الشيخ أحمد صبحي منصور ومنهجه العلمي

وفاء سلطان

كلما قرأت للشيخ السيّد أحمد صبحي منصور يتفاقم إحساسي بالشفقة عليه. لكن عندما كتب يطالب الدكتور كامل النجار بأن يقرأ القرآن وفق منهج علمي تملكني إحساس من نوع آخر، إحساس بالحسرة والألم.

إذا اعتمدنا المنهج العلمي كيف سنقبل قصة أهل الكهف وحوت يونس وهدهد سليمان والإسراء والمعراج ومئات الأساطير الأخرى التي عجّ به كتابه؟!!

عندما يُطالبنا أحد بقراءة كتاب غيبي وفق منهج علمي يجب أن ندرك بأنه فقد كلّ اتصال بين مخّه ولسانه الداشر!

ذكرني السيّد صبحي منصور بالقصة التي تقول: سأل أحد ملوك فرنسا العالم أنشتاين عندما قابله بأن يشرح له نظريته النسبية بطريقة يستطيع أن يفهمها، فالتفت إليه أنشتاين وقال: يا سيّدي الملك، لا يوجد للعلم طريقة ملكيّة!

فهل للعلم عند الشيخ منصور طريقة محمديّة؟!!

لا أعتقد بأنّ السيّد منصور قد تجاوز في معرفته للعلم، الذي يطالبنا بأن نتبنى منهجه، حدود جداول الجمع والطرح التي تعلمها في الصف الثالث الإبتدائي. ولا أعتقد بأنّه يتذكر ما تعلمه منها، وإلاّ لأراح نفسه ووفر علينا هذيانه!

هل يستطيع الشيخ منصور أن يطبق منهجه العلمي على ماجاء في تلك الآية؟

يوصيكم الله في أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا

طبعا كلمة “نساء” في تلك الآيات تعني البنات وليس الزوجات، لأنّ آية أخرى ذكرت حصة الزوجات وسنأتي لذكرها لاحقا.

ـ لنفترض أن رجلا مات وترك ورائه ثلاث بنات ووالديه. وفقا لتلك الآية يجب أن تُعطى البنات ثلث ماترك وأن يُعطى كل من والديه سدس ما ترك:

لنجمع ما أخذه الجميع:

1/3+1/6+1/6 = 2/3 يبقى لدينا ثلث ما ترك، فلمن نعطي ذلك الثلث، يارعاك الله؟!

لنفرض بأن رجلا مات وله ابنة واحدة ووالداه، بناء على تلك الآية يجب أن تُعطى الإبنة نصف ما تركه ويُعطى كلّ من والديه السدس، فلنجمع حصص الجميع:

1/6+1/6+1/2 = 5/6 وسيبقى لدينا في تلك الحالة 1/6 ماترك، فلمن يا تُرى سيعطي الشيخ منصور، ووفقا لمنهجه العلمي، السدس الباقي؟!

هذا من الناحية الحسابية، فما بالك لو درسناها وفقا لمبدأ العدل والأخلاق؟

فالآية تقترح أن تُعطى البنات إذا كان عددهم فوق الإثنتين، وبغض النظر عن كبر أو صغر ذلك العدد، ثلث ما ترك والدهن.

إذا مات رجل وترك ورائه تسع بنات ولم يكن له قريب آخر، أين العدل في أن نُعطي هؤلاء البنات ثلث ماترك، ولمن سنعطي الباقي؟

إذا مات الرجل وترك ورائه أولاده ووالداه، يأخذ كل من والديه سدس ما ترك. أما إذا مات وله والدان وليس له أولاد، فتصبح حصة الأم ثلث ولمن الباقي؟!

ألا يخجل الشيخ منصور من أن يطالبنا بقراءة تلك المهازل وفق منهج علمي؟!!

وتستمر المهزلة في الآية التي تليها:

ولكم نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ

بناء على تلك الآية يرث الزوج نصف ماتترك زوجته إذا لم يكن لها أولاد، وإذا كان لها فتنخفض حصته إلى الربع.

وترث الزوجة ربع ما يترك زوجها إذا لم يكن له أولاد، وإذا كان لها فتنخفض حصتها إلى الثمن، والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا يحق للزوج أن يرث من زوجته أكثر مما يحقّ لها أن ترث منه؟!!

لنفرض بأن رجلا مات وله زوجة وبنت على قيد الحياة، بناء على تلك الآية وسابقتها يجب أن تُعطى البنت نصف ما تركه والدها والزوجة ثمن ما تركه، ولنجمع ما حصلت عليه الزوجة والبنت:

1/8 + 1/2 = 5/8 أي خمسة أثمان ما ترك، والسؤال: لمن الثلاثة أثمان الباقية؟ لبيت مال المسلمين؟

لنفرض بأن رجلا مات وترك أربع زوجات ووالديه، وهنا نطالب الشيخ منصور أن يحلّ لنا تلك المعضلة وفق منهجه العلمي (!!):

ـ هل تُعطى الزوجات الأربعة ربع ماترك، أم يحق لكلّ منهن الربع؟

إذا قرر أن يعطي لكل منهن الربع لا يبقى شيء للوالدين، وإذا قرر أن يعطيهن جميعهن الربع وأن يعطي للأم الثلث ـ حسب الآية ـ سيبقى للأب الربع فقط، هل يرضى رجل مسلم أن تأخذ زوجته أكثر منه؟

ألا يخجل الشيخ منصور من أن يطالبنا بأن نقرأ تلك المهازل وفق نهج علميّ؟!!

هل يصلح هذا الهذيان اللغوي لأن يكون قانون وشريعة أمة؟!!

……………

لم أكن أتوقع في حياتي أن أردّ على ما يكتبه السيد منصور رغم كل مهازله، لكنّني وجدت في ردّه الأخير على الدكتور كامل النجار إسفافا أخلاقيا لم أستطع أن أقف حياله مكتوفة اليدين!

كنت حتى تلك اللحظة أحترم حقه في أن يكتب مايشاء. هو يسعى، مشكورا، إلى تنظيف الإسلام من نصف مهازله و يتمسك بالنصف الآخر، وبذلك يُفترض أن يخفّف عنا الحمل الذي يُنهكنا، رغم قناعتي المطلقة بأن هذا الحمل وحدة لا تتجزأ ولن تقوم لنا قائمة إلا بإسقاطه كاملا!

إمّا اليوم، وفي مقاله الأخير، فقد تجاوز حدود الأدب بطريقة تستدعي التصدّي لتلك اللغة المهينة التي تُضلّ وتُسيء أكثر ممّا ترشد وتُحسن!

من أين له الحقّ أن ينكر صحة الحديث الذي يقول: أمرت أن أقاتل الناس حتى يؤمنوا بالله ورسوله….، ويهللّ للآية التي تقول:

قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُون.

مالفرق بين ماجاء في تلك الآية وما جاء في ذلك الحديث، وهل يعطيك ذلك الفرق الحق أن تلغي الحديث وتتبنى الآية؟!!

هل الخيارات التي أعطتها الآية، لمن لا يؤمنون بالله ورسوله ولا يدينون دين الحق، والتي لم يعطها الحديث كافية لأن تبرر ما جاء في تلك الآية وتلغي ماجاء في ذلك الحديث؟

لنفرض أنك وجدت مبررا لفرض الجزية، فأين المبرر لأن يدفعوها وهم مهانون وذليلون؟

أيّ أخلاق تلك؟ ألا تخجل من الدفاع عن تلك المهازل؟!!

أعتقد بأنك تعيش في أمريكا، هل تدفع ضريبة خاصة لكونك مسلم؟ وهل تدفع الضريبة المستحقة وأنت مهان وذليل؟!!

تقول: بأن هذا الحديث يخالف أكثر من ألف آية قرآنية تتحدث عن حرية العقيدة وتأكيد الوجه السلمي للإسلام، على من تضحك ياسماحة الشيخ؟

يعود جهلك بعلم الحساب ليطفو على السطح مرّة أخرى! كم آية في القرآن؟

هل تتجاوز آياته الخمسة آلاف؟ لنفترض قرابة ذلك الرقم، هل تحاول أن تُقنعني بأن كل خمس آيات نقرأها هناك آية تذكرنا بضرورة احترام حق الآخر في اختيار دينه؟!!

ليتك تُطلعنا على مفهومك للإحترام، ربما تتبدد حيرتنا! هل ترى في الآية السابقة الذكر ما يحضّ على احترام عقائد الآخرين؟!!

تزعم بأن ماحدث من جرائم بعد موت النبي بدءا بقتل ثلاثة من خلفائكم “الراشدين” مرورا بالفتوحات الإسلامية وحتى تاريخ اليوم، لا علاقة له بالإسلام وبتعاليمه “السمحة”، وهنا يواجهنا سؤالان:

ـ هل أفهم من كلامك بأن السيرة النبوية لمحمد كانت عطرة ولا غبار عليها؟!!

ـ هل أفهم من كلامك بأن الإسلام ولد ميتا، ولم تُفلح تعاليمه في هداية أتباعه؟ وإلاّ ما الذي حققه هذا الدين؟!!

بالنسبة للسؤال الأول: هل تعرف ما معنى كلمة “غزو” وفق قاموس اللغة العربية، وهل تعرف معنى كلمة “غنم” وفق ذلك القاموس؟

لماذا أطلق نبيك على حروبه “غزوات”، ولم يطلق عليها كلمة “دفاع” طالما كانت دفاعا عن نفسه ودينه؟ ولماذا لم يسميها حروبا؟!

لو فعل ذلك لكان الأمر أكثر قبولا، فقد يضطرّ الإنسان أن يحارب دفاعا عن نفسه، ولكن لا يستطيع أن يغزو دفاعا عن نفسه!

إذا تجاوزنا ذلك الأمر، واعتبرنا غزواته دفاعا عن نفسه، فهل كانت غنائمه دفاعا عن النفس أيضا؟

عندما يهجم عليك شخص قد تضطر أن تقتله دفاعا عن نفسك، ولكن هل يحقّ لك أن تسلبه، ثم تتدعي بٍأنّك سلبته دفاعا عن النفس؟

تقول الآية:

فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا..

كيف تفهم الحلال، ياسماحة الشيخ، وفقا لتلك الآية؟

يقول الطبري في تفسيره لكمة “غنمتم”: ما أخذتم من المشركين قهرا، فهل لديك تفسير آخر؟

وتقول آية أخرى:

وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ….

وهنا تكبر المهزلة لتتناول الله شريكا في الجرم، على من يقترح الشيخ منصور أن نوزع حصة الله؟ هل نرسلها له بالبريد الجوي ؟!!

وهل تتعارض تلك الآيتين مع قول محمد: للقاتل سلبه؟!!

هل يختلف السلب عن الغنيمة، وكلاهما اعتداء وسرقة بغير حق!

على العكس، لقد كان محمد أكثر عدلا من إلهه فهو لم يحلل لنفسه حق القاتل، بل حكم له بسلبه!

السيرة الذاتية لمحمد، ياسماحة الشيخ، أكبر الكوارث التاريخية التي ابتلى بها العالم العربي والإسلامي ويبتلي بها العالم كله اليوم.

قد يتمكن أمثالك ـ وأقول “قد” رغم أن الأمر بالنسبة لي مستحيل ـ من أن ينكروا ما قاله محمد، لكن هل يستطيعون أن ينكروا ما فعله؟!!

لن أخوض في زيجاته بالتفصيل. لكنني سأمرّ على إحداها بإعتبارها الأكثر تفصيلا في القرآن، ألا وهي نكاحه لزينب زوجة ابنه بالتبني!

تعرف، ونعرف جميعا، بأن التبنّي كان مقبولا عند العرب قبل الإسلام وحتى تاريخ اللحظة التي اشتهى فيها محمد أن ينكح زينب. ، ونعرف أيضا بأنّ الزواج من زوجة الإبن بالتبني كان مرفوضا وغير مقبول.

لكن ولكي يبرر محمد نكاحه، غير الأخلاقي وفقا لأعراف ذلك الزمن، لغى التبني بناء على الآية التي تقول: ما كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ….

هل يُدرك الشيخ منصور الثمن الذي دفعته المجتمعات الإسلامية منذ تاريخ تلك الآية وحتى اليوم بناء على ذلك التشريع؟

مليوني طفل على الأقل في مصر اليوم ولدوا لأمهات بلا أزواج، ناهيك عن الأطفال الذين فقدوا آبائهم لسبب أو لآخر، ماذنب هؤلاء الأطفال الذين افترستهم شريعة نبيّك؟!!

لا تقل لي بأنّ أوضاعهم ليس نتيجة حتمية لتلك الشريعة! فمهما كان مستوى الإهمال والفقر العام، لولا تلك الشرعية لوجد بعض هؤلاء الأطفال مأوى لهم، على الأقل في بيوت الآباء الذين لم ينجبوا!

لي صديقة مسلمة مصريّة ثريّة، ولكن لم ترزق بأولاد. في إحدى زيارتها لمصر رأت في أحد ملاجئ الأيتام طفلة لقيطة ـ استخدم ذلك التعبير غصبا عني كي تفهمه رغم أني أحتقره ـ فتقطّع قلبها على الوضع المأساوي لها وشعرت بعاطفة قوية تجاهها. لكي تتمكن من جلبها إلى أمريكا كان عليها أن تتبناها. حاولت المستحيل، وبناء على شريعتك السمحة، لم تستطع!

كلّ ما فاضت به تلك الشريعة على العالم من “فضائل”، وعلى مدى ما يقارب أربعة عشر قرنا، لا يمكن أن يكون كفارة لتلك الجريمة!!

عندما مات الرئيس الأمريكي رونالد ريغان، ألقى ابنه مايكل كلمة التأبين وأثار مشاعر الناس عندما بكى وقال: هل تعرفون كم أنا محظوظ، أنا ابن رونالد ريغان رئيس الولايات المتحدة الأمريكية بالتبني، لقد اختارني كي أكون ابنه!

ومرّة أحتج الرئيس الأمريكي توماس جيفرسون على تعبير ” طفل غير شرعي” بقوله: لا يوجد طفل غير شرعي، بل يوجد آباء غير شرعيين!

هذه هي الأخلاق التي تحتاجون أن تتعلموها!

تفرض الشريعة الإسلامية أن تبقى الأرملة أو المطلقة ثلاثة أشهر في العدة كي تتأكد من عدم حملها، فلماذا لم يلتزم محمد بشريعته عندما نكح زينب في نفس اليوم الذي تركها له ابنه زيد؟!!

هل كان متأكدا من عدم حملها؟ كيف سنقرأ ذاك على ضوء المنهج العلمي الذي تطالب الدكتور كامل النجار أن يقرأ القرآن وفقه؟

حتى أدق المخابر العلمية في أمريكا اليوم لا تستطيع التأكد من الحمل في ليلة واحدة، فكيف استطاع نبيك؟!!

ألم تكن صفيّة سبيّة؟ هل كان نكاحه لها زواجا أم سبيا؟ ثمّ كيف يقبل رجل أن ينكح امرأة في نفس اليوم الذي قتل فيه أباها وأخاها وزوجها؟

اتق الله الذي تعبده ياسماحة الشيخ!

لكن، ولكي لا نشعّب الموضوع دعني أترك الخوض في ذلك النكاح لمناسبات أخرى!

ترفض الأحاديث، وتنصح بالقرآن؟!!

ألم يقل القرآن: وما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى.

فلماذا لم يحم ِ الله ما نُطق عن الهوى؟ ولماذا لم يردع الناس عن تلفيق تلك الأحاديث التي تسيء إلى سمعة نبيه؟!

على حد زعمك، لم يُلفّق عن لسان أحد في العالم من أكاذيب كما لُفق عن لسان محمد، فأين الله من حماية دينه ونبيّه؟!!

لا يبقى للرجل بعد موته إلاّ سمعته، فهل أنت فخور بسمعة نبيّك؟!!

ذكرت في ردك الآية التي تقول:

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا

هل تستطيع أن تدلني على آثار النعمة التي جاء بها الإسلام منذ أن نزلت تلك الآية وحتى اليوم؟!!

وإذا كنت ترفض أن تطلق على ماتراه من جرائم ـ منذ أن مات محمد وحتى اليوم ـ إسلاما، فأين هو الإسلام الذي رضاه لكم دينا؟!!

ما الحكمة من أن يرسل الله دينا ثمّ يفشل في فرض تعاليمه “السمحة” على مدى أربعة عشر قرنا؟!!

الكلمة الطيبة تبقى كشجرة طيبة أصلها ثابت وفروعها في السماء، وأمّا الخبيثة فتحرق الشجر والبشر والحجر!

الواقع هو مرآة الكلمة، والتاريخ الإسلامي يُثبت إن كان الإسلام طيّبا أم خبيثا، فالتجربة خير برهان!

لم يبق لدينا أخضر، يا سماحة الشيخ، وما زلت ترى الخبيث طيبا؟

………………….

تنصحنا بأن لا نخلط بين الإسلام والمسلمين؟! أعاهدك، ولا أشكّ بأن الدكتور كامل النجار يشاركني العهد، بأن نلتزم بتلك النصيحة!

فالمسلمون بشر ككلّ البشر ترى فيهم الصالح والطالح، وهم أفضل من تعاليمهم بملايين المرات. لو اتبع المسلمون تعاليمهم بحذافيرها لإستحالة الحياة معهم على سطح أرض واحدة ـ وخصوصا في زمن صارت فيه الأرض أصغر من أصغر قرية في زمن محمد ـ ولعمّ الإرهاب منذ بزغ الإسلام.

……………

بقي أمامي أن أناقش الفقرة الأخيرة في ردّ الشيخ أحمد صبحي منصور، والتي وجدت نفسي أمامها عاجزة على أن أقف مكتوفة الأيدي، لأنّ فيها اسفافا أخلاقيا عصيّا على أن تغضّ بصرك عنه!

حيث يقول:

” ثم تاتى المعضلة الأخرى ، وهى ( النجار )..

فهل نطالبه بالتخلى عن تلك (الدال ) إذا كان طبيبا أو استاذا حاصلا على الدكتوراة و نلزمه بالعمل نجارا ليتطابق الاسم على الواقع ـ ولكى ينطبق ما هو كائن على ما يجب أن يكون ..؟

لو سألتمونى عن رأيى لاخترت له أن يعمل نجارا فربما يفلح فى هذه المهنة أفضل من قيامه بالكتابة ..

فكيف يفلح كاتب يكتب دون ان يقرأ ..؟ !!”

……..

الإسفاف الأخلاقي الذي يعكسه ما جاء في تلك الفقرة لا يسيء إلا الدكتور كامل النجار، الذي كلما أبدع في مقالة يفتح لقرائه بها أفقا عقليّا جديدا، ولكن يثبت لنا بأن الشيخ منصور كان وفيا لنبيه ولم يستطع أن يخرج من جبة ذلك النبيّ!

الإنسان، كل إنسان، يتشرب مثله الأعلى ويصبح مع الزمن ذاك المثل وليس محمد إلا المثل الأعلى للشيخ السيد منصور. التنابذ بالألقاب شيمة من شيم الإسلام، فلنقرأ معا الآية التي تقول:

إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ

الكل يعرف المناسبة التي نزلت بها تلك الآية، وهي ردّ على العاصي بن وائل الذي كان يعيّر محمد بـ “الأبتر”، أي المقطوع الذي لا أولاد له.

تصورا هذا الإله الذي ينزل إلى مستوى رجل فيردّ عليه بنفس اسلوبه ويتبادل معه التنابذ بالألقاب. ألم يكن أحرى بهذا الإله أن يقول لنبيه: أنت لست أبترا، أنت أب لفاطمة وجد للحسن والحسين؟

أم أن فاطمة، كأنثى، لا تعتبر ولدا؟

لو فعل ذلك لخفف من حدة احتقاره للمرأة، ولردع الشيخ منصور وأمثاله من أن يُسيء إلى أحد بتلك الطريقة السوقية!

لقد ذكرتني تلك الأية بأيام زمان، يوم كانت جارتنا أم اصطيف تختلف مع جارتها أم محمد فتنهال عليها ببذيء الكلام: يا عاملة….يا تاركة…هيك وهيك منك، فترد عليها أم محمد: أنت ياعاملة ….يا تاركة….هيك وهيك منك. وذلك على طريقة:

ـ يا أبتر

ـ بل أنت الأبتر يا ابن الأبتر!

تصورا على تلك الأخلاق التي أصبحت شريعة واسلوب حياة!

هل تتناسب تلك الآية مع ما قاله المسيح: وباركوا لاعنيكم؟!!

يحاول الشيخ منصور أن يبرر جرائم الإرهاب في الإسلام بالتطرق إلى جرائم التاريخ المسيحي، ناسيا بأن تلك الجرائم حدثت بعد موت المسيح بزمن طويل، وبأن المسيح نفسه لم يغزُ.. لم يَسبِ.. لم يغنم.. لم يطالب بقتال من لا يؤمن بعقيدته، بل لم يحمل في حياته سيفا!

لو علّم محمد أتباعه بأن يباركوا لاعنيهم ويحسنوا إلى مبغضيهم، لا أتوقع بأن الشيخ أحمد صبحي منصور سيهبط بلغته إلى الدرك الأسفل!

أين الخلل في أن يشتغل الإنسان نجارا؟ ألم يكن خيرا للمسلمين لو أن القرآن حضّ على النجارة، بدلا من أن يحضّ على العيش على سرقة البشر بالقوة؟!!

لو درّب الأزهر كلّ خريجيه على مهنة النجارة، هل كانت نسبة البطالة ومستوى الفقر والجهل في العالم الإسلامي هي نفسها؟!

بل لو حوّلنا الأزهر إلى دار للنجارة لحمينا مصر، والعالم كله، من جرائم الإرهاب الإسلامي الذي نشهده اليوم!

يقول المسيح: بعرق جبينك تأكل لقمتك، بينما يقول محمد: جعل الله لقمتي تحت حدّ سيفي.

أن تتعلم النجارة كي تأكل لقمتك خير لك، يا سماحة الشيخ، من أن تجنيها تحت حدّ السيف!

الشيخ منصور خريج الأزهر ولا أعرف كم دولة في العالم تعترف بشهاداته، بينما الدكتور كامل النجار طبيب وخريج جامعات ومستشفيات بريطانيا.

هل يحق لنا أن نطالب الشيخ منصور بالإستمرار في الكتابة وفق “منهجه العلمي”، ونطالب الدكتور كامل النجار أن يحرمنا من علمه ومعرفته؟

هل موقف الشيخ أحمد صبحي منصور من اسم الدكتور كامل النجار موقف يعكس منهجه العلمي الذي يطالبنا باتباعه، أم أنه يعكس الأخلاق الإسلامية التي تتخذ الغزو والغنائم وسبي النساء شريعة؟

نريد من الدكتور كامل النجار أن يستمر في سعيه كي يُضيء لنا الطريق من جديد، بعد أن أضلنا خريجو الأزهر بألسنتهم الداشرة، ولتخرس كلّ الأصوات التي لا تلتزم بمنهج علمي أو إنساني أو أخلاقي!

****************

وفاء سلطان (مفكر حر)؟

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.