الإنسان الخلوق هو الذي يصرخ عندما يتألم غيره، ولا يتبلّد ضميريّا حتى تصل النار إلى سرواله

بعض الأصدقاء، وأغلبهم أردنيون، تساؤلوا لماذا لم أعلّق على الجريمة التي ارتكبتها داعش بحق الطيار الأردني المرحوم معاذ الكساسبة!
لم أتمكن ـ كعادتي ـ من رؤية تفاصيل الجريمة على النت، فلقد هزتني من عمق أعماقي…
لقد صعقتني علما بأنها لم تفاجئني ا!
….
هذه الجريمة تتكرر يوما على مسرح حياتنا منذ ألف وأربعمائة عام، ولا أحد يصرخ حتى تصل النار إلى سرواله!
وصراخه يتوقف على أهميته الدولية، وأهمية الحكومة التي تمثله!
إن كان مهما على الصعيد الدولي السياسي، يتعالى صراخ الجميع معه، وإن لم يكن مهما يصرخ ولا أحد يسمع صراخه!
….
أبو مصعب الزرقاوي روّع العراق على مدى سنين، لم نسمع خلالها أي تصريح للحكومة الأردنية تستنكر فيه جرائم الزرقاوي وتتبرأ منه!
عام ٢٠١١ فجر أردني نفسه في العراق في باحة مدرسة ابتدائية وقتل ٢٨ طفلا، ظلت عشيرته في الأردن ترقص فرحا حتى الصباح، تحتفل بانتصار ابنها “الشهيد”!!
ناهيك، عن آلاف الجرائم التي نفذها أتباع محمد في الشعب السوري، اقلها شق صدر جندي وأكل قلبه على الملأ!
لم نسمع على أثرها همسة لـ “جلالة” الملك الأردني!
….
يقول تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا أثناء الحرب العالمية الثانية، وأعظم رؤسائها:
“عندما تهادن التمساح سيؤجل أكلك للأخير”!
وهناك مثل انكليزي أيضا يقول: اللسان البذيء يعض نفسه!
لذلك، وأمام صمت المجتمعات الإسلامية، وصل التمساح الإسلامي إلى سراويل من هادنه، وراح يعض لسان ذاته!
….
على صفحات الميديا الإجتماعية كثيرا مانقرأ: “أمريكا خلقت داعش”!
عندما أفكر في الأمر مليا، وأتصور ـ ولو لحظات ـ صحة هذا الإدعاء، لا يسعني إلا أن أقول:
تبارك اسم أمريكا وتعالى!
يا أولاد الأفاعي…
ألف وأربعمائة عام وأنتم تزعقون من على منابر مساجدكم، ومن قاعات برلماناتكم، وفي مدارسكم، وفي شوارعكم، وداخل مراحيضكم: لا حلّ إلا الإسلام!!
أين الخلل إذا ساعدتكم أمريكا كي تروا ذلك “الحل” على أرض الواقع؟؟
على حد قول جدتي أم علي: افقوا ها الدمل وريحونا!
المثل الأمريكي يقول
: Seeing is believing،
(عندما ترى تصدق)، والمثل العربي الذي يقابله يقول: الخرا لا يصدق حتى يرى!

إذن، ربما توصلت أمريكا إلى قناعة، بناءا على رأي خبرائها السياسيين وعلمائها في حقل علم النفس والسلوك، أن أفضل وسيلة لشن حرب
على تلك الإيدلوجية الإرهابية هو مساعدة أنصارها على تطبيقها!
طبعا، أقل الطرق خسارة لأمريكا، وأكثرها ضمانا، أن “تقلي الفريسة في دهنها”!!
….
ما الفرق بين داعش ومحمد؟
لاعجب إن خرج منافق وقال: محمد لا يمثل الإسلام، فهم قاب قوسين أو أدنى من ذلك الإدعاء!
لا يهمني مافعل أبو بكر في حروب الردّة من قتل وهتك أعراض وتمثيل بالجثث، لأن قتل الأفعى يجب أن يبدأ برأسها!
الآية القرآنية تقول: “أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف”
بغض النظر عن سبب القتل، ما الفرق بين أن تضرم النار في شخص وهو حي وبين أن تقطع يديه ورجليه من خلاف؟؟؟
قد تكون الطريقة الأولى أرحم وأقل تعذيبا!!!
….
ياأولاد الأفاعي…
هذه الآية وتفسيرها، الذي هو أكثر ترويعا منها والمعترف عليه في كل كتب التفسير، تُقرأ وتدرّس بدون أدنى إحساس بالخجل!
بناءا على ذلك التفسير: القى محمد القبض على مجموعة من الرعاة، وقطع ايديهم وأرجلهم من خلاف، ثم سمل أعينهم وتركهم يموتون ببطئ في الصحراء!
فعلها بحجة أنهم أفسدوا في الأرض، وهل حجة داعش التي تبرر حرق الطيار الأردني أقل أهمية أو مصداقية؟؟
هذه الآية وتفسيرها، موجودة في كتب الأزهر، وفي كل كليات الشريعة على أمتداد الوطن العربي، وفي كتب أكثر من عشرة آلاف معهد من معاهد الأسد في سوريا لتعليم القرآن، فلماذا تزعقون عندما ترتكب داعش جريمة على غرار خطى نبيها “الكريم”؟؟؟؟
تطالبون بالإسلام وعندما تساعدهم أمريكا على تطبيقه، تزعقون وتولولون؟؟؟؟
….
يا أولاد الأفاعي…
لنفرض جدلا أن هناك دينا في أقاصي الصين، يتلو على أتباعه الآية التي تقول: “قال المسلمون يد الله مغلولة غُلت ايديهم ولعنوا بما قالوا”
على غرار الآية القرآنية التي تقول:(وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا)
ولنفرض جدلا، أن للمسلمين قوة توازي قوة اسرائيل اليوم: هل يلومهم أحد على خلق داعش الصينية، كي يدرك أفراد تلك القبيلة الصينية قباحة آيتهم؟؟؟؟
….
ختاما، الإنسان الخلوق يرفض الظلم بغض النظر على من يقع…
الإنسان الخلوق هو الذي يصرخ عندما يتألم غيره، ولا يتبلّد ضميريّا حتى تصل النار إلى سرواله…
بناءا على قناعتي المطلقة تلك، أقول: جريمة حرق الطيار الأردني اُضيفت إلى سجل الجرائم التي ارتكبها الإسلام منذ أن صاح محمد “جئتم بالذبح” وحتى تاريخ تلك اللحظة، ذلك السجل الذي بنيت عليه موقفي من الإسلام، وبنيت عليه قراري بضرورة محاربة تلك التعاليم الشريرة!
……
بعيدا عن آلامنا وصراخنا، أود أن أقدم لكم هذه الهدية…
تذكروا: كما يرى جان شميد الله في كل شيء جميل، أستطيع أن أرى الشر في التفاصيل الكبيرة والصغيرة للسيرة المحمدية، وفي القرآن نفسه، منذ بداية الإسلام وحتى تاريخ تلك اللحظة!
نعم، عندما ترى تصدق، وعندما تقرأ بعقل منفتح وبلا خلفيّات تستطيع أن تكتشف الحقيقة التي تبحث عنها!
مع أحرّ تعازي لأهل الطيار، ولذويه ولكل الأردنين، علما بأنه لم يصلني تعزية من أردني على مقتل أكثر من ثلاثمائة ألف سوري!

kassasbaburndaiish

About وفاء سلطان

طبيبة نفس وكاتبة سورية
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

One Response to الإنسان الخلوق هو الذي يصرخ عندما يتألم غيره، ولا يتبلّد ضميريّا حتى تصل النار إلى سرواله

  1. س . السندي says:

    خير الكلام … بعد التحية والسلام ؟

    ١: ليس البلاهة بغريبة على أمة جحا ؟

    ٢: يحكى ذات يوم صرخت زوجة جحا به لتقول له إنهض ياجحا فهنالك من يغزوا أرض السواد ( العراق) فقال لها لا تقلقي إنها إشاعات أعداء الوطن ؟

    وبعد أيام أنهضته ليلا لتقول له أنهض يقال إن الغزاة على مشارف بغداد ؟
    فقال لها لا تقلقي فجيش أمير المؤمنين قادر على سحقهم ؟

    وبعد ساعات هرعت إليه لتوقضه من نومه لتقول له إنهض ياجحا فإن رحى الحرب تدور في محلتنا ؟
    فقال لها إذهبي نامي ولا تقلقي فليس لدينا ما نخشى عليه ؟

    ولم تمضي إلا سويعات قليلة حتى هرعت إليه لتوقضه إنهض ياراجل فهناك من يتسور جدران البيت ؟
    فقال لها أسرعي الى فراشة ولا تأتي بأية حركة ؟

    وبعد لحظات قليلة وفي حلكة الليل الدامس صرخت جحا جحا هنالك من يطبطب على مؤرختي ؟
    فقال جحا الحمد لله مؤخرتك ولا مؤرختي ؟

    الخلاصة ..؟
    ألا يدلل مايحدث لاوطاننا وشعوبنا أن غالبيتنا من قوم جحا والباقي من قوم لوط و الخليفة ، سلام ؟

Leave a Reply to س . السندي Cancel reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.