أي صدقوني يا جماعة الخير أنني أتمنى أن يظهر شيء جديد ولا أسمع عن الإسلام أنه لا يتعارض معه , فحين ظهرت
الداروينية كان الإسلام يتعارض معها وقبل ذلك تعارض مع الشيوعية والاشتراكية وحين ظهرت هندسة الجينات تبين أن الإسلام يتعارض مع الاستنساخ , ومع اتفاقيات السلام ويتعارض مع المجتمعات المدنية الحديثة , أرجوكم جميعاً أن تخبروني عن أي مبدأ في الكون لا يتعارض معه الإسلام , ومع اتفاقية سيداو يتعارض ومع تعدد الأزواج للمرأة يتعارض ومع إطلاق الحريات يتعارض وأنا لا أريد من الإسلام أن لا يتعارض مع شيء وإنما أحاول هنا تفسير ظواهر كثيرة أهمها اضطهادي واضطاد المبدعين لأن أي مبدع مهما كان اتجاهه أو شكله أو لونه أو طوله أو عرضه سيكون الإسلام ضده , لذلك سيقى الإسلام محافظاً على هيمنته علينا , فبفضل الإسلام العظيم ضعفت أمتنا العربية والآسيوية وأصبحنا بلا حضارة عصرية ذلك أن الإسلام يتعارض مع أي مبدأ في الكون عرضاً وطولاً وشرقاً وغرباً وشمالاً وجنوباً, وأنا أعيد وأكرر وارجو ا منكم جميعاً أن تحضروا لي أي اتجاه فكري أو مذهبي لا يتعارض معه الإسلام وذلك حتى أعتنقه وأجري صفقة عالمية مع الإسلام أنالُ فيها كرامتي وحريتي .
الله على المفتري إذا بفتري على أي شيء , ما أقوله واضح للعيان , وسبب عدم اندماج العرب في أي نظام اجتماعي آخر سببه الاسلام الذي يرى في نفسه حلاً لكبرى المشاكل ولقد سمعتُ مرة وأنا صبي في إحدى المساجد مقولة لأحد الشيوخ قال فيها : والله في الولايات المتحدة الأمريكية يومياً يناشدون علماء الاسلام الأفاضل من أجل أن يضعوا لهم حلاً لكبرى مشاكلهم , والله هم غير قادرين على حل مشاكلهم ويحاولون الاستعانة بنا نحنُ المسلمون لكي نحل لهم مشاكلهم .
ومن ثم صمت الشيخ قليلاً ثم قال : والله هذا الدين بحاجه إلى جهد لنشره بين الناس.
ونظرة الاسلام للكون تشبه نظرة المجتمع المدني الشيوعي الذي كان يرى في نفسه أنه الحل الوحيد لكل شيء لذلك كانت تخلوا حياة المجتمعات الشيوعية ليس من الكنائس والمساجد وإنما من نبع الحياة كله ومن تدفق ينابيع الحياة في الشعور وفي الوجدان, واليوم الاسلام يفعل ما فعلته الشيوعية وهذا يفسر لنا سبب خلو الشارع العام الاسلامي من التعددية الفكرية فلا نستطيع أن نشاهد العلماني والواقعي والوجودي والتجريبي , وأي مفكر في الدول العربية يكون مضطهداً والاسلام هو أداة إضطهاد الناس .
الإسلام يتعارض مع كل أشكال الحياة وهذا ليس اتهاماً بل هذا ما يقوله الإسلام عن نفسه حين يعتبره المنظرون له من أنه دين شامل لكافة نواحي الحياة فيه إشتراكية وفيه رأسمالية وفيه تطور وفيه عقلانية ووجودية ومؤثرات إدرامية ووسطية وحرية وشورى ومكافحة للفساد وعدالة وفيه نظام جمهوري ونظام ملكي ونظام ديموقراطي وهذا يعني أنه هو البديل عن كل شيء حتى في النهاية سمعنا أقوالاً تقول (الإسلام هو الحل) ,من هنا يجب أن نعرف أن هذا الكلام تنظيراً وحلاً وبديلاً لكل شيء في الوجود وأن الإسلام يحل بديلاً محل كل شيء في الحياة , وأريد القول مرة أخرى من أن أي إنسان يرى في نفسه كل شيء سيدرك بعد فترة وجيزة أنه لا شيء , وأن الذي يقول عن نفسه أنه : طبيب ومهندس ودكتور وعالم رياضيات وعالم أحياء وأديب وشاعر وفنان ورسام وممثل ستعرفون بعد فحصه أنه لا شيء مما ذكر و على رأي المسيح(من أراد كل شيء خسر كل شيء) , وكذلك أي معتقد يرى نفسه كل شيء يكون في الواقع وفي الحقيقة لا شيء , فأنا أو أنت حين نقول عن أنفسنا أننا أساتذة في العلوم والاحياء والجيولوجيا معنى ذلك اننا لسنا أي واحدة مما ذكر .
وهذا ما يحصل مع الدين الإسلامي الذي يرى في فكره وعقيدته ديناً شاملاً لكل نواحي الحياة وهذا دليل على أن الإسلام ضد كل شيء لأنه يرى في ذاته كل شيء.
وحين بدأتُ شاباً يفتح بعيونه على كافة مناحي الحياة الفكرية كنتُ أشاهد مشاهد عنيفة ومكثفة من دشاديش بيضاء قصيرة تجوبُ الحارات وهو ما عُرف باسم (رجال الدعوة) وكان كل شخص يريد أن يستفيد مالياً يلبس دشداشة بيضاء ويطلق لحيته ويضع في جيبته قرآناً صغيراً وسواكاً ويحفظ قصتين من كتاب رياض الصالحين وبعد ذلك يخرج للشارع يهدي الناس كما كان صحابة الرسول عليه الصلاة والسلام يمشون بين الناس من أجل هدايتهم وكنتُ أسمع الناس يقولون : ماشاء الله هذا الله هداه بعد ما كان داير هامل سكير , سبحان الله صار شيخ وألله رزقه وصارت عنده أموال ما ابتوكلها النيران.
وكل من كان طفراناً وبلا أي مهنة كان يطلق لحيته ويتخذ من الإسلام تجارة من أجل أن يصبح غنياً , والخطورة لا تكمن هنا ولكنها تكمن في النزاع والمنافسات على منطقتنا العربية من المحيط إلى الخليج حيث أنها مطمع للشيوعية وللنازية ابان الحرب العالمية الثانية , وكانت النازية الشرارة الثانية التي دفعن بالنظام الرأسمالي لكي يدفع بنهر من الإسلاميين لكي يبثوا دعايتهم أولاً ضد الشيوعية وثانياً ضد النازية وعن هاتين الطريقتين نشأت أوهام مستقبلية عن الإسلام من أنه دين شامل لكل نواحي الحياة , وتجددت المخاطر حين ازدادت الأوهام التي لا يمكن تكذيبها من الإسلام صالح لكل زمان ومكان .
والآن لدى المسلمين أوهام معقدة يعتبرون الدين الإسلامي بديلا حتى عن الديمقراطية لأن في الإسلام (الشورى) وهذا النظام هو الذي يكفل للمسلمين تحقيق الحرية والديمقراطية وهذا أكبر تشويه لصورة الإسلام وللشورى وللديمقراطية فالديمقراطية ليست نظام شورى إسلامي قديم بل هي : اشتراك كافة الاتجاهات الفكرية العصرية في الحكم والسماح للجميع بالتعبير سواء أكانوا علمانيين أو اشتراكيين أو وجوديين أو …إلخ , أما نظام الشورى فهو جلوس جماعة الحزب الواحد للتشاور في موضوع هام , مثل القبيلة العشيرة العائلة الكبيرة حين يجلسون للتشاور حول موضوع هام يخصهم , لذلك الشورى تخص المسلمين في أمور حياتهم وليست شاملة لكل مناحي الحياة التعبيرية والفكرية وليست بديلة عن النظام الديمقراطي , فالنظام الديمقراطي هو إطلاق الحريات وليس إطلاق اللحى .
لم يكن أمامي أنا وغيري إلاّ (الإسلام) كدين رسمي وفكري , وكنتُ أذهبُ للمسجد وأنا صبي للاستماع إلى الدروس والو عض التي يبثها رجال الدعوة أو الصحوة الإسلامية في المساجد ولم أكن أسمع غير (أن الدين الإسلامي شامل لكل نواحي الحياة) وحضرتُ مرة فلماً مطولاً وثائقياً عن الفرعون كيف أنجاه الله بجسده ليكون عبرة للناس على مر العصور ولكن بعد عشر سنوات عرفت بأن الشيخ كان يكذب أو يجهل بأن الفرعون (مُحنط) تحنيطاً رسمياً ولم ينجه الله ليكون عبرة للناس , وبعد ذلك يصمت الشيخ والناس مشنفةً أذانها فيقول قاطعاً عليهم لحظات الصمت وبكل هدوء أعصاب : والله يا ×وان هذا الدين بحاجة إلى الجهد منا جميعاً أنا وأنتم وكل غير على الإسلام.
وكذلك حضرتُ مرة درساً لأحد الشيوخ قال فيه : داروين اللعين هذا النصراني الكافر اليهودي الحاقد الشيوعي الملحد الزنديق النازي يقول إذا أحضرنا قميصاً ووضعناه في الخزانة لمدة 100 يوم فإنه سيصبح فأرا تخيلوا معي هذا الزنديق الكافر , والإسلام من 1400 سنة كشف حقيقة الخلق فكسونا العظام لحماً .
وبعد ذلك كان الشيخ يصمت قليلاً والناس فاتحةٌ أفواهها ومن ثم يقول لهم بصوت كله هدوء : والله يا إخوان هذا الدين بحاجة إلى جهد.
ومن ثم كانوا يخرجون للشوارع يدعون الناس للإسلام وللصلاة وكانوا يأتون على الناس وهم جلوس على أبواب الدكاكين وكنتُ أشاهد الناس وهم يهربون منهم ومن تواجدهم فكنتُ ألاحظ الناس تدخل بيوتهم حين يكونون جلوساً على عتبات بيوتهم .
لذلك كان عندي وعند غالبية الناس اعتقاد من أن الرسالة الإسلامية أرسلها الله للناس كافة وأن كل الأنبياء والرسل كانت رسائلهم غير شاملة لأن الله كان يرسلهم فقط إلى أقوامهم ما عدى محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم حيث اختاره الله ليكون هادياً ومبشراً لكل القبائل , لذلك ارتبطت هذه الكلمة بمصطلحات خطيرة بحيث أصبحت الأوهام محل العلم والحقيقة وأصبحت الناس ترى أن الدين الإسلامي صالح لكل زمان ومكان وأنه شامل لكافة نواحي الحياة .
وظهرت عناوين كتب- في الخمسينات وبداية الأربعينات وحتى نهاية الثمانينيات- بأسماء متشابهة مثل (الإسلام والاشتراكية) أي أن الإسلام دين اشتراكي وفي الإسلام نظام اشتراكي فعلى من يرغب أن يكون اشتراكياً ما عليه إلا الدخول في الدين الإسلامي وبذلك يصبح اشتراكياً على مبدأ الرسول عليه الصلاة والسلام القائل(الناس شركاء في ثلاث , النار, الماء, الكلأ), و كتاب (عبد الرحمان الشرقاوي ) (و (اشتراكية محمد) ومسرحية توفيق الحكيم ( محمد رسول البشرية-الحرية- ) وعبقريات العقاد (عبقرية محمد) وسلسلة العبقريات كلها وهنالك عشرات الكتب والتي سأتحدُثُ عنها لاحقاً لأن المهم هنا والأهم الكشف عن أسباب اعتبار الإسلام دين شامل لكل نواحي الحياة حتى أصبح لدى المسلم اعتقاداً راسخاً من أن الإسلام ضد كل شيء حي : فالإسلام مثلاً يتعارض مع كل شيء , يتعارض مع الدين اليهودي ويتعارض مع المسيحية الكاثوليكية والبروتستنتية والأرثوذوكسية ويتعارض مع حرية المرأة ويتعارض مع الديمقراطية و المساواة بين الجنسين والتمثيل والسينما وحرية التعبير طالما أنها تمس الدين والعقيدة .إلخ.
وكل هذا الوهم بسبب وجود عدة اتجاهات فكرية وسياسية كان الإسلام هو الدين الوحيد القادر على دحض مثل هذه الأفكار .
لم يكن قبل عام 1940م ديناً إسلامياً في الدول العربية فهذا الدين انتشر وظهر بدعم أمريكي فأمريكيا هي من أحيا النظام الإسلامي وهي الآن تدفع ثمن غلطتها لأن عملية الإحياء كان مبالغاً فيها وما زال المسلمون إلى اليوم ضحية هذه المبالغة وغير قادرين على الانخراط في النظام الاجتماعي والسياسي الحديث , حتى أن عملية السلام بين العرب وإسرائيل من الواضح أنها معرقلةٌ بسبب دعاية الإسلام عن اليهود بأنهم زوروا دينهم هُمْ والنصارى .
حين جاء الاستعمار كانت المنطقة تريد أن تستيقظ على صوت الليبرالية والحرية , ولكن فجأة ظهر دين جديد اسمه (الإسلام) بفضل الدعم الأمريكي والنظام الرأسمالي , ولم تكن للناس أي فكرة عن هذا الدين حتى أن فلم الرسالة الذي أخرجه مصطفى العقاد لم يكن ذا نظرة علمية حقيقية بل جاء ليتوافق وما تطرحه الليبرالية من أفكار حول المعتقدات الأخرى : وظهر محمد عليه الصلاة والسلام وهو يرسل بالرسائل للرسل وكيف دخل الدين الإسلامي إلى مصر وهذا أكبر تزوير تاريخي لكيفية دخول الإسلام إلى مصر لأن الإسلام قد دخل مصر من خلال السريانيين الذين أسلموا ودخلوا مصر أو من خلال العرب الذين هربوا إلى مصر والقصة طويلة , ومن هنا كتب المنظرون لإسلام بناء على رؤيتهم للمنطقة وما يحيط بها من تدخلات أجنبية مثل : الشيوعية والاشتراكية والليبرالية والوجودية , لذلك كتب ونشر الإسلاميون هذا الدين ليتعارض مع وجود أي فكر آخر في المنطقة ولم يكتبوا عن رسالة الإسلام الحقيقية وأن الدين الإسلامي الذي بين أيدينا اليوم ليس هو الدين الدين الذي كان قبل 1450 سنة , لذلك ظهرت دعايات مضللة تقول بأن الإسلام صالح لكل زمانٍ ومكان وبأن الإسلام دين شامل لكافة مناحي الحياة وبأن الإسلام أعظم من الشيوعية وبأن الإسلام أعظم من المسيحية وبأن الإسلام هو الدين الوحيد الشامل والكامل لكافة مناحي الحياة .
وقرأتً عن (عباس محمود العقاد ) أنه قال : هاجمت النازية والاشتراكية والملحدين والعلمانية والماركسية والوجودية والشيوعية ورددتُ على المشتبهين على الإسلام ..و..,.
وقال أيضاً: حين كانت أي حكومة مصرية تريد من أحد أن يرد على النازية كانوا يطلبون من العقاد الرد, وحين كانوا يريدون من أي أحد أن يرد على الشيوعية كانوا يطلبون ذلك من العقاد وحين يريدون الكتابة ضد الليبرالية والصهيونية كانوا يستنجدون بقلم العقاد وفي نهاية العام كان هنالك كُتّاب غيري يحصدون جوائز الدولة التقديرية ..,….
والموضوع لا تكمنُ خطورته هنا بل تكمن خطورته من أن العقاد كان اتجاهه إسلاميا عقلانيا أو وسطياً وهذا النهج انتهجه بعد أن بلغ سن الأربعين حيث كان ملحداً ولكنه تحول مع التحولات العالمية إلى الكتابات الدينية ضد ما يسمى المعسكر الاشتراكي , وهنا تكمن الخطورة وهو أن المنظمين السياسيين كانوا يجلبون المنظرين الإسلاميين للكتابة عن الاشتراكيين ورد الشبهات حول الإسلام وما شابه ذلك , والعقاد ليس الوحيد الذي انتهج هذا النهج بل أيضاً سيد قطب وخصوصاً في كتابه (معالم في الطريق ) و(شبهات حول الإسلام)و(العدالة الاجتماعية في الإسلام) وعدى عن ذلك برزت في تلك الحقبة اتجاهات حزبية إسلامية مثل جماعة الإخوان المسلمين للكتابة ضد كل شيء في الحياة .
وتبين بعد هزيمة المعسكر الاشتراكي أن الإسلام أيضاً ضد العلمانية والحريات العامة والمساواة بين الجنسين.