الآشوريون والقامشلي

الآشوريون و”القامشلي” ، كبرى مدن الجزيرة السورية. للقامشلي مكانة خاصة ومتميزة لدى الآشوريين (سرياناً وكلداناً) وعموم مسيحيي الجزيرة. فهي من جهة المدينة التي وضع لبناتها الأولى (السريان الآشوريين والارمن)، الذين نزحوا هرباً من مذابح 1915. القامشلي أو “نصيبين الجديدة” كما يحلو للآشوريين تسميتها ، لمتاخمتها لمدينتهم التاريخية القديمة “نصيبين” التي ضمتها تركيا ، بموجد اتفاقية رسم الحدود مع سوريا في عهد الانتداب الفرنسي 1923 . “مدرسة نصيبين الآشورية ” الشهيرة، كانت أقدم “أكاديمية علمية” في بلاد ما بين النهرين وفي الشرق ، كانت تعلم مختلف العلوم. الحدود السياسية بين سوريا وتركيا، جعلت من قبر القديس والعلامة (مار يعقوب النصيبيني) من نصيب “نصيبين القديمة” في تركيا، ومن قبر القديسة الآشورية الشهيدة “فبرونيا” التي قاومت الاحتلال الروماني لبلادها ،من نصيب نصيبين الجديدة “القامشلي ” السورية – المسافة بينهما أقل من 3كم . توصف القامشلي، بالعاصمة الثقافية للآشوريين ، لما تضمه من مدارس خاصة بهم تعلم لغتهم السريانية بمختلف لهاجتها (الغربية والشرقية) وطقوسهم الكنسية، وكذلك تضم القامشلي العديد من النوادي والجمعيات الثقافية والفنية والاجتماعية ومطابع باللغة السريانية، وأكثر من عشر كنائس لمختلف الطوائف، ناهيك عن أنها معقل (الحركة السياسية القومية الآشورية) السورية، بمختلف فصائلها وأحزابها وتياراتها. مع التغير الديمغرافي الكبير الحاصل في منطقة الجزيرة ، كما كثير من مدن وبلدات محافظة الحسكة ، شيئاً فشيئاً، فقدت القامشلي هويتها (السريانية الآشورية المسيحية) ،لصالح الهوية الاسلامية(كردية – عربية). خلال العقود الماضية، لأسباب (اقتصادية واجتماعية) وأخرى تتعلق بالتعديات الممنهجة وبالمضايقات السياسية والأمنية كذلك السياسات والممارسات العنصرية، لحزب البعث العربي الحاكم ، هاجر أكثر من 300 الف آشوري(سرياني- كلداني) وعشرات آلاف الأرمن ، من القامشلي وعموم محافظة الحسكة، الى الدول الأوربية وأمريكا ولبنان.
سليمان يوسف

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.