ادوار حشوة :ومن جهل المعارضة ما قتل !!

ادوار حشوة : كلنا شركاء

منذ عقود كنا نتوقع انفجارا شعبيا قد يقود الى حرب اهلية بسبب الاستخدام السئء للسلطة وتطويف الجيش وقوى الامن

لا باتجاه حزب البعث فقط بل باتجاه طائفة وعشيرة أيضا و كان هذا امرا خطيرا .

كان شبح الحرب الاهلية متوقعا وكنا نخافها لانها قد تؤدي الى مذابح ولتقسيم للبلد و لتدخلات اجنبية و فضل الكثيرون

التعامل مع النظام على النفس الطويل فالخيار صعب جدا بين بقاء سلطة تجيش طائفيا وبين تقسيم البلد والحرب الطائفية

كان البعض يراهنون مع الزمن على سقوط الذين يحلمون بسلطة منفردة ويأنفون مشاركة الآخرين وبصبر عظيم تعاملوا مع النظام ومع الوقت كان يتزايد المؤيدون الباحثون (حتى من داخل النظام والجيش ) عن حل داخلي يساهم الجميع فيه بديلا عن شبح حرب اهلية يعرف الكثيرون انها قادمة ويختلفون على التوقيت وعلى وسائل العمل خلالها .

في نقاشنا مع شرائح من ابناء الجبل كنا ندعو الى مصالحة داخلية بعد احداث حماة 1982 وكنا نعتبرها نموذجا مصغرا للحرب الاهلية القادمة بكل شراستها وعنفها وضحاياها وقلنا لهم لاتراهنوا على قوة عسكرية تتحكمون بها لان الاكثرية

لها هيبتها وشرعيتها ولا يمكن ان توضع على الرف زمنا طويلا وسوف تنفجر والافضل ان نقود معا التغيير بدلا من انتظار فرضه بقوة السلاح واذا قاد النظام الاصلاح باتجاه دولة ديمقراطية وحكم جمهوري برلماني فانه يحمي البلد من عنف وحرب اهلية ولا يقود بالضرورة الى حذف اي فصيل سياسي ولا اي شريحة من النسيج السوري

كانت المصالحة السياسية ممكنة بوسائل سياسية خاصة بعد وفاة الرئيس الاسد حين طرح الاخوان المسلمون حلا سياسيا معقولا

قدمه الاستاذ البينوني وهو ان الاخوان لايعتبرون الرئيس بشار مسؤولا عن الماضي وانهم ينبذون العنف ويرغبون العمل بالوسائل السياسية وبتبادل السلطة ويطالبون باطلاق سراح ما تبقى من المعتقلين تمهيدا لمصالحة سياسية

هذا العرض تم رفضه من النظام فادى الأمر الى نجاح الجناح المتطرف في الاخوان او ما يسمى بالطليعة على المعتدلين وسيطرته مجددا على الجماعة وهو جناح لايرغب بتسوية سياسية ومشبع بالتعصب .

كثيرون تأملوا خيرا حين تعاون النظام مع الاخوان المسلمين في حماس ومع الاخوان المسلمين في مصر ومع الاخوان المسلمين في الاردن ثم اخيرا مع الاسلامين في تركيا واعتقدوا ان المصالحة مع الاخوان في سورية صارت ممكنة

كل هؤلاء الذين تأملوا وانتظروا لم يفهموا طبيعة الشبكة العسكرية الحاكمة التي يشكل العداء المذهبي مع الاخوان ضرورة

هامة لابقاء كتلة العسكرين العلوين في الجيش والامن متماسكة حول النظام ولا بد من بقاء عدو يخيف شريحة من النسيج السوري لكي يطمئن النظام على مستقبله بمواجهة معارضة تنمو بسرية حتى داخل البيت العلوي .

اليمين الديني المتطرف صار والحالة هذه مطلوبا وضروريا لبقاء النظام سواء مارس العنف او لم يمارس فهو فزاعة

لكل الطابور العسكري الذي يحمي النظام لكي يستمر ويقمع .

وحين كسر الشباب حالة الخوف وخرجوا متظاهرين كانوا يحملون شعارات تطالب بتغيير نوع النظام ولم يطرحوا

شعارات طائفية رغم الاستفزازات التي قام بها النظام الذي جنح فورا الى مواجهة التظاهرات بالعنف الاقصى وبالقتل

والاعتقالات التي رافقها نهج طائفي بحت وكل ذلك لتحويل المعركة الديمقراطية ضد النظام الديكتاتوري العسكري الى معركة طائفية من مستلزماتها تخويف العلويين من السنة لتحقيق تماسك الشبكة العسكرية حول النظام .

القوى الديمقراطية انتهت الى قناعة مطلقة ان اهم عامل مساعد على بقاء النظام هو وجود معارضة دينية تشابهه

بحيث يكون تبادل السلطة هو بين عسكر طائفي قائم وعسكر طائفي من لون آخر ولايكون للديمقراطية مكان .

في بداية الحراك الشعبي كان النظام يدعي وجود مؤامرة خارجية ثم حين تمكن من جر البلاد الى الحرب الطائفية

و حين تكونت مجموعات مضادة رفعت شعارات دينية ومارس بعضها القتل والخطف على اساس طائفي صار ضروريا

للنظام تعديل شعاره حول المؤامرة فاصبح ( مقاومة الارهاب ) لكي يكسب بضربة واحدة دعم الشبكة العسكرية

ودعم دول عديدة لاتريد هؤلاء بديلا فاوقفت الدعم العسكري واطالت زمن العنف وصمتت على المجازر

وبعض الدول التي في البدايات ايدت الحراك الشعبي وجدت مصلحتها في استمرار العنف ورفضت تسليح المعارضة ونظرت بارتياح الى حرب النظام على المجموعات المنسوبة للقاعدة او ما يشابهها واعطت النظام ضوءا اخضر للا ستمرار

لان تصفية هؤلاء جزء من الحرب العالمية على الارهاب وتركيز النظام على هذه المجموعات تحديدا يعكس اتفاقا غير معلن

على وجود مصلحة متبادلة في هذا الامر

كل زيادة في المجموعات المسلحة المتطرفة سيزيد في معاناة الناس وسيقوي النظام ويخدمه ويزيد من مؤيديه في العالم .

على هذا الاساس صار حملة الشعارات ا الطائفية المتطرفة ومشاريعهم نعمة من الله ليس للشعب بل للنظام وصار هؤلاء جزءا من الامن الاستراتيجي للنظام واحد اهم اسلحته بمواجهة الشعب وحقه في الحرية والديمقراطية .

من ناحية مقابلة فان الحراك الشعبي السلمي وقع في تناقض مذهل حيث يقاوم سلطة باغية والى جانبه مجموعات مسلحة

تقاوم النظام ولكن بعضها يطرح شعارات ويقوم بتصرفات وحشية تخدم النظام وتمد بعمره وتكسب له الانصار . .

فماذا يفعل شباب الثورة امام هذا المأزق الخطير لاهم قادرون ولا يرغبون في قتال داخلي ولا هم يقبلون بشعارات

تساعد النظام ولا هم قادرون على اقناع المتطرفين ان الشعارات الدينية تضر ولا تنفع وان الافضل ان تسحب من التداول

فقط لانها تفيد النظام ولا تنفع الشعب .

 

المعارضة السياسية هي الاخرى محرجة ولا تستطيع محاورة مقاتلين بعضهم التحق بمجموعات اغلبها من الخارج جاءت لتحقيق برامجها الخاصة على الارض السورية ولاتريد ديمقراطية ولا حرية

هذا الوضع جعل النظام اكثر ذكاء وحكمة وحتى في الحركة السياسية واستغل هذا المأزق للذهاب الى معارك تصفية

وحشية تعتبرها بعض الجهات الخارجية امرا حسنا وفي ظل صمت عالمي سببه ليس قبولا بتصرفات النظام بل فقط

لان المعارضة المسلحة صار بعضها في خدمة ما سمته السلطة ارهابا وصدق ذلك المجتمع الدولي

لايوجد حل لهذا المأزق غير توحيد المعارضة المسلحة تحت قيادة واحدة تخضع للقرار السياسي الواحد سواء

بالاقناع والحكمة او بتقليص الدعم او وحتى بالقوة فلا يوجد في الثورات جدل حول شرعية هذه الوحدة لأن ما عداها هو الفوضى والاقتتال الداخلي والتقسيم في المستقبل .

يبقى على المعارضة السياسية ان تطرح مشروعها السياسي للمستقبل ولشكل الوطن الذي نريد وهذا ممكن اذا تبنت دستور 1950 الديمقراطي خلال المرحلة الانتقالية ويبقى ساريا حتى اجراء انتخابات لجمعية تاسيسية تضع دستورا جديدا.

هذا المشروع السياسي الانتقالي يلغي ويمنع طرح شعارات عن اشكال غير ديمقراطية ويزيد من حجم المناصرين ومن دعم الدول في المحيطين العربي والدولي .

لااحد في أي ثورة في العالم يذهب الى الحرب بدون مشروع سياسي واضح لانه اذا لم يفعل تصبح البلد موزعة الى دكاكين مسلحة والى قوى ترفض الولاء للدولة ونصبح في حرب اهلية جديدة مع بعضنا أكثر قساوة وعنفا .

شخصيا لست عسكريا بل مجرد مواطن دفع بدلا ولكن بالبصيرة السياسية ليسمح لنا المقاتلون ان نبدي رأيا أو نقدا فيما جرى ويجري في سورية من معارك مسلحة.

المعارضة تملك اسلحة فردية والتوازن العسكري مع النظام مفقود تماما لذلك فان اسلوب ما يسمى حرب التحرير للمدن

والقرى والاحتماء في مواقع مكتظة بالمدنين سيؤدي الى تدمير البيوت على اصحابها وتهجيرهم والافضل هو اتباع حرب العصابات وقطع خطوط المواصلات واستهداف عسكر النظام ومواقعهم ثم الهرب الى جبال واماكن ليس فيها مدنيون

وعمليا فان التحرك خارج المواقع السكنية ممكن لان الحاضنة الشعبية للثورة موجودة وتساعد على نجاح حرب العصابات في حين ان حربا نظامية مع جيش مسلح وكبير لم يحقق اي استقرار لاماكن السيطرة وكانت النتائج كارثية فعلا وبدأ الناس

يكفرون بالحرب كلها لأن الحرب مع جيش يحتاج الى جيش وفي حال عدم وجود المقابل يجب الذهاب الى حرب العصابات والابتعاد عن اماكن السكن حفاظا على ارواح الناس وبيوتهم وللحيلولة دون تهجيرهم الى دول العالم.

ايها المقاتلون توحدوا في قيادة واحدة وكفوا عن خدمة النظام بشعارات تخدمه ولا تخدم الانتصار وتزيد من حمامات الدم وتطيل في زمن الحرب وانتم ايها السياسيون توحدوا في قيادة واحدة تحمل مشروعا سياسيا مؤقتا هو دستور 1950 وكفوا عن الاقتتال على المناصب قبل ان يأتي الوقت وهل تخرب البصرة اذا زاد عدد الائتلاف حتى بلغ الثلاثماية من كل الشرائح الوطنية ؟ اليس هذا افضل من الانقسام والاتهامات التي تقرف ولم يعد أحد يحترمها واهم من ذلك قد يفقد الناس الثقة بقدرة المعارضة السياسية على ادارة نادي رياضي لا دولة .

واخيرا اقول للشبكة العسكرية ان لاتحلم بنصر على شعب قدم كل هذه الضحايا وان تكف عن استخدام الطائفة العلوية كدرع لحماية الاستبداد والفساد وان يذهبوا الى حوار ينقذ اهلهم وبلدهم لا الى مزيد من حرب تدمر الوحدة الوطنية من اجل كراسي حكم ومناصب ورشاوى وفساد لاتدوم لأحد.

فهل يسمع الجميع هذا النداء هذا هو السؤال .- ??

22-6-2013

About ادوار حشوة

مفكر ومحامي سوري
This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.