الحركات الاجتماعية الجديدة و إيران

الجميلة الثائرة

بقلم الكاتبة الايرانية ناهيد حسيني*
ترجمة عادل حبه

إدراك ظاهرة الحركات الاجتماعية الجديدة في الظروف الإيرانية الراهنة

إن الحركات الاجتماعية التي برزت من باطن المجتمع وتأثيراتها، تلعب دوراً حاسماً في عملية دمقرطة المجتمع الإيراني الراهن. ولذا فإن البحث في أهمية هذه الحركات سواء من منطلق أكاديمي أو سياسي يحتل أهمية استثنائية في الظروف الإيرانية الراهنة. في البداية، سنلقي الأضواء بشكل مقتضب على تاريخ هذه الحركات ونظرياتها ودورها في التحولات الاجتماعية، ونختتمها بعرض للحركات الاحتجاجية الجارية حالياً في إيران.

النظريات الراهنة حول الحركات الاجتماعية الجديدة

يجري، من زوايا مختلفة، تعريف الحركات الاجتماعية الجديدة، شأنها في ذلك شأن كل ظاهرة اجتماعية أخرى، وتبعاً لظروفها التاريخية وتنوع أشكالها. ونتيجة لذلك فإن أساليب الوصل إلى تحقيق مطالبها تختلف هي الأخرى. وستتناول المقالة فقط تلك النظريات التي تشابه إلى حد ما الظروف الإيرانية الراهنة. ومن المعلوم أن هدف الحركات الاجتماعية الكلاسيكية يتمحور حول الثورة واستلام الطبقة العاملة لمقاليد السلطة، وهو أمر معروف للجميع، إلاّ إننا سنسعى إلى التركيز على الحركات الاجتماعية الجديدة فقط.
إن الحركات الاجتماعية الجديدة؛ أي حركة الشعب صوب هدف مشترك في أطار حراك جمعي يهدف إلى إحداث تحولات اجتماعية قد يبرز خارج الأطر القانونية والرسمية القائمة. لقد كان الهدف الرئيس للحركات الاجتماعية الجديدة هو تحسين ظروف المعيشة، ولم تكن تستهدف النظام السياسي في البداية، ولكنها من الممكن بالضرورة أن تتحول لتستهدف النظام السياسي مع استمرار الحراك الشعبي وإتساعه. ويعود تاريخ الحركات الاجتماعية الجديدة إلى نضالات طلبة جامعة باريس عام 1968، التي سرعان ما حظيت بدعم الحركة النسوية والحركة

الحراك الطلابي في باريس عام 1968

العمالية والمثقفين الفرنسيين. هذه الحركة كانت ترمي في البداية إلى تغيير في النظام التعليمي في الجامعة وبادرت إليها مجموعة من الطلبة، إلاّ أنها سرعان ما اجتذبت ملايين الناس من شتى المدن الفرنسية، واستطاعت تحقيق مطالبها خلال بضعة أسابيع. وبعد ذلك دخلت مفردة الحركات الاجتماعية الجديدة في مؤلفات العلوم الاجتماعية والنضالات الاجتماعية خاصة في الغرب، ولكن مع انتشار شبكات الانترنت في العالم والاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي الأخرى، لم تعد هناك أية حدود لهذا النمط من النضال سواء في الدول النامية أو في الدول المتطورة. ويمكن أن تُعد حركة الخضر عام 2009 كمثال بارز على هذا النوع من الحركات الاجتماعية في إيران والتي شاركت فيها مجاميع كثيرة يجمعها هدف مشترك، وشقت طريقها بشكل عفوي وبدون أي قيادة مستفيدة من شبكات التواصل الاجتماعي؛ أي أنها حركة اندلعت بسبب تجاهل حقوق المواطنة. ولكن واجه الحكم هذه الحركة بالقمع والرعب كي لا تحقق هذه الحركة أهدافها. كما إن حركات الربيع العربي تعد في عداد الحركات الاجتماعية الجديدة. ويمكن القول أن أهداف تحقيق الديمقراطية وتوسيعها صوب استقرار نظام ديمقراطي هي المحور الفكري الأساسي للحركات الاجتماعية الجديدة في المرحلة الأخيرة.
لقد جلبت الحركات الاجتماعية الجديدة اهتمام المنظرين الاجتماعيين في العقد السابع من القرن الماضي، ومنذ ذلك الوقت وحتى الآن طرأ تغيير على مغزى وأسايب النضال بسبب التغيير الذي طرأ على ظروف الحياة وخاصة عولمة التكنولوجيا، وأضحت الظاهرة أكثر تعقيداً من السابق ، ولذا اهتمت مراكز البحوث الاجتماعية في الجامعات. وفيما يتعلق الأمر بإيران فلم يجر القيام ببحوث كثيرة في هذا الميدان باستثناء مبادرات الدكتور سعيد مدني بهذا الصدد.
في الدول الغربية، وضع المنظرون الاجتماعيون آلن تورن وآلبرتو ملوچي ومانوئيل كاستلز أولى النظريات المتعلقة بالحركات الاجتماعية الجديدة، وقام كل باحث بالخوض في مضمون ومعنى هذه الظاهرة الاجتماعية ضمن أشكالها المتنوعة والمتغيرة. ويبدو أن ما كتبه مانوئيل كاستلز هو الأقرب إلى ظروف وخصائص النموذج الإيراني.
ويركز آلن تورن على المسألة الثقافية في الحركات الاجتماعية، ويعتبرها محرك التحولات الاجتماعية. ويعتقد هذا المنظّر أن الفعل الاجتماعي هو مصدر النظُم في العلاقات الاجتماعية وإن الحركات الاجتماعية ما هي إلاّ العوامل المجتمعة للفعل الاجتماعي. وتؤدي هذه الحركات على الدوام خلال عملية إلى تغيير الإنسان وتحوله.
ويطرح ألبرتو ملوچي(1) قضية تعبئة المنابع، وإن هذه الحركات تمر عادة بإنفعالات ظرفية، ويعتقد أن المجتمع الصناعي فردي للغاية، وإن الأفراد بالأساس وعن طريق الفعل الاجتماعي يسعون إلى أن يضفوا معنى على حياتهم ليس بواسطة الزعيم أو الوعي الطبقي أو التعلق المذهبي أو القومي.

آلبرتو ملوچي مانوئيل كوستلز
1943 -2001

ويعتقد مانويل كاستلز أن البحث والجدل حول الهوية الجمعية هو الوظيفة الأساسية للحركات الاجتماعية، وكما يعتقد أن لوسائل الاتصال العامة تأثير مهم على الحياة في أيامنا، ويتحدث عن القدرة التي تتمتع بها الاتصالات في القرية العالمية (2). ففي كتابة المعنون ” شبكات الغضب والأمل: الحركات الاجتماعية في عصر الانترنت”، يعتبر كاستلز أن حركة الخضر هي حركة اجتماعية جديدة، ولكن ما اجتذبته هي الحوادث التي جرت في تونس ومصر، وبدليل غير معروف يولي أهمية أقل لحركة الخضر(3).

اخفاق أو نجاح الحركات الاجتماعية الجديدة

لا نستطيع أن نجزم بالاستناد إلى الحوادث التي شهدناها بأن هذه الحركات قد اخفقت أو أصابها النجاح. فمثل هذه التصورات هي أمر نسبي يحتاج إلى بيانات وتحليل دقيق. إننا نرى فيها حركات تتضمن عناصر الحرية والديمقراطية وحقوق المواطنة. ومثل هذه الحركات كانت موجودة، وتبرز الآن من جديد في ظروف خاصة. أي يجب أن لا ننظر إلى هذه الحركات ظرفياً، بل النظر إليها وتحليلها كعملية. فعلى سبيل المثال، فإنها لو أخفقت في تحقيق أول شعارها ، فلا يجب أن نتصور إنها قد انتهت تماماً. ففي إيران اليوم نشهد النزول إلى الميدان كل من الحركة النسائية والحركة الطلابية والحركة العمالية وحركة المعلمين وحركة الدفاع عن البيئة والحركات القومية. ويمكن لهذه الحركات أن تضم في داخلها وحولها حركات صغيرة أخرى. فعلى سبيل المثال نشاهد حركة “لا للحجاب” وحركة “مليون أمضاء” وحركة “تعليم النساء” وجميعها تنشط في إطار الحركة النسوية ولكل منها شعاراتها الخاصة، فالأولى تناضل من أجل حرية أختيار اللباس والثانية من أجل تغيير القانون والثالثة حركة تعليم النساء التي ترفع شعار “التعليم من أجل التغيير”. أي أننا نرى في مضمون هذه الحركات حق الفرد والحق القانوني وحق العمل والتعليم بشكل واضح، الذي ينطوي للوهلة الأولى على إرادة تغيير نمط حياة النساء، ولكن بمجموعها تشكل حركة اجتماعية واعية تطرح مطالب سياسية معينة بأساليب وطرق سلمية في آفاق نشاطها.
بالطبع ينبغي أن لا يغيب عن بالنا إن هذه الحركات تمر بمراحل مختلفة، فمن الممكن يتم طرح هدف الإصلاح والتغيير بدرجات مختلفة ضمن المطالب الأولية، وعندما لا تستجيب المؤسسات الحاكمة على هذه المطالب، فمن المسلم أن يتم التوجه صوب شعارات ثورية لتغيير النظام. ففي عام 2009 على سبيل المثال، رفع في إيران شعار “:أين رأيي” ثم رفع في المرحلة اللاحقة شعار ” الموت للدكتاتور” في قائمة المطالب التي رفعها الحراك الشعبي(4)، على الرغم من أن الحركة لم تستطع تحقيق مطالبها الأولى. ولكن بما أن الحركة كانت عفوية وبدون قيادة ميدانية بمعناها الكلاسيكي، فإنها استفادت من شبكات التواصل الاجتماعي على نطاق واسع من أجل تعزيز صلاتها وتأمين حركة قواها. وقد شهدنا مراراً تأثيرات ذلك على مستوى الحراك الاجتماعي في السنوات اللاحقة التي تلت مرحلة الجزر وحتى الآن في إيران، ومن ضمنها خلال انتخابات الدورة الأولى لانتخاب حسن روحاني في الدورة الثانية وفي مراسيم دفن السيد رفسنجاني، حيث أكد المشاركون على المطالب التي رفعوها عام 2009.
كما لاحظنا في الحركات الاجتماعية الجديدة في الربيع العربي أنها مرت بمراحل متفاوتة. ففي تونس، كانت شرارة الحركة مقتل بائع وتحولت إلى موجة احتجاج جماهيرية في عام 2010، وأدت إلى إزاحة بن علي رئيس الجمهورية وفي النتيجة تحقق هذا المطلب. وفي مصر عام 2011، بدأت الحركة بمظاهرات في ساحة التحرير، ولكن بسبب مقاومة الحكومة، تطورت الأحداث إلى سقوط الحكومة والرئيس حسني مبارك(5). ويشير انطونيو نگري إلى أن المقاومة الشعبية شيء سحري، ثابت ومستمر في المجتمعات تتناسب مع الظروف التاريخية للمجتمع وتبرز بأشكال متفاوتة.

انطونيو نگري

الحراك الشعبي المصري في كانون الثاني عام 2011

دور وسائل الإعلام في الحركات الاجتماعية الجديدة

إن إتساع شبكة الاتصالات في عالم اليوم و ظهور العالم الافتراضي وشبكات التواصل الاجتماعي، ترك آثاراً لا يمكن تجاهلها على العلاقة بين البشر، وخاصة في إطار الحركات الاجتماعية الجديدة. فمجرد الحصول على التلفون المحمول والاتصال بشبكات التواصل الاجتماعي يصبح كافياً للولوج في باطن المشاكل التي تدور حولك في المجتمع. وقد أوضح كستلز ثلاثة خصائص للحركات الاجتماعية الجديدة ” ثورة تكنولوجيا المعلومات، والعولمة، وشبكة التواصل الاجتماعي”(6).
واليوم لا يتحدد نيل المعرفة عند عتبة المدرسة أوالجامعة فحسب، فهناك أساليب مختلفة لحيازة المعرفة والحصول على المعلومات التي كانت في السابق حكراً على مراكز السلطة والثروة؛ وانتهى بذلك عهد القمع والرقابة على المعرفة. فبدون الشبكات الاجتماعية التي تربط العالم المجازي، لم يكن بإمكان الحركات الاجتماعية أن تبلغ هذا الحد وأن تجول في بقاع الشرق الأوسط. بإمكان الحكومات أن تمارس العبث، ولكنها لا تستطيع على الدوام أن تمنع قيام الصلات بين أفراد المجتمع. فلم تستطع الحركات الأخيرة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن تقوم بدورها دون شبكات التواصل الاجتماعي التي لها صلة بالعالم الافتراضي من أجل إحداث تغييرات اجتماعية. بدون شك هناك تأثيرات سلبية لهذه الشبكات أيضاً في الجانب الآخر ينبغي أن لا تفوت على المعنيين، وسأتناولها في مناسبة أخرى.

توضيح حول المراحل المختلفة للحركات الاجتماعية الجديدة

تمر الحركات الجديدة، باعتبارها عملية
(Process)
، بعدة مراحل. ويمكن أن نلخص ذلك بالقول أن هذه العملية تمر بأربعة مراحل.
المرحلة الأولى هو تحديد وتشخيص قضية ومشكلة مجموعة اجتماعية تتبلور في الأذهان وتتحول إلى سؤال جدي وتبرز كمشكلة عامة. ويبدأ في هذه المرحلة البحث عن طرق الاتصال. ومن أجل تعبئة القوى، تقوم شبكات التواصل الاجتماعي بدور الصلة في عالم اليوم.
وفي المرحلة الثانية، يبدأ الاحتجاج والانتفاضة وأهم مظهر لها هو التجمعات في الشوارع. وينزل إلى الشارع أفراد من منحدرات طبقية مختلفة ويحملون وجهات نظر متنوعة تحت شعار أساسي، ويتحول ذلك الاحتجاج إلى حركة وفعل جمعي على نحو واضح. وبالرغم من أن هذه الاحتجاجات تتميز عادة بطابع سلمي، ولكن جراء الاهمال واللامبالاة أو المقاومة والخشونة التي تبديها المؤسسات الحكومية تجاه مطالب النشطاء، فيمكن أن تتحول إلى أشكال من العنف. وإذا ما استطاعت الحركة منذ المرحلة الأولى والثانية الاستعداد والمبادرة إلى البدء بالحركة فيمكن أن تنجح في إدارتها وأن لا تتعرض للقمع من قبل السلطة الحاكمة. وسيحالف التوفيق الحركة وتتراكم عناصر النجاح. لأن قمع الحركة الجماعية يلغي فرصة الحصول على هوية جماعية ذات مغزى، والتي تجري في المرحلة الثالثة.
في الحقيقة إن المشاركين يضفون معنى على حركتهم بهذه الوسيلة، ويعرّفون أنفسهم على المجتمع. فالهوية الجمعية هي عامل حاسم في علاقة وصلة المشاركين بعضهم ببعض، وشرط لاستمرار الحركة صوب الهدف المحدد له. وفي الوقت نفسه، ففي اثناء وجود هذه العلاقات تتناقل بشكل عفوي أو بوعي الأخبار والأفكار ووجهات النظر بين الأفراد الذين لهم مصلحة مشتركة في هذا الفعل الاجتماعي، إضافة إلى تبلور التشابه والمشترك أو الحدود النظرية. ومن الممكن أن يكون هناك هدف مشترك، ولكن هناك طرق مختلفة للوصول إليه. وهنا تبرز ظروف قد تؤدي إلى تشكيل جمعيات وأحزاب ومنظمات جديدة، أو أن تؤدي إلى مواجهات بين المنظمات القائمة المشاركة في الفعل الاجتماعي. بالطبع في هذه المرحلة وفي سير جزر الحركة وفي المواجهات المتبادلة بين الحركة والمؤسسات المتعلقة بالسلطة والحكم، فالتسوية والمفاوضات المحتملة بينهما يمكن أن تؤدي إلى العودة إلى نقطة الصفر. وعلى الأغلب وفي الدول النامية عادة، فإن العنف وعدم قبول الحكم بالتسوية الاضطرارية يشكلان المانع الأساسي أمام التغيير مما يؤدي إلى المواجهة مع الحركة الاجتماعية.
في المرحلة الرابعة للحركة، تتخذ المواجهة مع المحتجين أبعاداً أوسع، وبما أن شبكات التواصل الاجتماعي تعد العمود الفقري للاتصال وتعبئة القوى بين المحتجين، فإن أية أضرار تلحق بهذه الشبكات من شأنها أن تجعل تقدم الحركة إلى الأمام أكثر صعوبة ويتعرقل الفعل الاجتماعي. ولكن إذا ما تجاوزت الحركة المرحلة الثالثة وأضحت بحاجة مبرمة إلى التنظيم والإدارة والقيادة، عندها وفي المرحلة الرابعة تحتاج الحركة إلى مجموعة من المتطلبات لإدارة الحركة ودفعها إلى الأمام. ونتيجة لذلك يبادر الأفراد المشاركين في الحركة ممن يتمتعون بالحنكة وببعد النظر وأصحاب بصيرة إلى تشكيل لجنة قيادية لإدارة الحركة. ولكن أسلوب الإدارة والقيادة ليست هرمية من الأعلى إلى الأسفل، بل افقية. فهذا النوع من الإدارة يسمح للأفراد المشاركين في الحركة أن يطرحوا وجهات نظرهم ويحللون وينتقدون ثم المشاركة الفاعلة في اتخاذ القرارات وفي تنفيذها، وهذا ما يشير إليه كاستلز.

نظرة إلى الحالة الإيرانية

إذا ما أردنا الاستمرار في بحث النموذج الإيراني،يجب أن نأخذ بنظر الاعتبار كون 60% من الشعب الإيراني هم دون سن 35 عاماً، وإن نصف سكان إيران وُلدوا بعد الثورة الإسلامية، وإن عمر أكثرية المشاركين في الحركة الاحتجاجية هو بين 20-30 سنة(7). ولهذا السبب فإن الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي والفيسبوك والتويتر والتلغرام والاينستغرام هو جزء من الحياة اليومية لأكثرية أفراد الشعب. ففي عام 2008؛ أي في مثال حركة الخضر، شكّل طلبة الجامعات 65% من المحتجين، وكانت الغالبية من الفتيات. والآن وعلى الرغم من القيود الكثيرة، فإن الفتيات ما زلن يمثلن الأكثرية في تركيبة المحتجين. وتنامت لدى أفراد الشعب روح المواطنة بشكل متزايد، وراجت عملية تبادل الأفكار ووجهات النظر، خاصة وإن 5 ملايين إيراني يعيشون في الغرب مما يسهل على الإيرانيين الذين يعيشون داخل إيران من زيارة هذه البلدان والتواصل مع الخارج والتعرف على الحياة الواقعية في هذه البقاع. ولم تعد هناك حاجة لطالب الجامعة التوجه إلى الأحزاب وطلب العضوية فيها كي يتعرف على هذه الدنيا وعلى ماهية الحقوق التي يتمتع بها المواطن هناك. ويبدو أن النشاط السياسي هو شأن آخر منفصل، فالشعب يريد من السياسة أن تسهل له أموره الحياتية، فهو بحاجة إلى العمل والمسكن والحريات الفردية والاجتماعية. وعلى الرغم من أجواء الاستبداد والرقابة من قبل الحكومة، فإن المجتمع الإيراني يتمتع بوعي وأدراك اجتماعيين جيدين ، فالمجتمع المدني قد تطور، وهذا ما يوفر الفرص المهمة لتغيير أوضاع البلاد والاستمرار والإصرار على المطالب الديمقراطية، وأضحت قدرة الشعب وتحمله ليست بالقليلة. إنه يتحدث عن هذا الحق بشكل سلمي، ولكنه يتعرض للقمع من قبل الحكومة، غير أن جذور التغيير في الحركة قد أمتدت في الأعماق مما وضع على الدوام مشروعية النظام تحت علامة سؤال. ونشهد اليوم الانتفاضات في الشوارع في مختلف نقاط البلاد بأبعاد تؤشر إلى استمرار الحركة، بل ونشهد تحول نوعي في الشعارات في هذه الفترة بحيث لم تعد لها أية حدود طبقية أو جغرافية كما كان الحال بالنسبة لحركة الخضر.

الحراك الشعبي الايراني الراهن

في عام 2009، لم يجتز الشعب مرحلة الإعلان عن عدم تحمله الحكومة المذهبية، حيث كان ما زال على يقين بأن الإصلاح والتغييرات التدريجية في القيادة الحاكمة هي الطريق الوحيد لإجراء تغييرات ايجابية في البلاد. ولهذا السبب شارك الشعب بنشاط في دورتي انتخاب حسن روحاني. ولكن السيد روحاني ولأسباب عديدة لم يستطع أن يحقق مطالب الشعب، ولذا تجاوز الشعب في الحراك الأخير روحاني واختفت الشعارات المذهبية لدى المحتجين. وأصبح الهدف الأساسي للمتظاهرين هو وضع علامة سؤال على مشروعية النظام الحاكم الموجود برمته ، ولذا سمعنا أثناء الاحتجاجات الأخيرة شعار “ملت گدايى مى كند، آقا خدايى مى كند”؛ أي ” الأمة تشحذ، والآقا يؤلّه”، و ” آخوند‌ها حیا کنید، مملکت را‌‌ رها کنید” ؛أي ” اخجلوا يا رجال الدين، ارحلوا عن بلادنا” و ” مرگ بر دیکتاتور”؛ أي “الموت للدكتاتور”، وجميع هذه الشعارات تصب في مجرى إلغاء النظام وهو الهدف المشترك للمحتجين. بالطبع هناك شعارات أخرى مثل ” سوریه را‌‌ رها کن، فکری به حال ما کن” ؛ أي ” اترك سورية وفكر بحالنا”، بما يعني وضع علامة سؤال على السياسة الخارجية للنظام والنظر بمنظار واحد على إصلاحيين النظام ومعتدليه والمتطرفين على حد سواء “اصلاح طلب، اصولگرا، دیگه تمومه ماجرا” ؛ أي ” انتهى عهد الاصلاحيين والمتطرفين”. وبالاستناد إلى الشعارات المرفوعة، يمكن الإدعاء بأن حركة المطالبة بالديمقراطية في إيران قد خطت خطوة كبرى إلى الأمام بالمقارنة مع حركة الخضر في عام 2009. وقد تغيرت الآن أساليب نضال الشعب وأصبحت حالة حركية دائمة، وإن عدم إدراك هذا الواقع، سيدفعنا إلى الوراء في المسعى لتحقيق التغيرات. إن الحركة النسوية وحركة الحفاظ على البيئة والحركة العمالية والحركة القومية والحركة الطلابية هي من ضمن الحركات الرصينة والمؤثرة في تحقيق التحولات الاجتماعية في إيران. ويجب حمايتها وتشجيعها وتقويتها بشكل أكثر عن طريق التنسيق فيما بينها ودوامها من أجل تحقيق الهدف المشترك.

الجذور الأصلية لهذه الاحتجاجات

كما أشرنا سالفاً، لقد تحلى الشعب الإراني بالصبر من أجل تحقيق الإصلاحات، وصاحبه الأمل في انتخابات الرئاسة الأخيرة وشارك بفاعلية، ولكنه لم يحصل على أية نتيجة. كما إن الزلزال الذي هزّ كرمنشاه وعدم اهتمام الحكام بمصيبة الشعب أديا إلى إثارة غضب أفراد الشعب، وزاد الطين بلة حجم البطالة وحرمان الشعب من الحريات الفردية وعدم المبالاة تجاه مطالب المحرومين والعمال، وتجاهل نهب المال العام وزيادة نفقات الحرس الثوري والمؤسسات الدينية واستمرار المساعدات السنوية المليارية التي تقدمها الحكومة الايرانية إلى اليمن وسورية وحزب الله في لبنان مما تصاعد مشاعر النقمة ضد النظام في أوساط الشعب الإيراني. ولا تعود الشرارة الواقعية التي ألهبت الأحداث الأخيرة، كما يصورها البعض، إلى ردود فعل المتطرفين الحكوميين في مشهد وخراسان وتنظيم حملة احتجاج ضد حكومة روحاني، ولكن السبب في ارتفاع أسعار البيض ثلاثة أضعاف. وهنا ينبغي البحث عن جذور الاستياء الشعبي العميق في سائر أنحاء البلاد وعدم اهتمام النظام الحاكم بمصير الشعب وانعدام الإدارة السليمة لشؤون البلاد. لقد أصبح النظام اليوم مستهدفاً، ولهذا لا نعثر في هذا الحراك على أية شعارات مذهبية ولا نجد أثراً لأصلاحيي النظام. فالشعب لم يعد يطيق الحكم المذهبي. وإذا ما جرى قمع الحراك الشعبي الراهن، فإن الحركة ستجدد نفسها في جولة أخرى بشكل أكثر قوة وعزم.

6/1/2018
المصادر:
*ناشطة في الحركة النسائية الإيرانية
[1] https://www.memrise.com/course/349256/political-sociology/3/
[2] Castells, M., (2009), Communication Power. Oxford: Oxford University Press
[3] Castells, M., (2015), Networks of outrage and hope, social movements in the Internet age
[4] Madani, S., (2010). ‘The Green Movement continues today in the stage of consolidation in the form of art, literature, politics and lifestyle’, interview with Iran green voice In Farsi language, published on 15 May2010. http://www.irangreenvoice.com/article/2010/may/15/3320
[5] Castells, M., (2015(. ‘Networks of Outrage and Hope’, Social Movements in the Internet Age,
second edition. Enlarged and updated. Policy Press (Pp:21-72, 256-262).
[6] Castells. M., )2002(. local and global: Cities in the Network Society, Volume 93, Issue 5, Pp: 548–
558, December 2002
[7] Nabavi. N. (2012). Editor, Iran from Theocracy to the Green Movement. Published by PALGRAVE
MACMILLAN, Pp: 39-55, 123-137

About عادل حبه

عادل محمد حسن عبد الهادي حبه ولد في بغداد في محلة صبابيغ الآل في جانب الرصافة في 12 أيلول عام 1938 ميلادي. في عام 1944 تلقى دراسته الإبتدائية، الصف الأول والثاني، في المدرسة الهاشمية التابعة للمدرسة الجعفرية، والواقعة قرب جامع المصلوب في محلة الصدرية في وسط بغداد. إنتقل الى المدرسة الجعفرية الإبتدائية - الصف الثالث، الواقعة في محلة صبابيغ الآل، وأكمل دراسته في هذه المدرسة حتى حصوله على بكالوريا الصف السادس الإبتدائي إنتقل إلى الدراسة المتوسطة، وأكملها في مدرسة الرصافة المتوسطة في محلة السنك في بغداد نشط ضمن فتيان محلته في منظمة أنصار السلام العراقية السرية، كما ساهم بنشاط في أتحاد الطلبة العراقي العام الذي كان ينشط بصورة سرية في ذلك العهد. أكمل الدراسة المتوسطة وإنتقل إلى الدراسة الثانوية في مدرسة الأعدادية المركزية، التي سرعان ما غادرها ليكمل دراسته الثانوية في الثانوية الشرقية في الكرادة الشرقية جنوب بغداد. في نهاية عام 1955 ترشح إلى عضوية الحزب الشيوعي العراقي وهو لم يبلغ بعد الثامنة عشر من عمره، وهو العمر الذي يحدده النظام الداخلي للحزب كشرط للعضوية فيه إعتقل في موقف السراي في بغداد أثناء مشاركته في الإضراب العام والمظاهرة التي نظمها الحزب الشيوعي العراقي للتضامن مع الشعب الجزائري وقادة جبهة التحرير الجزائرية، الذين أعتقلوا في الأجواء التونسية من قبل السلطات الفرنسية الإستعمارية في صيف عام 1956. دخل كلية الآداب والعلوم الكائنة في الأعظمية آنذاك، وشرع في تلقي دراسته في فرع الجيولوجيا في دورته الثالثة . أصبح مسؤولاً عن التنظيم السري لإتحاد الطلبة العراقي العام في كلية الآداب والعلوم ، إضافة إلى مسؤوليته عن منظمة الحزب الشيوعي العراقي الطلابية في الكلية ذاتها في أواخر عام 1956. كما تدرج في مهمته الحزبية ليصبح لاحقاً مسؤولاً عن تنظيمات الحزب الشيوعي في كليات بغداد آنذاك. شارك بنشاط في المظاهرات العاصفة التي إندلعت في سائر أنحاء العراق للتضامن مع الشعب المصري ضد العدوان الثلاثي الإسرائيلي- الفرنسي البريطاني بعد تأميم قناة السويس في عام 1956. بعد انتصار ثورة تموز عام 1958، ساهم بنشاط في إتحاد الطلبة العراقي العام الذي تحول إلى العمل العلني، وإنتخب رئيساً للإتحاد في كلية العلوم- جامعة بغداد، وعضواً في أول مؤتمر لإتحاد الطلبة العراقي العام في العهد الجمهوري، والذي تحول أسمه إلى إتحاد الطلبة العام في الجمهورية العراقية. وفي نفس الوقت أصبح مسؤول التنظيم الطلابي للحزب الشيوعي العراقي في بغداد والذي شمل التنظيمات الطلابية في ثانويات بغداد وتنظيمات جامعة بغداد، التي أعلن عن تأسيسها بعد إنتصار الثورة مباشرة. أنهى دراسته الجامعية وحصل على شهادة البكالاريوس في الجيولوجيا في العام الدراسي 1959-1960. وعمل بعد التخرج مباشرة في دائرة التنقيب الجيولوجي التي كانت تابعة لوزارة الإقتصاد . حصل على بعثة دراسية لإكمال الدكتوراه في الجيولوجيا على نفقة وزارة التربية والتعليم العراقية في خريف عام 1960. تخلى عن البعثة نظراً لقرار الحزب بإيفاده إلى موسكو-الإتحاد السوفييتي للدراسة الإقتصادية والسياسية في أكاديمية العلوم الإجتماعية-المدرسة الحزبية العليا. وحصل على دبلوم الدولة العالي بدرجة تفوق بعد ثلاث سنوات من الدراسة هناك. بعد نكبة 8 شباط عام 1963، قرر الحزب إرساله إلى طهران – إيران لإدارة المحطة السرية التي أنشأها الحزب هناك لإدارة شؤون العراقيين الهاربين من جحيم إنقلاب شباط المشؤوم، والسعي لإحياء منظمات الحزب في داخل العراق بعد الضربات التي تلقاها الحزب إثر الإنقلاب. إعتقل في حزيران عام 1964 من قبل أجهزة الأمن الإيرانية مع خمسة من رفاقه بعد أن تعقبت أجهزة الأمن عبور المراسلين بخفية عبر الحدود العراقية الإيرانية. وتعرض الجميع إلى التعذيب في أقبية أجهزة الأمن الإيرانية. وأحيل الجميع إلى المحكمة العسكرية في طهران. وحكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات، إضافة إلى أحكام أخرى طالت رفاقه وتراوحت بين خمس سنوات وإلى سنتين، بتهمة العضوية في منظمة تروج للأفكار الإشتراكية. أنهى محكوميته في أيار عام 1971، وتم تحويله إلى السلطات العراقية عن طريق معبر المنذرية- خانقين في العراق. وإنتقل من سجن خانقين إلى سجن بعقوبة ثم موقف الأمن العامة في بغداد مقابل القصر الأبيض. وصادف تلك الفترة هجمة شرسة على الحزب الشيوعي، مما حدى بالحزب إلى الإبتعاد عن التدخل لإطلاق سراحه. وعمل الأهل على التوسط لدى المغدور محمد محجوب عضو القيادة القطرية لحزب البعث آنذاك، والذي صفي في عام 1979 من قبل صدام حسين، وتم خروجه من المعتقل. عادت صلته بالحزب وبشكل سري بعد خروجه من المعتقل. وعمل بعدئذ كجيولوجي في مديرية المياه الجوفية ولمدة سنتين. وشارك في بحوث حول الموازنة المائية في حوض بدره وجصان، إضافة إلى عمله في البحث عن مكامن المياه الجوفية والإشراف على حفر الآبار في مناطق متعددة من العراق . عمل مع رفاق آخرين من قيادة الحزب وفي سرية تامة على إعادة الحياة لمنظمة بغداد بعد الضربات الشديدة التي تلقتها المنظمة في عام 1971. وتراوحت مسؤولياته بين منظمات مدينة الثورة والطلبة وريف بغداد. أختير في نفس العام كمرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب إستقال من عمله في دائرة المياه الجوفية في خريف عام 1973، بعد أن كلفه الحزب بتمثيله في مجلة قضايا السلم والإشتراكية، المجلة الناطقة بإسم الأحزاب الشيوعية والعمالية العالمية، في العاصمة الجيكوسلوفاكية براغ. وأصبح بعد فترة قليلة وفي المؤتمر الدوري للأحزاب الممثلة في المجلة عضواً في هيئة تحريرها. وخلال أربعة سنوات من العمل في هذا المجال ساهم في نشر عدد من المقالات فيها، والمساهمة في عدد من الندوات العلمية في براغ وعواصم أخرى. عاد إلى بغداد في خريف عام 1977، ليصبح أحد إثنين من ممثلي الحزب في الجبهة التي كانت قائمة مع حزب البعث، إلى جانب المرحوم الدكتور رحيم عجينة. وأختير إلى جانب ذلك لينسب عضواً في سكرتارية اللجنة المركزية ويصبح عضواً في لجنة العلاقات الدولية للحزب. في ظل الهجوم الشرس الذي تعرض له الحزب، تم إعتقاله مرتين، الأول بسبب مشاركته في تحرير مسودة التقرير المثير للجنة المركزية في آذار عام 1978 وتحت ذريعة اللقاء بأحد قادة الحزب الديمقراطي الأفغاني وأحد وزرائها( سلطان علي كشتمند) عند زيارته للعراق. أما الإعتقال الثاني فيتعلق بتهمة الصلة بالأحداث الإيرانية والثورة وبالمعارضين لحكم الشاه، هذه الثورة التي إندلعت ضد حكم الشاه بداية من عام 1978 والتي إنتهت بسقوط الشاه في شتاء عام 1979 والتي أثارت القلق لدي حكام العراق. إضطر إلى مغادرة البلاد في نهاية عام 1978 بقرار من الحزب تفادياً للحملة التي أشتدت ضد أعضاء الحزب وكوادره. وإستقر لفترة قصيرة في كل من دمشق واليمن الجنوبية، إلى أن إنتدبه الحزب لإدارة محطته في العاصمة الإيرانية طهران بعد إنتصار الثورة الشعبية الإيرانية في ربيع عام 1979. وخلال تلك الفترة تم تأمين الكثير من إحتياجات اللاجئين العراقيين في طهران أو في مدن إيرانية أخرى، إلى جانب تقديم العون لفصائل الإنصار الشيوعيين الذين شرعوا بالنشاط ضد الديكتاتورية على الأراضي العراقية وفي إقليم كردستان العراق. بعد قرابة السنة، وبعد تدهور الأوضاع الداخلية في إيران بسبب ممارسات المتطرفين الدينيين، تم إعتقاله لمدة سنة ونصف إلى أن تم إطلاق سراحه بفعل تدخل من قبل المرحوم حافظ الأسد والمرحوم ياسر عرفات، وتم تحويله إلى سوريا خلال الفترة من عام 1981 إلى 1991، تولى مسؤلية منظمة الحزب في سوريا واليمن وآخرها الإشراف على الإعلام المركزي للحزب وبضمنها جريدة طريق الشعب ومجلة الثقافة الجديدة. بعد الإنتفاضة الشعبية ضد الحكم الديكتاتوري في عام 1991، إنتقل إلى إقليم كردستان العراق. وفي بداية عام 1992، تسلل مع عدد من قادة الحزب وكوادره سراً إلى بغداد ضمن مسعى لإعادة الحياة إلى المنظمات الحزبية بعد الضربات المهلكة التي تلقتها خلال السنوات السابقة. وتسلم مسؤولية المنطقة الجنوبية حتى نهاية عام 1992، بعد أن تم إستدعائه وكوادر أخرى من قبل قيادة الحزب بعد أن أصبح الخطر يهدد وجود هذه الكوادر في بغداد والمناطق الأخرى. إضطر إلى مغادرة العراق في نهاية عام 1992، ولجأ إلى المملكة المتحدة بعد إصابته بمرض عضال. تفرغ في السنوات الأخيرة إلى العمل الصحفي. ونشر العديد من المقالات والدراسات في جريدة طريق الشعب العراقية والثقافة الجديدة العراقية والحياة اللبنانية والشرق الأوسط والبيان الإماراتية والنور السورية و"كار" الإيرانية ومجلة قضايا السلم والإشتراكية، وتناولت مختلف الشؤون العراقية والإيرانية وبلدان أوربا الشرقية. كتب عدد من المقالات بإسم حميد محمد لإعتبارات إحترازية أثناء فترات العمل السري. يجيد اللغات العربية والإنجليزية والروسية والفارسية. متزوج وله ولد (سلام) وبنت(ياسمين) وحفيدان(هدى وعلي).
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.