كامل النجار
الجبال من المناظر الجميلة على وجه هذه الأرض التي نسكنها، خاصةً تلك الجبال العالية التي يغطيها الجليد على مدار العام مثل جبال الهملايا، وتلك التي تكون ضمن سلسلة طويلة تمتد على طول القارة، كجبال الانديز في أمريكا الجنوبية. ومن السهل أن يتوه الإنسان في مثل هذه السلسلة من الجبال الوعرة، ولكن أن يتوه الإله، فهذه مسألة أخرى. وأهمية الجبال تكمن في أنها تدفع السحاب إلى الأعلى، فيبرد وتهطل منه الأمطار. والإنسان له فيها مآرب كثيرة منها السكن في الكهوف في العصر الحجري وما قبله، واستخراج المعادن منها، وسحق حجارتها لتصنيع الأسمنت وأشياء أخرى. وفي بعض الأحيان تعترض الجبال طريق المواصلات بين الناس، فيفجر مهندسو الطرق جزءاً منها لفتح الطريق، أو يحفرون في أسفلها قناة كقناة Mont Blanc الشهيرة بين فرنسا وإيطاليا.
وكما يتوه الإنسان في سلسلة الجبال، يبدو أن إله القرآن قد تاه في جبال الدنيا. القرآن طبعاً ليس به أي إعجاز علمي رغم تبجح الزنداني وزغلول النجار، وقد اعتمد محمد في آياته على الظواهر الطبيعية التي عرفها الإنسان منذ الأزل، وزعم أن الله هو الذي خلقها، بدون أي إثبات مادي أو عقلي. ومن الظواهر الطبيعية التي اعتمد عليها محمد، ظاهرة الجبال. وقد جاء ذكر الجبال أو الجبل أو الرواسي في 50 آية في 35 سورة من القرآن. كل السور مكية ماعدا 7 سور مدنية. والسبب في ذلك أن محمداً عندما كان مستضعفاً في مكة حاول أن يقنع الناس عن طريق الإقناع بقدرة الله، وتخلى عن هذه الفكرة عندما كوّن جيشه العرمرم بالمدينة ولم يعد في حاجة إلى الإقناع بالمنطق، فالسيف أكثر إقناعاً من الكُتبِ. ولأن “الوحي” استمر على مدى 23 سنة، وبما أن محمداً بشرٌ مثلنا أصابه داء النسيان كما يصيب الجميع، فاختلط عليه الأمر في بعض آيات الجبال، وجعل ربه يتخبط كالتائه في صحراء أو في سلسلة جبال
كل شيء مهم جعله محمد على قمم الجبال، فقال إن الوحى نزل على موسى في قمة طور سيناء، والوحي المحمدي نزل في جبل حراء، ومحاولة ذبح إبراهيم إبنه إسحق حدثت على قمة جبل لم يسمه لنا المفسرون الإسلاميون، ولكن أهل التوراة يقولون إن المحاولة كانت على جبل جيرزيم Gerizim، وسفينة نوح استقرت على جبل الجودي المحمدي بينما يقول العهد القديم إنها استقرت على جبل عرارات Ararat. وعندما طلب إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحيي الموتى، طلب منه أن يذبح طيوراً ثم يقطّعها إلى أشلاء ويضعها على الجبال فترجع له عندما يناديها. منطق لا يستقيم والإقناع. كان الأولى به أن يضعها أمامه بعد تقطيعها ثم يريه الله كيف يحييها. فالطيور التي تأتي من الجبال ربما لا تكون نفس الطيور التي ذبحها. وعندما واعد الله بني إسرائيل جعل موعدهم بجانب الطور (يا بني إسرائيل قد أنجيناكم من عدوكم وواعدناكم بجانب الطور الأيمن) (طه 80). وعندما قضى موسى فترة عمله مع شعيب وترك أرض مدين مع زوجته، رأى نار الله بجانب الجبل (فلما قضى موسى الأجل وسار بأهله أنس في جانب الطور ناراً) (القصص 29).
رب القرآن جعل الجبال الصماء تنطق وتسبح وتسجد له، فقال: (ألم ترَ أن الله يسجد له من في السموات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب) (الحج 18). (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان) (الأحزاب 72). (وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين) (الأنبياء 79). (ولقد آتينا داود منا فضلاً يا جبال أوبي معه والطير وألنّا له الحديد) (سبأ 10). فالجبال تؤب أي تسبّح مع داود. (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق) (ص 18).
ثم بدأ التيه عندما تحدث القرآن عن الكهوف لأن محمداً كان يسافر من مكة إلى الشام ويمر على منطقة تبوك التي كانت بها مساكن ثمود، ورأي بعض الجبال وبها نحت على أبواب الكهوف، وظن أن جماعة ثمود قد نحتوا الجبال وجعلوها مساكن لهم، فقال (تتخذون من سهولها قصوراً وتنحتون الجبال بيوتا) (الأعراف 74). (وكانوا ينحتون من الجبال بيوتاً) (الحجر 82). (وينحتون من الجبال بيوتاً فارهين) (الشعراء 149).
ثم نسي أنه قال تنحتون، فقال (والله جعل لكم مما خلق ظلالاً وجعل لكم من الجبال أكنانا) (النحل 81). والأكنان هي البيوت. فالله هو الذي جعل لنا كهوفاً أو بيوتاً في الجبال ولم نكن ننحتنا بأنفسنا.
وقال عندما تحدث عن خلق الأرض (وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم) (النحل 15). وقال كذلك (والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي وأنبتنا فيها من كل شيء موزون) (الحجر 19). وقال (ألم نجعل الأرض مهادا. والجبال أوتادا) (النبأ 13-14). فالله الذي هندس الأرض، جعل فيها الجبال أوتاداً تثبتها فلا تميد، أي تنقلب بنا. وبما أن الله أحسن كل شيء خلقا، فلا بد أنه حسب وزن ومكان الأوتاد التي تحتاجها الأرض حتى لا تنقلب بنا. والمهندس البارع لا يخلق أو يصنع أوزاناً أو أوتاداً لا حاجة لها لتثبيت الأرض.
ولكن رب القرآن عندما واعد موسى على الجبل طلب منه موسى أن يراه، فقال (ولما جاء موسى إلى ميقاتنا وكلمه ربه قال ربِ أرني أنظر إليك قال لن تراني ولكن انظر إلى الجبل فإن استقر في مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) (الأعراف 143). مع ملاحظة أن هذا الجبل الذي دكه الله دكاً هو نفس الجبل الذي واعده عنده وأنزل عليه التوراة فيه. ولا نعلم هل دكه قبل أن ينزل عليه التوراة أم بعد إنزالها، ولكنا نعلم أن جبل سينا ما زال في مكانه. ثم عندما أراد أن يهدد بني إسرائيل، رفع الجبل فوقهم حتى خافوا أن يسقط عليهم (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظُلةٌ وظنوا أنه واقع بهم) (الأعراف 171). فإذاً جبل سيناء دكه الله لإقناع موسى، والجبل الآخر رفعه الله من على الأرض. فالله قد أزال وَتَديْنَ من أوتاد الأرض التي تمنعها من أن تنقلب بنا. فهل انقلبت الأرض، أم أن الوتدين كانا زائدين عن الحاجة، وبالتالي لم يكن مهندس الأوتاد بارعاً في صناعته؟
ثم يأتي التيه الأكبر والتخبط عندما يتحدث القرآن عن مصير الجبال يوم يُنفخ في الصور ويبدأ الحساب، فقال (يوم تمور السماء موراً وتسير الجبال سيراً) (الطور 9-10). (يوم تكون السماء كالمهل. وتكون الجبال كالعهن) (المعارج 8-9). (وسيرت الجبال فكانت سرابا) (النبأ 20). (وإذا الجبال سُيرت) (التكوير 3). (وتكون الجبال كالعهن المنفوش) (القارعة 5). (وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب) (النمل 88). نفهم من هذه الآيات أن الجبال يوم البعث سوف ترتفع عن مكانها وتسير سير السحاب، وهي مكتملة الشكل حتى نحسبها ثابته، وهي ليست كذلك، أو تصبح كالسراب الذي نراه ولا وجود له في الحقيقة. وقد تنقلب بنا الأرض لأن أوتادها ارتفت ومرت كالسحاب.
ولكن النسيان آفة عظيمة تصيب الإنسان. فهاهو القرآن يقول لنا عن الجبال يوم البعث (إذا رُجت الأرض رحا. وبُست الجبال بسا) (الواقعة 4-5). يقول القرطبي في تفسير كلمة بُست: (يعني فُتت، عن ابن عباس. أما مجاهد يقول كما يُبس الدقيق أي يُلت. والبسيسة: الدقيق يُلت بالسمن). إذاً الجبال سوف تُعجن مع الأرض وتصير دقيقاً، فكيف نراها ثابتة وهو قد عجنها مع الأرض؟ ثم يقول (يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا) (المزمل 14). والكثيب هو التل الصغير كالكثيب من الرمل. فإذاً جبال الهملايا العظيمة سوف تُضغط وتصير كثيبا من الرمال.
ثم تتغير الصورة كلياً ويقول لنا (وحُملت الأرض والجبال فدكتا دكةً واحدة) (الحاقة 14). فالأرض والجبال تُحمل وتدك وتصبح كومة من الأحجار والتراب (ولا ندري كيف يحافظ الناس على وجودهم يوم الحساب وقد دُكت الأرض مع الجبال). ولكنه يقول لنا في آية أخرى (ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة) (الكهف 47). إذاً الجبال ترتفع وتسير والأرض تكون بارزة لنا أي مرتفعة، فلا اختلاط بين تراب الأرض وما تبقى من نسف الجبال، خاصة عندما يخبرنا (وإذا الجبال نُسفت) (المرسلات 10). الجبال فقط هي التي تُنسف نسفاً بالمتفجرات التي ربما يحملها معهم أعضاء مجموعة القاعدة. (ويسألونك عن الجبال قل ينسفها ربي نسفاً فيذرها قاعاً صفصفاً. لا ترى فيه عوجاً ولا أمتا) (طه 105-107). مرة أخرى يؤكد لنا القرآن أن الجبال وحدها سوف تُنسف والأرض سوف يغيرها الله بأرض أخرى لا تحتاج إلى أوتاد لتثبيتها (يوم تُبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار) (إبراهيم 48). إذاً الأرض التي نعرفها وعليها الجبال لن تُدك وتُمزج مع الجبال التي نُسفت حتى تصبح كالبسيسة المخلوطة بالسمن، فقط يبدلها الله بأرض أخرى جديدة. وقد يسأل المرء هنا: ماذا يحدث للناس الواقفين في طوابير بعد أن خرجوا من قبورهم، في انتظار الحساب، عندما يبدل الله الأرض هذه بأرض أخرى، كيف ينتقل كل هؤلاء البشر والدواب إلى الأرض الجديدة؟
وحتى تكتمل الصورة الكلية لمقدرة إله القرآن، يخبرنا محمد أن في السماء جبالاً من الثلوج ينزلها الله في شكل كرات من البرد يصيب به من يشاء (ألم تر أن الله يُزجي سحاباً ثم يؤلف بينه ثم يجعله ركاماً فترى الودق يخرج من خلاله وينزل من السماء من جبال فيها من بَرَدٍ فيصيب به من يشاء) (النور 43).
ومن أغرب الآيات في القرآن عن بني إسرائيل أنه قال (ورفعنا فوقهم الطور بميثاقهم وقلنا لهم ادخلوا الباب سُجداً) (النساء 154). فبعد أن رفع طور سيناء فوق رؤوسهم، قال لهم ادخلوا الباب سُجداً. أين هو الباب هذا، هل تحت الجبل أم في سور أورشليم القدس؟ وإذا كان في سور القدس، ما العلاقة بينه وبين رفع طور سيناء حتى يأتي بهما في آية واحدة؟ وكيف يدخلون الباب وهم ساجدين؟
وما دام الموضوع كله عن الجبال والنسف والتفجير، نرجو أن يتحفنا الدكتور زغلول النجار، عالم الجولوجيا، بتفسير إعجازي لهذا التخبط فينقذ رب القرآن من هذا التيه في الجبال.
ماقل ودل … لمن يدعي ألإعجاز والعقل والأية { وجعلنا من الماء كل شئ حي } الأنبياء 30 وسؤالنا ؟
٢: هل أدم مخلوق من ماء … أم من تراب ؟
٣ : هل حواء مخلوقة من ماء … أم من ظلع أدم ؟
٤: هل الملائكة مخلوقة من ماء … أم من نور ؟
٥ : هل الجان والشياطين مخلوقان من ماء … أم من نار ؟