د. ميسون البياتي
ولد أحمد نجيب فاضل قيصاكورك عام 1904 وتوفي عام 1983 وهو شاعر تركي وروائي وكاتب مسرحيات تجلت في ادبه تاثيرات الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون الذي كان استاذه مثلما تجلت في كتاباته تأثيرات الإمام أبو حامد الغزالي الفيلسوف المتصوف الإسلامي
كتب عن نفسه انه ولد في قصر كبير عام 1904 في أحد الشوارع المؤديه الى قصر السلطان احمد . والده عبد الباقي فاضل كان قد تسنم عدة مناصب قضائيه في تركيا اما والدته فكانت مهاجره الى تركيا من جزيرة كريت وقال إنه ترعرع في بيت جده احمد حلمي أفندي , اما إسمه فقد أختير له من دمج إسمي جده أحمد نجيب وإسم والده عبد الباقي فاضل فأصبح اسمه : احمد نجيب فاضل
جده احمد نجيب هو من علمه القراءة والكتابه وهو في الخامسة من عمره ثم تدرج في عدد من المدارس الإبتدائيه ومنها المدرسه الفرنسيه في استانبول ثم كلية روبرت الفرنسيه في استانبول كما انه درس في المدرسة البحريه , كما تلقى دروساً في الدين من أستاذه احمد حمدي ودروساً في العلوم على يد استاذه ابراهيم عشقي حيث تعمقا في دراسة العلوم والآداب والفلسفه والرياضيات والفيزياء وأن ابراهيم عشقي هو أول من عرّفه على الصوفيه وأنه بعد إنهائه المدرسة البحريه إنتسب الى قسم الفلسفه في دار الفنون ودرس فيه بين عامي 1921 _ 1924 ثم تخرّج منه
حصل على بعثه الى باريس فدرس مدة عام واحد في كليه الثقافه بين عامي 1924 _ 1925 ثم عاد الى تركيا عام 1926 . عمل في هولندا ثم في البنوك العثمانيه بين عامي 1926 _ 1939 وأعطى محاضرات في كليات اللغات والتاريخ والجغرافيا والدوله في كونسرفتوار انقره وكلية الفنون الجميله في استانبول بين عامي 1939 _ 1942 وخلال هذه الفتره أسس علاقته مع الشباب ومع الصحافه وإعتزل الخدمة المدنيه ليبدأ بتحصيل رزقه من كتابته في الصحف
أول جائزه حصل عليها احمد نجيب فاضل كانت عام 1947 عن مسرحيته ( حجر الصبر ) وكانت من حزب الشعب الجمهوري , اما آخر جائزه حصل عليها فكانت عام 1980 كأعظم مكافأه ثقافيه تقدمها وزارة الثقافة التركيه الى ( أعظم شاعر تركي على قيد الحياة ) وكانت لمناسبة بلوغه سن 75
توفي احمد نجيب فاضل عام 1983 في منزله بعد طول معاناة مع المرض الذي لم يقعده عن نشاطاته الأدبية والثقافيه ودفن في مقبرة أيوب بعد مجلس عزاء مهيب
بعد عودته من باريس الى تركيا إستقر في أنقره وأصدر صحيفه تدعى الشجره عام 1936 بالتعاون مع الدعم المالي الذي كان يتقاضاه من البنوك التي عمل بها وقد كتب في هذه الصحيفه العديد من الكتّاب أصر فيها احمد نجيب على النهج الروحاني العقائدي المخالف للمنهج الشيوعي الذي بدأ يغزو تركيا في تلك الفتره , وبعد نشره 6 مجلدات من هذه الجريده في أنقره نقلها الى استانبول غير أن عجزه عن إيجاد قاعدة عريضة من القراء لجريدته أرغمه على إغلاقها بعد تمام صدور المجلد 17 منها
أستاذه ابراهيم عشقي كان قد اهداه في فترة مبكرة من حياته كتابين في التصوف الأول هو ( ثمرات ) وهو من تأليف ساري عبد الله أفندي والثاني بعنوان ( ديوان نقش ) هذان الكتابان صاغا النظره الصوفيه لأحمد نجيب فاضل , اما المؤثر الكبير الثاني فكان لقاؤه بشيخ الطريقة النقشبنديه عبد الحكيم الأوراسي عام 1934 وبسبب ذلك ألّف كتابه ( هو وأنا ) واستمرت علاقته به 9 سنوات لم تنقطع
بالنسبة الى أشعاره فقد نشر أول كتاب شعر له وكان في 11 من العمر ويحمل عنوان ( بيت العنكبوت ) ثم كتاب ( الأرصفه ) عام 1928 أما آخر ديوان له فقد صدر عام 1972 وعنوانه ( لوحات من السيرة المقدسه ) ويضم 63 قصيده منها قصيدة ( الزمان ) التي تتحدث عن الصفات العامه للسيرة النبويه . أشعاره بشكل عام تتضمن العديد من الرؤى الفلسفيه وقضايا الوجود والحياة والفناء والمعرفه
نشراحمد نجيب فاضل ما يزيد على 100 كتاب تحدث فيها عن السياسه والشعر والتاريخ وبضمنها مجموعة من الروايات والمسرحيات ودواوين الشعر ضمت آراءه ورؤيته في الحياة ولم يترجم منها الى العربية إلا القليل
في العام 1943 أصدر مجلة الشرق الكبير نشر فيها العديد من الكتابات الصوفيه التي كانت تتعارض مع توجهات تركيا العلمانيه بعد إسقاط الخلافة العثمانية عنها وتحويلها الى جمهوريه , لهذا تمت ملاحقته وسجنه عدة مرات واحدة منها كانت في سجن طوب طاشي وإستمرت عاماً ونصف .. ومن يدري فلعل تكريم أحمد نجيب فاضل في آخر سنوات عمره هو تتويج للمسعى الدولي بتحويل تركيا من العلمانيه الى دولة اسلامية من جديد بتنشيط الأحزاب الإسلامية فيها وتكريم رموزها الذين انتهجوا نهجاً دينيا ً
من يدري كل شيء جائز في عالم السياسه