أُمّاهُ لا تجزعي.. فهو في الكوفير الإسلاميون من ساحات التقتيل إلى مراكز التجميل

bashirmorci

مرسي والبشير رئيسي مصر والسودان ينشران صورة لهما بالمسجد من لكي يدعيان بأنهما يقومان الليل ويصومان النهار

أُمّاهُ لا تجزعي.. فهو في الكوفير الإسلاميون من ساحات التقتيل إلى مراكز التجميل : ـ

أحد الأصدقاء يعملُ محاسباً بإحدى مراكز التجميل ( الرجالية ) بقلب الخرطوم عاصمة المشروع الحضاري الإسلامي ، وقد حكى لي ذات يوم قائلاً : إنّ أغلب زوار المركز ممن ينتمون إلى الحركة الإسلامية الحاكمة بالسودان ، حيث يحظى الواحد منهم في المركز بقدرٍ فائق من العناية ببشرته ، وينعم بأحدث تصفيفات وقصات وتنعيم وتهذيب اللحية ، ولاّ بأس بقدرٍ من المساج يقُمنّ به أحياناً فتياتٌ مختصاتٍ بالتدليك ، وأحياناً غلمانٌ كأمثال اللؤلؤ المكنون ، وذلك حسب ميول وتوجهات الإسلامي الجنسية .

وقد قمتُ ذات مرة بتسجيل زيارة لهذا الصديق بمكان عمله ، زيارة شخصية بالطبع و لاّ علاقة لها بعمله ـ فحتى لو رغبتُ بأن أنال مما تناله أجساد الإسلاميين من تدليكٍ وتدليع فليس لي القدرة على أدء ثمنه ـ فلاحظت أنّ المبالغ التي تُدفع نظير تفتيح البشرة وتنعيمها ، وتدليك الأجساد وتهذيب اللحى بالمركز من عينة المبالغ التي لاّ يستطيع السوداني ” العادي ” أدائها حتى لأمرٍ جلّلٍ كالعلاج أو التعليم ، ناهيك عن دفعها لتجميل وجهه أو تفتيح بشرته أو تدليك جسده ، طبعاً مالم يكن هذا السوداني منتسباً للحركة الإسلامية ، فإعتبرتُ أنّ ذلك مصداقاً لقول صديقي بأنّ أغلبية ـ إن لم يكن جميع ـ زوار المركز ورواده من الإسلاميين .

هذا فضلاً عن أنّ من وقعت عليهم عيناي وهم خارجون داخلون لغرف العمليات التجميلية والتدليكية كانت تبدوا عليهم سيماء الكادر الإسلامي ” الكوز” المعروفة لدى السودانيين من لحيةٍ مهذبة مرسومةٍ بعناية فائقة على الخد المورد الممتلئ ، إلى جلبابٍ من القماش الراقي المُخاط بعناية ومهارة ، فضلاً عن مؤخرة مكتنزة ينوء بحملها حتى رافعي الأثقال ، وكرش بارزٌ مستدير ، ووجه منير مشرق تعلوه غرة صلاة مسوّدة و تبدوا عليه ـ أي على هذا الوجه المشرق بغرة الصلاة ـ أمآراة الحكم عقدين من الزمان والتمرغ بنعيمه ، ولاّ أنسى بالطبع إكثارهم ـ أي رواد المركز التجميلي الذين تبدوا عليهم سيماء الكادر الإسلامي ـ من إدخال لفظ الجلالة أثناء الكلام بشكلٍ متكرِّر ، و بمناسبة وبغير مناسبة ـ حتى ولو كان الهدف إصطيادُ غلامٍ يعمل بالمركز من أجل تمضية ليلة حمراء معه ـ ألفاظٌ مثل جزاك الله خير ، بارك الله فيك ، إنشاء الله … إلخ ، فإعتبرت ذلك مصداقاً آخر لكلام هذا الصديق الصدوق .

حينها قفز إلى ذاكرتي أول قرار جمهوري لعادل إمام عندما إستُبدِل بالرئيس في مسرحية ” الزعيم ” فأمر في أول قرارٍ جمهوري له بإنشاء وزارة للتدليك ، وإدماجها مع وزارة التعمير لتصبح ” وزارة التدليك والتعمير ” ، وإعتبرت نفسي من ذوي الخيال الفكاهي البارع لقدرتي الإبداعية على التخيل لدرجة أنّني فكرت جدياً في إحتراف الكتابة الساخرة ، وربّما الكتابة المسرحية في القريب العاجل ، ولكن سرعان ما أنزلني من جواد الخيلاء الذي إستطردتُ به أيّما إستطراد ، معرفتي أنّ الأمر شبه موجود بالسودان ، حيث علمت أنّه ثمّة إجتماع دوري يضم كلّاً من المدعي العام ، ورئيس نيابة أمن المجتمع ، ومدير شرطة أمن المجتمع من ناحية، وكلّ أصحاب مراكز المساج والتجميل ( الرجالية) بولاية الخرطوم ـ بما فيها مراكز المساج بالفنادق ـ من ناحيةٍ أخرى ، وذلك لدراسة ووضع شروط الترخيصات اللازمة للمراكز ومقدار المبالغ التي تُدفع لقاء سماح دولة المشروع الحضاري للنساء بتدليك أجساد الرجال وربّما إستحلاب أشيائهم من وراء حجاب ، والسماح للرجال كذلك بالتشبه بالنساء ودلك الكريمات ببشراتهم وأجسادهم .

وقد قرأت فيما بعد في هذا الشأن مقالين : الأول للأستاذة منى عبدالفتاح بعنوان ( فقه النظام بتدليك الأجسام ) والثاني للأستاذ عبدالعزيز البطل بعنوان ( على خطى الإنقاذ من الجهاد إلى المساج ) تناول فيه ـ ضمن ماتناول ـ مقال الأستاذة منى مضيفاً بقدراته الفكاهية الفذة مزيداً من السخرية خاتماً مقالته بنصٍ سأنقله حرفياً من متن المقالة لأنّه أثار إعجابي وأعتقد أنّه لاّبدّ من إطلاعكم عليه ، ففي محضر سعيه للمقارنة بين تشدُّد نظام الإنقاذ الإسلامي في أول عهده ، وبين تهافت هذا التشدُّد إزاء بريق وإغراء السلطة ، قال الأستاذ مصطفى عبد العزيز :

” سبحان مغير الأحوال ! كيف إنتهى المآل بالإنقاذ إلى هذا الحال؟ كيف أسرى نظام الراشدين بشعبه من (المشروع الحضارى) إلى المشروع المساجي؟ من كان يصدق أنّ الخرطوم تحت سمع وبصر السلطات، بل بتصريحها ومصادقتها ومباركتها وتشجيعها صارت أحياؤها تعج بمراكز للمساج، يخلع الرجال فيها ملابسهم ويرقدون على الأرائك فاكهين، عراة إلاّ من ورق التوت، كما السكسون والفرنسيس، وتطوف عليهم الفتيات – سودانيات وطنيات وأخريات مستقدمات من الهند والسند وبلاد تركب الأفيال – ليدلكنّ بأيديهنَّ الناعمة أجساد الرجال المفتولة؟! أترى أنّ العصبة المنقذة ـ نظام الإنقاذ الإسلامي ـ قدّرت فى لحظةٍ من لحظات تجلياتها النورانية أنّ شعبها الذى تخبطت به فى دروب الجهاد خبط عشواء ردحاً طويلاً ، حتى تورّمت قدماه وإنقصم ظهره، يستحق بعض (الريلاكسيشن) فقرّرت أن ( تدلكه) فملأت أحياءه السكنية بصالات المساج؟ “

أنعِم بها من هجرةٍ مباركة تلك التي هاجرها الإسلاميون من ساحات التقتيل إلى مراكز التجميل ، ومن ميادين الجهاد إلى أرائك المساج ، ومن صدوح الحناجر بالتكبيرات إلى دلك الأجساد بالكريمات . هنيئاً لهم فقد نالوا الحُسنَيّين : أقاموا دولة الإسلام في السودان ، ولم ينسوا نصيبهم من الدنيا ، فأقاموا المساجد للفقراء حتى أضحت الخرطوم تعج بالمآذن والمساجد ، وأقاموا لأنفسهم القصور والمصانع والشركات التي تستثمر في الدنيا وفي الآخرة . لهم ملك اليمين من ” مدلكاتية ” وماشاءوا من النساء مثنى وثلاث ورباع ، وفي الآخرة ينتظرهم الحور العين والكواعب الأتراب ، بينما الزموا فقراء دولتهم الإسلامية وشباب وشابات توجههم الحضاري ـ الذين لم يستطيعوا الباءة ـ بالصوم ، وويل لمن تسول له نفسه من الفقراء تقبيل عشيقته أو محبوبته التي لم يتزوجها بسبّب العوز والفاقة ، ويل له وأيّ ويل من مليشيات النظام العام .

في موكبٍ من دُعاة الحق نتبعهم *** على طريق الهُدى إنا وجدناهم
على حفافيه ، أُماه مرقدنا *** ومن جماجمنا تُرسى زواياه

هكذا كانت تصدح حناجر الإسلاميين في تسعينيات القرن المنصرم وكانت حناجرنا الطفولية آنذاك تصدح معهم بطوابير الصباح المدرسية التي كانت قد أضحت أغاني الجهاد طقساً من طقوسها وبرتكولاً رئيسياً فيها ، وذلك قبل أن تعتاد الحناجر وتُدمن على إجتراع كؤوس السلطة والإغتراف من نهرها الرقراق ، ولم نكد نبلغ الحلم حتى بحثنا عنهم فلم نجدهم كما زعموا ” بمواكب الحق ” أو” طُرق الهدى ” ، وإنّما وجدنا الواحد منهم في موكبٍ من الغلمان والغيد الحسناوات ، ليس على مراقد الموتى ” حفاف التراب ” ، بل على أرائك المساج مضجعاً ، وقد تلطخ جسده البض الناعم بالكريمات والمراهم التجميلية بدلاً من الدماء التي هي عند الله أطيب من رائحة المسك الأزفر .

وجدناهم قد شيدوا زوايا هذا العبث الذي أسموه المشروع الحضاري بالجماجم ، ولكن ليس جماجمهم كما زعموا ـ فجماجمهم قد إمتلئت لحماً من نوع اللحم ال” متربي على الغالي ” ـ وإنّما شيدوا عبثهم هذا بجماجم كفار السودان ومشركيه الذين كانوا يعبدون اللات والعزى قبل أن يُنفذ الترابي والبشير إنقلابهما الإسلامي المبارك عام 1989 وينشرون الدين بين فيافي الوطن و ربوعه الوثنية .

سبق للبرلمان العام الماضي أن إجتمع بخصوص حفل المطربة المصرية المعروفة ” شيرين ” الذي كان من المفترض أن يُقام بالخرطوم بإستاد الهلال ، فقام ـ أي البرلمان ـ بإستصدار قرار ، أو سمِّه تشريع ، يقضي بمنع الحفلة ، لأنّ السودان ـ حسب رأي نواب برلمانه ـ كان يجهز آنذاك ” جيش العسرة ” لمحاربة الجنوبيين ووقْف الإعتداء على هجليج ، وأضافوا بأنّ الوطن يحتاج إلى إستجلاب بركة الله ورضائه ، وليس غضبه وسخطه ولعائنه ، و لاّ أدري ماذا كان ليحدث لو كانت القادمة للخرطوم هي هيفاء وهبي أو روبي وليست شيرين ذات الفيديو كيلبات المحافظة نادرة السفور؟ .
وجيش العسرة لمن لاّ يعرفه هو جيش كوّنه المسلمون وأعدوه في زمنٍ ألّم بهم القحط والجفاف تماماً كما هو حال السودان بعد الإنفصال وبعد أن فقد موارده النفطية وأصبح يستجدي الطلاب والأطفال للإلتحاق بصفوف جهاز الأمن والقوات المسلحة للجهاد بهجليج كما كان يفعل بالتسعينيات أبان حرب الجنوب .

والسؤال هنا : لو أنّ إستجلاب بركة الله ورضائه يتم من خلال محاربة مظاهر السفور الأُنثوي ، فما هو الأجدى لعملية هذا الإستجلاب : منع شيرين من الغناء على المسرح مرتديةً ” التوب ” السوداني التقليدي ، أم منع السودانيات والحبشيات والفلبينيات ذوات الأيادي اللآدنة من تدليك أجساد كهنة نظام الإنقاذ وربّما تدليك أجزاء حساسة منها وإستحلاب مافيها من سوائل؟
في ظل الأنظمة الثيوقراطية كالنظام السوداني فإنّ الوحيدين الذين يحق لهم التمتع بمتع الجسد الفانية هم كهنته بينما الآخرون ـ في حال حاولوا التمتع بهذه المتع الفانية ـ فإنّهم منحلين ، فاسقين ، دعاة فجور ورذيلة ، بينما هم دعاة الفضيلة فمن حقهم أن يطأوا ما شاءوا من النساء زواجاً أو ملك يمين أو مساجاً وتدليكاً ، وياشباب وشابات المشروع الحضاري لاّ تحزنوا ولاّ تحْزَنّ ، فإنّ الله معكم ومعكُنّ .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ملحوظة : عنوان المقالة مقتبس من قصيدة الشاعر الإسلامي ” عمرو خليفة النامي ” التي يقول بمطلعها مدحاً للإسلاميين ” أُماه لاّ تجزعي فالحافظ الله * إنا سلكنا طريقاً قد خبرناه “
فالشاعر هنا يُطمئِن الأُم بأنّ إبنها الذي ذهب للجهاد ما من خوفٍ عليه ، فالله هو الحافظ ، وأنّ إبنها هذا قد خبر سُبل الجهاد وطرائقه فما من سبيل للأعداء إليه إلاّ لو كتبت له الشهادة .
أمّا الآن فإنّ إسلاميي السودان لم يعودوا بحاجة لترديد هذا النشيد الذي لقنوه لنا بالمدارس عندما كنا صِبيةٌ أيفاع في مقدم عهدهم بالسلطة ، إذ علّاما جزع أُمهات الإسلاميين وأبنائهِنّ في مراكز التجميل والمساج والكوافير الرجالية ، يقومُ ولدان مخلدون وحور عين وكواعب أترابا بقضاء حوائجهم من مُتع الجسد الخالدة ما خلدت الإنقاذ ؟ .
ولسان حالنا يُردِّد مع الرجل العجوز ـ الذي يظهر في إعلانات ميلودي أفلام وهو يشتم بإستمرار ـ حيث يقول موجهاً كلامه لأحد الممثلين الذين رضوا بأن يأدوا دور البديل لممثلة إضطرت للغياب المرضي إثر تآمر إحدى زميلاتها : ” يافرحة أُمك بيك ” ، فنقول للإسلاميين ” يافرحة شيخكم الترابي بيكم ” .

About محمد ميرغني

محمد ميرغني ، كاتب ليبرالي من السودان ،يعمل كمهندس معماري
This entry was posted in الأدب والفن, ربيع سوريا, كاريكاتور. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.