الزكاة – الإسلام نسخة منحولة من اليهودية 7 -10

الإسلام نسخة منحولة من اليهودية 7 -10article-1371290-0B63F05200000578-171_634x432
الزكاة
14 وَإِذَا قَدَّسَ إِنْسَانٌ بَيْتَهُ قُدْساً لِلرَّبِّ يُقَوِّمُهُ الْكَاهِنُ جَيِّداً أَمْ رَدِيئاً. وَكَمَا يُقَوِّمُهُ الْكَاهِنُ هَكَذَا يَقُوّمُ.
15 فَإِنْ كَانَ الْمُقَدِّسُ يَفُكُّ بَيْتَهُ يَزِيدُ خُمْسَ فِضَّةِ تَقْوِيمِكَ عَلَيْهِ فَيَكُونُ لَهُ.
19 فَإِنْ فَكَّ الْحَقْلَ مُقَدِّسُهُ يَزِيدُ خُمْسَ فِضَّةِ تَقْوِيمِكَ عَلَيْهِ فَيَجِبُ لَهُ
27 و إِنْ كَانَ مِنَ البَهَائِمِ النَّجِسَةِ يَفْدِيهِ حَسَبَ تَقْوِيمِكَ وَيَزِيدُ خُمْسَهُ عَلَيْهِ
30 وَكُلُّ عُشْرِ الأَرْضِ مِنْ حُبُوبِ الأَرْضِ وَأَثْمَارِ الشَّجَرِ فَهُوَ لِلرَّبِّ. قُدْسٌ لِلرَّبِّ.
32 وَأَمَّا كُلُّ عُشْرِ الْبَقَرِ والْغَنَمِ فَكُلُّ مَا يَعْبُرُ تَحْتَ الْعَصَا يَكُونُ الْعَاشِرُ قُدْساً لِلرَّبِّ ( لاويون، الإصحاح 27)

فرض الرب في التوراة على عباده أن كل من ينذر أو يهب بيتاً أو حقلاً للرب ويقرر استرجاعه فيما بعد، يضيف خُمس قيمته إليه ويدفع المبلغ للكاهن. وكذلك فرض عليهم الخراج في المحاصيل وهو عُشر ما أنتجت الأرض. وكذلك العُشر في الأنعام. ولم تحدد التوراة أوجه صرف هذه الزكاة فكلها تذهب إلى نسل هارون لأنهم كهنة بني إسرائيل

والقرآن يقول: (واعلموا إنما غنمتم من شيء فإن لله خُمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) (الأنفال 41). فخُمس الغنائم لله والرسول، أي هي لمحمد يصرف منها على ذوي القربى وزوجاته والمساكين. فلا فرق هنا بين التوراة والإسلام لأن الإسلام يجعل الخُمس لمحمد يصرف منه على أهله والمساكين، بينما التوراة تجعل الخمس لبيت هارون لمنصرفاتهم
والزكاة في الإسلام تجب في خمسة أنواع: الأول النُعم وهي الإبل والبقر والغنم. الثاني: المعشرات وهي القوت وهو ما يجب فيه العُشر أو نصفه. الثالث: النقد وهو الذهب والفضة ولو غير مضروب فيشمل التبر. الرابع: التجارة والخامس: الفُطرة. ونلاحظ هنا أن اليهودية لا تفرض زكاة مباشرة على التجارة أو الذهب والفضة، ولكن لأن محمداً كان تاجراً يعرف أهمية التجارة والذهب، فقد فرض عليهما الزكاة.

وقد أجمع الفقهاء على كمية الزكاة الواجبة في كل أبواب ما يُزكى. فالنصاب في الإبل عشرون وزكاتها شاة واحدة ثم تتدرج الزكاة. والنصاب في البقر ثلاثون وزكاتها تبيعة، أي عجلة صغيرة تتبع أمها. والنصاب في الغنم أربعون وزكاتها شاة واحدة. وفي الزرع فما سقت السماء والسيل والعيون العُشر، وفيما سُقي بالنضح (أي بالسواقي أو الآبار) نصف العُشر. وزكاة النقد ربع العشر. فنرى هنا أن اليهودية والإسلام يتوافقان في زكاة الأرض والأنعام والمحاصيل وهي العُشر

اتهام الزوجة بالخيانة:
12 قُل لِبَنِي إِسْرَائِيل: إِذَا زَاغَتِ امْرَأَةُ رَجُلٍ وَخَانَتْهُ خِيَانَةً
13 وَاضْطَجَعَ مَعَهَا رَجُلٌ اضْطِجَاعَ زَرْعٍ وَأُخْفِيَ ذَلِكَ عَنْ عَيْنَيْ رَجُلِهَا وَاسْتَتَرَتْ وَهِيَ نَجِسَةٌ وَليْسَ شَاهِدٌ عَليْهَا وَهِيَ لمْ تُؤْخَذْ
14 فَاعْتَرَاهُ رُوحُ الغَيْرَةِ وَغَارَ عَلى امْرَأَتِهِ وَهِيَ نَجِسَةٌ أَوِ اعْتَرَاهُ رُوحُ الغَيْرَةِ وَغَارَ عَلى امْرَأَتِهِ وَهِيَ ليْسَتْ نَجِسَةً
15 يَأْتِي الرَّجُلُ بَامْرَأَتِهِ إِلى الكَاهِنِ وَيَأْتِي بِقُرْبَانِهَا مَعَهَا: عُشْرِ الإِيفَةِ مِنْ طَحِينِ شَعِيرٍ لا يَصُبُّ عَليْهِ زَيْتاً وَلا يَجْعَلُ عَليْهِ لُبَاناً لأَنَّهُ تَقْدِمَةُ غَيْرَةٍ تَقْدِمَةُ تِذْكَارٍ تُذَكِّرُ ذَنْباً.
16 فَيُقَدِّمُهَا الكَاهِنُ وَيُوقِفُهَا أَمَامَ الرَّبِّ
17 وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مَاءً مُقَدَّساً فِي إِنَاءِ خَزَفٍ وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنَ الغُبَارِ الذِي فِي أَرْضِ المَسْكَنِ وَيَجْعَلُ فِي المَاءِ
18 وَيُوقِفُ الكَاهِنُ المَرْأَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيَكْشِفُ رَأْسَ المَرْأَةِ وَيَجْعَلُ فِي يَدَيْهَا تَقْدِمَةَ التِّذْكَارِ التِي هِيَ تَقْدِمَةُ الغَيْرَةِ وَفِي يَدِ الكَاهِنِ يَكُونُ مَاءُ اللعْنَةِ المُرُّ.
19 وَيَسْتَحْلِفُ الكَاهِنُ المَرْأَةَ وَيَقُولُ لهَا: إِنْ كَانَ لمْ يَضْطَجِعْ مَعَكِ رَجُلٌ وَإِنْ كُنْتِ لمْ تَزِيغِي إِلى نَجَاسَةٍ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ فَكُونِي بَرِيئَةً مِنْ مَاءِ اللعْنَةِ هَذَا المُرِّ
20 وَلكِنْ إِنْ كُنْتِ قَدْ زُغْتِ مِنْ تَحْتِ رَجُلِكِ وَتَنَجَّسْتِ وَجَعَل مَعَكِ رَجُلٌ غَيْرُ رَجُلِكِ مَضْجَعَهُ
21 يَسْتَحْلِفُ الكَاهِنُ المَرْأَةَ بِحَلفِ اللعْنَةِ وَيَقُولُ الكَاهِنُ لِلمَرْأَةِ: يَجْعَلُكِ الرَّبُّ لعْنَةً وَحَلفاً بَيْنَ شَعْبِكِ بِأَنْ يَجْعَل الرَّبُّ فَخْذَكِ سَاقِطَةً وَبَطْنَكِ وَارِماً.
22 وَيَدْخُلُ مَاءُ اللعْنَةِ هَذَا فِي أَحْشَائِكِ لِوَرَمِ البَطْنِ وَلِإِسْقَاطِ الفَخْذِ. فَتَقُولُ المَرْأَةُ: آمِينَ آمِينَ.
23 وَيَكْتُبُ الكَاهِنُ هَذِهِ اللعْنَاتِ فِي الكِتَابِ ثُمَّ يَمْحُوهَا فِي المَاءِ المُرِّ
24 وَيَسْقِي المَرْأَةَ مَاءَ اللعْنَةِ المُرَّ فَيَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ لِلمَرَارَةِ
25 وَيَأْخُذُ الكَاهِنُ مِنْ يَدِ المَرْأَةِ تَقْدِمَةَ الغَيْرَةِ وَيُرَدِّدُ التَّقْدِمَةَ أَمَامَ الرَّبِّ وَيُقَدِّمُهَا إِلى المَذْبَحِ.
26 وَيَقْبِضُ الكَاهِنُ مِنَ التَّقْدِمَةِ تِذْكَارَهَا وَيُوقِدُهُ عَلى المَذْبَحِ وَبَعْدَ ذَلِكَ يَسْقِي المَرْأَةَ المَاءَ.
27 وَمَتَى سَقَاهَا المَاءَ فَإِنْ كَانَتْ قَدْ تَنَجَّسَتْ وَخَانَتْ رَجُلهَا يَدْخُلُ فِيهَا مَاءُ اللعْنَةِ لِلمَرَارَةِ فَيَرِمُ بَطْنُهَا وَتَسْقُطُ فَخْذُهَا فَتَصِيرُ المَرْأَةُ لعْنَةً فِي وَسَطِ شَعْبِهَا.
28 وَإِنْ لمْ تَكُنِ المَرْأَةُ قَدْ تَنَجَّسَتْ بَل كَانَتْ طَاهِرَةً تَتَبَرَّأُ وَتَحْبَلُ بِزَرْعٍ (سفر العدد، الإصحاح 5)

فالمرأة التي يتهمها زوجها بالخيانة تقف أمام الكاهن الذي يهددها بغضب الله وعقابه إن كذبت عليه. ثم يكتب كل اللعنات التي سوف تحل بها ويذيب ما كتب في ماء مقدس يضيف إليه من تراب المنزل ويعطيه للمرأة لتشربه. فإن كانت قد كذبت تنتفخ بطنها وتصبح ملعونةً في قومها، وإن لم تكن قد كذبت، تتبرأ وتحبل. أما الرجل إذا اتهم زوجته كذباً فلا عقاب عليه.

وفي بداية الإسلام في المدينة نزلت سورة النور تقول: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبداً وأولئك هم الفاسقون) ( النور، 4). فاحتج المسلمون وقالوا للرسول إذا وجد الرجل منا رجلاً على زوجته، فهل يذهب لإحضار أربعة شهود ويعطي الرجل الفرصة لإنهاء ما كان يفعل؟ وأقسم بعضهم ليعلونه بالسيف إن وجده على امرأته. فأتى محمد بآيات أخرى سموها آيات الملاعنة، تقول: (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربعة شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين. ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن لعنة الله عليها إن كان من الصادقين) (النور 5-9)

وعلى الزوج والزوجة أن يحلف كلٌ منهما أربعة مرات بأنه صادق ومرة خامسة يطلب فيها لعنة الله عليه إن كان كاذباً. فلا بد أن يكون واحد منهما كاذباً ولكن لا سبيل للقاضي بمعرفة الكاذب. والحل هنا إذا حلف الاثنان أن يفرّق القاضي بينهما بالطلاق. والغريب أن الرجل يحق له أن يطلقها دون أن يتحمل كل هذه الشهادات. ولكن يبدو أن محمداً بعد أن تعرّف على عقوبة اليهود للمرأة، لم تعجبه فكرة كتابة آيات القرآن في الماء ثم سقيها للمرأة مع بعض التراب، فاختار أن يُفرّق بينهما، وهو عقاب لا يستحق أن تنزل له آيات قرآنية لأن القرآن كان قد أعطى الرجل حق تطليق زوجته بدون إبداء أي سبب.

الخمر
جاء ذكر الخمر في عدة آيات وفي عدة إصحاحات في التوراة، ولم تُحرّم التوراة الخمر إلا على الكاهن حين يؤدي أعماله الدينية، وعلى القضاة لوجوب تفاديهم ما يُعتم على عقولهم ويؤثر على أحكامهم حين يقضون في الخصومات. وقد ذكرت التوراة أن الخمر تفرح القلب وتجعل الناس يرقصون طرباً، لكنها ذكرت كذلك مساوئ الإدمان عليها وضررها. وتُحرّم الخمر عند قبيلة الركابيين لأن أباهم بوناداب أوصاهم بعدم شربها.

التوراة تطلب من اليهودي أن يعطي أول حنطته وأول زيته وأول خمرته للكاهن.
4 وَتُعْطِيهِ أَوَّل حِنْطَتِكَ وَخَمْرِكَ وَزَيْتِكَ وَأَوَّل جَزَازِ غَنَمِكَ (سفر التثنية، الإصحاح 18)
14 الْمُنْبِتُ عُشْباً لِلْبَهَائِمِ وَخُضْرَةً لِخِدْمَةِ الإِنْسَانِ لإِخْرَاجِ خُبْزٍ مِنَ الأَرْضِ
15 وَخَمْرٍ تُفَرِّحُ قَلْبَ الإِنْسَانِ لإِلْمَاعِ وَجْهِهِ أَكْثَرَ مِنَ الزَّيْتِ وَخُبْزٍ يُسْنِدُ قَلْبَ الإِنْسَانِ. (المزامير 104)
17 مُحِبُّ الْفَرَحِ إِنْسَانٌ مُعْوِزٌ. مُحِبُّ الْخَمْرِ وَالدُّهْنِ لاَ يَسْتَغْنِي (أمثال، الإصحاح 21)
30 لِلَّذِينَ يُدْمِنُونَ الْخَمْرَ الَّذِينَ يَدْخُلُونَ فِي طَلَبِ الشَّرَابِ الْمَمْزُوجِ.
31 لاَ تَنْظُرْ إِلَى الْخَمْرِ إِذَا احْمَرَّتْ حِينَ تُظْهِرُ حِبَابَهَا فِي الْكَأْسِ وَسَاغَتْ مُرَقْرِقَةً.
32 فِي الآخِرِ تَلْسَعُ كَالْحَيَّةِ وَتَلْدَغُ كَالأُفْعُوانِ.
33 عَيْنَاكَ تَنْظُرَانِ الأَجْنَبِيَّاتِ وَقَلْبُكَ يَنْطِقُ بِأُمُورٍ مُلْتَوِيَةٍ.
34 وَتَكُونُ كَمُضْطَجِعٍ فِي قَلْبِ الْبَحْرِ أَوْ كَمُضْطَجِعٍ عَلَى رَأْسِ سَارِيَةٍ.
35 يَقُولُ: «ضَرَبُونِي وَلَمْ أَتَوَجَّعْ. لَقَدْ لَكَأُونِي وَلَمْ أَعْرِفْ. مَتَى أَسْتَيْقِظُ أَعُودُ أَطْلُبُهَا بَعْدُ!» ( أمثال، الإصحاح 23)

8 وَقَالَ الرَّبُّ لِهَارُونَ:
9 «خَمْراً وَمُسْكِراً لاَ تَشْرَبْ أَنْتَ وَبَنُوكَ مَعَكَ عِنْدَ دُخُولِكُمْ إِلَى خَيْمَةِ الاجْتِمَاعِ لِكَيْ لاَ تَمُوتُوا. فَرْضاً دَهْرِيّاً فِي أَجْيَالِكُمْ
12 فَيَأْتُونَ وَيُرَنِّمُونَ فِي مُرْتَفَعِ صِهْيَوْنَ وَيَجْرُونَ إِلَى جُودِ الرَّبِّ عَلَى الْحِنْطَةِ وَعَلَى الْخَمْرِ وَعَلَى الزَّيْتِ وَعَلَى أَبْنَاءِ الْغَنَمِ وَالْبَقَرِ. وَتَكُونُ نَفْسُهُمْ كَجَنَّةٍ رَيَّا وَلاَ يَعُودُونَ يَذُوبُونَ بَعْدُ.
13 حِينَئِذٍ تَفْرَحُ العَذْرَاءُ بِالرَّقْصِ وَالشُّبَّانُ وَالشُّيُوخُ مَعاً. وَأُحَوِّلُ نَوْحَهُمْ إِلَى طَرَبٍ وَأُعَزِّيهِمْ وَأُفَرِّحُهُمْ مِنْ حُزْنِهِمْ (أرميا، الإصحاح 31)

5 وَجَعَلْتُ أَمَامَ بَنِي بَيْتِ الرَّكَابِيِّينَ طَاسَاتٍ مَلآنَةً خَمْراً وَأَقْدَاحاً وَقُلْتُ لَهُمُ: [اشْرَبُوا خَمْراً]
6 فَقَالُوا: لاَ نَشْرَبُ خَمْراً لأَنَّ يُونَادَابَ بْنَ رَكَابَ أَبَانَا أَوْصَانَا قَائِلاً: لاَ تَشْرَبُوا خَمْراً أَنْتُمْ وَلاَ بَنُوكُمْ إِلَى الأَبَدِ.
7 وَلاَ تَبْنُوا بَيْتاً وَلاَ تَزْرَعُوا زَرْعاً وَلاَ تَغْرِسُوا كَرْماً وَلاَ تَكُنْ لَكُمْ بَلِ اسْكُنُوا فِي الْخِيَامِ كُلَّ أَيَّامِكُمْ لِتَحْيُوا أَيَّاماً كَثِيرَةً عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ الَّتِي أَنْتُمْ مُتَغَرِّبُونَ فِيهَا
8 فَسَمِعْنَا لِصَوْتِ يُونَادَابَ بْنِ رَكَابَ أَبِينَا فِي كُلِّ مَا أَوْصَانَا بِهِ أَنْ لاَ نَشْرَبَ خَمْراً كُلَّ أَيَّامِنَا نَحْنُ وَنِسَاؤُنَا وَبَنُونَا وَبَنَاتُنَا (أرميا، الإصحاح 35)

ومجمل القول أن اليهودية أباحت الخمر لعامة المؤمنين بها لكنها حرّمتها على الكهنة عندما يؤدون واجباتهم الدينية في خدمة الله، وعلى القضاة نهائياً لأنهم يجب أن يكونوا في امتلاك كامل لقواهم العقلية في كل الوقت حتى لا يصدر منهم ما يسئ إلى المنصب إن سكروا. وكررت التوراة ذكر فوائد الخمر من طربٍ ورقصٍ وغناءٍ وإفراحٍ للقلب, لكنها كذلك ذكرت مساوئها من إدمانٍ ومرضٍ. وهناك قبيلة أو فرع من بني إسرائيل يدعون “الركابيون” Recabites منعهم جدهم الأعظم عن شرب الخمر إلى الأبد.

أما موقف الإسلام من الخمر فقد بدأ متردداً في أول أيامه في المدينة، ولم يذكر شيئاً عن الخمر طوال سنواته في مكة، وظل المسلمون يشربون الخمر إلى أن هاجروا إلى المدينة. وعندما نزلت آية الخمر في سورة البقرة في المدينة في العام الثالث الهجري، ويقال أنها أول سورة نزلت بالمدينة، قال في آخرها: (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) (البقرة 219). فالقرآن اعترف أن الخمر والميسر فيهما منافع للناس ولكن بهما إثم كبير. والإثم هو ارتكاب معصية أو عمل نهى عنه الله. والخمر فيها منافع للناس إذا شربوها باعتدال، فهي تمنع تصلب شرايين القلب وتُفرح الشارب. أما الميسر فليس فيه أي منافع غير للذي يكسب الرهان، وهم أقلية، أما الغالبية من اللاعبين فيضرهم الميسر، ولا يجوز إصدار حكمٍ عام على الأقلية. ولم يذكر القرآن أي ضرر للخمر غير أنها إثم كبير.

ثم حدث أن أتى عمر بن الخطاب إلى الصلاة ثملاً فأخطأ في القراءة، فنزلت آية في سورة النساء: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جُنباً إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) (النساء، 43). وإلى هنا لم يُحرّم القرآن الخمر إنما قال “لا تقربوا الصلاة وأنتم سُكارى” واستمر المسلمون في شربهم الخمر بعد الصلاة الأخيرة. ثم سكر حمزة، عم النبي، في ليلة من الليالي وخرج من المنزل الذي كان يشرب فيه ووجد ناقتين قد عقلهما عليّ بن أبي طالب، فبقر حمزة خواصر الناقتين وجب، أي قطع، أسنمتهما (ليأكلونها مع الخمر). فذهب عليّ إلى النبي وأخبره بما فعل عمه حمزة، فجاء النبي إلى المنزل ليتحدث مع عمه، فصدر من حمزة للنبي قولٌ جافي مخالف لما يجب عليه من احترام النبي وتوقيره، ويقال إنه قال للنبي: “وهل أنتم إلا عبيد أبي”[i]. فخرج النبي مغضباً لكنه لم يُنكر على حمزة ولم يُعنّفه، لا في حال سكره ولا بعد ذلك. فنزلت بعد ذلك : (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر الميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تُفلحون. إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويبعدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) (المائدة، 90، 91).

وفسر المفسرون كلمة “فاجتنبوه” على أنها تعني التحريم، ولكن المفسرين لم يُفسروا لنا الفرق بين هذه الآية والآية التي تقول: (يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه) (الحجرات 12). فالظن حتماً ليس حراماً مع أن القرآن استعمل نفس الكلمة “اجتنبوا”. وكذلك (ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (الحج 30). فقول الزور مكروه ولكنه ليس محرماً كالخمر رغم أن القرآن قال “واجتنبوا قول الزور”. وآية المحيض تقول (ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) ( البقرة، 222). ففي آية الخمر قال الله “فاجتنبوه” وفي آية المحيض قال “فاعتزلوا” ولا فرق في الكلمتين. ولكن المفسرين لم يقولوا بتحريم الجماع في أيام المحيض، بل ذهب بعضهم إلى أنه لا كفارة على من يجامع زوجته وهي حائض. والجدير بالذكر أن القرآن كان صريحاً في الأشياء التي أراد تحريمها فقال: (حرّمت عليكم أمهاتكم وأخواتكم….) وقال: (حُرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به ). وقال: (وعلى الذين هادوا حرّمنا ما قصصنا عليك من قبل وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون) ( النحل 116). وقال: (ولا تقتلوا النفس التي حرّم الله إلا بالحق) ( الإسراء 33).. وهناك سورة كامة اسمها التحريم وفيها وبخ الله النبي لأنه حرّم مارية القبطية على نفسه فقال له الله: (يا أيها النبي لمَ تُحرّم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك) (التحريم 1). وقال (يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيات ما أحل الله لكم) (المائدة 87). فلا بد أن مولف القرآن لو أراد تحريم الخمر لقال (حُرمت عليكم الخمر) بدل (فاجتنبوه) التي يبرر بها الفقهاء تحريم الخمر.

وخلاصة القول أن الإسلام وقف موقفاً غير واضح من الخمر، فلم يُحرّمها صراحة ولم يسمح بها صراحةً، إنما اتخذ موقفاً وسطياً بنُصح المؤمنين باجتنابها. ويعجز المنطق في أن يفسر لماذا أحل الله الخمر لليهود وللنصارى ثم حرّمها على المسلمين بعد أن أباحها لهم ما يزيد على ست عشرة سنة من بداية الرسالة.

[i] أحمد أبو الحسن بن علي النيسابوري، أسباب النزول، دار الكتب العلمية، بيروت، 1991، سورة المائدة 90، ص 210

About كامل النجار

طبيب عربي يعملل استشاري جراحة بإنكلترا. من هواة البحث في الأديان ومقارنتها بعضها البعض وعرضها على العقل لمعرفة مدى فائدتها أو ضررها على البشرية كان في صباه من جماعة الإخوان المسلمين حتى نهاية المرحلة الجامعية ثم هاجر إلى إنكلترا وعاشر "أهل الكتاب" وزالت الغشاوة عن عينيه وتبين له الخيط الأبيض من الخيط الأسود من حقيقة الميثالوجيا الدينية الهدف الوحيد من كتاباتي هو تبيان الحقيقة لغيري من مغسولي الدماغ الذين ما زالوا في المرحلة التي مررت بها وتخطيتها عندما كنت شاباً يافعاً
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.