الدفاع عن الجبهة من فاقدي الكرامة لن يشرفكم

· لو كنتم تعقلون لطلبتم الاجتماع الفوري مع علي سلام وقبوله مرشحا رئاسيا لكم أيضا، بدل ان تواجهوا فشلا سينهي مكانتكم السياسية في الناصرة تماما.
· هل بالصدفة ان الجبهة فقدت دورها في أكثر من 15 سلطة محلية عربية، بسبب الأخطاء القاتلة التي لا تريدون ان ننتقدها؟
· لا يوجد تنظيم او انسان خارج النقد، ويجب التمييز بين النقد والتشهير. النقد هو تجديد للحياة، تجديد للدم وتجديد للتنظيم، والويل لمن يبقى جامدا في مكانه، يصبح كالمياه الآسنة، لا تصلح للشرب، بل لتكاثر الجراثيم.
*******
· بقلم: نبيل عودة
لست معاديا لتنظيم شاركت بتأسيسه، لكني متألم مما آل اليه حاله. انتقد ما اراه اليوم قصورا وتفككا. لا انفي الدور التاريخي العظيم للجبهة في الناصرة والذي امتد تأثيره الى كل الوسط العربي، وتجاوز خطوط الاحتلال ليؤثر بإيجابية كاملة على انتخابات السلطات المحلية في الضفة الغربية حيث انتصرت القوى الوطنية واليسارية وأربكت الاحتلال الإسرائيلي.
أقيمت الجبهة في الناصرة كعملية سياسية اجتماعية بلدية ضرورية، وواضح ان قائد الحزب الشيوعي في الناصرة، الرفيق غسان حبيب، كان المحرك النفاث والجبار في الدفع نحو تجنيد الناصرة بكل اطيافها وكل حاراتها وكل عائلاتها من اجل تحرير المدينة من تحكم السلطة الإسرائيلية المباشر، ومن اهمال المدينة العربية الأولى وحرمانها من ميزانيات التطوير، ومن منطقة صناعية متطورة، بعد معركة غير سهلة نجح الحزب والأوساط الشعبية بفرض حل للمجلس البلدي وتعيين لجنة معينة لإدارة شؤون أكبر مدينة عربية .. حتى اجراء انتخابات جديدة. وهنا بدأ العمل الجاد لبناء الجسم الجبهوي من الأكاديميين أبناء الناصرة، الى التجار والحرفيين، وصولا لطلاب الجامعات ..
انا لست قاصرا في عرض التاريخ المشرف للحزب الشيوعي والجبهة، بإمكان القراء قراءة سلسلة نصوص كتبتها وما زلت اواصل كتابتها، تحت عنوان “يوميات نصراوي” نشرت بالانترنت بعشرات المواقع (أكثر من 50 حلقة)، استعرض فيها التاريخ المشرف للحزب الشيوعي ورفاقه، ولكني لست غبيا كي اتجاهل التفكك والتبعثر للتنظيم الجبهوي والحزبي، الذي انجز أكبر تحول ثوري في تاريخ الجماهير العربية .. لكنه اليوم يحتاج الى غرفة إنعاش!!


بعد انتصار الناصرة التاريخي قام سكرتير الحزب الشيوعي غسان حبيب بتنظيم وقيادة مخيمات العمل التطوعي، التي أضحت مهرجانات وحدت الجماهير العربية من إسرائيل ومن المناطق الفلسطينية المحتلة. كانت أعراس عمل وفن مدت الجماهير العربية وخاصة الشباب بأجمل المشاعر الإنسانية. فهل كانت هذه جريمته ليجري التخلص المهين منه؟
الا “الميت الماشي” .. التصق بكم بعد تقاعده وغيابه في نومة أشبه بنوم أهل الكهف.
كان يراقب ويحاول تنظيف رائحته السياسية الكريهة .. ووجدكم مؤهلين لهذه المهمة بالجهل والفقر الفكري الذي أصبح من مميزاتكم في السنوات الأخيرة. مبروك عليكم.
ربما يظن ان ذاكرة الناس ظرفية، ولا تذكر من أي مستنقع حزبي صهيوني تخرج. حين باع شرفه ليتحرر من خطر السجن على أثر احداث اول أيار 1958 والتصادم مع الشرطة في الناصرة، هو قطف رأسه، وفي الجانب الآخر النظيف أطلق الشاعر حنا إبراهيم قصيدة شعبية بعد ان منعتهم الشرطة من الدخول الى الناصرة الثائرة ضد قرار منع مظاهرة أول ايار، فدخلوها من طرق وعرة، منشدين على لحن “المحوربه “وهم يشاهدون ويشاركون في اول أكبر اشتباك مع الشرطة عرفته الجماهير العربية آنذاك: “الناصرة ركن الجليل فيها البوليس مدحدل”. وليت من يحفظ بقية القصيدة يرسلها لي.
كان ذلك القزم خلال نصف قرن منذ عام 1958 مجرد “ميتا يمشي”. حُرر من السجن لوحده وسائر رفاقه حوكموا وسجنوا وضربوا، بل وجرى صلب الرفيق توفيق زياد على نافذة المعتقل في طبريا. ورفيق من عرابة كسر كتفه من التعذيب وبعض الرفاق قضوا في السجن أربع سنين، حين كان حضرته يمرح ويتمتع بما حرم منه رفاقه.
السيد المحترم إياه حرر من الاعتقال بعد تدخل شخصية بارزة مقربة من السلطة، سلطة الحكم العسكري وتشريد المواطنين العرب من بلداتهم وهدمتها، سلطة مصادرة الأراضي وفرض الرقابة العسكرية على كل حياتنا بما فيها المطبوعات الصحفية والكتب، سلطة سياسة الأبرتهايد ضد المواطنين العرب، ومحاولة تهجير من بقي في وطنه بأساليب لا تخجل أي نظام فاشي. طبعا السيد المحترم اياه حصل على وظيفة رسمية كما يبدو برضاء الحكم العسكري، وربما كان لسانا (جاسوسا) ثم أقنع نفسه انه صار زعيما بحزب صهيوني، وينهق بين جملة وأخرى نهيق العملاء العرب للمؤسسات التي تسمى “أمنية”، كل دورها قمع النضال المشرف للجماهير العربية .. هكذا أثبت الولاء والخنوع للمؤسسة السلطوية وسياسة الاضطهاد القومي والتمييز العنصري، وانه بايعها طولا وعرضا!!
بعض الرفاق قالوا في ذلك الوقت انه ربما كان جاسوسا مزروعا منذ البداية؟ والا لما اطلق سراحه حينها، رغم انه نزل للشارع ليتظاهر بينما الشرطة تقوم بتفرق المتجمهرين بالقوة .. فهل كان بطلا وصار نعامة؟ أم هي عملية تمثيل؟ او كما تساءل أحد أعضاء الشبيبة الشيوعية، الذي كان عضوا بخلية يقودها الفرتيك: هل يتغير جلد الجواسيس؟ وهل ما يقوم به اليوم له دافع وطني او سياسي نظيف، ام يواصل ما صار منهجا وطابعا لشخصيته المهترئة لا حياد عنه؟
الذي يتوهم ان الجبهة بقرة مقدسة، يجب الصمت على سلبيات تطورها، وتفكيك تنظيمها، وأخطاء قادتها هو انسان ذو عقل منفعل يفتقد للتفكير ويفتقد للعقل الفعال، لا يوجد تنظيم او انسان خارج النقد، ويجب التمييز بين التشهير والنقد. النقد هو تجديد للحياة، تجديد للدم وتجديد للتنظيم، والويل لمن يبقى جامدا في مكانه، يصبح كالمياه الآسنة، لا تصلح للشرب، بل لتكاثر الجراثيم. من يظن ان عودة “الميت الحي”، ليصبح مرتزقا لدى الجبهة لينظف أوساخ تعفنه من الخيانة لشعبه، فهو غبي مطلق.
لو كنت اليوم في صفوف الجبهة لطلبت منه ان يصمت صونا لما تبقى من شرف للجبهة .. فهل يطلب منه عقال الجبهة، ان يكف ويصمت صونا لما تبقى من شعبية للجبهة؟ والله أقول ذلك غيرة على مستقبلكم!!
انا جاهز لحوار عقلاني إذا شئتم، بدون تجريح، حوار حول تاريخ الجبهة، حول الفكر والأيديولوجيا التي حركتنا لتأسيس التحالف الجبهوي. راجعوا مقالاتي من المعركة الانتخابية السابقة ومنذ انتخب رامز جرايسي لأول مرة رئيسا للبلدية. ألم أكن المسوق الوحيد للجبهة ورامز جرايسي خلال كل الحملات الانتخابية؟ ألم احذر من اول مقال كتبته، في الحملة الانتخابية الأخيرة .. ان لا تنسفوا الجسور بينكم وبين علي سلام؟ لا يمكن قبول تصرفكم الخاطئ مع حليف لكم، لم يتمرد ضدكم، بل حاولتم التخلص منه بأساليب مخجلة لا يقبلها أي انسان عاقل .. بظنكم ان الأرض والسماء ملك ايديكم!! اجل خسرتم علي سلام وهزمكم، لكنكم يا للمهزلة، كسبتم شخصا يكتب نهيقه بكلمات، هل هذه هي الخانة التي وصلتم اليها في زمنكم الأسود هذا؟
إذا كانت الجبهة تقبل مثل أولئك ذوي الرائحة السياسية العفنة، فهي تسجل بذلك تاريخ وفاتها الرسمي.
استيقظوا من سباتكم العميق!!
امنيتي ان تعود الجبهة الى مكانتها الطلائعية، لكن ما يجري يبعدها عن مصادر قوتها، ويجعلها قائمة لا قيمة لها بالمفاهيم السياسية والنضالية التي تشكلت الجبهة على أساسها.
علي سلام لم يعاديكم بل أنتم فرضتم عليه ان يتحداكم ويهزمكم؟ هل تعلمتم الدرس؟ وهل تظنون انكم قادرون على تجديد شبابكم مع ذوي الرائحة السياسية العفنة؟
انتبهوا لما سأقوله بكامل المنطق السياسي والعقلي، لصالحكم ولمصلحة مدينة الناصرة ومستقبلها: لو كنتم تعقلون لطلبتم الاجتماع الفوري مع علي سلام وقبوله مرشحا رئاسيا لكم أيضا، بدل ان تواجهوا فشلا سينهي مكانتكم السياسية في الناصرة تماما.
لم اخرج من تنظيم الجبهة انما من تنظيم لم يعد شيء يربطه بالجبهة التي شكلناها وخضنا بواسطتها معركة الشرف في الناصرة، منجزين اكبر انتصار سياسي في تاريخ العرب في إسرائيل .. ومحققين أكبر تحول سياسي للجماهير العربية قاطبة. انظر حولي اليوم ولا أرى الا هزائمكم، وخسارتكم لموقع وراء موقع .. الا تتعلمون الدروس من انفضاض الجماهير من حولكم؟ أين قياداتكم السياسية لتقوم بمراجعة عميقة وجادة وجريئة، وتحدد نهجا يعيد تدفق الدماء الجديدة لتنظيم الحزب والجبهة؟
لماذا لم يجر الحفاظ على هذا الإنجاز التاريخي السياسي العظيم؟ لماذا خسرتم تقريبا كل السلطات المحلية التي كانت تحت قيادة شخصيات من جبهتكم؟
هل نبيل عودة هو السبب؟
الجواب ليس لدي، انا لم أكن بعد انهاء عملي كموظف حزب أكثر من ناشط سياسي. لم اوفر نقدي لما رأيت من أخطاء تتراكم. لم يقع نقدي على آذان تستوعب ان ما اطرحه بات يشكل قضية حياة او موت للتنظيم الجبهوي في الناصرة وسائر البلدات العربية، فهل بالصدفة ان الجبهة فقدت دورها في أكثر من 15 سلطة محلية عربية، بسبب الأخطاء القاتلة التي لا تريدون ان ننتقدها؟ ان انتقاد الزعماء، حسب نهجكم وفكركم هي مخالفة عظيمة، تقود الى حبل المشنقة، وبما اننا في إسرائيل ولا يوجد مشانق، لذا وجهتم ضدي هجمات صبيانكم وأخيرا انضم اليكم من لا يشرفكم ان يحسب منكم .. انصحكم بقراءة كتاب حنا إبراهيم “يوميات شاب لم يتغرب” حيث يشرح “جريمة” انتقاد القادة الحزبيين بوضوح وألم!!
رغم ذلك لم ابع جبهتي، وواصلت تسويقها وانا أتألم لمكانتها الآخذة بالتفكك… لكن أن يصل الأمر الى ان يقوم أعضاء من تنظيم الحزب والجبهة، بالتحريض على رفاق آخرين لصداقتهم معي، ولأنهم جلسوا بجانبي في اجتماعات الجبهة، كاشفين عن المنطق السياسي والأخلاقي الذي تثقفون كوادركم عليه، ناهيك عن مقاطعة كتاباتي في صحيفة الحزب الشيوعي، هذا أقنعني، بعد ان تكرر خلال الجولات الانتخابية الثلاث الأخيرة، أني في الملعب الخطأ!!
نشرت نقدا حادا لهذه التصرفات غير العقلانية أثناء نشاطي معكم، جرى التدخل والاستفسار، وعندما سؤل قائد حزبي سابق عن مقاطعة نبيل عودة في صحيفة الحزب، رد ان “السبب هو فرع الناصرة لأنه (ز .. نمر) لا نستطيع معارضته”. الآن انضم اليكم رسميا خائن للحزب وطريقه، همه ليس خدمتكم، بل تبييض صفحته من رائحة التعفن السياسي التي تزكم الأنوف.
كان مجرد مرتزق، خان شعبه ويريد قبل دفنه تحت التراب ان يبيض صفحته السوداء.
هل نقول لما تبقى من الجبهة طيبة الذكر سابقا، مبروك عليكم هذا “الميت الماشي”؟
امامكم حل ينقذ الجبهة ومكانتها، وقد تجعلوا من ذلك نهجا يكسبكم احتراما وشعبية، أنتم بأمس الحاجة اليها، ونحن نريدكم ان تبقوا بصف الغيورين على مستقبل مدينتنا وشعبنا: بادروا لاعتبار علي سلام، ابن جبهة الناصرة أصلا، مرشحا مشتركا لكم أيضا لرئاسة بلدية الناصرة، ستحققون بذلك تحولا سياسيا كبيرا، وتكسبون احتراما شعبيا، يعيد لكم الكثير من الشرعية السياسية.
الطابة في ملعبكم!!
nabiloudeh@gmail.com

This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.