المحامي ادوار حشوة : الله ..وهذا الشرق المتعب !

 في القديم الوثني عبدت الشعوب (إيل ) وهو في اللغة الآرامية يعني( الأعلى ) وفي ظل تعدد الآلهة الوثنية كا ن إيل فوقها واعلى منها جميعاً في القدرة والمقام وليس في المكان .

في الاديان السماوية تم الانتقال من الآلهة الوثنية واغلبها انثوية الى الأله الذكر ومن ثم الانتقال الى الاله السماوي (يهوه) في اليهودية و في المسيحية والاسلام صار الاسم الالهي هو (الله).
في الاسلام صار ( الله اكبر) أي الاعلى كما في إيل وفي المسيحية صار أبانا الذي في السموات
وهكذا استقر مفهوم الله على أنه في السماء وأنه الاعلى ولم يعد شخصاً ولا صنماً ولا أي محسوس
يعبد لان الاديان السماوية كلها انتقلت من الاله المحسوس في الوثنية الى الاله الغيبي الذي يراك ولاتراه
هو الرحمن الرحيم وهو مقدس اسمه في السماء والارض خالق الدنيا ومالك حق الحساب .
في الشرق تجاوزوا مفهوم الاله الاعلى ونسبوا اليه ما هو بعيد عن التجريد الالهي الغيبي الذي
يراك ولا تراه ولاتعرف شيئا عن تصرفاته فقالوا:
خلق الله الانسان على شكله فصار لديهم شكلاً محسوساً يشبههم .
كل ما يحدث للانسان مقدر له من الله
اذا مات الانسان قالوا هو قدره وهي ارادة الله
واذا شفي بعد مرض فالله هو الذي شفاه لا الطبيب
الله هو الشافي وهو المميت
اذا وقع الانسان في خطأ يقال ان الله يمتحنه
واذا هزمنا في معركة يقال ان ذلك من غضب الله علينا
واذا انكسفت الشمس يقال انها علامة غضب من الله وانذار منه بالهلاك
واذا انفجر بركان او هزت الدنيا الزلازال نسبنا ذلك الى غضب الله
واذا اغتنى شخص بعد فقر يقال هو الرزاق الكريم
واذا عمٌرشخص بناء يكتب عليه هذا من فضل ربي
واذا ولد للانسان اولاد يقال رزقه الله
واذا وجدوا طفلا ً لقيطاً سموا كنيته عبد الله
واذا أبدع كاهن أوشيخ في رأي او فتوى يقال الهمه الله
واذا ابدع شاعر واجاد يقال أتاه الشعر وحياً من الله
اذا أحسنا السلوك يقال أن الله اهدانا سواء السبيل
واذا دخلنا في خصام نقول يلي يعادينا الله عليه
واذا واجهنا عدواً ندعو الله عليه اللهم دمره واهزمه وشتت شمله
اذا أخطأنا فالله يغفر لنا
واذا ظلمنا حاكم نقول سيحاسبه الله
كل شيء في الشرق من الله اذا نزل عليك الشر يقال أنه عقاب من الله واذا انهمرت عليك الخيرات يقال أن الله جزاك على حسن طاعته
الله الذي في الاعلى خلقنا واوصانا بالخير والمحبة مالكاً لحق الحساب في الآخرة علينا
ولكنه في الشرق صار في طعامنا وامراضنا وحروبنا وولادتنا ووفاتنا وصار محور حياتنا
هو مصدر الخير اذا أتانا وسبب الشر اذا صنعناه عقاباً عليناً

صار الله في الشرق صانع كل الاحداث والشرور والبراكين والزلازل والاوبئة والولادات والوفيات
والامراض والحروب وظلم الحكام وصار القدر هو محور الوجود وصار الانسان منذ ولادته مسيراً
مصنوعاً منذ الازل لدور وتصرفات ليس له فيها ارادة الفعل .
الاصل في الدين الغيبي على اختلاف مدارسه هو ان الله اعطى الانسان العقل والحرية واوصاه بالخير ونهاه عن الشر ومهمة الخالق الرادعة هي في حقه بمحاسبة الانسان على افعاله في الآخرة عقاباً أو جزاء ولكن لا علاقة له بتصرفات الانسان وهو قد برمج الانسان ليفعل ما فعل في حياته لانه اذا كان هو الذي دفعه الى ذلك وبرمجه على هذا الاساس منذ خلقه فبأي حق يحاسبه على افعال يقال
انها من صنع الله و قدره ؟ٌ
لماذا الحاكم الفاجر المستبد لايحق لنا خلعه ومعاقبته على الظلم لمجرد الزعم بأن الله هو الذي سٌيده علينا وبالتالي يكون حسابه مؤجلاً الى يوم القيامة.
هذا الشرق المتعب بايمانه وقدريته التي صنعها دهاء الكهان ورجال الدين لايمكن ان يفسح المجال لحركة العقل ان تدير المجتمع لكي تديره حفنة من مزوري حقيقة الله وتعاليمه ومن الذين يصطادون البسطاء من المؤمنين الذين اعتادوا الطاعة ولم يناقشوا لكي يستخدموهم في الشر المطلق ضد
ارادة الله ومع ذلك يبشرونهم وهم في قمة الشر ان ابواب الجنة تنتظرهم فيا سبحان الله عما يفعلون
2-3-2015

About ادوار حشوة

مفكر ومحامي سوري
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.