بآخر يفعل به ما فعل، (20) الكسر بالكسر، والعين بالعين والسن بالسن، كالضرر الذي ينزل به، وكذلك كل ضرر ينزله الإنسان بالإنسان، ينزل به مثله. (21) من قتل بهيمة يعوضها، ومن قتل إنساناً يقتل. (22) حكم واحد يكون لكم جميعاً، للدخيل كما للأصيل، انا الرب إلهكم.” ألم تكن مئات وآلاف السنين كافية ليفهم محمد أن السن بالسن، وهل كان من الضروري أن يعيد الزمن للخلف ويقول العبد بالعبد ثم يقول السن بالسن ويختصر التاريخ بسنوات عمره البسيطة التي قضاها بالغزو والنكاح، أين التدرج في كل ما تقدم؟! وهل وجب على العبيد الصبر والمعاناة وتحمل الإهانة والموت من أجل آية حتى يحسن النبي محمد وضعهم (بالتدرج) في آية أخرى؟!
للذين يقولون إن الإسلام بعد تطوره نسخ آية الحر بالحر والعبد بالعبد، واستبدلها بآية أكثر منطقية وهي آية النفس بالنفس، هل يعقل أن القرآن بعد تطوره وصل لمرحلة التوراة؟!! هل يقبل المسلمون على أنفسهم أن آية عندهم نسخت واستبدلت بنص موجود في التوراة؟!
ثم ما ذنب العبيد الذين قتلوا بهذه الآية؟! ماذا سيقدم لهم الإسلام بعد أن أمر بقتلهم، أليست الكلمات المعروفة عن عمانوئيل كانط تقول “لو كانت سعادة البشرية متوقفة على قتل طفل بريء لكان قتله سلوكا لا أخلاقياً”، لكن يبدوا أن المسلمين غير ملزمين بهكذا أخلاقيات، والإجرام مباح في القرآن، وأن من أنزل تلك الآية أجرم بحق البشرية، وبنفس الوقت الآيات تخاطب اليهود بتطبيق تلك القاعدة والموجودة في التوراة، حيث تقول سورة [المائدة:32]: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرائيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً …}
قال الشاعر عمرو بن لأي قائلاً للنعمان بن المنذر:
مهلا أبيت اللعن لا تأخذننا…… ……بذنب امرئ أمسى من الحلم معدما
فما العبد بالعبد الذي ليس مذنبا…… ولا الرب بالرب الذي ليس منعما
خلاصة الدراسة هي أن محمداً لم يكن ليتصور مجتمعاً بلا عبيد وبلا تمييز، ولم تكن لديه أدنى فكرة عن ذلك، وأنه لم يكن ليفهم الخطوات التي خطتها الحضارات السابقة في ذلك المضمار، ولم يكن من المصادفة أن جامع القرآن “عثمان بن عفان لما مات ترك خلفه ألف مملوك” (الطبقات الكبرى لأبن سعد- والسيرة الحلبية- ومروج الذهب)، في النهاية وبعد كل ما سبق يأتيك مهرج سطحي التفكير، مختصراً كل التاريخ بكلمة قائلاً “إن امرأة دخلت النار في هرة ربطتها”، ونموذج آخر ليقول: “لو أن الأمر بيد محمد لكان منع بيع وشراء العبيد، ولكن كما تعلم أن أجدادنا كانوا حديثي العهد بالإسلام”، ومن تسلسل وتوقيت الآيات يتضح مدى بطلان هذا كلام، لأن محمد وصحبه وباقي المسلمين حتى نهايات الرسالة والوحي لم يكونوا حديثي العهد بالإسلام، وذلك ليس إلا وهم وتدليس لتبرير أقوال وأعمال لشخص قيل عنه أنه خاتم الرسالة والمرسلين -خاتم المرسلين الذي كان تاجر عبيد- وحتى طريقة معاملاته لهم لا توحي بأنه كان يعلم ما يعنيه مجتمع بلا عبيد.
أمثلة عن عدم وجود التدرج في تحسين احوال العبيد في الإسلام:
النبي محمد وعبده المجاهد:
كُتِبَ في موطأ مالك- ج3 ص348: “…عن أبي هريرة قال خرجنا مع رسول الله عام خيبر فلم نغنم ذهبا ولا ورقا إلا الأموال الثياب والمتاع قال فأهدى رفاعة بن زيد لرسول الله غلاما اسود يقال له مدعم فوجه رسول الله إلى وادي القرى حتى إذا كنا بوادي القرى بينما مدعم يحط رحل رسول الله إذ جاءه سهم عائر فأصابه فقتله فقال الناس هنيئا له الجنة فقال رسول الله كلا والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذ يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا قال فلما سمع الناس ذلك جاء رجل بشراك أو شراكين إلى رسول الله فقال رسول الله شراك أو شراكان من نار.” وذكر نفس الكلام في (تفسير البغوي ج2 ص127).
من خلال الحديث (الشريف) السابق يتضح لنا مدى سماحة، وعطف، ورحمة، وإنسانية، وأخلاق الرسول صلعم، فالعبد الذي أهدي إليه، العبد الذي خدمه، ومات في معاركه، مصيره جهنم، السبب لأنه عبد، لأنه في إحدى معاركه مع النبي الكريم أخذ شملة (ثوب يلتحف به)، العبد في الشرع المحمدي سلعة للتجارة والخدمة والمتعة الجنسية فقط، وليس له أن يأخذ أي شيء، لأنه لا شيء، فقط النبي محمد وزعامات قريش وأهل الحسب والنسب المبشرين بالجنة هم أصحاب ما يتم سلبه ونهبه [من يستحق الغنيمة يجب أن تتوافر فيه شروط منها أن يكون حراً]، فهل كان العبد مدعم يدافع عن دين الحق وعن كرامته أم أنه كان يُستَغَل لأغراض لا إنسانية، ويدافع عن الزعران والبلطجية وعن كل ما يُحَقِرُهُ كما يفعل أغلبية فقراء الإسلام في هذا الزمن؟!
ماذا لو قارننا بين تصرف النبي ذاك وبين ما حدث في الجاهلية لعنترة (ابن الآمة زبيبة) عندما تعرضت قبيلته للغزو، حيث أن والده شداد (الذي أدعاه بعد كبره) قال له (كر يا عنترة. فقال عنترة: العبد لا يحسن الكر إنما يحسن الحلاب والصر! قال: كر وأنت حر.)، أي أنه وهبه حريته نظير دفاعه وتضحيته في سبيل قبيلته، في الإسلام العبد يعمل كل شيء ويبذل دمه ويحارب لأجل الإسلام والمسلمين حتى الرمق الأخير، لكن في النهاية إلى جهنم وبئس المصير، شتان ما بين الموقفين، الموقف الإسلامي بشخص سيد المرسلين، والجاهلي بشخص شداد، وماذا ولو قارننا بين موقف نبي الرحمة وما قام به ملتيادس في أثينة حين حرر العبيد وضمهم إلى الجيش مع الأحرار وجعلهم سواسية.
ليس ذلك غريباً من محمد تجاه العبيد، فقد ذكر في المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني- ج4 ص484، وفي مسند الحميدي- ج3 ص122:”أن رسول الله قال: «من شر رقيقكم السودان، إن جاعوا سرقوا، وإن شبعوا زنوا». “ما هو يا ترى رأي السودانيين اليوم بكلام نبيهم هذا؟! السودانيين الذين كانوا عبيداً أيام النبي محمد.
الجيش الإنكشاري:
من لا يعرف الجيش الإنكشاري فهو أهم فرقة بالجيش العثماني، وله الفضل في تحقيق معظم ما يسمى بالفتوحات الإسلامية، أنشأه السلطان أورخان الثاني سنة 1324م، وتَشَكَلَ ذلك الجيش من ضحايا المسلمين الأسرى المغلوب على أمرهم، وأولاد الأسرى، أو كانوا يشترونهم من السوق الإسلامية المزدهرة بالعبيد من القوميات المختلفة، أو كان العثمانيون المسلمون يأخذون الأطفال من المسيحيين باسم الجزية حيث كانوا يصادرونهم بدل تلك الجزية ليربوهم ويدربوهم ويشكلوا منهم الجيش الإسلامي الانكشاري.
كان الجيش الانكشاري يُحارِب تحت شعار: (الغزو والجهاد في سبيل الله تعالى)، وقد حرم عليهم الزواج في وقت من الأوقات، وكان يمنع عليهم الاتصال بأهاليهم وأقربائهم، كانوا يرَبَونَ تربيةً عسكرية خاصة، ويلَقَنونَ بمبادئ الدين الإسلامي، والتربية الجهادية الاستشهادية، التي تنبذ الحياة، وبسبب ما سبق كانوا يقاتلون بشراسة واستماتة، وكانوا في طليعة الجيش التركي وفي المقدمة دائماً، حيث كان السلطان يقف بأركان جيشه خلفهم.
لكن بعد ذلك ونتيجة لرفضهم إجراءات السلاطين وعصيانهم وتمردهم، تم تدمير الجيش الانكشاري الإسلامي الذي شُكِلَ من العبيد وتربى على تلك التربية الإسلامية الجهادية بأمر من السلطان محمود سنة 1826م، وانتهوا بمذبحة بعدما خدموا الإسلام لأكثر من خمسة قرون، وسمّيت المذبحة بـ (الواقعة الخيرية)، حيث خرجت قوات السلطان إلى ميدان الخيل بإسطنبول المطل على الثكنات الانكشارية، وحاصرهم رجال مدفعية السلطان من كل الجهات، حيث تم تدميرهم، وسقط يومها ستة آلاف جندي انكشاري، وهكذا انتهى ذلك الجيش الإسلامي بأمر من سلطان المسلمين. ثورة سبارتاكوس المقدوني التي قامت في أوربا سنة 78ق.م، أيضاً مات فيها ستة آلاف ثائر، لكن الفرق أن ذلك العدد كان على مدى سبعة سنين من القتال، وكان قبل مجزرة المسلمين بحق الانكشارية بتسعة عشر قرناً.
الظلم والذل والهوان للعبيد حتى السنوات القريبة:
تواجد العبيد في المجتمعات الإسلامية عبر تاريخها وصولاً للعصور الحديثة، وذلك لأنه لم يكن هناك لا تحريم ولا تدرج بالتحريم، والعهود الدولية هي التي حرمت الرق، وفرضت على الدول الإسلامية تحريم العمل بنظام الرقيق، بالرغم من أن ذلك يخالف الشرع الإسلامي، ورغم ذلك لا زالت هناك حالات كثيرة تمارس فيها العبودية في بعض البلدان العربية المتخلفة وذلك من منطلق عدم تحريمه دينياً.
ذُكِر في دراسة بعنوان: الإسلام والرق، تأليف مجموعة من الباحثين (نقلا عن answer.com تحت عنوانIslam and slavery.) ترجمة مركز الحوار للثقافة (تنوير): أن غالبية المخصيين كانوا يعملون في خدمة المساجد بمكة المكرمة في القرن التاسع عشر… كان بيع وشراء العبيد لا يزال مستمراً وبطريقة عادية في مكة عام 1925. وكان سوقها يوفر العبيد المنحدرين من عبيد محليين بالإضافة لآخرين مُستوردين من اليمن وأفريقيا وأسيا الصغرى.
وورد في [وما أدراك ما الاسترقاق] لعادل الجندي:” حتى 1860 كان هناك مكتب حكومي اسمه “مصلحة الرقيق ـ وكالة الجلابة” لمراقبة الصفقات وجبي المكوس. وفي 1877 صدر الأمر الخديوي بإلغاء تجارة الرقيق، لكنه كان حبرا على ورق بهدف تلويحه أمام القناصل الأوروبيين. أما الإخصاء فقد ألغي بواسطة فرمان عثماني موجه لمحمد علي في 1841، ولكنه استمر حتى عصر الخديوي عباس. …أما في السعودية في سنة 1958 فقد كانت الفتاة تباع بـما يعادل 400 ألف فرنك (أي حوالي 620 يورو، بعملة هذه الأيام لكن بأسعار ذلك الزمن)، وهو ضعف ثمن الرجل. وكان بعض الحجاج يتركون عبيدهم في الحجاز باعتبارهم “زكاة”… في يناير 1958 قُدِّر عدد الرقيق في السعودية بنصف مليون، أي حوالي نصف عدد السكان. وكانت تجارته منتشرة، ومسنودة من الحكام. وأخيرا ألغي الرق رسميا في 1963 بعد ضغوط عالمية، لكن في الثمانينيات أخبر العديد من المسافرين وجود الرقيق، وخاصة المخصيين الذين كانوا يقومون بمهمة فصل الرجال عن النساء بين الحجاج.”
قرأت قصة بطلها كاهل سعودي حيث كان يعمل بتجارة العبيد في شبابه وقال شارحاً طريقتهم في صيد العبيد أنهم “إذا وصلوا أحد الشواطئ الأفريقية على الضفة الأخرى من البحر الأحمر يأخذون قدور ويضعون فيها بعض الشحم ويقومون بطبخه, فتصل الرائحة إلى بعض السكان على السواحل وحينما يتجمع الأطفال حولهم يقوموا بخطف ما يمكن خطفه منهم وبعد ذلك يعودوا أدراجهم إلى سواحل جدة أوجيزان أو الحديدة ويقومون ببيعهم هناك هذا الكلام كان إلى وقت قريب من أكثر من 50 سنة.”
وفي أيامنا هذه ومن خلال وسائل الإعلام المعروفة تعودنا أن نسمع بين الفترة والأخرى عن رصد حالات من الرق وشراء الجواري والعبيد في (السعودية أو اليمن أو الصومال أو موريتانيا…الخ)، والتي أصبحت لا تخفى على أحد.
ليس من المصادفة بقاء الرق حتى العصور الحديثة والسنوات القريبة وأيامنا هذه يمارس في البلدان الإسلامية العربية، والسبب لأنها كانت النقطة الأقرب لمركز التشريع الذي حلل ذلك، لأنها كانت النقطة الأقرب للتشريع الذي لم يمنع ذلك، لا دفعةً واحدةً، ولا بتدرجٍ على مراحل، حتى أنه كل دستور وقانون يمنع الاسترقاق يكون مخالفاً للقرآن، وباعتبار أن هذه البلدان لم تواكب المدنية، فإن بعض فقهائها المنافقين لا يخجلون من إعلان رأيهم القائل: لو كانت تجارة الرقيق خطأ فلا يمكن أن يكون القرآن قد أباحها.
عانى العبيد الكثير من المظالم لأن التشريعات الإسلامية لم تأت بكلمة واحدة تحرم الاسترقاق، ولم تتدرج بالتحريم، فبالرغم من نزول الآيات [الصالحة لكل زمان ومكان] في كثير من أمور النبي محمد ومصالحه الشخصية، كعلاقاته بنسائه، وأفضلية نسائه عن نساء المؤمنين، وحرياته في النكاح والمضاجعة ممن يشاء وكيفما يشاء، وخلافاته الشخصية [أم لهب وأبو لهب]، وخلافات زوجاته وجواريه العائلية، وطريقة الدخول لبيته…الخ، لم تنزل كلمة واحدة تحرم العبودية، وذلك لأن النهج المحمدي في ذلك الزمن لم يكن ليدرك معنى الحرية والكرامة والمساواة، وقيمة الإنسان وحريته وكرامته والإنسانية كلها ما كانت تساوي شيئاً مقارنة بحياة محمد ومصالحه الشخصية كزعيم يبحث عن السلطة والمكسب.
من ناحية أخرى حتى لو تجاهلنا تراجع محمد بحقوق العبيد نحو الخلف، فأنه من غير الممكن أن تكون نصوص شرعة محمد الموضوعة خلال سنواته الـ23 وفي ذلك الزمان، هي القاعدة الحرفية والشرعة النموذجية حتى يومنا هذا. سردار أحمد