تلك هي الأطروحة الأساسية للمغزى الأخلاقي لرواية الغاب التي صدرت عام 1906 منذ أكثر من قرن التي عاش مؤلفها ابتون سنكلير الأمريكي إلى عام 1968، وهي رواية تقدم صورة عن الحياة الأمريكية في أحد قطاعات صناعة اللحوم ، حيث تتأطر الوظيفة الثقافية والأخلاقية للرواية في هذه الأطروحة (كل من يرتقي في أمريكا فاعلم أنه “وغد ” … لأنه لايمكن أن يرتقي إلا على أكتاف الآخر”، بعد أن يرفسه على أكتافه ليصعد إلى محله ..
هذه الرواية العالمية تتقاطع مع رواية عالمية ثانية (1984) جورج أورويل في التقاط تدمير العالم القيمي والوجداني والأخلاقي والثقافي للانسان في المجتمع السوري خلال المرحلة الأسدية التي صنعها (الكلب المسعور الأب وابنه الأشد عواء وسعارا من أبيه وفق توصيف المتنبي لكلب حارتهم …!!!
زاويتنا اليوم استدعاها اتصال بعض الأصدقاء يسألوني الرأي بما كتبه وزير الثقافة (إمام المؤلهين للأسد ) عن شغله كوزير ثقافة لدى بيت الأسد ،وذلك في كلنا شركاء تحت عنوان (بيان شخصي) …حيث يريد أن يقول لنا بأنه ( ليس كل من عمل مع النظام هم غير شرفاء !!!) وهم ليسوا لصوصا وقتلة ومجرمين) ..بل هو سيقاضي الجميع من المعارضة التي أساءت له أكثر من النظام …….وكأنها بظلمها الوحشي له تجاوزت وحشية الأسد وشرعية مطالبة الشعب السوري بمحاكمته الدولية أمام محاكم دولية ، فالرجل المفوض من المعارضة بتمثيل الشعب السوري، سيحاكمها قبل أن يحاكم طغاتها المتوحشين الأسديين …وهو محق بذلك ..لأن هكذا معارضة تستحق هذا العقاب فعلا، لأنها اختارت الرجل ليكون ضد خياراته الأسدية ..التي يتجسد مثلها الأعلى بنموذج (الوغد ) ..
إن ابتون سنكلير استطاع من خلال روايته في بدايات القرن العشرين (الغاب) التي يصف بها المثل الأعلى الأمريكي في تلك اللحظة أنه (وغد) ، لقد تمكنت هذه الرواية أن تؤثر في التشريعات القانونية الأمريكية وتغيرها، رغم رأيه بأن السلطات الأمريكية حينها كانت وغدة ..فماذا نقول نحن في (غابنا الأسدي ) الذي بدأ بقلع أظافر أطفال درعا ويختمها اليوم بتمويت أطفال مضايا (جوعا) ، هل نذهب مع الأخ المعارض وزير الثقافة بدعوته للمحاكمة الدولية للمعارضة أم للنظام الأسدي الذي كان واحدا منه …!!!
أراد الرجل أن يهزأ بعقل القاريء ليجعل من قضيته موضوعا جنائيا وهي سرق الأثار ….في حين أن مثل هذه الجريمة لدى الشعب السوري هي جريمة الحد الأدنى لأنبل شرفاء النظام كمدراء الأوقاف ..!!
السيد وزير الثقافة يريد أن يحور الموضوع الأساسي الذي جعل منه وزيرا، وهو (رئاسة معبد التأليه الأسدي )، لأن حافظ (الروح الملعونة الأسدية )، كان يريد أن يكون (إلها وطنيا ) وليس (إلها طائفيا للعلويين فقط كسلمان المرشد ..!!!.ففرد كنانته فلم يجد أكثر تفوها وبلاغة وبيانا وبديعا بالإشادة (بذاته وصفاته) أكثر من وزير ثقافة ادلب ابراهيم هنانو ،ونحن عندما نذكر الصفة “وزير”، فذلك ليتذكر القاري أننا نقصد بالوزير في سورياالأسد ليس سوى “وغد” سابقا وحاضرا ولاحقا مادام هناك ثمة حتى رائحة اسدية ولو مؤقتة لساعات -،
ولهذا فعندما يقول بأنه لم يسيء لأحد …فإني أقر بأن الرجل لم يسيء لي شخصيا قط، بل اراد أن يجري معي حوارا منذ عقد ونصف في دبي، في سياق ندوة ثقافية حينها …
لكن الذي يعيش في هياكل معابد المقدس الأسدي، لا يشعر بمدى الإهانة الوطنية التي كان يوجهها هذا الشخص لشعبه وكرامته وليس لنا شخصيا فحسب، كثمن ليصبح وزيرا للثقافة لدى بيت الأسد ..
إننا نقبل بجلسة محاكمة أمام لغويين وبلاغيين وأسلوبيين ونقاد أدبيين ..لنقارن خطابه في مجلس دمى التصفيق الأسدي، للبيعة الرئاسية للتنين الأسدي الأب الفطيس النافق الروح الملعونة، ونقارن بين خطاب وزير الثقافة ،وباقي المنافقين المصفقين من تجار ورجال أعمال لصوص فاسدين بعثيين ومستقلين (ملحقين مخابراتيا ) ،ورجال عمامات النفاق، فسنجده يتفوق حتى على رجال الدين الأسدي ، من حيث تعداد صفات الذات الالهية العليا كصفات للتنين العجوز المسعور، حيث لم يكن بالإمكان قطعا تجاوز سقفه المدائحي التأليهي إلا إذا قرر الجحود والكفر البواح برفع سيده الأسدي فوق مرتبة الألوهة …
هذه الجلسة الشهيرة يبدو أن الوزير استفاد من نفوذه الوزاري حين كان وزيرا، لمنع الجمهور من ممكنات الوصول إلى هذه الجلسة الربانية (الأسدية الفضيحة) التي طاف بحلقة ذكرها الوزير ابن ادلب ابراهيم هنانو، ليكون إمام عار الأئمة الأسديين ، وليرتحل من ادلب روحيا ووطنيا، ليكون ابن القرداحة الأسدية المقدسة وفق مصطلحاته القدوسية الأسدية ….