كلنا شركاء
في احدى الفضائيات وفي رد على سؤال حول شكل الدولة السورية في نظر الاخوان المسلمين أجاب الاستاذ رياض الشقفة
( هي دولة مدنية بمرجعية اسلامية ).
توقفنا عند هذا الجواب لما فيه من غموض يسمح بتفسيرات مختلفة تدعو للشك حيث كانت الساحة السياسية السوريةدائما
محكومة في علاقتها بالاخوان بعامل عدم الثقة بتعهداتهم .
في هذا المجال لابد من تفصيل قد يتسع له صدر الاخ رياض وهو اصلا من عائلة محترمة ومحافظة في مدينة حماة وكان اغلب افرادها وشبابها وما زالوا في تنظيم وتيار الاشتراكين العرب.
بعد وفاة الرئيس حافظ الاسد حمل الينا الاستاذ منصور الاطرش مبادرة المرشد العام للاخوان المسلمين في سورية
الاستاذ البينوني وطلب راي حركتنا بها.
المبادرة تقول ( ان الاخوان ينبذون العنف ويقبلون العمل بالوسائل السياسية وبمبدأ تداول السلطة ولا يعتبرون الرئيس
بشار الاسد مسؤولا عن الماضي ).
الاساذ الاطرش كان ميالا الى عدم تصديقهم لانهم ينكثون بتعهداتهم اذا توفر لهم ظرف مناسب .
من ناحيتنا كان جوابنا ايجابيا واعتبرنا المبادرة عملا شجاعا يمثل تطورا معتدلا وجديدا يجب تشجيعه وقد يساعدنا جميعا في جهودنا لتحقيق مصالحة وطنية تبدد المخاوف من حرب طائفية وكنا أميل الى تصديقهم لان الاستاذ البينوني يمثل الجناح المعتدل الذي لم يشارك في العنف ولا يريد تكراره . وقلنا لا بد من اعطاء فرصة لهذا التوجه لا ان نرفضه .
مبادرة الاستاذ البينوني لم تتحدث عن مرجعية دينية بل عن العمل بالوسائل السياسية وبمبدأ تداول السلطة في حين ذهب الاساذ رياض بعيدا عن المرجعية الانتخابية الى مرجعية دينية لم ترد في تعهد الاستاذ البينوني. وهذا يعكس مجددا عودة
جناح الطليعة العنيف والذي كان وراء احداث 1982 في حماة الى قيادة الجماعة .
اذا كانت عبارة دولة مدنية الواردة في حديث الاستاذ رياض تعني دولة غير عسكرية فنحن على وفاق فقد سئمنا حكم العسكر الذين بانقلاباتهم حولوا سورية الى عصر الاستبداد ونشروا الاحكام العرفية لمدة 59 عاما من اصل عمر الدولة السورية البالغ 67 عاما لذلك لابد من ايضاح لمفهوم الدولة المدنية في الديمقراطيات الحديثة لانها تعني انها دولة القانون والمؤسسات والاحزاب والانتخابات وفصل السلطا ت وتداول السلطة عن طريق صناديق الاقتراع لا باي حق مقدس ولا بقوة البندقية لذلك لابد من توضيح لشعار الدولة المدنية في ظروف سمعنا فيها من بعض التيارات رفضا لوجود الاحزاب والبرلمانات والانتخابات .
الامر الثاني في الحديث هو عبارة (مرجعية دينية )وهي عبارة غامضة تحتمل تفسيرات مختلفة ووتتعارض مع ما سبق ان قبل به وطرحه الاخوان وفي التفاصيل ما يدل على التناقض وعدم الالتزام بأي تعهد سياسي وهو الامر المؤسف لانه لا
يساعد ابدا على بداية واقعية لمستقبل العمل السياسي.
في عام 1950 كانت المرجعية الدينية في نظر الشيخ الاستاذ مصطفى السباعي اثناء اعداد دستور 1950 هي(دين رئيس
الدولة الاسلام والشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع ).
في النقاش بين الاستاذ اكرم الحوراني والاستاذ السباعي حول ذلك قال الحوراني ان النص على دين رئيس الدولة الاسلام
غير ضوري لانه تحصيل امر حاصل ما دام 80% من النواب من المسلمين وثانيا لان مثل هذا النص يتعارض مع المادة الدستورية المتفق عليها والمتضمنة ان جميع السوريين متساوون في الحقوق والواجبات
وعن النص على ان الشريعة الاسلامية هي مصدر التشريع قال الحوراني يا استاذ مصطفى هل صدر في سورية منذ الاستقلال حتى الان اي قانون يخالف الشريعة الاسلامية ؟ اجاب الشيخ لا اعتقد ذلك فقال الحوراني بدون اي نص دستوري لا احد يريد مخالفة الشريعة فلماذا اقحام ذلك في الدستور في بلد تعددي واستدرك مقترحا النص التالي ( الشريعة الاسلامية هي مصدر رئيسي من مصادر التشريع) وقال اذا كانت الشريعة مصدرا رئيسيا فهذا يعني عدم جواز مخالفتها من المصادر الاخرى وبالتالي ننتقل من تطبيق الشريعة الى عدم جواز مخالفتها وهذا يكفي ولا يخلق اي
مشاكل في البلد.
الاساذ السباعي وافق على هذا النص وقبل به وظل متمسكا بدين رئيس الدولة الاسلام دون اي تحديد لعبارة الاسلام في ظل وجود طوائف اسلامية عديدة معتبرا ذلك تحصيل حاصل ولكن بنص.وتوافق الرجلان على نص موحد ( دين رئيس الدولة الاسلام والشريعة الاسلامية مصدر رئيسي من مصادر التشريع )
صدر الدستور السوري بالاجماع وهو يمثل اتفاقا اجتماعيا على العيش المشترك في ظل نظام ديمقراطي برلماني وهو الافضل حتى الان للبلد الذي دمره الاستبداد العسكري .
الان ما يجب فهمه ان سقف المرجعية الذي يمكن توافق كل النسيج عليه هو مرجعية دستور 1950 فاذا كان الاستاذ
الشقفة ي لايريد تجاوز مبادرة الاستاذ البينوني وموافقة الشيخ السباعي في موضوع المرجعية فعليه ان يوضح ذلك صراحة لكي لا يستند اي طرف على غموض النص فيذهب بنا الى وضع تطير معه دولة القانون والمؤسسات وننتقل من استبداد الى آخر ولا تشرق شمس الحرية في بلد قدم مئتي ألف شهيد.
نحن في حركة الاشتراكين العرب نحترم الدين ولكن لا نستخدمه في السياسة وليس واردا ان نلغي حضوره في وجدان الناس لابنص دستوري ولا بالعنف فهل يوضح الاستاذ الشقفة الامر لكي لانقول مرة أخرى ان الجماعة لا تلتزم بتعهداتها وما ان تصل الى السلطة تلقي بتعهداتها في سلة المهملات … هذا هو السؤال .
الامين العام المساعد لحركة الاشتراكين العرب
1-8-2013