اشتقتُ إلى نادين البدير

nadinاشتقتُ إلى العذاب معك, اشتقتُ إلى التعب إلى الإرهاق وأنا أفكر فيك,فمتى أنال الوصل وأرتاح من كل هذا التعب؟وهل الوصل مرة ومرتين وألف مرة يشفيني مما أنا فيه؟,اشتقت يا ناس إلى الهجر والصد والتطنيش واللامبالاة بحبي لها, اشتقتُ إلى حديثي عنك مع كل الأصدقاء اشتقت لأثرثر عنك ساعات وأيام طويلة دونما انقطاع, اشتقت إلى عينيك السود, اشتقتُ إلى الغوص فيهما لأملئ منهما عينيا بالدموع, اشتقت إلى البكاء ليلا , اشتقتُ إلى الدخول ليلا في خلوةٍ طويلة لأذكرك أنت وأسمك كثيرا وأسبحك كثيرا وأُقدسك كثيرا وأمجدك كثيرا, فالمرأة أول المعبودات البشرية وأنت أول وآخر معبود أعبده, اشتقتُ إليك إلى امرأة لم أقابلها طوال حياتي إلا مرة واحدة ولمدة خمسة دقائق, اشتقت إلى النوم في أحضان الطبيعة وللحلم بأنني أنام على كتفيك, اشتقت إلى كل شيء جميل في الطبيعة, فأنا أراك في كل شيءٍ جميل, أرى صورتك غيمة ماطرة كل حين,أرى صورتك شمسا واقفة فوق رأسي وأهداب عيوني , وخنجرا مزروعا في قلبي, أراك في فنجان قهوتي وفي ملعقة العسل التي أغطها في فمي كلما اشتقتُ إلى تذوق الجمال, اشتقتُ إلى أوراق الشجر وإلى سيقان الأشجار العارية في(الشونة الشمالية) التي حفرت أسمك على كل واحدة منها, اشتقتُ إلى بريق عينيك, اشتقتُ إلى الضوء الذي يصدر منك وهو يخترق عيني , اشتقتُ لوقوفي بين يديك وكأنك تمثالٌ برونزي,اشتقت للعذاب معك, اشتقت للوعة الفراق , اشتقتُ إلى جداولك الكثيرة وأنهارك العديدة وبحارك التي تغرقيني فيها كل مساء, اشتقت للنوم على عذاباتك وللصحو على عذاباتك, اشتقت إليك في كل ساعة وفي كل دقيقة.. اشتقتُ إلى محاكاة الطبيعة باسمك, اشتقتُ إلى الأحلام الوهمية معك, اشتقتُ إلى جنوني في الحب والعشق هذا الجنون الذي لم أمارسه إلا معك, اشتقتُ إلى أحلامي المستحيلة معك فقد بنيت ُمعك أحلاما كثيرة جريئة وجميلة وطويلة ولكنها مستحيلة, حلمتُ بأني أنا وأنت في بيتٍ صغير فيه منضده وسرير وعلبة ألوان ولوحة جداريه من القرون الوسطى, حلمتُ بك امرأة تشبه كل شيء جميل ..تمشين في الهواء وتقفين على الماء.. حلمتُ بأني أضع النجوم بين يديك , وحلمت بمنظر الشمس وهي تغرب خلف نهديك, حلمتُ بأني أبني لك حدائق معلقة وبرجا أطول من برج (الشيخ خليفة), اشتقتُ للحلم الذي راودني طوال حياتي وأنا أخال نفسي أخطفك على حصانٍ أبيض, اشتقتُ لأعود رمادا بعد أن أحترق لوعة وحنينا وعذابا أمام ناظريك.

وعلى ذمة الشوق الذي في داخلي يقول لي الشوق ويقسم بعينيك أنني اشتقتُ إليك كثيرا,منذ تركت الكتابة عنك صارت حياتي جافة وكتاباتي جافة ولا تغري القارئ بقراءتها.. اشتقتُ إلى البكاء والنواح الداخلي عليك, اشتقتُ إلى الموت عليك, اشتقت إلى عطشي وخوفي وقلقي عليك , اشتقتُ إلى اللعب بأعصابي اشتقتُ إلى نادين الصورة التي توحي بالفكرة وللفكرة التي توحي بالصورة,اشتقتُ يا نادين البدير للكتابة إليك اشتقت لحبر عينيك, اشتقت إلى صمتك الطويل على دمائي وهي تشتعل, اشتقتُ للنظر إلى تنورتك الرمادية وأنا أتصور نفسي مرميا على ركبتيك كطفلٍ يقتله العطش وعيونه شاخصة إلى وجهك البرونزي اللون وهو يلمع لمعان الذهب, اشتقتُ إلى الحرارة واللهيب وللغيرة عليك, اشتقتُ إلى جبالك وهضابك يا جسما يشبه تفاصيل الأرض التي عشت عليها وأحببت وديانها وأشجارها وورودها وينابيعها , اشتقت للنظر في كل الصور الجميلة التي تظهرين فيها وإلى لمسها بأصابع يدي وكأنني العب بالنار فتحترق أصابع يدي,ها أنت تحرقينني ولا تطفئين النار التي في أحشائي مشتعلة , اشتقت للبحث عنك في كل فنجان قهوة صباحية ومسائية , اشتقت للبحث عن طيفك في شمس الأصيل وإلى انعكاس صورتك على وجه الماء, اشتقت إلى الناس وهم يلوموني على حبي لك, اشتقتُ للوقوف على أطلالك وأنا أودعها , اشتقت للسهر وللتفكير الطويل , اشتقتُ للذهاب إلى العرافين وأنا أسألهم عن توقعاتهم متى أراك على أرض الواقع.

ها أنا يا نادين البدير أعود إلى العذاب القديم, إلى أيام السهر, من الذي ذكرني بك؟ لا أدري,كيف جاءت صورتك على بالي لا أدري!!, ها أنا عدتُ مجنونا بعد أن مارست العقلانية لسنتين أو أكثر, وليس هنالك شيء ألذُ من لوعة العشق معك, لحبك لونٌ ليس كمثله لون ورائحة تعبق وتفوح من كلماتي الحزينة,ذكرياتٌ يذكرني فيها الحنينُ إليك, أنت زهرة عباد الشمس وأنا تربة خصبة لتنمو تلك الزهرة على صدري ,أنت قطعة من جسدي ونفحٌ من روحي, , أنت تحفرين في وجداني, أنت تشلين حركتي , فلا أستطيع في هذا الوقت أن أحرك نفسي, أنا عاشق متيم ولست أدري من الذي سينقذني منك!! أنا منهار كليا, كيف خطرت على بالي! كيف استوطنت في قلبي؟ ما الشيء الذي ذكرني بك وأعاد إليّ عذاب السنين!, لماذا كل هذا الحب لامرأة لم أرها في حياتي إلا خمسة دقائق, ما زلت أحتفظ بالذكريات المرة, وبالرسائل التي أرسلتُها إليك, كل حرفٍ فيها كان ينزفُ من دمي, كل كلمة كنت أشعر وكأنها قطعة لحم من جسدي, روحي تعلقت بك أكثر, ما زلت أحلم باللقاء معك لخمسة دقائق أخرى.

للنار طقوس, وللرماد طقوسٌ أخرى, لليل طقوس وللنهار طقوسٌ أخرى, ولحبك طقوسٌ أتقنها جميعا, صومٌ وصلاة وعطش وجوع وحرمان ولوعة واشتياق, حروب من أجل نشر كلمة الحب, ليكون الحب هو الأعلى وليكون الحبُ هو الأسمى, ولحبك كتابٌ مقدس كتبته ملائكة الرحمة, ملائكة الحب, نزل عليّ وحدي في شهر الحب وفي عيد الحب وفي سنة الحب, أحبك ولست أدري ما أفعل بهذا الحب الذي يقتلني ولا أستطيع دفاعه عن نفسي , هذا الحب تمدد في أوعيتي الدموية , هذا الحب انفجر في قلبي, هذا الحب بنا حولي مستوطنات كثيرة, هذا الحب يقضي عليّ ولا أستطيع أن أقضي عليه , هذا الحب يأكلني ولا آكله, يمتص زيت شبابي ولا أمتصه, حبٌ يجعلني أشعرُ بإنسانيتي وكم أنا إنسانٌ يستحق الحياة, حبٌ يدمر الكراهية, اشتقتُ إليك بل اشتقت إلى العذاب معك.

About جهاد علاونة

جهاد علاونه ,كاتب أردني
This entry was posted in الأدب والفن, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.