الزورخانة

hh2

حلبة لعب “الزورخانة”

رياضة جسدية تتم بشعائر صوفية.. اشتهرت قديماً بالعراق وبدأت تستعيد بريقها

بغداد – جواد الحطاب

لكل بلد من البلدان رياضة تقليدية يعتز بها ويقيم لها البطولات والمواسم، وحالها حال الفنون القتالية المعروفة كرياضة الكيندو والجودو بالإضافة إلى رياضة السومو. وكانت “الزورخانة” الرياضة الشعبية الأولى في العراق، وكان أبطالها يحظون باحترام وتقدير الأهالي فضلاً عن المسؤولين.

و”الزورخانة” تتألف من مقطعين “زور” ويعني القوة، و”خانة” وهي البيت أو النادي كما يصطلح الآن على أماكن تجمع الرياضيين، فهي إذن “بيت القوة”.hh1

علاقة اللعبة بأسلحة المحاربين القدماء

ويحدثنا الباحث الفولكلوري باسم حمودي فيقول لـ”العربية.نت”: “تاريخ الزورخانة تاريخ قديم ويعود بنا إلى طقوس المصارعة لدى السومريين والبابليين، وقد مارستها شعوب المنطقة باعتبارها عدة ألعاب رياضية متناسقة تؤدي إلى تكوين بنية جسمية سليمة يحتاجها المقاتل لكي يكون قادراً

على استخدام السيف والرمح والترس وغيرها. ولذلك نرى أن الأدوات المستخدمة في هذه اللعبة لها علاقة بالأسلحة التقليدية، فمثلاً الأميال تستخدم لرفع كفاءة المقاتل في استخدام السيف والكبادة لرفع كفاءته باستخدام القوس والحجر أو السنك لكفاءة استخدام الترس أو الدرع. وتتطابق مهام الأدوات الأخرى مع الأسلحة المستخدمة في الجيوش القديمة”.
أما المكان الذي يتدرب فيه اللاعبون فيسمى بـ”الجفرة” وهو مكان منخفض تحيط به كراسي المتفرجين، ويرافقهم عادة “منشد” يجلس في موقع مرتفع يتلو التواشيح الدينية والمقام العراقي لإضفاء جو من القداسة، وأمامه جرس يقوم بقرعه لتنبيه الحاضرين حين تحضر النزال أو التمرين شخصية مهمة.

حين يتحول التنافس إلى قضية وطنية

يذكر مؤرخو هذه اللعبة أن ناصر الدين شاه إيران (1848 – 1896) قد جاء مرة لزيارة الأماكن الدينية في العراق، وبحسب عادة ذاك الزمن فإن الوالي كان يصطحب معه أبطاله الرياضيين وخصوصاً في المصارعة والزورخانة، وطلب الشاه من حاكم بغداد، مدحت باشا، أن يخوض مصارعوه نزالات مع نظرائهم العراقيين، وقد اتخذ الطلب بعداً سياسياً تطّر إلى قضية كرامة وطنية، وفي وقائع مشهورة خسر جميع مصارعي إيران نزالاتهم، وسط احتفالات شعبية في بغداد وباقي المناطق. وهو الأمر الذي تكرر لاحقاً مع أبطال الزورخانة العراقيين في صراعهم مع منافسيهم من الهنود والإيرانيين والألمان والانكليز والاتراك، خصوصاً في بداية العهد الوطني في العراق، حيث كان الملك فيصل يشجع مثل هذه الرياضة التي تشيع القوة الجسدية وتشجع على النقاء الروحي. بل إنه جعلها من ثوابت الاستعراضات العسكرية سواء للجيش أو الشرطة.

ومن أشهر المصارعين الذين تحفظ اللعبة اسماءهم: “الحاج عباس الديك الذي فاز على المصارع الألماني الشهير الهر كريمر.. في حادثة يعتبرها الرياضيون إلى الآن من مآثرهم المتداولة، حتى إن الشاعر الشعبي الكبير ملا عبود الكرخي أرخها في قصيدة مشهورة”.hh3

عودة.. وطموح أولمبي

هذه الرياضة العريقة والتي تضاءل دورها في فترات حروب العراق المعاصرة – كما تضاءل دور الفنون القتالية الآسيوية بعد الحرب العالمية الاولى والثانية – استعادت بريقها القديم في السنوات الأخيرة، فقد تأسس لها اتحاد وطني عام 2004، وشارك رياضيوها في بطولات دولية محققين انجازات مهمة: المركز الأول في بطولة العالم عام 2008 في توسان الكورية والمركز الثاني عام 2010 في تركيا والمركز الأول في بطولة شباب آسيا عام 2011.
ومن الجدير بالذكر أن الاتحاد الدولي للزورخانة الذي تأسس عام 2004 يضم الآن في عضويته أكثر من 55 بلداً، ويسعى إلى أن تكون هذه الرياضة ضمن فعاليات الأولمبياد العالمي خصوصاً بعد انتشارها في آسيا وأوروبا

‎هيثم هاشم – مفكر حر؟‎

About هيثم هاشم

ولد في العراق عام 1954 خريج علوم سياسية عمل كمدير لعدة شركات و مشاريع في العالم العربي مهتم بالفكر الانساني والشأن العربي و ازالة الوهم و الفهم الخاطئ و المقصود ضد الثقافة العربية و الاسلامية. يعتمد اسلوب المزج بين المعطيات التراثية و التطرق المرح للتأمل في السياق و اضهار المعاني الكامنة . يرى ان التراث و الفكر الانساني هو نهر متواصل و ان شعوب منطقتنا لها اثار و ا ضحة ولكنها مغيبة و مشوهة و يسعى لمعالجة هذا التمييز بتناول الصور من نواحي متعددة لرسم الصورة النهائية التي هي حالة مستمرة. يهدف الى تنوير الفكر و العقول من خلال دعوتهم الى ساحة النقاش ولاكن في نفس الوقت يحقنهم بجرعات من الارث الجميل الذي نسوه . تحياتي لك وشكرا تحياتي الى كل من يحب العراق العظيم والسلام عليكم
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.