التحدي الذي يواجه المسلمين في الغرب ..

صرّح عمدة لندن المسلم من أصول باكستانية في نوفمبر 2015 “” من البديهي أن تتخلى إنجلترا عن سياسة النعامة وتاخذ الإجراءات الضرورية لمحاربة التطرف على ترابها “” قال أيضا بأن هناك متطرفين حتى في العائلة الواحدة ؟؟ وأن مواجهة التطرف وإن كان واجب كل منا , ولكنه واجب أكبر على المسلمين البريطانيين ؟؟؟
مقالتي اليوم تتساءل كيف يستطيع المسلمون التعايش .. ووقف التطرف ومنعه من الإنتشار كأفراد مسؤولين عن حماية المجتمع قبل حماية الدين ( للدين رب يحميه ) .. .. برغم أنه من المؤكد بأن حماية المجتمع المفروض به مسؤولية الدولة …
مما لا شك فيه بأنه حصل إلتباس في الغرب ما بين حماية القيم الديمقراطية من حرية تعبير وحقوق فردية في الحريات الأخرى المصاحبة لها .. ورفض قسّم المجتمع بين المؤيد للحد والتحجيم لهذه الحريات المُعطاه للقادمين وبين الرافض لوضع أي حد لهذه الحريات لمواجهة الفكر الذي لا يتماشى مع القيم الغربية ؟؟.. خاصة ومع تدفق الأعداد الهائلة من اللاجئين. منهم من هرب من حروب أدمته وأدمت قلبة مع فقدان أحباء له .. ومنهم من هرب ليحظى بوضع مادي أفضل وحياة كريمة ومستقبل مأمون ومضمون لأولاده .. كلهم يشتركون في حلم الوصول للغرب . والتمتع بقاعدة العدالة فيه. وبعد الوصول ُيبقون ويتشبثون على إعتراضهم على الحريات فيه … معظمهم عاش وتربى على قيم إسلامية منها الصالح ومنها مالا يصلُح مع الزمان ولا المكان ويتعارض مع المنطق والعقلانية .. والحقيقة الواضحة أنها تتعارض في معظمها مع القيم الغربية. وهي الحقيقة التي بدأ الغرب حكومة وشعبا يفهمها .. ويرفض وجودهم من أجلها والخوف منها هو أحد الأسباب الأولية التي دفعت البريطانيين للتصويت للخروج من الإتحاد الأوروبي .. لتخوّفه منهم .. المقيمين منذ زمن . والقادمين الُجُدد .. وتبقى الأغلبية منهم ترفض البحث أو النقد ..ولا تمل أو تتوقف عن العويل بإسم أنها الضحية في هذا المجتمع ..
قضينا الكثير من الوقت والجهد في الدفاع المستميت عن الدين .. وأصبح لزاما علينا الإعتراف بأن كل الأديان جاءت في حقبة تاريخية مغايرة لعالم اليوم, وللحقائق المعرفية التي وصل إليها عالم اليوم ,عن طريق العلم والحقيقة المرئية المثبتة . والحقيقة تؤكد بأن الدين الإسلامي مماثلا ومدينا في الكثير منه للديانتين اليهودية والمسيحية وتأثّر بهما . وكلاهما كانتا موجودتان في الجزيرة العربية .. وعلينا الإعتراف أيضا بأن هناك مستويين للخطاب الديني كما جاء في النصوص الدينية للأديان الإبراهيمية الثلاث .. هناك خطاب ديني يحث على الخير.. يقابله خطاب عدائي لكل ما حوله .. الفرق أن الديانتين تعرضتا لعملية إصلاح داخلية أخفت عوراتها بينما يرفض المسلمين في كل مكان عملية الإصلاح …


وعلينا أيضا الإعتراف بأن تصاعد الإسلام السياسي وجهل الغرب في الماضي بهدف الإسلام السياسي الأول أسلمة العالم وتطبيق الشريعة الإلهية .. الحقائق تؤكد بقيام منظري الإسلام السياسي بتزييف التاريخ العربي على أنه تاريخ العدل لأنه طبّق أحكام الله في خلقة بينما الحقائق تتكشف عن عملية تزييف كبيرة خضع لها التاريخ العربي ؟؟؟ خداع الإسلام السياسي مترافق مع جهل الغرب ساعد في تغلغل الحركات الإسلامية في المجتمعات الغربية وإعطاها الفرصة لنشر مفاهيمها وتفسيراتها الدينية السلبية بحيث ساهمت في عزل المجتمعات ..ومن المعروف أن حركة الإخوان المسلمون على قمة هذه المنظمات نجاحا في عزل المجتمع المسلم عما حوله حين زرعت في فكر الشباب المولود في بريطانيا قبول الإسلام التقليدي وأن دينهم الدين الأصح والكامل ولا يحتاج إلى نهضة أو إصلاح كما حصل في الديانتين الأخريين ؟؟؟ .. ومن منطلقي الجهاد .. وأمة واحدة .. ُغرر بالعديد من الشباب والشابات البريطانيين سواء للسفر والدفاع عن إخوتهم تحت لواء تنظيمات إرهابية بكل معاني الإرهاب أو البقاء وبذر التطرف.. من خلال إيمانهم بأن الشريعة فوق أي قوانين أخرى خاصة القوانين العلمانية الموضوعة .. وأن القوانين العلمانية المعمول بها لا تتساوى مع القوانين الإلهية .. برغم ممارستهم الفعليه بأن هذه القوانين الموضوعة هي ما فتح لهم أبواب حياة كريمة في الغرب بعد هروبهم من دول الإيمان .. .. وقاموا ببناء المدارس الإسلامية التي عملت على تدريس الإسلام التقليدي الذي يؤسس للفكر المُتقبّل للأفكار المتطرفة من خلال تجذير الخوف من الله وعذابه لتطويع النفسية لتقبل كل ما لا ينتمي للعقلانية والمنطق .. ؟؟ .. ولكن والأهم قاموا بإختراع فقه جديد هو فقه الأقليات .. ُيركّز على أولوية أن يدين المسلم لمشروعه الديني وإعلاء الهوية الإسلامية الدينية على الهوية الوطنية للبلاد وفي مضمونه وتفسيراته يرتبط إرتباطا جذريا بفقه الولاء والبراء ..
الكارثة التي يواجهها الغرب الآن ويحتار في كيفية التعامل معها هي سرعة إنتشار المحاكم الإسلامية في بريطانيا حيث تقطن الأغلبية المسلمه .؟؟؟ وهو المفروض تعارضة المُطلق مع العقيدة (على المسلم الإلتزام بقوانين البلد التي يقيم فيها وإن كانت غير إسلامية ) إضافة إلى تعارض القوانين مع القضاء البريطاني .. وإقتصار هذه المحاكم على البت في القوانين التي تتعلق بالأحوال الشخصية للمرأة مثل الطلاق والحضانة والميراث .. وتعمل هذه المحاكم على العمل بأشد القوانين صرامة معتمدة على الإسلام التقليدي ..
السؤال الأساسي هل أحكام هذه المحاكم تتوافق مع العقل او المنطق في القرن الحادي والعشرين .. هل أحكامها تتوافق مع النظام القضائي البريطاني الموضوع .. هل أحكامها تتوافق مع حقوق المرأة في الميثاق العالمي لحقوق المرأة ؟؟؟؟
نعم علينا تقع المسؤولية الكبرى في محاربة التطرف والغلو ..نحن الذين مارسنا التجربة الديمقراطية الغربية .. نحن الذين نعمنا بحرية التعبير ووأدنا الخوف .. علينا البدء ومن خلال الإعترافات السابقة وفتح باب التساؤلات وزرع البذرة للتحول الإجتماعي وتحدى جرائم سلبيات الثقافة العامة التي أنتجها علم التاويل والفقه ( قتل الشرف – الختان – الزواج القسري – زواج القاصرات ووضع شروط ُمجحفه لحرمان الأم من الحضانة كما في حال تزوجت .. .. نحن الذين آمنا ولقرون بأن تأويلات فقهاء الإسلام الأربعة ( حنفي – مالكي- حنبلي وشافعي ) هي شريعة الله ونحاول زرعها في دولنا الجديدة .. وهي لا تعدو كونها تفسيرات بشرية وضعت أحكاما بإسم الله تتعارض مع الذات الإلهية في العدل وفي المنطق ..كما في فقة الأقليات وفقه الولاء والبراء ..
نعم نحن الذين هربنا من دول التدين السطحي ومظاهرة في اللحية والحجاب .. دول اللا عدل ولا مساواة هربنا من مجتمعات تحترم السارق الكبير في منصبه الحكومي وُتشرّع قطع يد السارق المضطر للسرقة لإطعام الأفواه الجائعة المنتظرة عودته .. هربنا من دول تقتل بناتها ,اطفالها بإسم الله تحت مفهوم الستر وطهارة النسب .. الدين هو الصدق مع النفس .. والصدق ُيحتم بأن الدول الغربية إحترمت كرامتنا الإنسانية أكثر من وطننا الأم .. وأننا بشر مثل بقية خلق الله !!!!!!!
أحلام أكرم

About أحلام اكرم

كاتبة فلسطينية تهتم بحقوق الانسان منظمة بصيرة للحقوق الإنسانية سعدت كثيرا حين وجدت مقالاتي منشورة على منبر المفكر الحر .. ولكن ما أود أن ألفت إنتباه المرحرر والقراء وللصدق فقط بانني وإن كنت أعتشق مصر وأكن الكثير من الحب والإحترام لمصر ولشعبها الكرام .. ولكني لا ولن أتنكر لأصولي الفلسطينية .. فأنا من أصل فلسطيني .. درست وتخرّجت من جامعة الإسكندرية .. وإن ندمت على شيء فهو عدم معرفتي أو علمي بما تحمله الإسكندرية من تاريخ عريق قرأت عنه في كتب الأستاذ يوسف زيدان .. أعيش منذ سنوات كثيره في لندن .. فيها تعلمت الحب .. والإنسانية والحياة .. ولكني لم أغلق عيني وأذني عن رؤية الجوانب السلبية أيضا في الثقافة الغربية .. وبكن تحرري وتحريري من العبودية التي شلّت تفكيري لزمن طويل .. هو الأساس الذي ثني على الكتابة علّني أستطيع هدم الحواجز بيننا كبشر .. وهي الحواجز التي إخترقتها حين إستعدت إنسانيتي وأصبحت إنسانة لا تؤمن بالحواجز المصطنعه .. وأروّج للحقوق العالمية للمرأة .. مع شكري العميق للمفكر الحر .. وتقديري للقراء ..
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.