إسلام بلا حداثة …إسلام بلا مستقبل !!!! لا بد من تحرير اللغة العربية من لبوسها السلفي !
كنت أعتقد أن معركة (التعريب والفرنسة ) أنهتها المرحلة (البو مدينية ) بنوع من المصالحة بين (الاسلام والحداثة ) ، بين (الهوية والصيرورة ) بين (العروبة الاسلامية ، والحداثة العلمانية العالمية ) ..سيما أني عشت السنة الأخيرة من حياة (بومدين ) في الجزائر كمدرس للغة العربية ، لكن يبدو لي بعد أربعين سنة ، أن الذي انتهى هو تجربة (بومدين ) باغتيال الطرفين (الحداثي والأصولي ) لبومدين والبومدينية ….وظل الصراع يمور خافتا تحت الرماد بين التيارين …..
.
زرت الجزائر منذ عشر سنوات بدعوة من اتحاد الكتاب والجامعة الجزائرية كعضو لجنة تحكيم في مهرجانات أدبية في العاصمة ومدن أخرى ، ففرحت كثيرا عندما كنت أسمع للغة عربية صافية طليقة سلسة خالية من اللحن والركاكة من قبل شباب دون الثلاثين ، مما لم نكن نشاهده في المنتصف الأول للسبعينات ..
حيث كنا في أوائل السبعينات الجزائرية نواجه :إما بعروبة سلفية أو بحداثة مفرنسة، كانت التجربة (البومدينية ) تريد أن تدمجهما في بنية ثقافية واحدة هي (الثقافة الوطنية الجزائرية ) كهوية (صيرورة ) تدمج الثقافية عربية (الأصالة ) –والفرنسية ( المعاصرة والحداثة ) …..لكن الأصولية الإسلامية الماضوية رفضت إلا الانفراد والتفرد بمشروعها السلفي) الذي يؤسلم اللغة العربية ، ويجعل منها مشروعا ايديولوجيا سياسيا، وليس هوية تعبر عن جماع الأمة بتنوع تياراتها الفكرية الاسلامية والعلمانية …
لقد وجد التيار (الحداثي نفسه ) في موقع الدفاع عن نفسه (يساريا –علمانيا –ليبراليا ) عبر اللغة الفرنسية ، أما الحالة (البومدينية ) فقد انشقت سياسيا ، وحلت لغة السلاح ورفض الآخر الوطني والعالمي، محل لغة الحوار الوطني الحداثي – العلماني الكوني ….
وعندما زرت الجزائر منذ عشر سنوات كناقد محكم، وجدت النسقية ذاتها تعريبيا أو حداثيا …. حيث الانتاج الأدبي العربي إما شعر (عامودي موزون مقفى –أو قصص تحاكى الأدب العربي المشرقي ..بمواجهة تيار الحداثة العلماني الذي يقوم على المغامرة الحداثية الأدبية التخييلية والكشف عن أشكال ابداعية جديدة، ووجدت أن الهوة بين االتيارين تسير كما كانت عليه …منذ أربعين سنة مع ازدياد نسبة المعربين لغويا وسلفيا ، ولكن ليس معربين (حداثيا ) أدبيا أو فكريا ….
ولذا نستطيع أن نفهم أن يكون هناك وزيرة للتعليم في الجزائر بعد نصف قرن من التعريب، لا تجيد اللغة العربية ، بل تجمع بين اللهجة الجزائرية واللغة الفرنسية، ويمكن أن نفهم حينها دعوتها لوضع برامج التعليم باللهجة الجزائرية، لتكون لغة العلم العالي والمعرفة هي اللغة الفرنسية ، وكأن اللغة العربية لم ترتق إلى مستوى لغة (العلم العالي والمعرفة بل والعرفان )، التصوف الالهي (ابن عربي )، أو لغة فلسفة البرهان مع ابن رشد أو ابن خلدون ……
هل يفهم العروبيون من أمثال شعبويي الجامعة العربية، والأحزاب الناصرية في سوريا التي تسكت على احتلال البي كيكي للأراضي السورية ، وهل يفهم البككيون اليساريون الكرد الجبليون من (البي كيكي ) ، ما معنى موقفنا المؤيد (مجانا بدون فلوس أحد!!!) كما يتوهمون….أي ما معنى تأييدنا للمشروع التاريخي الذي ينجزه حزب العدالة وأردوغان، وهو المصالحة بين (الاسلام والحداثة العلمانية والديموقراطية ) مما لم يتمكن الإمام محمد عبده مؤسس الأزهر الحديث ، ولم تتمكن الناصرية ولا البومدينية من انجازه …….وحماسنا له رغم أنه ليس عربيا ، لكنه يحمل هما نهضويا تنويريا كان ملق على كاهل العرب حمل تحقيقه تاريخيا وحضاريا، لأن العرب هم مادة الاسلام وحامله الأول إلى العالم …………لكن العرب فشلوا حتى الآن