كتبت أكثر من مرة عن ماهية العدو الذي يجب أن نحتاط منه، وكتبت أيضا عن الخلط الذي يريدنا بعض العرب أن نؤمن به ونضعه أهم أولوياتنا، وما يتبع ذلك من أساليب التخويف التي يستخدمها البعض لإقحامك في قضيته لتكون عونا مستمرا له ماديا وسياسيا.
في العدائية الإسرائيلية.. لا يشك عاقل أن إسرائيل عصابة مغتصبة لأرض عربية، وقد فعلت ذلك بمساندة دولية بدءا من وعد بلفور وحتى الدعم الأميركي الممتد حتى الآن.. لكن هذه العدائية قد بولغ بتصويرها حد أن هناك من أكد أن أهداف اليهود تصل الى الجزيرة العربية جنوبا.. وهو ما أثار كثيرا من الهلع في وقته حتى أن التبرعات لفلسطين قد فاقت ميزانيات دول كبرى.
هنا لن ندخل في دهاليز السياسة.. لكن ما نؤمن به أن الفلسطينيين قد أبرموا اتفاقات ومعاهدات صلح ورضوا بالقليل الذي أعطتهم إياه تلك المعاهدات وهي قضيتهم وهم أدرى بها وأصحاب المسؤولية عنها.. وهنا حق لي أن أسأل: هل علي أن استمر مستنفراً وجلاً متوتراً من إسرائيل بعد أن رضوا هم وأهل الدار الأصليين بالسلام ومازالوا يتفاوضون عليه؟!
تلك ليست دعوة للتودد لإسرائيل، بل إن المشاعر متوترة تجاهها من جراء احتلالها لأرض عربية.. لكن ما الذي بيدي كمواطن سعودي تجاهها وأهل الحل والعقد من أهل فلسطين قد أعلنوا السلام معها، والآخرون الذين ظلوا على النضال الصوتي ضدها من الفلسطينيين عادوا إلى غزة للعيش فيها وهم يعلمون أن إسرائيل تحيط بها من كل جانب، ليس هذا فقط، بل إن بعض الدول العربية الملاصقة لها قد أبرمت معها سلاما دائما كما فعلت مصر والأردن، والأخرى الباقية تتحكم فيها إسرائيل كما تشاء؟!
بعد كل هذه التوطئة الطويلة، حق لي أن أتساءل إذا من هو العدو؟!.. أو من يجب أن احتاط له وأحذره؟ ونعود الى المنطق الذي يقول أن من يهددك ويستخدم الآخرين لإقلاقك هو عدوك، من يناقض توجهاتك ويبحث عن كل ما يدحضها ويسيء إليك هو عدوك، ومن يدعم المغرر بهم بالسلاح والمال لأجل إقلاقك هو عدوك، من في كل موسم حج يختلق الفتن ويثير الرعب والمشاكل ويصنع المصائب لأجل أن تظهر بصورة غير القادر على إدارة هذا المنسك ومن يثير الرعب وينمي الطائفية في بلدك وبلدان ملاصقة لك ويهمك أمرها هو عدوك.. وهل بعد ذلك سيصعب علينا تحديد هذا العدو الذي يجمع كل تلك العدائيات.
أبدا الأمر واضح والعدو ظاهر، بل يجاهر بذلك رافعا يده للأعلى ليؤكد أنك من تقصده.. فهل هناك عدو أشد من أيران علينا وعلى بلادنا.. وهل إسرائيل كما إيران في التهديد والتأثير والإقلاق وبث الحقد والكراهية؟.. لذا فلنركز على عدونا الحقيقي ولا نتخذ من غيره بعبعا يقلق أجيالنا وهو ليس كذلك، لنعمل كل ما في وسعنا لدحر هذا العدو والأهم ألا نقف مكتوفي الأيدي تجاه من يعملون بوجهين.. فصديق عدوي هو عدوي، حتى لو كان عربيا خليجيا.
إذا لنحكم العقل ونديره نحو مصالحنا ونعيد تداول المسائل اقتصاديا وسياسيا وتعامليا وحتى تاريخيا في إطار حسابات الربح والخسارة وحسابات المصالح والاستقرار كي نعلم من أشد خطرا إيران أو إسرائيل، ومن يدعم عدوي ضدي وحين تعرفون النتائج لتكن مصالحكم هي الأهم؟
خاتمة القول كما عنونّاه ما قاله الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: “إذا غشك صديقك فاجعله مع عدوك”.